من مقدمة الطبعة الأصلية

إن مضمون أي عملٍ فلسفي حقيقي لا يظل دون تغيير بمضي الوقت … فإذا كانت لمفاهيمه صلةٌ أساسية بأهداف الناس ومصالحهم، فإن حدوث تغيُّرٍ أساسي في الموقف التاريخي يجعلهم ينظرون إلى تعاليم هذا العمل في ضوءٍ مخالف … وإن ظهور الفاشية في عصرنا هذا ليستدعي إعادة تفسيرٍ لفلسفة هِيجِل … وأملُنا هو أن يُثبِت التحليل الذي نقدِّمه ها هنا أن مفاهيم هِيجِل الأساسية معاديةٌ للاتجاهات التي أدت إلى الفاشية نظريًّا وتطبيقًا.

ولقد كرَّسْنا الباب الأوَّل من الكتاب لعرض بناء المذهب الهِيجِلي … وحاولنا في الوقت ذاته أن نتجاوزَ الشرح البحت، وأن نُلقي ضوءًا على ما تنطوي عليه أفكار هِيجِل من عناصرَ تكرَّرَت هي ذاتها في التطور التالي للفكر الأوروبي، ولا سيَّما في النظرية الماركسية.

ولقد كان من الضروري أن تتعارضَ معاييرُ هِيجِل النقدية والعقلية، وجدَله بوجهٍ خاص، مع الواقع الاجتماعي السائد … ولهذا السبب كان من الممكن أن يُسَمَّى مذهبه بحقٍّ فلسفة سلبية، وهو الاسم الذي أطلقه عليه خصومه المعاصرون له. وقد ظهَرَت في العقد التالي لموت هِيجِل فلسفةٌ إيجابية (أو) وضعية ترمي إلى إزالة تأثير اتجاهاته الهدامة، وأخذَت هذه الفلسفة على عاتقها أن تُخضِع العقل لسلطة الواقع … وإن الصراع الذي حدث بعد ذلك بين الفلسفة السلبية والفلسفة الإيجابية (أو الوضعية) ليقدِّم مفاتيحَ متعدِّدة تساعد على فهم نشأة النظرية الاجتماعية الحديثة في أوروبا.١
هربرت ماركيوز
١  للمقدمة بقية تبلغ حوالي صفحة، معظمها مخصَّص لطريقة المؤلِّف في ترجمة النصوص إلى الإنجليزية، وللأشخاص والهيئات التي يشكُرها المؤلف، وهي لا تهم القارئ العربي في شيء. (المترجم)

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