الفصل العشرون
حوادث القسطنطينية
فيما كانت هذه الحوادث التي نصِفها تجري في مصر كانت القسطنطينية تشهد من الغير أجلها.
ولقد أشرنا من قبلُ إشارةً موجزة
إلى موت هرقل، وقلنا إنه حدث في آخر أيام حصار بابليون، وقد كان منذ وداعه المُحزن لبلاد
الشام في سنة ٦٣٦ يُقيم في عزلة
في مدينة «خلقيدونية»، وجعل يسترجع قوة عقله شيئًا فشيئًا بعد أن كان قد مسَّه شيء من
الخبل من قبل، حتى لقد استطاع أن
يُعالج أمور دولته في أوروبا ويحل مشكلاتها، مُبديًا في ذلك شيئًا مما عُهد فيه من الكياسة
وأصالة الرأي في أمور السياسة،
ولكن جسمه كان قد اعتل، وزاد في سقمه وآلام دائه ما كان ينتاب الدولةَ من المصائب والنكبات
تلي إحداها الأخرى؛ فمصائب في
الشام تليها نكبات في مصر، ورأى الدولة وقد فقدت بيت المقدس ثم أنطاكية وقيصرية، ثم نزعت
كل بلاد الشام عنها وأخذها العدو؛
فأحبَّ أن يُخلِّص مصر من ذلك العدو لِما يعرفه من عِظم شأنها في دولته. وكانت الحرب
الطاحنة التي استمرَّت طوال السنين قد
استنزفت أموال الدولة ورجالها، ولكنه كان لا يزال يستطيع أن يبعث من جيوشه وخزائنه المُنتقصة
أمدادًا كبيرة للدفاع عن
النيل. ويقول مؤرخو العرب إنه كان عازمًا على قيادة تلك الجيوش بنفسه،
١ غير أنهم إذ يقولون ذلك لا يذكرون أن غزو مصر لم يقع إلا قبل موته بسنةٍ تزيد قليلًا،
وأنه كان عند ذلك صريعًا
لدائه الذي قضى عليه، وقد سلبه السقام قوَّته ونشاطه، إذا لم تقل إنه قد سلبه القدرة
على الحركة ذاتها، ثم مات الإمبراطور
في يوم الأحد الحادي عشر من فبراير من سنة
٢ ٦٤١ بعد أن حكم إحدى وثلاثين سنة، وكان عمره إذ ذاك ستة وستين عامًا، وكانت وفاته قبل
فتح حصن بابليون
بشهرين.
وهكذا خُتمت تقلباتٌ عجيبة الحوادث في حياةٍ عظيمة، وكان هرقل يقصد في حياته قصدًا،
وذلك أن يُعيد بناء ما تهدَّم من
الدولة الشرقية، وكان لا أمل في نجاحه عندما ابتدأ ذلك العمل، غير أنه أتمَّه أو خُيِّل
إلى الناس أنه أتمَّه، وكان إتمامه
إحدى العجائب التي قد تبلغ حد الإعجاز، ولكن فشله ابتدأ حيث كان انتصاره؛ فإن البناء
الذي أقامه لم يكن مُتماسك الأجزاء،
وكانت جريرته فيه أنه أخطأ وضل، فحل ما كان يجدر به عقده، وقطع ما كان يجب عليه أن يصله
من أواصر التعامل والاشتراك بين
الناس في حياتهم ومن روابط الدين. وكانت تلك لعمري روابط كفيلة بأن تجمع الناس وتُوحد
كلمتهم، لو أحسن الحاكم وتسامح في
حكمه وأباح للناس ما يشاءون من أمور دينهم. وإن من أعجب ما اتفق وقوعه في التاريخ أن
يقع خطأ هرقل في سياسته في الوقت الذي
قامت فيه دعوة الإسلام الجديد في مَجاهل بلاد العرب، ولكن هكذا جرت مشيئة الله في قدره
وقضائه في العالم، وعاش هرقل حتى
تبدَّى له خطؤه الذي قارفه، أو لقد استطالت به الأيام كي يندب سوء حظه الذي أفسد عليه
أعماله وأحاط بثمارها. وقد كان في
أمور الدين يسير على ما تعارف عليه الناس في زمنه، وكان في ذلك سوء حظه؛ إذ لم يرتفع
فوق ذلك، ولم يبتدع في سياسة الدين
خطةً جديدة تصلح لعصره وما جدَّ فيه من الأحوال. وإنه لجدير بنا ألا نلومه، بل نرحمه
ونعطف عليه لِما لحق به من الفشل،
وحسبُه ما لا بد قد لاقاه من غصة الندم فوق ما كان به من ألم الداء في آخر أيامه. وقد
عهد قبل أن يموت بما يئول إليه الأمر
بعده، فجعل ابنه قسطنطين يُقسِم الأيمان على أن يعفو عمن كانوا في السجن والنفي، وأن
يرجع كل طريد طرده.
