الفرقة تعزف لحن النهاية!
كان رجال العصابة يَحملون قوارب من المطاط، ويتجهون إلى المحيط … قال «أحمد»: هل تريان؟ … يجب أن نُسرع قبل أن يبتعدوا عن الشاطئ. أسرع الشياطين في مشيتهم، بينما كانت أعينهم ترقب تحرك العصابة، قال «عثمان»: إنَّ «فيشر» ليس بينهم! وتحقق «أحمد» قليلًا ثم قال: هذا صحيح … ربما يكون قد غادر الجزيرة في الليل …
أخرج «أحمد» مسدَّس الصوت، ثم أطلق طلقة دوت في صمت الجزيرة، حتى إن العصابة التفتت، ثم انطرحت أرضًا … بدأ الشياطين يجرون، حتى أصبحوا في مسافة تسمح لهم بالالتفاف حول العصابة.
تفرق الشياطين الثلاثة في اتجاهات مختلفة … وفجأة دوَّى صوت طلقات رصاص … كان مصدر الصوت بعيدًا عن مكان العصابة … اقترب «أحمد» من «عثمان» وهمس له: عُد فورًا إلى حيث «ريما» و«قيس» لا بد أن هناك شيئًا …
أسرع «عثمان» بالعودة … إلا أن طلقات الرصاص لم تتوقَّفْ … لمع في الفضاء ضوء طلقة بلا صوت … عرف «أحمد» أن «قيس» و«ريما» قد اشتبَكا مع مجموعة أخرى … أخرج جهاز الإرسال وأرسل إلى رقم «صفر»: «من «ش. ك. س» إلى رقم «صفر» … نحن الآن في المواجهة، الموسيقى تعزف لحن النهاية …»
ورد رقم «صفر»: «من رقم «صفر» إلى «ش. ك. س» … الفرقة في الطريق …» ابتسم «أحمد» وأغلق جهاز الإرسال … توالى صوتُ طلقات الرصاص … ثم أُضيئت طلقة صفراء في الفضاء، بلا صوت. عرف «أحمد» أن الموقف في الجهة الأخرى صعبٌ … اقترب من «خالد» وقال: اشتبك أنت مع العصابة … سوف أسرع لنجدة الشياطين …
جرى «أحمد» بسرعة … غير أن طلقات رصاص كالمطر كانت تتناثر حوله … ألقى بنفسه على الأرض ثم أخذ يزحف ببطءٍ … كان واضحًا أن العصابة تعرف أماكن الشياطين تمامًا … لكنها في النهاية لا تَعرف عددهم …
سمع صوت حركة قريبة منه … توقف قليلًا، وأخذ يَمسح المكان بعينيه … رأى رجلًا يحمل مدفعًا رشاشًا يَختبئ خلف شجرة … ابتسم وأخذ يزحف ناحيته … كان يُحاول ألا يُصدِر أي صوت، حتى لا يفطن الرجل إلى وجوده … ظل يزحف في بطء حتى أصبح في مكانٍ يسمح له بالانقضاض … قفز قفزة واسعة، فأصبح فوق رقبة الرجل … ضرَبه على رأسه ضربة قوية جعلته يترنَّح … عاجله بضربة أخرى، فسقط الرجل فاقد الوعي … أخرج حبلًا وأوثقه جيدًا، واضعًا يدَيه خلف ظهره، ثم مدَّ الحبل إلى رجليه … وترَكَه مكومًا …
حمل المدفع الرشاش وأسرع في اتجاه «قيس» و«ريما» … من بعيد لاحت معركة بالأيدي … كانت «ريما» تَطير في الهواء، ثم تَضرب عملاقًا في بطنه … بينما كان «قيس» يَرفع عملاقًا آخر في الهواء ويدور به، ثم يتركُه فيَصطدم بشجرة، ويسقط على الأرض … ابتسم «أحمد» وقال في نفسه: هكذا الشياطين … رفع «أحمد» الرشاش في الهواء ثم ضغط الزناد، فانطلقت الرصاصات تُدوي في الجزيرة حتى إن كثيرين ظهروا من خلف الأشجار … ومن خلف شجرة ضخمة، خرج «عثمان» يسوق أمامه رجلَين، رافعَي الأيدي … أسرع «أحمد» إليه …
قال «عثمان»: يبدو أن الجزيرة ملأى بالرجال من أفراد العصابة!
