الرامسيوم
طَأْطِئْ لمقبرةِ العُلَى إجلالًا
وامْلَأْ شُعُورَكَ رَوْعةً وجَلالَا
وانظرْ إلى الملك العظيمِ مِثالُهُ
وهو الصَّريعُ مُخلَّدٌ أجْيالَا
نَحَتُوهُ تِمثالًا لقُوَّتِه فما
تركَ الزمانَ تَعارُكًا وقِتالَا١
وبَنَوْه أضعافَ الحقيقةِ مَظْهَرًا
وكأنما المثَّالُ لم يتَغالَا!٢
وكأنَّ بُنْيَتَهُ قرينةُ عقْلِهِ
وكأنما نَحَتُوا حِجاهُ مِثالَا
وإذا التفتَّ إلى دقيق معالِمٍ
«بالهيكل» المُلْقِي عليك سُؤالًا
لم تستَطِعْ إلَّا الجوابَ بأنها
مِن مُعجِز الفنِّ الذي يتعالَى!
وإذا أتى الليلُ الكريمُ بزَوْرةٍ
للبَدْرِ أنْعَشَ نورُهُ الأطْلَالا
فتُحِسُّ أنَّك في زمانٍ سالفٍ
هَزِجٍ، ولا تَجْدُ الخيالَ خيالًا
وتكادُ تسمع مِن أناشيدٍ بِهِ
سِحْرًا وتُبْصِرُ موكبًا يتلالا!
وكأنَّ «رمسيسَ» العظيمَ أمامَهم
وكأنَّما سجَدُوا له إجلالا!
وكأنَّ ما رسموا على جدرانه
ما كان لا ما قد يُظَنُّ مُحالا
فتَرَى مِن «الأرباب» — وهو تجاههم
وبنوه — جمعًا لا يُنالُ كمالا٣
وتَرَى الوَقائِعَ صادِقاتٍ والوَغَى
وتَرَى الرَّدَى، وتُشاهِدُ الأَبْطالا٤
وترى «لرمسيسَ» الشُّجاعِ شجاعةً
عند الهزيمة تَهْزِمُ الأَقْيَالا٥
والجيشُ خاذِلُه وما هو خاذلٌ
تاجًا «لمصرَ» فلن يَهابَ قِتالا
فيَخُوضُ في بأسِ الفَرِيدِ ببَأْسِهِ
ويردُّ وهْوَ الْمُسْتَمِيتُ نِصالَا
فتظلُّ في حُلْم العيانِ مُثبَّتًا
لا تستطيعُ وإنْ أردتَ زِيالَا٦
حتى تَرَى «صُوَرَ الزمان» تمثَّلَتْ
فيها الشُّهور وأبدعتْ أَمْثالا٧
فتعودُ للدنيا الجديدةِ آسِفًا
وتفوتُ من مُلْكِ القديمِ جمالا!
١
إشارة إلى سقُوطِ وتكسُّر التِّمثال العظيم للمَلِك العظيم رمسيس
الثاني، ومقامُه في الساحة الأولى للمعبد، ويُظنَّ أنَّ إتْلافَه كان
في عهد «قمبيز».
٢
ألِفُ المدِّ في «يتَغالا» ليستْ من أصْل الكلمة، وإنما هي زائدة
مُجاراةً للوزن.
٣
إشارة إلى صورة الملك وأوْلادِه في حَضْرة «الأرباب» وهي المرسومة
بالرِّواق.
٤
إشارة إلى مَشاهِد الحرب بين المصريين وأعدائهم.
٥
إشارة إلى خوض المَلِك «رمسيس» الحربَ وحيدًا — حينما خذَلَه جيشُه
في إحدى المعارك — وهزيمته للأَعْداء.
٦
المثبَّت: المستقِرُّ في مكانه. وزِيالا: بمعنى تحوُّلا.
٧
إشارة إلى الرسم الفلكي لشهور السنة بسَقْف البَهْو الأول
الصغير.