الفصل الرابع والعشرون
على النوافذ الكبيرة ذاتِ الزجاج المسطَّح لمقر الشركة الجديد، سرعان ما ظهرَت بأحرفٍ ذهبيةٍ ذاتِ حوافَّ سوداء الكلمات «الشركة الكندية المحدودة لمنجم الميكا: مكتب لندن». لكن العمال الذين كانوا يجهِّزون الجزء الداخلي من المقرِّ لم يكونوا بنفس سرعة الرسامين والكاتبين باللون الذهبي. ولذلك، استغرق إعداد المقر الجديد وقتًا طويلًا، وغضب كلٌّ من كينيون وونتوورث من التأخير؛ لأن لونجوورث قال إنه لن يُمكن فعلُ أي شيء حتى ينتهيَ تجهيز المكان.
قال ونتوورث له: «أنت تعرف، يا لونجوورث، أن كل دقيقة مهمة. إن الوقت يُداهمنا، وليس أمامنا وقتٌ طويل كي نُؤسس شركتنا.»
رد السيد لونجوورث الشاب، وهو ينظر بلومٍ إليه من خلال نظارته الأحادية اللامعة: «ويجب أن تتذكر أنني مهتمٌّ بهذا المشروع على نحوٍ مساوٍ لك. ومن المهم لي كما هو مهم لك ألا يضيع الوقت. يجب ألا تقلقَ بشأن هذا الأمر، يا سيد ونتوورث؛ فكل شيء يسير على ما يُرام. إن الرجال يقومون بعمل جيد من أجلنا، ولن يمرَّ وقتٌ طويل حتى ينتهوا من عملهم. وكما قلتُ لك مِرارًا وتَكرارًا، الكثير من الأمور يعتمد على المظهر الذي سنبدو به أمام الناس. إننا نمتلك تقريبًا أفضلَ مقر في حي السيتي. إن العمال بالتأكيد استغرقوا في العمل وقتًا أطولَ مما توقعتُ، لكن كما ترى، إن عليهم إنجازَ قدْرٍ كبير من العمل. وعندما نبدأ العمل في هذا المقر، فإن الأمر لن يستغرقَ طويلًا. أنا، في هذه الأثناء، قمتُ ببعض التحركات. على الأقل ستة من المستثمرين مستعدُّون للعمل معنا في هذا المشروع. وعندما ينتهي تجهيزُ المقر، سنعقد اجتماعًا للمساهمين المحتملين. وإن قدَّموا أموالًا كبيرة بالقدر الكافي — وأعتقد أنهم سيفعلون — فإن كلَّ الباقي سيكون مجردَ تفاصيلَ سيهتمُّ بها محامونا. لكن إن كنت ترى أنك والسيد كينيون بإمكانكما إدارةُ كلِّ شيء على نحوٍ أفضل مما أفعل، فلكما مطلقُ الحرية في فعل ذلك. أنا بالتأكيد لا أرغب في احتكار القيام بكلِّ العمل. ما الذي فعلتَه أنت، على سبيل المثال؟ وماذا فعل السيد كينيون؟»
«كينيون، كما أعتقد أنك تعرف، قد حصل على كل الحقائق المتعلقة بالطلب على المادة، وقد رتَّبتُها. وقد طبعنا كل شيء كما اقترحت، والأوراقُ جاهزة. وقد وصلَت إلى مكتبي اليوم.»
رد لونجوورث الشاب: «رائع جدًّا، إننا نُحرز تقدمًا كبيرًا. لقد أنجزنا الكثيرَ ولن يكون علينا القيامُ به ثانيةً. ربما من الأفضل أن تُرسل لي بعضًا من المادة المطبوعة، حتى يتسنَّى لي إعطاؤها للرجال الذين أخبرتُك بهم. وفي تلك الأثناء، لا تقلق بشأن المقر؛ إنه سيكون جاهزًا في وقت قصير.»
كان ونتوورث وكينيون يزوران المقرَّ الجديد من آنٍ لآخر، لكن بدا أن العمل كان لا يزال يسيرُ ببطء. وفي النهاية، قال ونتوورث بحدة شديدة لرئيس العمال:
«ما لم ينتهِ هذا بحلول الإثنين القادم، فلن تكون لكم أيُّ علاقة به.»
بدا رئيسُ العمال مندهشًا.
وقال: «فهمتُ من السيد لونجوورث وهو الشخص الذي نحصل منه على التعليمات أنه لا توجد عجَلةٌ حقيقية بشأن هذا العمل.»
