الشياطين في الوكر!
كان اللنش المطاطي ينزلق على سطح الماء في خفة ورشاقة وسرعة … كأنه هو الآخر متشوقٌ للقاء «أوكارا». مرَّت ساعة والشياطين فوق سطح المحيط ليس من حولهم شيءٌ يوحي بالحياة … الظلام شديد … ليس من شيء يظهر أو يلمع إلا النجوم من فوقهم … لا أثرَ للحياة إطلاقًا …
الوقت يمرُّ سريعًا … ورغم البرد الذي يشعر به الشياطين من سرعة انطلاق اللنش واصطدام الهواء بأطرافهم إلا أن الغضب والحماسة التي في نفوسهم أنسَتهم الشعور بالبرد …
كان الشياطين يجلسون على جانبَي اللنش ممسكين بقطع من الحبال وُضعَت خصيصًا لهذا الغرض عندما جاءهم صوتُ «أحمد» يغالب صوت المحرك وصوت الهواء وهو يقول: لقد اقتربنا … ولا بد أن نكون على دراية كاملة بما سنصنعه … قبل أن نصل بمسافة معينة سنُطفئ المحرك ونجدف حتى نَصِل إلى الشاطئ … ثم نتسلل حتى نقتربَ من القلعة … ثم ننقسم إلى ثلاث فِرَق … «خالد» و«بو عمير» من اليمين، و«قيس» و«باسم» من الشمال، وأنا من الوسط، ثم نطبق على القلعة … لا بد أن نصل إلى «رشيد» قبل أن تطلع علينا الشمس وإلا أصبحنا فريسة سهلة لهم …
قال «بو عمير»: قد يكونون معتصمين بالقلعة … ويمكن أن ندور حولها ولا نجد لهم أثرًا …
أحمد: ماذا سنصنع بقاذف اللهب؟ لا بد أن تُزيلَ أيَّ عائق … لا بد أن نَصِل إلى «رشيد» حتى لو هدمنا القلعة … وليكن معلومًا لديكم … إذا كانوا عشرة فكلُّ فردٍ منَّا نصيبُه اثنان وإن كانوا خمسين فكلُّ فردٍ منَّا نصيبُه عشرة … لا عذرَ لنا إن رجعنا بغير «رشيد» …
اقترب الشياطين من الجزيرة … أطفأ «أحمد» المحرك وأنزلوا مجدافَين صغيرَين. وبدءوا يجدفون تجاه الجزيرة التي كانت تبدو كجبل أسود ضخم تحت ضوء النجوم.
بدأ الشياطين يشعرون بالدفء حين بدءوا يجدفون. ضغط «أحمد» على زرٍّ صغير في ساعته فأضيئَت، فنظر فيها ليعرف كم بقيَ على الفجر؟
كانت الساعة قد أوشكَت على الثالثة والنصف … هتف «أحمد» في الشياطين: هيَّا أيها الأبطال … لم يبقَ إلا القليل … النهار قادم … و«رشيد» ينتظرنا …
مرَّت عشر دقائق والشياطين يجدفون … لقد اقتربوا أكثر من الجزيرة إنهم يجدفون بجوار الصخور الأمواج ساكنة … واللنش يسير ببطء دون إحداث ضجيج.
وقف «أحمد» ينظر إلى الصخور … ثم قال بهدوء: يجب أن نختار مكانًا ننزل فيه إلى الشاطئ.
