رابعًا: خاتمة: ضرورة إعادة بناء التراث
إن التراث القديم ليس هو الدِّينَ، وبالتالي ليس له طابَعُ التقديس، بل إن الدين هو جزءٌ من التراث، أي الموروث العقائدي، بجوار الموروث الأدبي والعُرفي. هو نتيجة ظروف سياسية قديمة وصراعٍ على السلطة وتعبير عن أوضاع اجتماعية. ولما كانت الظروف تغيرت فإن مسئوليتنا، بالتالي، إفرازُ تراث جديد وإعادةُ بناء التراث القديم؛ حتى لا يقف حجرَ عثرة في سبيل النهضة الحديثة والثورة العربية المعاصرة. ليس الأمر مجرد تحميس للناس وشحذ عزائمهم، بل يتعلق الأمر بالبناء العقائدي للجماهير، وبإعطائها أيديولوجية سياسية تملأ بها فراغَها النظري وحِصارَها بين الحركة السلفية والحركة العلمانية. فإذا كان التراث القديم نتيجةً للعمل السياسي القديم فإن العمل السياسي الحديث يتطلب تراثَه المعاصر، وفي الوقت نفسِه إعادةَ النظر في الموروث القديم؛ فإما يتطابق معه في تراث المعارضة، وإما يختلف معه في تراث السلطة. وفي كلتا الحالتَين يحدث التغير من خلال التواصل، وتأمن الأمة الرِّدة والفِصام في الشخصية، ويُصبح حاضرها إحدى حلقات وحدة تاريخها.