أحمد: بالتأكيد … فهنا يوجد ذهب العالم كله …
وقف الاثنان يرقبان صراع «قيس» و«ريما» إلا أنَّ العملاق الذي تصارعه «ريما» أفلت من إحدى ضرباتها … ثم وجه لها لكمة جعلتْها تَتهاوى … لكن قبل أن يعاجلها بالثانية، كان «أحمد» قد أمسك بذراعِه ولواها حتى استدار إليه، وأصبحا في مواجهة واحدة. ضربه «أحمد» لكمة حادة في فكه جعلته يتهاوى … وقفز فوقه، ثم ضربه ضربة ثانية، جعلته يصرخ متألمًا … بينما كان «عثمان» يعالج «ريما» التي نزفت الدماء من فمها … كان «قيس» يمسك مسدسه ويوقف أفراد العصابة أمامه …
أسرع «أحمد» وأوثقهم … وربطهم في شجرة ضخمة، ثم تركهم … وتحرك الشياطين بسرعة في اتجاه «خالد» الذي كان لا يزال يطلق الأعيرة النارية في اتجاهات مختلفة … حتى يوهم العصابة بأن عدد الشياطين كبير.
لم تمض لحظات، حتى سمع أزيز طائرة … رفع «أحمد» وجهه إليها، فرآها تقترب من الشاطئ … أسرع الشياطين في اتجاه «خالد» … اقتربت طائرة الهليوكبتر التي حلَّقت فوق رأس العصابة قرب الشاطئ، ثم أخذت تهبط في بطء، ثم توقَّفَت في الهواء …
فُتح باب من أسفل الطائرة ونزل منها سلَّم من الحبال وصل إلى الأرض … أمسكه أحد أفراد العصابة … وتسلَّقه آخر …
نظر «أحمد» إلى الشياطين، وابتسم … كان رجل العصابة قد أصبح في منتصف السلم … أخرج «أحمد» بندقيته، وركب أجزاءها، ثم أحكم النيشان على الرجل … وأطلق طلقة على الحبل، فانقطع السلم وهوى الرجل إلى الأرض … في نفس اللحظة انهالت طلقات الرصاص حول الشياطين كالمطر بينما كانت الطائرة تأخُذ طريقها للهرب … أخرج «خالد» صاروخًا صغيرًا ركبه في طرف بندقيته … ثم أطلق الصاروخ الذي أخذ طريقه إلى الطائرة وفي لحظة واحدة دوَّى انفجار هائل … واشتعلت الطائرة وتهاوَت إلى الأرض …
نظر الشياطين إلى بعضهم … وضحكوا …
لم تمضِ لحظات طويلة … حتى ظهر سربُ طائرات … أطلقت إشارات صفراء … عرف الشياطين أنها تابعة ﻟ رقم «صفر»، وعلى مرمى البصر ظهرت مجموعات من اللنشات البحرية … كان واضحًا أنها تابعة لهيئة الأمم المتحدة … فقد كانت ترفع علم الأمم المتحدة …
تنفَّس الشياطين بارتياح … لقد انتهت المعركة، ووصلت الفرقة التي أشار إليها رقم «صفر» في رسالته …
دارت الطائرات حول الجزيرة … وفي منطقة بعيدة تمامًا، شاهد الشياطين مجموعات المظلات وهي تنفتِح في الهواء … فيبدو منظرها مُمتعًا … دوت طلقات الرصاص في اتجاه مجموعات المظلات … وبسرعة كان الشياطين يَشتبكون مع أفراد العصابة، حتى يُعطوا فرصة لرجال المظلات للهبوط … ارتفعت في فضاء الجزيرة أصوات من كل مكان … كانت أصوات اللنشات التي تقترب من الشاطئ في سرعة، أضاء جهاز اللاسلكي مع «أحمد» ثم تلقَّى رسالة: «من مجموعة البحرية إلى الأصدقاء … نهنئكم …»
رد «أحمد»: «أهلًا بكم … «ش. ك. س» …»
