معبد حاتاسو
الدَّيْر البحري
أَبْدَعْتِ معبدَ حُسْنِكِ المعبودِ
وبَرَرْتِ بالأحْفادِ قبلَ جُدُودِ!
أنشأتِهِ ذِكْرَى لبعثةِ نهضةٍ
وتجارةٍ وفروسةٍ وعَبِيدِ١
فإذا به الذِّكرَى لعَصْرِك خالدًا
وكذا الخلودُ مُصاحبٌ لخلودِ!
ووهَبْتِهِ «لأَمونَ»، وهو مُوفَّقٌ
لرضائِه المعشوقِ والمنشودِ
يقِفُ البنونَ اليومَ وقفةَ خُشَّعٍ
متباركِين بحُسْنِه المشهودِ
وتلالُ «طيبة» رانياتٌ قُرْبَهُ
متدرِّجاتٌ٢ في صفوفِ شُهودِ!
أو أنها نُصبتْ سلالِمَ رفعةٍ
للشمس تاجِ نفوذِكِ الممدودِ!
ودُعِيتِ أنتِ «الياصبات النيل» لم
يُنصِفْك مادحُ عصرِكِ المفقودِ!
كانَ المثالَ الفاتِنَ السَّباقَ لم
يَسْبِقْه مَن جاءوا بكلِّ جديدِ
فيه الحضارةُ والثقافة والحِجَى
بلغَتْ أعزَّ مراتبِ التأيِيدِ
ولَوَ انَّ مِن صُوَر «الأسودِ»٣ بواقِيًا
لسألْتُها فرَوَتْ ألذَّ قَصِيدِ!
فكأنما غَنِيَتْ بأعمدةِ العُلَى٤
الباقيات السامعات نشيدي!
وكأنما هي في قداسة رمزها
خُصَّتْ بكل مَظاهِرِ التخليدِ!
أو أنما تصويرُ حُسْنِك شطْرَها٥
خيرُ الضَّمِين لدائم التجديدِ!
وبزوغُ شمسِك ساطعًا ميلادُها
في الرسمِ لا يَرْضَى ظلامَ مُبِيدِ!
ودقائقُ الفن التي لك صَوَّرتْ
ما صَوَّرتْ ضمِنَتْ غرامَ وُجودِ!
وكأنَّما طافتْ بمقصوراتِها
دنيا فلم أشعرْ بحسِّ وحيدِ!
وكأنَّما وَرْدِيُّها٦ بجمالها
حُلَلُ الورودِ بدائمِ التعْيِيدِ!
١
بَنَتِ الملكةُ «حاتاسو» — وهي التي لقَّبَها بعضُ المؤرِّخين
«باليصابات النيل» — هذا المعبدَ الوَرْديَّ الصبغة الجميل؛ ذِكْرى
لبعثتِها العظيمة إلى بلاد الصومال، ووهبَتْه إلى الربِّ «آمون»، أحدِ
أربابِ قُدماء المصريين.
٢
إشارة إلى تدرُّج تلك التِّلال ذلك التدرجَ البديعَ؛ حيث بُنِي
المعبدُ في سَفْحِها، فكأنَّها شهودٌ على درجٍ تَرقُبُ جمالَه!
٣
إشارة إلى طريق الأسود «أو البلاهيب» الذي كان يمتدُّ إلى مدخل
المقصورة الأولى، وقد اندَثَرَتْ وزالتْ معالِمُها.
٤
توجد هذه الأعمدةُ في المقصورة الوُسْطى وفي غيرها، حيث نُقِشَتْ
صُوَر الملكة حاتاسو على الجدران.
٥
هذه صُوَر مستقلة جميلة غير رسم ميلاد الملكة.
٦
إشارة إلى صبغة المعبد الوردية.