٣ ودُفن الإمبراطور في كنيسة «الرسل المقدَّسين»، وبقي قبره مفتوحًا ثلاثة أيام، وقد جعل
مع جثمانه تاجه الذهبي،
فنزعه قسطنطين عنه، ثم أعاده إليه هرقل الثاني ووهبه للكنيسة.
٤
ولي الأمرَ بعد هرقل بعهد منه ولداه: قسطنطين ولد زوجه «أودوقية»، وهرقل ابن زوجه
الأخرى مرتينه. وجُعلت الإمبراطورة
شريكة لهما، ولكن ذلك الاشتراك لم يكن مما يتيسر الحكم معه، وما كانت الإمبراطورة مرتينه
لترضى بمثل هذا الاشتراك في الحكم
وهي من هي؛ ذات العزم القاطع التي حكمت الدولة لا يكاد يُشاركها أحد في أواخر أيام زوجها.
وكان قسطنطين أكبر الأخوين
وآثرهما عند الناس، وكان من حزبه خازن الدولة «فلاجريوس» و«فلنتين» الذي جُعل عند ذلك
قائدًا، وبُعث ليكون قائد الجند في
آسيا الصغرى؛
٥ وعلى ذلك لم توفَّق مرتينه في سعيها في أمر ولدها هرقل، أو «هرقلوناس» كما كانوا يُسمُّونه
تمييزًا له، بل
وجدت في سعيها ذاك مقاومةً شديدة. وكان البطريق سرجيوس قد سبق الإمبراطور إلى أجله، واختير
لولاية أمر الدين بعده راهبٌ
اسمه «بيروس». ويلوح لنا أنه كان في أول أمره مع قسطنطين مُمالئًا على مرتينه، فبايَع
لقسطنطين بالملك ولم يُشرك معه
مرتينه ولا أحدًا من أولادها.
٦ ولكن داود و«مارينوس» عملا على اختطاف «بيروس»، وحملاه سرًّا إلى جزيرة في غرب أفريقيا.
٧
وقد قام قسطنطين بإنفاذ أمر أبيه، فأرسل أسطولًا عظيمًا ليُعيد «قيرس» من منفاه.
