الفصل الثالث والعشرون
انقضاء حكم الروم بمصر
كانت بلاد الصعيد قد تم فتحها، ولا سيَّما إلى حدود إقليم «طيبة» قبل أن تخبو نيران
الحرب في بلاد مصر السفلى بزمنٍ
طويل، وكان فتح الصعيد على يد سَرية أميرُها خارجة بن حذافة، وأُخرجَ الروم من بلاد وادي
النيل (الصعيد) في عام ٦٤١ حتى لم
يبقَ منهم فيه إلا قليل، وكان من بقي منهم ضئيل العدد خائر الهمة، لا يرزءون المسلمين
شيئًا، ولا يُنازعونهم السلطان، فلا
تذكر الأخبار شيئًا من القتال في هذا الإقليم بعد ذلك. ولنا أن نقول إن بلاد الصعيد أذعنت
للعرب بغير قتال بعد فتح
الإسكندرية.
ولكن التاريخ يذكر شيئًا من أخبار الإسكندرية في المدة الباقية من الهدنة، وإنا مُورِدوه
هنا. قد رأينا أن المدينة قد
ازدحمت بمن لجأ إليها من جميع أنحاء مصر، وقد جلوا عنها عند مقدم العرب إليهم. فلما عُقِد
الصلح كان من شروطه أن جنود
الروم ومن حل بالإسكندرية من الرومان لهم الخيار إذا شاءوا جلوا عنها بحرًا وبرًّا، وأما
القبط فلم يُذكروا فيه بشيء. فلما
رأى اللاجئون بالإسكندرية أن السفن تحمل كل يوم طوائف من الناس إلى قبرص ورودس وبيزنطة
قلِقوا وحنُّوا للرجوع إلى قُراهم،
فذهبوا إلى قيرس وطلبوا إليه أن يُكلم لهم عمرًا في ذلك، وكانوا يعرفون صلته الوثيقة
بقائد العرب، ولكن الظاهر أن عمرًا لم
يُبِح لهم الجلاء. ولا عجب في أن يخيب سعي البطريق في هذا الأمر إذا عرفنا أن طلبه هذا
كان قبل شهر مارس؛ إذ كانت الحرب لا
تزال ثائرة في بعض قُرى مصر السفلى. وكان أكثر اللائذين من مصر السفلى؛ فلو أبيح لهم
الرجوع إلى قُراهم لمَا أمِن أن
يُقاتلوا جنود المسلمين بأنفسهم، أو أن يمدُّوا المدائن التي كانت لا تزال مُصرَّة على
القتال ولم يفتحها المسلمون
بعد.
غير أن قيرس آلمه ألا يُجيبه عمرو إلى طلبه، وكان ألمه من ذلك شديدًا؛ فقد كان يطمع
أن يستميل إليه القبط، ولعله كان
يرمي من وراء ذلك إلى أن يُنسيهم شيئًا من حقدهم عليه؛ فكان هذا الرفض الذي رفضه عمرو
لطلبه ضربةً شديدة أصابت سياسته في
هذا الشأن.
والظاهر أنه يئس قبل ذلك أن يحتفظ بنفوذه عليهم، ذلك الذي أراد أن يُقيمه بالاتفاق
مع المسلمين ومعاونتهم، فامتلأ قلب
المقوقس عند ذلك بالخوف وتوقع المصائب، وكان ذلك يزداد به كلما دنا أجل سلطان الروم في
مصر. وكانت الأخبار التي ترِد من
القسطنطينية لا تُبشِّره بخير؛ فقد آل أمر مرتينه وابنها إلى زوال؛ إذ نُحِّيا عن الحكم
أو قُتلا، وبُويِع لقنسطانز وحده
بالملك في آخر نوفمبر من سنة ٦٤١، ونُفي «بيروس» وكان صديقًا لقيرس، ويظهر أن قيرس هو
الذي استماله إلى جانب مرتينه
وحزبها، وأعيد «فلاجريوس» من منفاه، وكان عدوًّا شديد العداوة ﻟ «قيرس». وحاول «فلنتين»
أن يثور ثورةً
١ جديدة، ولكنه أخفق؛ إذ لم يُواته الناس، وأظهروا له الكراهة، ثم قُبض عليه وجيء به إلى
الإمبراطور «قنسطانز»
ليُحاكَم على أنه خرج على الدولة وسعى إلى غصب التاج. غير أنه أقسم أغلظ الأيمان على
أنه لم يقصد إلى ذلك، وأنه إنما كان
يُجهز جيشًا يُحارب به المسلمين. فقبِل الملك اعتذاره، وأعاده إلى ما كان عليه، وتزوَّج
من ابنته. فأراد «فلنتين» أن يُظهر
صِدق نيته في الإخلاص للملك، فجعل يُوقع إيقاعًا بكل من يظنُّه مُواليًا ﻟ «مرتينه» و«بيروس»،
وكان من هؤلاء «أركاديوس»
كبير أساقفة قبرص؛ فإن فلنتين اتَّهمه بالخيانة، وأنفذ جماعة من الجند للقبض عليه. فحال
الموت دون ذلك؛ إذ مات «أركاديوس»
فنجا من أيديهم.