«حسنًا، توجد عجَلة حقيقية. يجب أن نبدأ العمل بهذا المكان في أول أيام الأسبوع المقبل، وإن لم تنتهوا من عملكم بحلول ذلك الوقت، فسيكون علينا بدءُ العمل فيه دون أن ينتهيَ تمامًا.»
قال رئيس العمال: «في هذه الحالة، سأفعل كل ما في وُسعي. أعتقد أن بإمكاننا الانتهاءَ منه هذا الأسبوع.»
وهكذا، انتهى العمل في المقر في الوقت المحدد.
وعندما دخل كينيون مقرَّ عمله الجديد، وجد المكان خانقًا بشدة بالنسبة إلى شخصٍ بسيط للغاية مثلِه. وضحك ونتوورث من الكآبة التي بدَت عليه وهو يتأمَّلُ فخامة المكان.
قال جون: «ما يُضايقني هو إدراك أن كل هذا يجب دفعُ ثمنه.»
رد ونتوورث: «آه، نعم، لكن بحلول وقتِ استحقاق هذا الدَّين، آمُل أن يكون لدينا الكثيرُ من المال.»
«يجب أن أعترف أنني لا أفهم لونجوورث فيما يتعلق بهذا الأمر. يبدو أنه لا يفعل شيئًا؛ على الأقل، إنه لم يُطلِعْنا على أي شيء يوضح العملَ الذي قام به، ولا يبدو أنه يعتقد أن الوقت مسألة مهمة بالنسبة إلينا؛ أي إن تأسيس الشركة قد أصبح بحقٍّ سِباقًا مع الزمن.»
«حسنًا، سنرى قريبًا جدًّا ما الذي سيفعله. لقد أرسلتُ شخصًا إليه يطلب منه لقاءنا هنا — من المفترض أن يصل إلى هنا الآن — ويجب بالتأكيد أن نتحرَّك للأمام. لا يوجد وقتٌ لنضيعه.»
«هل قال لك أيَّ شيء — إنه يتحدث معك بحريةٍ أكثرَ مما يفعل معي — عن الخطوة التالية التي من المفترض اتخاذُها؟»
«لا؛ إنه لم يقُل شيئًا.»
«حسنًا، ألا ترى الوضع الذي نحن فيه؟ إننا فعليًّا لا نقوم بشيء؛ ونترك كلَّ شيء في يديه. والآن، إن أتى في أحد الأيام الكئيبة وقال إنه لن تكون له أيُّ علاقة بعد ذلك بهذا المشروع (وأنا أعتقد أنه قادرٌ تمامًا على فعل ذلك)، فسيكون وقتُنا قد نَفِد تقريبًا، وأصبحنا غارقين في الدَّين، ولم نقُم بأي شيء.»
«عزيزي جون، كيف لعقلك أن يُنتج كل هذه الاحتمالات المرعبة! صدقني لونجوورث لن يتصرفَ على النحو الذي أشرت إليه. سيكون هذا تصرفًا مخزيًا من جانبه، وهو، بقدرِ ما أعرف، رجلُ أعمال محترم. أعتقد أن لديك بعضَ التحامل عليه، ومن ثم لا يُمكنك رؤية شيء جيد في أي فعلٍ يقوم به. لقد أخبرني لونجوورث منذ بضعة أيام أن لديه خمسة أو ستة أشخاص مستعدِّين للانضمام إلينا في مشروعنا، وإن كان هذا هو الحال، فقد قام بالتأكيد بما عليه من عملٍ في هذا المشروع.»
«نعم، أعي ذلك. هل أعطاك أسماءهم؟»
«لا، إنه لم يفعل.»
«الشيء الوحيد الذي يُقلقني هو قلة حيلتنا. يبدو، بنحوٍ أو بآخَر، أننا قد زُجَّ بنا في الخلفية.»
قال ونتوورث: «إن الأمر بعيدٌ كلَّ البعد عن هذا؛ فقد أخبرني لونجوورث بأننا علينا المُضيَّ قُدمًا في أي شيء مناسب يتراءى لنا. ولقد سأل عما فعلتَه أنت وعما فعلتُه أنا، وقد أخبرتُه. وبدا مهتمًّا بشدةٍ بضرورةِ قيامنا بكل شيء نستطيع القيام به، كما يفعل هو.»