٨ وكان يود الاجتماع به كيما يستشيره في أمر مصر، وكانت مرتينه تُلحُّ في إرجاعه؛ إذ كانت
عالمة بما ينطوي عليه
قلبه من الولاء لها والمُواتاة في مقاصدها وأمانيها. ولا نعرف عن يقينٍ متى كان اجتماع
قسطنطين ﺑ «قيرس»، ولا ما انتهى
إليه أمر ذلك الاجتماع؛ لأننا لا نعرف أين كان منفاه، ولا المدة التي استغرقها رجوعه
من ذلك المنفى إلى عاصمة الدولة. وقد
دُعي كذلك «تيودور» من مصر لكي يُشير على الإمبراطور بما يراه، واستخلف «أنستاسيوس»
٩ على حكم الإسكندرية ومدائن الساحل التي لم يفتحها المسلمون إلى ذلك الوقت. وكان من رأي
«تيودور» ألا يدخل
الروم في أي صلح مع العرب. ومهما يكن من رأي «قيرس» ومشورته في ذلك الأمر، فقد استطاع
تيودور أن يحمل الإمبراطور على أن
يعِد بإرسال أمداد كبيرة إلى مصر في أثناء فصل الصيف، ثم أمر الملك بتجهيز السفن لنقل
الجنود. وما كاد كل ذلك يُعَد حتى
مرض قسطنطين مرضًا مُخطرًا، وكان منذ ولي الملك يضعف جسمه ويعتل، ثم مات في الخامس والعشرين
من شهر مايو من سنة ٦٤١ بعد أن
حكم مائة يوم. ولا نعرف هل مات الموت المُعتاد أم قد فُتك به غدرًا على يد الإمبراطورة
مرتينه، وإن تهمة الفتك به لتتردَّد
في أخبار ذلك العصر،
١٠ وقد جهر بها ابنه قنسطانز فاتَّهم الإمبراطورة مُعلنًا.
أما مرتينه فقد اتخذت موت قسطنطين ذريعةً توسَّلت بها إلى المُبايعة لابنها «هرقلوناس»
بملك الدولة، وأرادت أن تتملق
الناس فأنفذت تُعيد البطريق «بيروس» من منفاه، ولكن ذلك النصر الذي صادفته أثار في قلوب
الناس حقدًا لم يلبث أن أشعل نار
العصيان. فما سمع «فلنتين» بما حدث من موت قسطنطين وما تبعه من عزل «فلاجريوس» حتى جاء
بجيشه إلى «خلقيدونية»، وكانت
مرتينه هناك، وطلب إليها إرجاع «فلاجريوس». وقد لقي مساعدة على طلبه ومُواتاة من جند
الإمبراطورة، ثم رضي به هرقلوناس
وأقرَّه في خطابٍ ألقاه. غير أن فلنتين لم يقنع بما أصاب من النصر، بل عبَر المَضيق مع
«دومنتيانوس»، وصحبهما جماعة من
أعيان الدولة حتى بلغوا العاصمة، فبايعوا لابن قسطنطين وهو «قنسطانز» الثاني، وجعلوه
شريكًا ﻟ «هرقلوناس»
١١ في الحكم.
ويلوح لنا أن هرقلوناس كان قبل تلك الثورة التي ثارها «فلنتين» قد أعدَّ العُدة لإرجاع
«قيرس» إلى حكم الإسكندرية،
ولا بد أن المبايعة لقنسطانز كانت في أوائل سبتمبر من سنة ٦٤١،
١٢ وذلك بعد أن سافر قيرس في وجهه إلى مصر. وكانت مع قيرس طائفةٌ كبيرة من القسوس، ولم
ينقص شيئًا من سلطانه
الدنيوي، بل أباح له الإمبراطور أن يُصالح العرب، وأن يقضي على كل قتال بعد ذلك في البلاد،
وأن يعمل على إقرار الأمر فيها
وإدارة شئونها. وإنا لنلمح من ثنايا ما تقدَّم به الإمبراطور إليه أنه كان لا يزال يُساوره
الأمل في أنه يستطيع الإبقاء
على سلطان الدولة في مصر، ولكنه من غير شك قد حمل الإمبراطور وهو غريرٌ لا رأي له على
الإذعان للعرب والتسليم لهم، كما حمل
على رأيه هذا مجلس الشيوخ المُستضعف ورجال البلاط، وهم من أهل العجز والخور. ولا ندري
أكان في ذلك يصدُر عن نيةٍ طاهرة أم
كان يرمي عن مكر وخديعة. ومن الجلي فوق ذلك أنه استمال الإمبراطورة مرتينه إلى رأيه الضعيف،
لا سيَّما وقد كان أنصارها ممن
يرَون مُصالحة العرب مهما كلَّفهم الأمر، وكانت هي أبدًا في سياستها ترمي إلى التسليم
والإذعان، وذلك رأي قيرس الذي ظل
يُجاهر به في كل حين.