ثم أمرهم بعد لحظات أن يتوقفوا عن التجديف … ثم انحرف بالمحرك ليتجه باللنش بين الصخور حتى توارى، ثم تقدَّم «خالد» إلى مقدمته، وأمسك بالحبل ثم قفز على قطعة صخر مستوية، وجذب اللنش إليه، ثم ربطه بإحدى قطع الصخور … بدأ الشياطين يُنزلون أشياءهم إلى الشاطئ … ثم خرجوا جميعًا وحمل كلُّ واحد منهم ما يخصُّه وساروا وسط الصخور … يصعدون ويهبطون …
قال «أحمد»: فعلًا … لا أثرَ للحياة هنا كما قال الحاج «أحمد» … إنها منطقةٌ وعرة لا تصلح للحياة … لا تصلح حقًّا … إلا للقراصنة الذين يعيشون في الظلام والخراب … وكانوا يمرُّون بعد كلِّ فترة بمجموعة من الأشجار ونخيل جوز الهند، فيقول «خالد»: طبعًا من هذا يأكلون … إنها لحياة رخيصة فعلًا …
أمضى الشياطين ربع ساعة يسيرون فوق الصخور ويتسللون بين الأشجار حتى أصبح الهدف قريبًا منهم … فتوقَّفوا لحظات … واقترح «أحمد» أن يستريحوا دقائق يلتقطون فيها أنفاسهم ثم يواصلوا الهجوم على قلعة «أوكارا»، واطمأن «أحمد» على استعداداتهم. ثم تفرَّقوا إلى اليمين والشمال، وبقيَ «أحمد» وحده متجهًا إلى القلعة التي بدَت ساكنة صامتة كصمتِ القبور … أطبق الشياطين على القلعة من كل الجوانب … لكن لم يكن هناك أحدٌ على الإطلاق وبدَت كأن أحدًا ليس بداخلها.
أدرك «أحمد» هذا فظنَّ أنها خدعة … فتسلَّل في خفاء حتى وصل إلى «خالد» و«بو عمير»، ثم قال: ألم تلاحظَا شيئًا؟
ردَّ «بو عمير»: لا … أيمكن أن يكونوا غادروها؟
أحمد: وأين سيذهبون؟ … لا … إنهم لم يفارقوا هذا المكان … إنهم فقط مطمئنون … ومَن ذا الذي سيأتيهم أو يفكر في المجيء إلى مكان كهذا في مثل هذا الوقت؟
سار «أحمد»، و«بو عمير»، و«خالد» في شبه قوس حول القلعة حتى وصلوا إلى الباب الضخم … فوقفوا بعيدًا ملتصقين بالصخور …
قال «أحمد»: سنبدأ في اقتحام القلعة بتسليط قاذف اللهب على المفصلات الحديدية والمزاليج حتى يسقط الباب … وسنكون نحن قد صعدنا إلى القلعة من الناحية الأخرى عن طريق التسلق بالحبال وسنتقابل داخل القلعة!
جرى «أحمد» متخفيًا حتى وصل إلى «باسم» و«قيس»، وقال: الآن نبدأ الهجوم. ناولني الحبل والخُطَّاف.
كان «قيس» قد وضع الحبلَ والخطاف في كتفه … فأنزله على الأرض ثم قام بفكِّه، ثم ناوله ﻟ «أحمد» الذي تأكَّد من قطعة «الكاوتشوك» التي وضعها فوق الخطاف حتى لا يُحدثَ صوتًا حين يصطدمُ بالصخور أو بأيِّ حائط صلب.
أمسك «أحمد» بطرف الحبل القريب من الخطاف ثم لفَّه عدة لفات ثم قذف به لأعلى القلعة … اشتبك الخطاف بشيء، جذب «أحمد» الحبل بقوة ليتأكد من تمكُّن الخطاف فوجده متينًا … قفز «باسم» على الحبل ثم تسلَّق برشاقة … وحين أوشك على الوصول رأى «أحمد» شبحًا يقترب من الحبل، ونظر لأسفل فوجد «باسم» معلَّقًا، ومدَّ الشبح يدَه ليقطع الحبل … لكن كانت طلقة سريعة من مسدس «أحمد» الكاتم للصوت قد وصلَت إلى الرجل قبل أن تمتدَّ يدُه إلى الحبل …
في هذه اللحظات كان «باسم» قد أكمل تسلُّقَه حتى وصل أعلى القلعة ثم وقف يؤمِّن «أحمد» و«قيس» حتى صعدَا … كان «بو عمير» قد حوَّل ظلامَ الليل إلى نهار بقاذف اللهب الذي سلَّطه على باب القلعة، وسرعان ما تهاوى كأنه أعوادٌ من القش … مما جعل القراصنةَ يتدافعون كالنمل داخل القلعة … وعلَا الصياح. هبط «أحمد» الدرجَ إلى أسفل … وكان بعض القراصنة يأتي مندفعًا إلى أعلى وهو واثق أنه آمن فيجد بابًا آخر من أبواب الجحيم مفتوحًا أمامه حيث تصطاده الرصاصاتُ الغاضبة من مسدسات «أحمد» و«باسم» و«قيس»، وكان بعض القراصنة يجري مندفعًا لأسفل ليردَّ الهجوم عن القلعة فيجد أمامه جهنم الحمراء قد فتحَت أبوابها لتشويَه.
