الخطاب السياسي الأشعري: من إمام الحرمين إلى إمام العنف
«وهكذا فإن الأشعرية تجد نفسها مضطرة — وبالرغم منها — إلى التكشُّف عن حقيقة أن ما يشغلها هو الارتقاء بالسلطان إلى حيث تصبح طاعته فريضة. وبالرغم من هذا القصد السياسي الفاضح — وربما بسببه — فإن الأشعرية قد بالغت في التعالي بنفسها، وبكل ما أنتجته من تصورات، إلى المقام الذي أصبحت فيه دينًا يعلو فوق السؤال.»
لا تزال ظاهرة الاستبداد السياسي العربي تشغل المفكرين العرب منذ كتب «عبد الرحمن الكواكبي» كتابه الأشهر «طبائع الاستبداد». ولكل مفكرٍ مَدخلُه إلى هذه الظاهرة، سواءٌ من ناحية تحليلها وتحديد أسبابها، أو من جهة معرفة جذورها ومَناشئها. وفي هذا الكتاب يَرجع الدكتور «علي مبروك» إلى علم الكلام الإسلامي، وتحديدًا المذهب الأشعري الذي ساد في العالم الإسلامي منذ القرن الحادي عشر الميلادي إلى وقتنا هذا. يبحث «مبروك» في التراث الكلامي عن أسباب رسوخ الاستبداد السياسي؛ فقد استقر في الخطاب الأشعري أن وضع الاستبداد هو وضع طبيعي وإرادة كونية إلهية لا ينتظمها قانون يحلُّ غموضها؛ لذلك يجزم المؤلف بأن تفكيك ظاهرة الاستبداد العربي لا يمكن أن يتحقق خارج فضاء الأشعرية، خطابًا وثقافةً لا مذهبًا وعقيدة.