رقصة الموتى
الموقف الأول – اللوحة الثانية
(قطارات نقل الجنود – ديوان مُغطًّى بشباك
من السلك في إحدى العربات. مصباح زيتي يدمع شررًا. جنود نائمون
ومُكوَّمون على بعضهم البعض.)
الجندي الأول
:
إلى متى يصر القطار؟
آه من هذا الأزيز الأبدي
الذي ينبعث من الآلات المجلودة!
الجندي الثاني
:
نحن نهيم في فضاء لا محدود،
أيامًا وأسابيع لا أدري عددها.
وددتُ لو أنام في حِضن أمي.
الجندي الثالث
:
وددت لو أن البيت انهار
لما عانق الأب الأم.
الجندي الرابع
:
وددتُ لو انطلقت من السماء خناجر
نارية،
وصرعت الرجل الغريب
لمَّا ضاجع المرأة في الغابة.
الجندي الخامس
:
كلمات جوفاء، طال علينا السجن
في هذا التابوت الملعون.
نتعفن فيه،
وتنتن رائحة اللحم البشري.
الجندي السادس
:
ونتوه نضل بلا هدف.
كالأطفال المذعورين ضحايا العسف
الباطل
نقتل، ونجوع، ونأتي
أعمال البطش،
ونظل كأطفال مذعورين
يفجؤهم ليل مُعتِم.
الجندي السابع
:
تمنيتُ لو أستطيع الصلاة:
كل الكلمات العذبة الحنون
التي قالتها لي أمي بصوتها الوديع
تتلعثم على شفتي وتتكسر.
الجندي الأول
:
أبدًا نرحل.
الجندي الثاني
:
أبدًا يئزُّ القطار.
الجندي الثالث
:
أبدًا يضاجع الناس بعضهم.
ومن الشهوة النهمة تنمو اللعنة
للأبد.
الجندي الرابع
:
أبدًا يلد الرحِم الأزلي نجومًا
وكواكب
أبدًا يدمر الرحم الإلهي نفسه.
الجندي الخامس
:
أبدًا نتعفن.
الجندي السادس
:
أبدًا كالأطفال المذعورين من الآباء.
الجندي السابع
:
يسلمنا رحم الأم
للضنك المثلج للأطراف.
الجميع
:
أبدًا نرحل.
الجميع
:
للأبد.
بين الأسلاك الشائكة
الموقف الثاني – اللوحة الرابعة
(سحب مظلمة تجلد القمر. على اليمين واليسار
موانع وأسلاك شائكة علقت بها هياكل عظمية مُلطَّخة بالجير،
وبينها حفر من أثر القنابل اليدوية، يتحرك أحد الهياكل من
المانع الأيسر.)
الهيكل العظمي
:
لكم أنا وحيد.
الكل ينامون.
مع هذا لا أشعر بالبرد
الذي شعرتُ به، عندما كُتب عليَّ
أن أفرق بين العدو والصديق.
الجير جيد الامتصاص، فسرعان ما تقلصت
مِزَق الجلد المُضرَّجة بالدم.
ها! ها! يمكنني الآن
أن أصلصل بيدي.
الهيكل العظمي الثاني
(ينهض واقفًا في المانع
الأيمن)
:
هو ذا الصعلوك يتحرك من جديد
كأن عليَّ أن أرتعد خوفًا على
الدوام،
ومع هذا، فلا أشعر بالجوع.
من يقبض عليَّ؟ يد عظمية باردة.
دعني، قلت لك.
دعني.
وإلا … نسيت نفسي.
آه، إنها يدي
التي تشنجت على اليد الأخرى.
الهيكل الأول
:
واصل مهزلتك، يا صديقي العجوز.
إني أؤدي بمفاصلي المرتخية
رقصةً زنجية مجلجلة.
لم نعُدْ أصدقاء وأعداء،
نحن الآن سواء.
المزق الحمر افترستها الديدان!
كلنا الآن سواء.
سيدي، هيا لنرقص!
(الهياكل العظمية بين الموانع والأسلاك
تنفض التراب عن نفسها.)
الهياكل
:
كلنا الآن سواء.
سيدي، هيا لنرقص.
الهيكل الأول
:
الوسام اللامع البراق أبلاه العفن.
جمدت أسماؤنا في صفحات الوفيات،
وأحيطت بالسواد.
يا رفاق، انهضوا الآن لنرقص.
الهيكل الثاني
:
أنتم يا من بلا ساق هناك،
احملوها! صلصلوا!
صلصلوا للرقص هيا!
(الهياكل المقطوعة السيقان تمسك بعظام
السيقان وتصلصل. الهياكل الأخرى ترقص.)
الهيكل الأول
:
هو! هو! ما هذا؟
أنت هناك، لِم لا ترقص؟
الجميع
:
سيدي، هيَّا لنرقص.
أحد الهياكل
(في جانب)
:
إني أخجل من هذا!
الهيكل الثاني
:
تخجلين؟
(يغطي مكان العورة بيديه.)
:
(الجميع يسرعون بتغطية العورة.)
الهيكل الأول
:
صحراء الوحشة بدَّدت الخجل.
من ذا الذي يخجل الآن؟
إنما نحن عرايا،
ووراء العظام العارية
يتثاءب المستنقع الأجوف.
أحد الهياكل
(في جانب)
:
لا، ليس بمستنقع.
الهيكل الأول
:
من؟
أحد الهياكل
(في جانب)
:
تحيا مريم.
الجميع
:
هيء هيء! هو! هو!
هيء هيء! هو! هو!
الهيكل الأول
:
سيدي، لست سليمًا.
سيدي، هيا لنرقص!
الجميع
:
أجل نرقص، أجل نرقص.
أحد الهياكل
(في جانب)
:
لست سيدًا.
الهيكل الثاني
:
ماذا إذن؟
أحد الهياكل
(في جانب)
:
فتاة.
الهيكل الأول
:
سادتي، فلنغطِّ عُرْينا.
أحد الهياكل
(في ركن)
:
لم أزل في الثالثة عشرة،
لكن …
لِم تحملقون فيَّ هكذا؟
الهيكل الثاني
:
آنستي، إنك الآن في حماي.
أحد الهياكل
(في ركن)
:
هل معنى هذا ألَّا أخشى شيئًا؟
في الماضي كانوا أعداء.
الهيكل الأول
:
ومتى؟
الهيكل
(في جانب)
:
في تلك الليلة،
لا أدري الآن
لِم فعلوها.
يا سيد،
هل كان قضاءً محتومًا؟
ما كاد الأول يتركني
حتى كان الثاني في فراشي.
الهيكل الثاني
:
وبعد؟
الهيكل الأول
:
من ذلك ماتت.
ما أرفعها، ما أجملها من كلمة!
ماتت من ذلك.
يا سادة، أنتم مضطربون
وأيديكم … هو، هو.
أيديكم ما زالت …
(الجميع يتركون أيديَهم تسقط إلى
جانبهم.)
الهيكل الأول
:
آنستي فات أوان الخجل،
ما الداعي؟ أهناك فرق؟
في ظنِّي أنكِ لا تدرين،
أما اليوم فعلى شرف لُطِّخ بالجير.
نحن اليوم سواء؛
ولهذا، إن سمحت آنستي
هيا في وسط الحلقة
شرفك ضاع
هذا لا يعني شيئًا،
ليس جديرًا أن نتحدث عنه.
أحسنت، ما أذكاك!
هيا في وسط الحلقة.
(يلتف الجميع في حلقة حول الهيكل
العظمى الذي ينتحَّي الركن الجانبي، ثم ينخرطون في رقصٍ
عنيف.)