ولكن ذلك الحادث كشف لقيرس عن الخطر المُحدِق به؛ فقد كان «أركاديوس» رجلًا لا
تشوبه شائبة، قضى حياة في عيش القديسين، ومع ذلك كان على وشك أن يؤتى به إلى القسطنطينية
ليُحاكَم كما يُحاكَم أهل الريب،
فما بالنا بقيرس؟ وماذا عساه يفعل إذا هو أوخذ واتُّهم بمثل تلك التهمة؛ تهمة الخيانة؟
وقد اشتهر عنه اتصاله بمرتينه
و«بيروس»، وكان الناس يعرفون ما اقترف من السعي في ضياع مصر، وكانت حاشية الملك وحزبها
قد أدركوا عند ذلك أن ضياع مصر لم
يكن من الهنات الهيِّنات؛ فأخذ منهم الغيظ مأخذه، وحقدوا على من جرَّ على الدولة ذلك
الشرَّ الوبيل، وما لطَّخ به شرفها من
العار والخزي.
لا عَجب إذا كان «قيرس» قد استولى عليه الهم وغرق في الحزن؛ إذ جاءت إليه الأخبار
تترى من القسطنطينية بما كان من تلك
الأمور، واجتمعت عليه المخاوف، فخشي على نفسه أن يأمر الإمبراطور بنفيه أو بقتله، وكان
أمره إلى ذلك الحين نافذًا في
الإسكندرية، ثم رأى نفسه وقد عجز عن محو أثر اضطهاده من نفوس القبط واستمالتهم إليه،
ورأى أن الناس قد أنكروا سياسته للدين
إنكارًا لا أمل معه في عودة الرضا عنه، ورأى سياسته في أمور الدنيا وقد أصابها العار
من وراء انتصاره فيها؛ فأثقل كل ذلك
نفسه، وأسقم جسمه، وألقى كل أطماعه وآماله وكأنها أحلامٌ تبدَّدت، وأصبح لا يأمن حتى
على حياته نفسها. وكان كلما رأى
الحلقات تتضايق حوله وتُساور الهموم حياته، صحا إلى ما كان من أمره، وذكر ما قارف من
الذنوب وما أصابه من الفشل والخذلان،
فكان قلبه يؤنبه، وندم على تفريطه في أمر مصر، وبكى على تضييعه لها بالدمع السخين.
٢ وظلَّت الأكدار تغمره والهموم تُحيط به حتى أصابه داء «الدوسنطاريا» في يوم «أحد السعف»،
ومات منه في يوم
الخميس الذي بعده في الحادي والعشرين من مارس من سنة ٦٤٢.
ومن الواضح أن وفاته كانت وفاةً طبيعية، وأن الموت قد عجِل إليه لما أصابه من شقاء
الهوان ومَذلة العار. وقد ذكر حنا
النقيوسي وفاته في موضعين؛ فقال في الأول إنه «أثقلته الهموم، فمرض بالدوسنطاريا ومات
منها»، وقال في الثاني إنه «بكى
بدمعٍ لا ينقطع خوفًا من أن يُصيبه ما أصابه من قبل، وذلك هو النفي، وفيما كان غريقًا
في حزنه مات كما جرت به سُنة العالم».