«رائع، لكن ألا ترى أن الوضع هو التالي: إن قمنا بأيِّ خطوة أيًّا كانت، فقد نقوم بشيء قد يعترض عليه؟ ألم تُلاحظ أنني كلما اقترحتُ شيئًا أو أنك كلما اقترحتَ شيئًا، كان لديه دائمًا اعتراضٌ عليه؟ كما أنني لم يُعجبني المحامون الذين اختارهم للقيام بهذا العمل. إنهم مَن يُوصَفون بأنهم «مُريبون»؛ أنت تعي ذلك كما أعي تمامًا.»
«يا إلهي، يا جون! إذن، اقترِح أنت شيئًا إن كانت لديك تلك الشكوكُ الفظيعة في لونجوورث. أنا بالتأكيد أريد أن أفعل أي شيء تريده. اقترح شيئًا.»
قبل أن يتمكَّن جون من ذِكر الاقتراح المطلوب، عاد الرجل الذي أرسله ونتوورث للونجوورث الشاب.
قال الرجل: «يقول عمُّه، يا سيدي، إن السيد ويليام قد سافر إلى الشمال، ولن يعود إلا بعد أسبوع.»
صاح الشابان في الوقت نفسِه: «أسبوع!»
«نعم، يا سيدي، لقد قال أسبوعًا. لقد ترك رسالةً لأيٍّ منكما في حالة ذَهاب أيٍّ منكما لمكتبه. وها هي الرسالة، يا سيدي.»
لقد استُدعيتُ لمهمةٍ مفاجئةٍ في الشمال، وقد أستمر فيها لمدة أسبوع أو عشرة أيام. أعتذر عن الوجود بالخارج في هذا التوقيت، لكن حيث إنه من غير المحتمل أن ينتهيَ الرجال من تجهيز مقرِّ الشركة قبل أن أعود، فلن يقع أيُّ ضررٍ كبير. وفي تلك الأثناء، سأقابل العديدَ من رجال الأعمال الذين لديَّ قائمةٌ بهم في ذهني وهم نادرًا ما يأتون إلى لندن، وسيَكونون ذَوِي فائدةٍ كبيرة لنا. إن فكَّرتَ في أي شيء في صالح مشروع منجم الميكا، فأرجو منك أن تمضيَ فيه قُدمًا على الفور. يمكنك إرسالُ أي رسائلَ لي إلى عمي، وسوف أحصل عليها. ومع ذلك، وحيث إنه لا توجد أيُّ عجَلة في مسألة الوقت، فأنا أوصي بشدةٍ بعدم القيام بأي شيء حتى عودتي، حيث يمكننا جميعًا القيامُ بالأمر بعزم وإصرار.
عندما انتهى ونتوورث من قراءة تلك الرسالة، نظر الشابان كلٌّ منهما إلى الآخر.
قال كينيون: «ماذا تفهم من هذا؟»
«أنا بالتأكيد لا أعرف. في المقام الأول، إنه سافر لمدةِ أسبوع.»
«نعم؛ هذا هو الشيء الوحيد المؤكد.»
«والآن، يا جون، يجب فعلُ أحد أمرين. إما أن نثق في لونجوورث هذا، وإما أن نَمضيَ قُدمًا بدونه. ما الذي علينا فعلُه؟»
رد كينيون: «أنا بالتأكيد لا أعرف.»
«لكننا، يا عزيزي، قد وصلنا إلى مرحلةٍ علينا أن نُقرِّر فيها. أنت، على ما يبدو، تشكُّ في لونجوورث. ما تقوله في الحقيقة يُشير إلى ما يلي: أنه، لسببٍ خاص به، أُقِر أنني لا أستطيع إدراكَه أو فهمَه، يرغب في تأجيل تأسيس هذه الشركة حتى يفوت الأوان.»
«أنا لم أقُل هذا.»
«إنك تقول ما يُشير فعليًّا إلى هذا. إنه إما أمينٌ وإما لا. والآن، علينا أن نُقرِّر اليوم، وهنا، ما إذا كنا سنتجاهله ونمضي قدمًا في تأسيس الشركة أم سنعمل معه. وما لم يُمكِنْك إعطاءُ سببٍ وجيه للقيام بغير ذلك، أرى أن نعمل معه. وأعتقد أن الأمر سيكون أسوأَ بكثير إن تركَنا الآن مما لو لم يكن قد انضمَّ إلينا على الإطلاق. الناس سيسألون عن سبب انسحابه من المشروع.»
«ربما لن ينسحب، حتى لو أردتَه أن يفعل هذا. إن لديه توقيعَك على الاتفاق الذي بينك وبينه، ولديك توقيعه عليه.»
«بالتأكيد.»
