قلعة صلاح الدين
أنصفْتِ آبِيةً «صلاحَ الدِّينِ»١
وثَبَتِّ رغمَ عواصفِ التَّمْدِينِ
وحرسْتِ «قاهرةَ المعزِّ»٢ وهكذا
مَن يَحرُس التاريخَ جِدُّ ضَنينِ
ومِن الكرامة أنْ يعزَّك فاتحٌ
ويلوذَ في حصنٍ لدَيْكِ حصينِ
ومن الجلالةِ أن يُوسَّدَ هانئًا
في تُرْبِك «العلويِّ» حُجَّةُ دِينِ٣
دينُ النُّهوض بقَدْر «مصرَ» لأمْسِها
وعقيدةُ التجديد والتمكينِ
والخالقُ العصرَ الجديدَ كأنما
عهدُ «الرَّشيد» به أو «المأمونِ»!
ولَّى وكادَ الملكُ بعد مماتِهِ٤
لولا تَناجِيه لحبِّ بنينِ!
وحكمتِ سيدةً يَحِفُّ جلالَها
مِن مجمع الحاجات كلُّ ضَمِينِ
فكأنَّ عندَك دولةً في ذاتها
تعتزَّ بالمصنوعِ والمخزونِ٥
وكأنَّ جامعَكِ العظيمَ فدًى له
أرواحُ مَن ماتوا مماتَ غبينِ٦
ولَوَ انَّهم كانوا الطُّغاةَ وكمْ جَنَوْا
وعَتَوْا عُتُوَّ جهالةٍ وجنونِ
ذُبِحوا كذَبْحِ الشَّاءِ ذبحَ ضحيةٍ
ورُمُوا كرَمْيِ الغادِرِ المفتونِ
ومِن القِصاصِ لهم حياةٌ حُرَّةٌ
للمَوْطِنِ المنهوك والمغبونِ
لله! ما أسناكِ! ليلةَ بهجةٍ
والجامعُ الوضَّاء أُنسُ عُيونِ!
فتَبينُ مئذنتاه حِلْيةَ أرضِنا
وهما شهابا رَوْعةٍ٧ وفنونِ!
وكذاك ما أشجاكِ قبل عشيةٍ
أو في الغروب وفي انعكاسِ شُجونِ!
والزائرُ الرَّاني بسُوركِ حائرٌ
ما بين عالَمِ واقعٍ وظُنونِ!
١
هو صلاحُ الدِّين الأَيُّوبي الشَّهير: «نابليون الشرق»، وهو الذي
بَنَى القلعة.
٢
بنى القاهرةَ القائدُ «جوهر» قائد الخليفة «المعز» الفاطمي سنة
٩٦٩م.
٣
إشارة إلى قبر مجدِّد مصر الحديثة «محمد علي باشا».
٤
قوله: «وكاد الملك بعد مماته»: فيه اكتفاء، ومعناه: وكاد الملك
يولِّي.
٥
إشارة إلى تنسيق القلعة وحيازتها لمتنوِّع حاجياتها، كأنَّما هي
مدينةٌ مستقلةٌ فيها جوامع، وقصر، ومستشفًى، وسجنٌ، وثكناتٌ للجنود،
ومخزنٌ للذخيرة والسِّلاح، وغير ذلك.
٦
بُني الجامع العظيم الذي دُفن به «محمد علي باشا» في الموضع الذي
وقعتْ فيه «مذبحة المماليك» سنة ١٨١١م، وقد بدأ بإنشائه «محد علي باشا»
نفسه وأتمَّه «سعيد باشا» في سنة ١٨٥٧م.
٧
روعة: جمال خلَّاب. إشارةٌ عامةٌ إلى ليلةٍ من ليالي الحفلات؛ حيث
يُضاء الجامع ومئذنتاه بالكهربائية.