اندفع «بو عمير» و«خالد» صاعدَين درجات السلالم إلى أعلى … ولم يعرفَا أن «رشيد» مسجون بزنزانة أسفل القلعة وقد تركاها وصعدَا. كانت أصوات الطلقات تتطاير في كل ركن من أركان القلعة … وتقابل الشياطين في منتصف القلعة، وأصبح القراصنة بين فكَّي الأسد، لقد اعتصموا بإحدى القاعات الكبيرة وأغلقوا بابها جيدًا … اقترب «بو عمير» من الباب ومعه قاذف اللهب ليدمرَ به الباب … لكن «أحمد» أوقفه، وقال: لو انفتح الباب سيغمروننا بالطلقات … لكن عندي فكرة … تعال معي أعلى القلعة.
صَعِد «أحمد» و«بو عمير» أعلى القلعة … وجاء «أحمد» بالخطاف وثبَّته في مكان بحيث يكون الحبل مواجهًا للنافذة الصغيرة التي في حجرة القراصنة … ثم طلب من «بو عمير» أن ينزلق على الحبل حتى يصل إلى النافذة ثم يسلِّط قاذف اللهب منها.
انزلق «بو عمير» على الحبل حتى أصبح مواجهًا لنافذة القراصنة، سلَّط «بو عمير» اللهبَ على النافذة ثم ضغط، فاندفع اللهب داخل القاعة … فعلَا الصياحُ والصراخ، حينئذٍ تدافع القراصنة إلى الباب ففتحوه فأصبحوا صيدًا ثمينًا للشياطين … وواصل «بو عمير» انزلاقَه إلى أسفل … وما كادَت قدماه تُلامسان الأرض حتى رأى رجلًا يُشبه الظلام يخرج من القلعة ويجري ناحية الشاطئ … حاول «بو عمير» أن يصيدَه بمسدسه لكنه لم يُفلح … لقد توارى الرجل عن عينه وسط الصخور، وبعد لحظات سَمِع «بو عمير» صوتَ هديرِ محرِّك … ثم لنشًا يبتعد …
كان «أحمد» يلاحق «بو عمير»، فأدرك على الفور أن «أوكارا» هو الذي هرب في اللنش … رجع «أحمد» يجري بأقصى ما في وسعه حتى وصل إلى اللنش، وأدار محرِّكَه في سرعة، وانطلق خلف «أوكارا»، وبدأت المطاردة في أول أضواء النهار. كانت المسافة بعيدةً بين أحمد وزعيم القراصنة «أوكارا»، وضغط «أحمد» على السرعة فراحَ اللنش يقفز فوق سطح الماء ولا يكاد يلامس ماء المحيط، وبدأت المسافة تضيق وتضيق حتى أحسَّ «أوكارا» أنه في خطر … فأخذ يصوِّب بندقيتَه إلى «أحمد»، وكان «أحمد» يتفادى طلقاتِه بأن يسير في خطٍّ متعرج، ثم أمسك «أحمد» بمسدسه وصوَّب في جسم اللنش فانفجر اللنش ﺑ «أوكارا»، فاندفع إلى الماء … ولم تمضِ ثوانٍ حتى كان «أحمد» فوق رأسه …
حاول «أوكارا» أن يصعد اللنش لينجوَ من الغرق … فأخذ «أحمد» بيده ووضع فيها طرفَ الحبل، ثم قال له: إنك غير نظيف … ولا يمكن أن أحملك فوق هذا اللنش …
ثم تركه في الماء وانطلق إلى الشاطئ واللنش يجرُّ «أوكارا» في الماء وهو يصرخ، وحين وصل إلى الشاطئ جرَّه بالحبل إلى القلعة … وكان الشياطين قد قبضوا على ثلاثة من القراصنة وأوثقوهم بالحبل الذي كانوا يتسلقون عليه إلى القلعة …
صَعِد الشياطين بما تبقَّى من القراصنة أعلى القلعة … وهم موثقون يجرُّونهم خلفهم ثم صفَّوهم وأوثقوهم إلى بعض الكتل الخشبية … ثم التفت «أحمد» إليهم، وقال: أين «رشيد»؟
لقد كان الشياطين إلى هذه اللحظة لم يعثروا على «رشيد» الذي كان يستقر في زنزانة أسفل القلعة.