«أنا لا أعرف كيف يمكن أن نمضيَ قدمًا في الأمر بمفردنا.»
«لذا، أرى أن تلك الشكوك يجب أن تختفي؛ لأنك لا يُمكن أن تعمل مع شخص تشكُّ في أنه وغد.»
«أعتقد تمامًا في صحة هذا؛ لذا، لن أتحدث عن هذا الموضوع مرة أخرى. وفي تلك الأثناء، هل تقترح الانتظار حتى يعود؟»
«سأكتب إليه الليلة وأسأله عما ينتوي فعله. سوف أخبره، كما أخبرتُه من قبل، أن الوقت يُداهمنا، وأننا نريد معرفة ما يحدث.»
قال جون: «رائعٌ للغاية؛ أنا سأنتظر حتى تحصل على ردِّه على رسالتك. وفي تلك الأثناء، أرى أن لا شيء يمكن فعلُه سوى شَغْلِ هذا المكتب الفخم بأفضلِ صورةٍ ممكنة، وانتظار ما ستئول إليه الأمور.»
«هذا رأيي. أنا أرى أنه ليس من العدل أن نشكَّ في كون أحد الأشخاص وغدًا رغم أنه لم يفعل في واقع الأمر شيئًا يُشير إلى أنه كذلك.»
لم يردَّ جون على هذا.
وفي اليوم التالي، ذهب كينيون إلى المقر الجديد، وشرَع بهمَّة في تنفيذ مهمةِ الاعتياد عليه. في اليوم الأول، جاء إلى مقر الشركة القليلُ من الأشخاص واستفسروا عن المنجم، وأخذوا بعضَ المواد المطبوعة وسألوا بوجهٍ عام عدةَ أسئلة لم يستطِع كينيون الإجابةَ عنها. وفي اليوم التالي، جاء إلى المكتب عددٌ من رجال الصِّحافة — غالبيتهم من مندوبي الإعلانات — الذين أعطَوا لكينيون بطاقاتٍ أو نشراتٍ دعائية، توضِّح أن أيَّ مشروع تجاري لا يجري الترويج له في صحفهم من المؤكد أنه لن ينجح. وطلب شخصٌ يرتدي ملابسَ شديدةَ الأناقة، كانت ملامحُ وجهه تُشير إلى انتمائه إلى عائلةٍ مقتصِدة وحذرة وغنيَّة، من كينيون عقْدَ حوارٍ خاصٍّ معه. لقد قال إنه يعمل لصالح «فاينانشال فيلد»، الصحيفة اللندنية الشهيرة، التي يقرؤها كلُّ مستثمرٍ في حي السيتي وفي كل أنحاء البلاد. وكل ما أراده هو الحصول على بعض تفاصيل المنجم.
هل تأسسَت الشركة؟
لا، لم تُؤسَّس بعد.
متى تنوون طرْحَ أسهمها للاكتتاب العام؟
لم يستطِع كينيون الإجابةَ عن هذا.
ما الشيء الذي يُميز المنجم ويجعل المستثمرين يُقبلون عليه؟
رد كينيون بأن التفاصيل الكاملة سيجدها في الورقة المطبوعة التي أعطاها له، وبوافر الشكر، وضعَ الصحفي الورقة في جيبه.
كيف كان الوضعُ الماليُّ للمنجم في السنوات الماضية؟
لقد حقَّق أرباحًا قليلة.
على أيِّ سعر؟
لم يكن كينيون مستعدًّا للرد على هذا.
منذ متى بدأ العمل فيه؟
منذ عدة سنوات.
هل طُرِح من قبلُ للبيع في سوق لندن؟
لم يكن كينيون متأكدًا من الرد.
مَن في الوقتِ الحاليِّ مهتمٌّ بأمر المنجم؟
لم يهتمَّ السيد كينيون بالرد على هذا، وقال، فيما يتعلق بالدعاية للمشروع، إنه ليس مستعدًّا بعدُ للقيام بأي ترويج. رد ضيفه، الذي كتب تلك الملاحظات، إنَّ هدفه لم يكن الحصولَ على إعلان لصحيفته، ولكن الحصول على معلومات عن المنجم. ويمكن للناس القيامُ بالإعلان في صحيفته أو لا، بحسَب اختيارهم. إن الصحيفة كانت وسيلةَ إعلام معروفًا عنها أنها تستطيع الوصولَ إلى المستثمرين لدرجةِ أن الجميع يعلمون أن أعمالهم سيُروَّج لها فيها بطبيعة الحال؛ لذا فهم لا يُعينون مندوبي إعلاناتٍ ولا يسعَوْن للحصول على إعلانات.
