الشياطين جزء من الليل!
سار «أحمد» في المقدمة وتَبِعه «بو عمير» ثم «خالد» و«إلهام»، وأخيرًا «فهد». ولم يكَد يمضي من الوقت بضعُ دقائق حتى قطع خلالها الشياطين أكثر من مائة متر وسط الأعشاب العالية إلى أن لاح لهم ضوءٌ من بعيد. كان الضوء خافتًا ولكنه كان يزداد كلما اقترب الشياطين منه، وفجأة ظهر أمامهم «المنزل» أو «المصنع» الذي يعيش فيه العالِم مع اختراعه المميت … كان منزلًا متوسط الحجم، لكنه مقام بشكل غريب، عبارة عن طابق واحد مشيَّد بواسطة التركيبات المعدنية وهو يقترب من حافة الجزيرة بطريقة مدروسة … وأكمل الشياطين السير باتجاه المنزل بعد أن أطفأ «أحمد» ضوءَ كشافه الصغير. ثم أشار إلى «إلهام» بالتوقف وضبط جهاز اللاسلكي للاتصال ﺑ «هدى» و«مصباح» ومعهم «فيليب» إذا لزم الأمر.
كانت المسافة التي تُبعدهم عن المنزل لا تتعدَّى الثلاثين مترًا … ارتدى خلالها الشياطين الكمامات الواقية ضد الميكروبات والجراثيم.
وفجأة برز من المنزل ثلاثة رجال يرتدون زيًّا موحدًا ويُمسكون بالأسلحة النارية. صاح أحدهم بلهجة لم يسمعها الشياطين من قبل، وانتبه زميلاه إلى حيث أشار، وسرعان ما أطلق من سلاحه مجموعةً من الطلقات النارية.
انبطح الشياطين على الأرض لتفادي الطلقات، وزحف «أحمد» و«بو عمير» في اتجاهَين مختلفَين ناحية الحراس الذين تفرَّقوا سريعًا … وهم ينادون ويصيحون بكلمات غريبة لم يفهم منها الشياطين شيئًا.
كان «أحمد» و«بو عمير» قد اقتربَا كثيرًا من الحراس، بينما كان «فهد» و«خالد» يراقبان الموقف من الوضع الساكن انتظارًا لما سوف يحدث!
كان أحد الحراس يقترب من «فهد» دون أن يراه حتى صار على بُعد خطوتَين منه، ولزم «فهد» الصمتَ والسكون دون حركة حتى تقدَّم الحارس خطوة أخرى. وكانت كافيةً أن يقفز «فهد» إليه في رشاقة ليعاجلَه «فهد» بضربة قوية أسقطَته على الأرض.
كان الحارسان الآخران في غاية الاضطراب لما يحدث … فالظلام كان يُخفي الشياطين بملابسهم السوداء. واقترب الحارسان من بعضهما وهمسَا ببعض كلمات مضطربة متوترة.
في نفس اللحظة التي اندفع فيها «أحمد» و«بو عمير» ناحيتَهما فأطلقَا سلاحهما عشوائيًّا في أيِّ اتجاه حتى نفدَت ذخيرتهم، وأصبح السلاح بأيديهما كالعصا. ودارت معركةٌ قصيرة بين «أحمد» وأحد الحارسين استطاع «أحمد» إنهاءها بسرعة بواسطة ضربة قوية أطاحَت بالحارس الذي حاول النهوض فعاجله «أحمد» بضربة أخرى أفقدَته الوعي.
اندفع «أحمد» ناحية الرجل الذي اشتبك مع «بو عمير» وسرعان ما تخلصَا منه. كان «خالد» و«فهد» قد انضمَّا ﻟ «أحمد» و«بو عمير»، بينما اكتفت «إلهام» بالمشاهدة؛ فالمعركة حُسمت ولم يكن هناك ما يستدعي تدخلها، واتجه الشياطين إلى المنزل … ليُوقفهم «أحمد» في لهجة تحذيرية؛ إذ سمع صوتًا يدوي في الاتجاه العكسي للمنزل، شاهدوا بعدها جميعًا قاربًا صغيرًا ذا محرك يندفع بسرعة جنونية باتجاه شواطئ «اليابان»، بينما كانت المفاجأة الكبرى بانتظارهم … حيث انهار المنزل في ثانية واحدة وابتلعَته مياه المحيط في لحظات.
صاح «أحمد» في اندهاش: لقد شيدوا هذا المنزل بطريقة حديثة حيث يمكنهم التخلص منه بسهولة … وأكمل «بو عمير»: من المؤكد أن هذا القارب الذي انطلق باتجاه شواطئ «اليابان» يقوده «العالِم» الذي فرَّ هاربًا بعد أن شاهد المعركة الدائرة بيننا وبين الحراس.
عاد الشياطين إلى حيث ينتظرهم «مصباح»، و«فيليب»، و«هدى».
علَت ابتسامةٌ واسعة وجوهَهم، واكتفت «إلهام» بقولها: لقد ذهبت الجراثيم إلى الجحيم!
وانطلق القارب السريع يقوده «فيليب» حيث ظهرَت من بعيد أضواء مدينة «تاييه» لتُعلن عن عودة الشياطين بعد أن أنهَوا مهمتهم.