أخرج «أحمد» خنجرًا ثم اتجه إلى «أوكارا»، وأمسكه من شعره الخشن، وجذبه جذبة عنيفة، وقال: أين «رشيد» وإلا أجهزتُ عليك.
نظر إليه «أوكارا»، ثم قال: فكَّ وثاقي وسوف أدلك على مكانه …
ضحك «أحمد» ساخرًا منه: أفكُّ وثاقك … إن الكونَ كلَّه الآن سعيد لأنك موثَّق، ولو سألت هذه الكتلة الخشبية: هل أفك وثاقك؟ لقالت: لا وألف لا، إن كل شيء يلعنك … كل شيء يتبرَّأ منك لأنك شرٌّ، لقد كان بإمكاني أن أتركك في الماء ليأكلك السمك … لكن ضميري يأبى عليَّ أن أُطعمَ السمك لحمًا فاسدًا، والآن: أين «رشيد»؟ انطق قبل أن ألوِّثَ هذا الخنجرَ بدمك.
لم ينطق «أوكارا» بل ظل صامتًا. نظر «أحمد» إلى الشياطين، وقال لهم: أمامكم ثلاثة من رجاله إن لم ينطقوا في خلال خمس دقائق ألقوا بأحد رجاله من أعلى القلعة … وهكذا كل خمس دقائق حتى يكون هو الأخير …
كان «أحمد» يروح ويجيء حتى مرَّت خمس دقائق … فكَّ الشياطين وثاقَ الرجل ثم ساقوه إلى حافة القلعة، ففزع الرجل، وصاح: لا … لا … لا تقتلوني … سأُخبركم أين يكون …
سار «أحمد» حتى وقف خلف الرجل، ثم قال له: أين «رشيد»؟
ردَّ الرجل في خوف وفزع: إنه في زنزانة أسفل القلعة.
صرخ «أوكارا»: سأقتلك أيها الجبان لن أتركَك. أرجعَ «بو عمير» الرجلَ للخلف ثم أوثقه إلى جوار زملائه … وجرَى «خالد» و«قيس» أسفل القلعة … حتى وصلوا إلى نهاية السلَّم ثم دارَا في المكان حتى رأَوا بابًا أسفل السلَّم … دفع «خالد» و«قيس» البابَ فلم ينفتح، لقد كان قويًّا … تأخَّر «خالد» وبحث عن شيء فلم يجد، فحمل صخرةً كبيرة فدفعها بقوة حتى كسرَت جزءًا في الباب، ثم نادى «قيس»: «رشيد» … «رشيد».
أقبل «رشيد» موثق اليدين فانحنى حتى خرج من الفتحة، فأخرج «قيس» مطواةً وقطع بها الوثاق من يده، وصعدوا إلى حيث يوجد بقية الشياطين … حين وصل «رشيد» إلى مكان الشياطين وجد «أوكارا» مربوطًا مع ثلاثة من القراصنة.
ذهب «رشيد» ناحية «أوكارا»، وقال: لقد كنت تريد أن تتغدَّى بي ويتعشَّى رجالُك بزملائي، ما رأيك في هذا الإفطار الجماعي. لقد أفطرنا بكم …
أمر «أحمد» الشياطين أن يغادروا القلعة فورًا … ثم نظر إلى «أوكارا» ورجاله، وقال: وداعًا يا «أوكارا» إلى الأبد … لن أقتلَكم طبعًا … لو قتلتُكم لأرحتُكم … لكني سأترككم لتذوقوا العذاب … كهؤلاء الذين خطفتموهم وكتبتم عليهم الرقَّ والعذاب، سأترككم لتموتوا ببطء … وداعًا يا «أوكارا» إلى الأبد …
ثم هبط الدرجَ مسرعًا وخرج من القلعة فوجد الشياطين يقفون أمامها، واقترب «خالد» من «أحمد»، وقال: هل نُفجِّرها؟
نظر «أحمد» إليه، وقال: لا … إنها الطعم الذي سيجلب لنا الفريسة … تعالَ نضع «أوكارا» ورجاله كأنهم ينتظرون السفينة … فلو رآهم بقيةُ القراصنة في السفينة لظنوا أن «أوكارا» ينتظرهم وهنا سيتقدَّمون بكل ثقة وهم آمنون. الذي ستفعله هو أن تذهبَ لتأتيَ باللنش الآخر الذي كانوا يستخدمونه وتُقابلنا في المكان الذي تركنا فيه لنشنا.