قال الصحفي، بينما كان يستعدُّ للرحيل: «الاحتمال الأكبر أن مدير تحريرنا سيكتب مقالًا عن هذا المنجم، وحتى لا يكون هناك أيُّ عدم دقة، سأُحضره إليك لتقرأه، وسوف أكون ممتنًّا لو صححتَ أي أخطاء قد تَرِد به.»
رد كينيون، بينما كان مندوبُ صحيفة «فاينانشال فيلد» يرحل: «سيُسعدني فعلُ ذلك.»
كان رجال الصِّحافة من الصعب إلى حدٍّ كبير إرضاؤهم والتخلصُ منهم، لكن جون استقبَل زائرًا في عصر اليوم التالي كاد يجعل عقلَه يطير منه. نظر كينيون من مكتبه بينما كان الباب يُفتَح، ودُهش عندما رأى الوجه المبتسِم لإديث لونجوورث، وقد كانت وراءها السيدة العجوز التي كانت تستقلُّ العربة عندما ركب فيها واتجه إلى الغرب.
«أنت لم تتوقع رؤيتي هنا وسطَ المستثمرين الذين يحضرون لزيارتك، يا سيد كينيون، أليس كذلك؟»
مد كينيون يده ليُسلم عليها وقال:
«أنا مسرور جدًّا بالفعل لرؤيتكِ، سواءٌ جئتِ كمستثمرة أم لا.»
قالت وهي تتفحص المكان: «هذا إذن مكتبك الجديد، أليس كذلك؟ كيف ازدهرَت أحوالك؟ إن هذا المقر فخمٌ للغاية مثل مقرات شركات حي السيتي الأخرى.»
قال جون: «نعم، إنه فخمٌ للغاية بحيث لا يُلائمني.»
«أوه، أنا لا أرى سببًا لعدم امتلاكك لمقرٍّ فخم مثل أي شخص آخر. لقد ذهبتُ لمقر شركة أبي، بالطبع. لكنَّ مقرَّ شركته ليس فخمًا مثل هذا المكان.»
«أعتقد أن هذا يُساعد في توضيح سخافة مقرِّنا. إن مقر شركة أبيكِ قديم، وهذا يُعطي عنا انطباعًا بأننا مُحدَثو نعمة، ويجب أن أعترف أنني لا أُفضله، خاصة أننا لم نُصبح أغنياءَ بعد.»
«إذن، لماذا وافقت على استئجار هذا المقر؟ أعتقد أنك قد أُخذ رأيُك في هذا؟»
«بالكاد، يجب أن أعترف. لقد استُؤجِر بينما كنتُ في الشمال، وبعد استئجاره، بالطبع، لم أُرِد قول أي شيء ضده.»
«حسنًا، وكيف حال مشروع المنجم؟ أنت لم تتحدث إليَّ بعدُ بشأن عَرضِي، الذي أعتقد أنه جيد للغاية.»
رد كينيون: «أنا لم أحتَجْ إلى فعل هذا.»
«آه، إذن، لقد بدأ المستثمرون يتوافدون، أليس كذلك؟ أين القائمة الخاصة بهم؟»
«ليست هناك قائمةٌ بعد. إننا بانتظار ابن عمك، الذي سافر إلى الشمال.»
قالت إديث، وهي فاغرة العينين: «إلى الشمال!» ثم أردفت: «إنه ليس في الشمال؛ إنه في باريس، ونتوقع عودته الليلة.»
«أوه، بالفعل!» هكذا قال جون، دون أن يُعلِّق أكثر.
«والآن، أين قائمة المستثمرين الخاصة بكم؟ أوه، لقد قلتَ لي إنكم ليس لديكم واحدةٌ بعد. رائع جدًّا؛ تلك الورقة ستفي بالأمر.» رسمت الفتاة بعضَ الخطوط على الورقة، وعنونتها ﺑ «منجم الميكا الكندي». ثم كتبَت تحت العنوان اسم إديث لونجوورث وبعد ذلك كتبَت «بمبلغ عشَرة آلاف جنيه». وقالت: «انظر! أنا أولُ مساهمة في الشركة الجديدة؛ إن استطعتَ الحصول على الباقين بنفس هذه السهولة، فستكون محظوظًا للغاية.»
وقبل أن يتمكَّن جون من شكرها، التفتت على نحوٍ ضاحك إلى رفيقتها، وقالت:
«يجب أن نرحل.»