ثالثًا: الأقسام الرئيسية
بعد مقدمة قصيرة (ص٥–١١) يتحدث فيها الباحث عن عمله كمغامرة، رابطًا إيَّاه بتجارِبه الحية الفردية والاجتماعية، كاشفًا عن بعض أحكامه المسبقة فيما يخص التمايزَ بين المشرق العربي والمغرب العربي، ومظهرًا منذ البداية الإطارَ الثقافي الغربي والاستشراقي الذي يستند عليه تحليلُ موضوع الكتاب، وعارضًا موجزًا لأقسامه. ويضم الكتاب ستة موضوعات رئيسية:
الموضوع الأول «الشخصية العربية الإسلامية» (ص١٥–٥١) وهو أيضًا العنوان الرئيسي للكتاب. ويشمل ثلاثة محاور: الأول «الإسلام والعروبة» (ص١٧–٢٥)، ويعطي نموذج تونس المعاصرة وجدلية الانتماء الإسلامي والعروبة ثم يُؤصِّل ذلك في المحور الثاني «القضية التاريخية» (ص٢٦–٣٢) ابتداءً من الإسلام المبكِّر ومرورًا بالعالمية العربية الإسلامية في العصر الأول حتى انشقاق العروبة عن الإسلام وتكوين مفهوم الشخصية الأيديولوجية الثقافية. ويُركِّز المحور الثالث «الشخصية التاريخية والقومية» (٣٣–٥١) ابتداءً من الصراع بين الشخصيتَين في أوروبا، ثم انتقالًا إلى أصالة التطور في الميدان العربي، ومطبقًا إياها على القومية الحديثة في المغرب، ثم محاولًا التعميم من جديد على التاريخ والوعي القومي، ومنتهيًا بحكم عام على الازدواجية العربية.
والموضوع الثاني «نحو مصير مشترك» (ص٥٥–٩٨) وهو العنوان الثاني الرئيسي في الكتاب «المصير العربي». ويدور أيضًا حول محاور ثلاثة: الأول «الأيديولوجيا القومية العربية» (ص٥٧–٦٩) ممثلة أولًا في البعث، عرضًا لفكر ميشيل عفلق ثم نقدًا له، وثانيًا في الناصرية. والمحور الثاني «في سبيل التوحيد» (ص٧٠–٨١) عن الوحدة العربية دفاعًا عن بُعدها التاريخي والثقافي وضرورتها للتنمية الاقتصادية وأهميتها في التربية الأخلاقية والبشرية. والمحور الثالث «المقاومات المستقبلية» (ص٨٢–٩٨) يعرض لصعوبات المشروع الوحدوي ولحالته الراهنة بين التجمعات الإقليمية وطموحات الوحدة الكاملة.
والموضوع الثالث «جدلية الاستمرار والتغير» (ص١٠١–١٠٨) وهو أصغرُ الأجزاء يتناول الموضوعات السابقة نفسَها، الشخصية والمصير، والبحث عن الأيديولوجيا.
والموضوع الرابع «الإصلاح والتجديد في الدين» (ص١١١–١٤٢) يقوم على محورَين: الأول «الإصلاح» (ص١١١–١٢٠) ويتركز حول شروط العلمانية ونقد الاتجاه الإصلاحي والتحديثي، ويعرض للعلمَنة والتشريعية وتحرير الأخلاقية والصلة بين الدين والدولة. والمحور الثاني «تجديد الرؤية للإيمان» (ص١٢١–١٤٢) يُبيِّن تاريخية الدين والتفسير الفلسفي للإسلام والقراءة الميتافيزيقية للقرآن. ثم يُحاول أن يُعبِّر عن روح الإسلام ويُحدِّد مصير مؤسسه!
والموضوع الخامس «الإنسان العربي المسلم» (ص١٤٥–١٨١) يقوم على محورَين: الأول التفرقة بين «النقد الذاتي والاستنقاصات الذاتية» (ص١٤٥–١٥٤)، الأول مجرد نقد ذاتي بينما الثاني استنقاص استعماري للشخصية النفسية كما حدث في المغرب العربي. والمحور الثاني «الشخصية الأساسية» (ص١٥٥–١٨١) وهو تطبيق على الشخصية التونسية ومؤسساتها الأولية ابتداءً من نهاية العصر الاستعماري حتى التغيرات الراهنة، ثم تعميم التجرِبة التونسية على الشخصية العربية.
والموضوع السادس والأخير، «تنظيم المجتمع والدولة» (ص١٨٥–٢٢٠) ويقوم أيضًا على محورَين: الأول «إصلاح البِنَى» (ص١٨٧–١٩٥) متناولًا الفكر الاقتصادي الجديد والتخلف، ومميزًا بين المنظور الفوري والمنظور البعيد، ومقترِحًا بعضَ الإصلاحات المحسوسة. والمحور الثاني «استراتيجية المستقبل» (ص١٩٦–٢٢٠) يضع نموذجًا يقوم على البِنْية الاجتماعية العميقة والحركة الاجتماعية المعاصرة، واصفًا الدولة البرجوازية ووضع الطبقة المفكرة، ومحددًا معالم الديموقراطية والحرية.
وينتهي الكتاب بخاتمة قصيرة (ص٢٢٣-٢٢٤) مؤكدًا بعض الأحكام الرئيسية في الكتاب حول الشخصية العربية الإسلامية كمفهوم ثقافي وهوية تاريخية أساسية تقوم على رِهان تنبُّؤي ببعثِ تقليدٍ روحي مستقل، ومؤكدًا حكمه المسبق حول استحالة تجديد هذه الشخصية سياسيًّا، عروبيًّا أو إسلاميًّا، وأن القضية الرئيسية هي الحداثة في إطار كوني.
ومع ذلك يتخلل الكتابَ بأقسامه الست، موضوعان رئيسيَّان بين السطور؛ وهما: أولًا مصر والعروبة والإسلام، وثانيًا الثقافة الغربية والاستشراق. وهما أيضًا الموضوعان الرئيسيان اللذان سيُصحبان موضوعَيِ الحوار الرئيسيَّين بين المُراجع والمؤلف؛ توثيقًا لأواصر الصداقة، وعقدًا للحوار بين المفكرين العرب في المشرق والمغرب.