أما ما كان يجول في قرارة نفس ذلك البطريق من مختلف النزعات، فأمرٌ لا يصل إليه الحدس
ولا يبلغه التصور؛ فقد أظهر الجبن
والضعف إذا لم يكن قد أظهر الخيانة منذ أشهرٍ عدة، قبل أن ينقسم الناس ويتفرقوا شيعًا
في أمر ولاية الملك بعد قسطنطين؛ ذلك
التفرق الذي كاد يبلغ حد الحرب الأهلية. فماذا كان الدافع له على الفرار من ميدان أعماله،
وإن شئت قلت الهروب من جرائر
سعيه؛ فقد قضى عشر سنين وهو يعسف بقبط مصر حتى بدا منهم ما يُشبِه الإذعان، ولكنه كان
يعرف أنهم لن يلبثوا أن يعودوا إلى
عقيدتهم إذا ما رفع عنهم وطأته. فهل كان قد أدرك عند ذلك أن سياسته في العسف والاضطهاد
كانت جناية لم تلقَ نجاحًا؟ إنه لا
شيء أبعد عن الحقيقة من تصوُّر هذا. وإنه لأقرب إلى الحقيقة أن نقول إنه قد أيِس من أمر
الدولة في مصر منذ رأى ما حل ببلاد
الشام، ومنذ بلغ به اليأس ذلك المبلغ عزم على أن يسعى لكي يُباح مذهبه الديني في مصر.
لا، بل سعى إلى أكثر من ذلك؛ فقد طمع
في أن يُثيبه المسلمون على مساعدته لهم بأن يبسطوا يده على الكنيسة القبطية في مصر، ويكون
عند ذلك مالكًا للأمر ليس لأحد
في القسطنطينية سلطان عليه.
إذن كان «قيرس» يريد أن يزيد في سلطانه الديني بالإسكندرية، ويُقيمه على أطلال الدولة
بعد خرابها. ولسنا نجد رأيًا آخر
أكثر مُلاءمة لِما بدا منه؛ فهو خير رأي نستطيع به أن نُدرك ما كان بينه وبين عمرو من
صلاتٍ خفية، وما قارَفه من خيانة
دولته الرومانية. فلنصِفْه بأنه خائن للدولة في سبيل ما توهَّمه صلاحًا للكنيسة.
وقد قنع بأن يتبع خطوات الإمبراطورة أو أن يُشير عليها برأيه، وخالف أمر دينه وهو
يحظر أن يلي الملك من وُلدوا من زواجٍ
غير مُباح. والدليل واضح على أن قيرس عاد إلى مصر ومعه جيش قد أُعِد
ليكون إمدادًا لجند مصر يُساعدهم على قتال العرب إذا لم يُسفر الأمر عن صلح معهم. ولعل
ذلك الجيش قد أُرسلَ معه ليكون قوة
لحزب الإمبراطورة بين جند مصر. وأُرسلَ معه قائدٌ جديد لمسلحة الشرطة اسمه قسطنطين ليحلَّ
محلَّ القائد المعزول «حنا».