قفز «خالد» في خطوات رشيقة منحدرًا من أعلى الصخور إلى حيث يستقر اللنش الثاني الخاص بالقراصنة … وأدار محرِّكَه ثم انطلق به إلى الجهة الأخرى حيث يستقر اللنش «الظافر».
عاد الشياطين الخمسة إلى مكان اللنش، ومرَّت دقائق قليلة ثم أقبل «خالد» في اللنش طائرًا فوق صفحة الماء … وجلس الستة فوق الصخور … قال «باسم»: لقد تعبنا اليوم …
ردَّ «أحمد»: نعم … لقد تعبنا … ولم يبقَ إلا الغنيمة … إن الأمور تسير كأحسن ما يكون …
ثم نظر إليه «خالد» وقال: نريد أن نأكل … أليس معك طعام؟
ردَّ «خالد»: حالًا.
وجلس الشياطين على هيئة دائرة، وقد اقتربوا من بعضهم … وجاء «خالد» ببعض المعلبات والخبز وزجاجة مياه معدنية ثم انهمكوا في الطعام يأكلون … دون أن يتكلموا كلمة واحدة …
بعد قليل فرغ «أحمد» من طعامه، ثم قام … والتفتَ إلى بقية الشياطين، وقال: أعتقد أنه أصبح واجبًا أن يعلم رقم «صفر» بمصير «أوكارا».
وقفز إلى اللنش وأخرج الجهاز الكبير الذي بحقيبته، ثم أخذ يُرسل الرسالة عن طريق الإشارات الرمزية … كان مضمون الرسالة: «من «ش. ك. س» إلى الزعيم رقم «صفر»، لقد وصلنا واصطدنا «أوكارا» زعيم قراصنة المحيط، وتركناه موثوقَ اليدين في قلعته تشويه الشمس … ونحن في انتظار الحوت …»
وبعد لحظات كان الجهاز يستقبل الردَّ: «من رقم «صفر» إلى «ش. ك. س»، الحوت قادم إلى حيث «أوكارا»، يجب أن تصطادَه قبل الظلام.»
نقل «أحمد» الرسالة إلى الشياطين، ثم قال: ما رأيكم؟ الحوت قادم قبل حلول الظلام …
قال «بو عمير»: علينا أن ننتظر؛ فليس من المعقول أن نرجع إلى الجزيرة حيث الحاج «جوهر» ثم نعود.
ردَّ «خالد»: طبعًا ليس من المعقول … لا بد أن ننتظر.
قال «أحمد»: إذن … لقد واتَتني فكرة … هيا ننفذها …
فتح «أحمد» إحدى الحقائب، وأخرج منها حقيبة صغيرة من نسيج البوليستر، ثم فتح السوستة، فتحوَّلَت إلى غطاء كبير … خرج بها إلى الشاطئ، وعلَّقها على الصخور من أطرافها فتحولت إلى مظلة … فدخل الشياطين في ظلِّها … ثم قال «أحمد»: سنقوم بعمل خدمة للحراسة حتى ينامَ البعض والبعض الآخر يحميهم … كل اثنين يقومان بالحراسة لمدة ساعة ونصف … على أن يحرسَ واحدٌ ناحية المحيط والآخر جهة القلعة … وسأكون أنا و«خالد» في أول نوبة حراسة … نريد أن نأخذ قسطًا من الراحة حتى نستطيع مواجهة الحوت، لقد آن الأوان أن تنتهيَ أسطورةُ «أوكارا» وينعم العبيد بالحرية.