مفاجأة في بومباي!
نظر «أحمد» إلى «خالد» و«ريما» فأضيء الجهاز السري، وسمع رقم «صفر»: هيا … أنا في انتظاركم …
انطلقت سيارة الشياطين إلى المقر السري، تفتَّحت الأبواب بلا صوت حتى دخلت السيارة، واستقرت في مكانها …
نزل الشياطين بسرعة، وأخذوا طريقهم إلى قاعة الاجتماع ولم يكد الشياطين يستقرون، حتى سمعوا صوت أقدام تقترب، عرفوا أن رقم «صفر» يقترب منهم … سمعوا صوت أوراق، وجاءهم صوت رقم «صفر»: أهلًا … الآن سوف أرسل للزملاء أننا أمام عمليتين كبيرتين …
صمتَ رقم «صفر» قليلًا ثم قال: إنَّ مهمتكم الجديدة، سوف تكون في المحيط الهندي، هذه معلومة مؤكَّدة … إن الرصيد الذهبي للعالم يتناقَص شيئًا فشيئًا، دون أن تعرف الحكومات السبب … إنَّ الذهب يُسحَب من الأسواق ثم يَختفي، وأنتم تعرفون أن ذلك يجعل العملات الورقية بلا غطاءٍ ذهبي …
أضيئت لمبة صفراء، ثم تلتْها لمبة حمراء، كان هذا يعني أن هناك معلومات في طريقها إلى رقم «صفر» … نظر الشياطين إلى بعضهم، ثم تعلقت أعينهم بمصدر صوت رقم «صفر»، لم تمض دقائق حتى جاءهم صوته: معلومات جديدة ورَدَت من عميلٍ لنا في «بومباي» … ثم صمت لحظة، وسمع الشياطين صوت الأوراق تقلب، ثم جاءهم صوت رقم «صفر» عميقًا: هناك عصابة تَسحب الرصيد الذهبي من الأسواق، هذه العصابة تتبع إحدى الجماعات الفوضوية في العالم، التي تُدبِّر لدمار العالم نهائيًّا … إنها عندما تسحب الرصيد الذهبي للدول، تضع العالم كله في حالة كارثة اقتصادية، المعلومات التي ورَدَت تقول إن العصابة اسمها «رد فيش» أو «السمكة الحمراء» … وهذه العصابة ظهرت قبيل عام ١٩٣٠ عندما أصيب العالم بكارثة اقتصادية كادت تُودِّي به إلى الدمار!
نظر الشياطين إلى بعضهم، كانت هناك أسئلة كثيرة يريدون إجابة عنها …
صمت رقم «صفر» قليلًا ثم قال: يرجح وجود كميات الذهب في إحدى مجموعات جزر «نكاديف» أو «ملديف» وقد تكون في مجموعة جزر «سيشل» … أو «أميرانتي»، هناك منطقة في المحيط الهندي تقع بين الهند وأفريقيا، تنتشر فيها مجموعات الجزر …
أضيئت خريطة كبيرة للمحيط الهندي، وتعلقت أنظار الشياطين بها، ثم أضيء سهم، رسم دائرة واسعة حول مجموعات الجزر، استطاع الشياطين أن يقرءوا بجوار المجموعات التي ذكرها رقم «صفر» مجموعات أخرى، مجموعة جزر «بروفيدنسي» و«الديرا» و«تومورو» ثم «موريتسي» و«يونيون» …
قال رقم «صفر»: لعلكم تستطيعون تحديدها تمامًا؛ فهي تقع بين خطَّي عرض ٢٠ شمالًا و٢٠ جنوبًا، وخطَّي طول ٦٠ و٨٠ شمالًا و٦٠ و٨٠ جنوبًا … في تلك المنطقة الواقعة أمام دول «اليمن» و«عمان» ومضيق باب المندب في البحر الأحمر، و«الصومال»، و«كينيا»، و«تنزانيا»، و«موزمبيق»، وكلها دول غنية بالذهب والماس … وهذه الدول تقع غرب مجموعات الجزر، أما شرقها فيقع مقابلًا للهند، المنطقة التي سوف يَجري فيها عملكم، منطقة واسعة نوعًا، غير أنني أعرف جهودكم … ملاحَظة قد تفيدكم في الوصول إلى تحديد الجزيرة: إن الطيور البحرية في تلك المنطقة تموت عند خط معيَّن لم يُكتشَف بعد، ولا أحد يعرف السبب!