وأما «تيودور» فإنه بين أحد أمرين: إما أن يكون قد حل في الوقت عينه إلى مصر، وإما أن
يكون قد ذهب إلى جزيرة «رودس» عند
مَقدم «قيرس»، وأقام بها حتى يُوافيه الجيش فيلحق به. وكانت الإمبراطورة «مرتينه» بتلك
الجزيرة كذلك، ولا ندري علة مُقامها
فيها؛ أكان ذلك هربًا من وثبة «فلنتين» وظهور أمر ثورته، أم كان عن ذعرٍ أصابها عندما
علمت بمبايعة «قنسطانز»؟ ولعلها
أرادت أن تجتمع ﺑ «قيرس» و«تيودور» كي يُشيرا عليها بما يرَيانه فيما جدَّ من الحوادث.
وعلى أي حال فقد كانت قمينةً أن
يقلق بالها لما كان حولها من اختلال الأمور في العاصمة، واختلاف الكلمة واضطراب الأحوال
بين رجال الحاشية.
وقد كان فلنتين في كيده وغدره عِدلًا ﻟ «قيرس»، لا يتورع في وسيلة ولا يقف عند حد.
وكان قد سبر قلوب الجند وفحص عمَّا
للإمبراطورة فيها، فألفى أن الكثيرين لا يحملون لها إلا نفاقًا ورياءً، وأن حبها والإخلاص
لها لم يتغلغل في نفوسهم، ووضع
يده في خزائن «فلاجريوس» فأنفقها في العطاء لجند مصر ليستميله إليه، وأوقع بينهم الفُرقة
والعداوة، فجعلوا بأسهم بينهم
وكفُّوا عن قتال المسلمين. فكانت الحرب الأهلية على ذلك قد اشتعل لهيبها، ولم تكن بحرب
بين القبط والروم،
١٣ بل بين طائفتين من جيش الدولة. وكان «تيودور» ذا شأنٍ عظيم في عين الثائرين، وكان لا
بد لهم أن يستوثقوا من
أنه معهم، وأنه لن يُعين الإمبراطورة، ولم يكن ثَمة شيءٌ يستحيل في مثل تلك الحال المُضطربة
وما فيها من مكائد ومكر. وكان
«تيودور» يُخفي في نفسه آمالًا يتمنى أن يُحققها، فجاءته في «رودس» رسالة في السر بعث
بها إليه «فلنتين» يحضُّه على أن
يخذل الإمبراطورة وينقض ما عقد لها من ولائه، وعلم أن «فلنتين» قد بعث بمثلها إلى «بنطابوليس»
وإلى سائر بلاد الدولة، ورأى
أن يد الكيد تعمل في التفريق بين الجنود الذين جاءوا إلى مصر مع «قيرس»، فأعمل الفكر
في أمره حتى استقرَّ به على أن يقطع
اتصاله بالإمبراطورة ويرحل خفيةً إلى «بنطابوليس». ولسنا ندري ما الذي دفعه إلى هذا العزم؛
فقد يكون أراد الاعتزال
والابتعاد عن العواصف المُقبِلة، وقد يكون أراد التشبه بهرقل في المُخاطرة بنفسه في سبيل
التاج، فيُقيم دولةً جديدة في
قرطاجنة، وقد يكون اعتزم أن يستجمَّ القوة ويجمع المال، ويقف بالمرصاد لِما تنجلي عنه
الحوادث؛ فمنذ كره أن يُذعن للمسلمين
أراد أن يستعدَّ بجيشٍ يهبط به عليهم من قرطاجنة. وكان تدبيره أن ينفصل في ظلام الليل
عن الأسطول الذي مع «قيرس»، ولم يعلم
بذلك إلا ربَّان السفينة التي كان فيها. والظاهر أن ذلك الربَّان وعده بإنفاذ ما أراد
ثم ندم على وعده، وادَّعى أن الريح
تصدُّ السفينة عن المُضي في تجاه بنطابوليس؛ ففشل تدبير «تيودور»، ورأى نفسه مع سائر
السفن مُصاحبًا ﻟ «قيرس»
١٤ في ميناء الإسكندرية قبل أن يطلع نهار «يوم الصليب المقدس»، وذلك في الرابع عشر من سبتمبر
من سنة ٦٤١.