صمتت طلقات الرصاص في منطقة العصابة … كان من الواضح أنهم شعروا أنها النهاية … كان الشياطين يَرقُبون اللنشات التي بدأت تتوقف وينزل منها بحارة الأمم المتحدة مسرعين إلى الشاطئ … تلقى «أحمد» رسالة جديدة: «من مجموعة البحرية … لا تشتبكوا معهم … خذوا طريقكم إلى الشاطئ …»
رد «أحمد»: «شكرًا …»
أخذ الشياطين طريقهم إلى الشاطئ … ووقفوا ينظرون …
كانت مجموعات البحرية تتسلَّق الصخور في سرعة وإتقان … ثم بدأت تختفي داخل الجزيرة … اقترب القائد من الشياطين قائلًا: أهلًا بالأصدقاء … لقد أديتم خدمة نبيلة للعالم …
رد «أحمد»: إنه عالَمنا في النهاية …
أخذ القائد طريقه إلى داخل الجزيرة خلف مجموعات الجنود … نظر «أحمد» إلى الشياطين، ثم قال: يَنبغي أن نَنصرِف الآن …
أخرج جهاز الرادار الصغير، ثم أدارَه … فحدَّد له مكان الغواصة، اتجه الشياطين إليها … كانت أصوات متناثرة تأتيهم من بعيد، وكان يبدو أن كل شيء على ما يرام …
عندما وصلوا إلى الغواصة، نزلوا الواحد بعد الآخر، حتى استقروا داخلها … ووجد «أحمد» رسالة داخلها من رقم «صفر» … كانت الرسالة تقول: من رقم «صفر» إلى «ش. ك. س» … أهنئكم … انتهى كل شيء. إجازة سعيدة في «بومباي» مع الصديق «هان» …
قرأ «أحمد» الرسالة أمام الشياطين، فابتسموا … أدار موتور الغواصة، ثم ضغط ذراع الغطس …
قالت «ريما»: دعنا نرى سطح المحيط قليلًا … ثم ننزل إلى الأعماق؛ فإن المسافة أمامنا طويلة …
ابتسم «أحمد» ثم ضغط ذراع الغطس مرةً أخرى فتوقف، وسارت الغواصة كلَنشٍ بحري …
كانت أمواج المحيط هادئة تمامًا، وكان الصباح رائعًا … قطعوا بعض المسافة، ثم قال «عثمان»: هيا ننزل إلى الأعماق … إنها مُثيرة للغاية …
نظر «أحمد» إلى «ريما» وابتسم، فابتسمت هي الأخرى. ضغط ذراع الغطس، فأخذت الغواصة طريقها إلى الأعماق … كان المنظر بديعًا بمجموعات الأسماك الصغيرة ذات الألوان المختلفة وهي تتجمَّع حول الغواصة لا يفصلها عن الشياطين سوى زجاج الغواصة … لكن فجأة … ظهرت مجموعات الحيتان المتوسِّطة الحجم، مندفعة في اتجاه الغواصة … ضحك «خالد» وقال: معركة جديدة …
كان الموقف طريفًا … زاد «أحمد» من سرعة الغواصة فانطلقت بسرعة وانطلقت في أثرها الحيتان. استمرت المطاردة الضاحكة بين الحيتان والغواصة … حتى اقتربوا من الشاطئ فاستدارت الحيتان للعودة إلى أعماق المحيط …
ضغط «أحمد» ذراع الطفو … فبدأت الغواصة تأخذ طريقها إلى السطح … وعندما استقروا على السطح كانت أمامهم مفاجأة …
كان «هان» يقف مُلوِّحًا لهم … ووجهه ممتلئ بالضحك …
عندما خرجوا من الغواصة … اقترب منهم «هان» وهو يقول: برنامج الإجازة في انتظاركم.
انطلقوا جميعًا … يقضون إجازة سعيدة في «بومباي» وينتظرون رسالة من رقم «صفر» لمغامرة أخرى …