سكت رقم «صفر» وأخذ يقلب بعض الأوراق، كان صوت الأوراق يصل إلى الشياطين في قاعة الاجتماعات الزرقاء، قال أخيرًا: المعلومات عن عصابة «السمكة الحمراء» ليست مُتوفِّرة تمامًا، وإن كان لدينا البعض منها من بين أعضائها «فيشر» أو «الصياد» قصير القامة، ضئيل الجسم يبلغ وزنه حوالي ٥٦ كيلو، كان تاجرًا للذهب سنوات طويلة، وكان يُعتبر واحدًا من أغنى أغنياء العالم، ولكنه كان يَلعب القمار، فخسر ثروته في أقل من عام … كانت إحدى هواياته صيد الحيتان، لكنه أقلع عنها، بعد أن أكل حوتٌ الإصبع السبابة في يده اليمنى … هناك أيضًا «تراب» أو «المصيدة» وهو يُشبه القنفد رشيق الحركة، يلبس نظارة طبية، صامت في أغلب الأوقات، يتحدث عددًا من اللغات، من بينها اللغة العربية … يُرجَّح أنه زار مصر أكثر من مرة، وشوهد في حي الصاغة، وخان الخليلي، في حوالي الأربعين من العمر، أسمر كالشرقيِّين، أو الهنود …
كان الشياطين في حالة تركيز كاملة، يُحاول كلٌّ منهم أن يختزن أكبر كمية من المعلومات التي يقولها رقم «صفر»، ورغم أنه صمت فترة، إلا أنه عاد للحديث مرة أخرى: إن المعلومات التي أقولها لكم الآن، سوف تجدُونها مفصَّلة أكثر عند عميلنا في «بومباي» مستر «هان»، يحسن أن تبدءوا عملكم بعد لقائه؛ فهو يستطيع أن يوفر عليكم جهودًا كبيرة، ولن تحتاجوا إلى البحث عنه؛ فسوف يكون في انتظاركم في مطار «بومباي» … هل من أسئلة …؟
سأل «خالد»: هل يعرفنا مستر «هان»؟
رقم «صفر»: إنه يعرفكم بالتأكيد، وإن كان لم يلقَكُم مرة …
سألت «ريما»: وكيف سنَعرفه؟
رقم «صفر»: سوف يتقدم إليكم ويَذكر رقم «صفر» …
ابتسم الأصدقاء، وقال رقم «صفر»: تستطيعون الانطلاق الآن إلا إذا رأيتم أن تقضوا الليل هنا، وداعًا وأرجو لكم التوفيق …
سمع الأصدقاء أقدام رقم «صفر» وهي تبتعد … نظروا لبعضهم قليلًا ثم قال «أحمد»: أرى أن نقضي الليل هنا، فأنا مُتعَب جدًّا …
انصرف الأصدقاء كلٌّ إلى حجرته، وما كاد «أحمد» يدخلها، حتى أبدل ملابسه بسرعة وألقى نفسه على السرير … في حين كانت «ريما» تفتح كتابًا أخذته من مكتبة المقر، كان الكتاب عن المحيط الهندي … أما «خالد» فقد استغرق في التفكير، هذه مغامرة جديدة، قد تكون في أعماق المحيط حيث تبدو كل الأشياء كالأساطير … غير أن «خالد» لم يستغرق كثيرًا في التفكير، فلم تمض ربع ساعة، حتى كان قد استغرق في نوم عميق.
قبل أن تُشرق الشمس، كان ضوء أزرق يُضيء بجوار وجه «ريما» التي استيقظت بسرعة؛ فقد سهرت نوعًا مُستغرقة في القراءة … عرفت أن «أحمد» و«خالد» على استعداد للرحيل الآن، فضغطت على زر بجوارها، فعرف الاثنان أن «ريما» سوف تكون جاهزة بعد دقيقتَين …
عندما التقى الشياطين الثلاثة قالت «ريما»: يجب أن أجهز لكم بعض الساندويتشات، نأكلها في الطريق، حتى لا نضيع وقتًا …
ابتسم الآخران، وبدآ يتشاغلان، حتى تنتهي «ريما» من تجهيز الساندويتشات، ولم تمض دقائق، حتى كان الشياطين الثلاثة في طريقهم إلى القاهرة، غير أن «أحمد» أخذ جانب الطريق.
انقضى الطريق بسرعة، حتى ظهرت معالم القاهرة في الأفق …
أحمد: أعتقد أننا ينبغي أن نذهب إلى المقر أولًا …
ولم تمض نصف ساعة، حتى كان «أحمد» يقطع شوارع القاهرة في الطريق إلى المقر السري الآخر للشياطين …
توقفت السيارة، ونزلوا بسرعة، لم يكن في المقر سوى «بو عمير» و«مصباح»، فسأل «خالد»: أين بقية الشياطين؟
مصباح: في أعمال خاصَّة بالمغامرة الجديدة، بعد أن وصلت إشارة أمس …
أحمد: من المجموعة؟
بوعمير: أنا و«مصباح» و«هدى» و«باسم» و«زبيدة» …
ابتسم «أحمد» فأثار ذلك بقية الشياطين، غير أن «خالد» قال: إنها مسألة منطقية … إن شياطين الشمال الإفريقي، يستطيعون التحرُّك أكثر.
ضحك الشياطين، فقد فهموا أن المجموعة المطلوبة، تضمُّ شياطين هذه المنطقة التي تضم «تونس» و«ليبيا» و«الجزائر» و«المغرب» …
لم يكد ينتهي من كلامه، حتى كان «مصباح» يَصحب المجموعة إلى مكان تجمع بقية الشياطين … وهناك، كان بقية الشياطين، وسألهم: ألا توجد أخبار عن «قيس» و«عثمان»؟
أحمد: سوف نلقاهما ربما في الغد … وأنتم متى تتحركون؟
مصباح: بمجرد أن نُجهِّز كل ما نحتاجه، وأظن أن ذلك لن يطول …
ساروا جميعًا في الطريق إلى المقر … ضحكت «هدى» وقالت: يبدو أن العمل سوف يزداد هذه المرة؛ فهناك مجموعة عائدة من المقر، ومجموعة في الطريق إليه …
ضحكوا جميعًا وسأل «فهد»: «أحمد» لم يُحدثنا عن المغامرة الجديدة …!
أحمد: عندما نصل سوف تعرفون كل شيء …
زبيدة: ما رأيكم لو جلسنا قليلًا في «السي هورس» أو «حصان البحر» …؟ إني أحب هذا المكان تمامًا؛ فقد دعاني «أحمد» مرةً للغداء فيه …
انحرف «أحمد» بسيارته قليلًا، ثم أخذ طريق النيل، حتى أصبح بجوار «السي هورس»، فنزلوا جميعًا … وما كادوا يجلسون حتى وضع «أحمد» يده في جيبه الداخلي، ثم أنصت قليلًا، ونظر للأصدقاء، ثم قال: يَنبغي أن نرحل فورًا …
نظروا له جميعًا، فقال: هناك رسالة في المقر!
أسرعوا إلى السيارة التي انطلقت كالريح، ولم تمضِ دقائق حتى كانوا في المقر السري …
ما إن دخلوا حتى تقدَّم «بو عمير» برسالة قرأها أمامهم جميعًا … كانت الرسالة: من رقم «صفر» إلى «ش. ك. س» تحرَّكوا بسرعة هناك مفاجأة لكم في «بومباي»!