٣ ولكنه في موضع منهما يُوصف بأنه حزنٌ لما أصاب مصر وما وقع بأهلها من ظلم العرب، وفي
الموضع الآخر يُوصف بأن
أكثر ما أصابه من الحزن كان لرفض العرب شفاعته في أمر المصريين. وليس من سببٍ يحملنا
على أن نشكَّ في شيء مما جاء في هذا
الوصف لآخرته، على أنه قد تخلَّفت روايةٌ قبطية يرجع عهدها إلى أيام ساويرس،
٤ وهي تصف موته وصفًا آخر، فتقول: «إن عمرًا لما أخذ الإسكندرية واستقرَّ الأمر على يدَيه
في المدينة خاف الحاكم
أن يقتله عمرو، وكان ذلك الحاكم رجلًا سيئ الظن يلي أمر الدنيا والدين معًا في المدينة.
فلما بلغ منه الخوف جعل في فمه
خاتمًا مسمومًا فمات من ساعته.» على أننا نعرف أن المقوقس لم يخشَ عمرًا خشيته من الإمبراطور،
ولكن القصة أظهرت في سياقٍ
عجيب وتأليفٍ بديعٍ أنه كان يخاف خوفًا شديدًا، وأن ذلك عجَّل بموته. بقي شيءٌ آخر مما
له اتصال بقصة موت قيرس، ويجدر بنا
ذكره؛ فقد رأينا أن عمرو بن العاص كان يشتدُّ في وقت الفتح
٥ شدةً عظيمة في معاملة المصريين؛ ولهذا نجد المؤرخ القبطي يذكره كلما ذكره بالتقبيح والاستهجان
على ما أثقل به
قومه من الأحمال؛ ولهذا فإنه عند وصف الأيام الأخيرة من حياة البطريق نراه يقول إن «عمرًا
لم تكن في قلبه رحمة بالمصريين،
ولم يرعَ العهد الذي عقده معهم؛ إذ كان رجلًا من الهمج.»
٦ ونراه في موضعٍ آخر
٧ يصف ما وقع وصفًا مفصَّلًا، فيحكي قصة رجل اسمه «ميناس» كان هرقل اختاره حاكمًا لمصر
السفلى فأقرَّه العرب في
مكانه، وكان رجلًا غِرًّا جاهلًا يكره المصريين كرهًا شديدًا. ويذكر رجلًا آخر اسمُه
«سنودة» أو «سنيوتيوس»، أقرَّه العرب
على حكم الريف، و«فيلوخينوس»
٨ أقرُّوه على حكم «أركاديا» وهي الفيوم. ويصف المؤرخ القبطي هؤلاء الثلاثة بأنهم كانوا
يكرهون المسيحيين،
ويُوالون أعداءهم، ويُثقلون كاهلهم بالأحمال الباهظة. وكان القبط يُكرهون على أن يحملوا
للعرب مئونةً لدوابِّهم وطعامًا
لأنفسهم كثيرًا من اللبن والعسل والفاكهة والخضر وسوى ذلك من الأشياء، فوق ما كانوا يؤدونه
من الطعام المُعتاد، وهو
الضريبة التي كانوا يأخذونها من ثمار الأرض، وكان القبط يؤدُّون كل ذلك تحت ظل خوف لا
اطمئنان معه.
وهذا الوصف له شأنٌ كبير من وجهين؛ الأول: أن هؤلاء الحكام الثلاثة الذين سمَّاهم
المؤرخ كانوا أكبر حكام مصر بعد حاكم
الإسكندرية، وكانوا من الروم الملكانيين أتباع قيرس، ولم يكن بهم عطف على القبط لا في
دينهم ولا في دنياهم. وهذا يدل على
أن الذين دخلوا في الإسلام لم يكونوا كلهم من القبط؛ فإن بعض من أسلم من كبراء القوم
كانوا من الروم. وإنا نكاد يُداخلنا
الشك في أمر المقوقس، وأنه قد فعل ما فعل إذ كان يؤمن سرًّا بدين الإسلام. وأما الوجه
الثاني: فإنه قد ثبت أن عمرو بن
العاص كان يُعامل المصريين قبل فتح الإسكندرية وبعدها أشد المعاملة. وإذا كان الأمر كذلك
فكيف يمكن أن يُردِّد قومٌ تلك
الكلمة القديمة الشوهاء، وهي أن القبط رحَّبوا بالعرب وفتحوا لهم ذراعَيهم؟ فإن قول حنا
النقيوسي في هذا الصدد يكفي وحده
لهدم هذا الرأي وإظهار فساده. أما مُتأخرو المؤرخين من العرب، وهم الذين يأخذون بهذا
الرأي، فبَيْن أمرين: إما أن يكونوا
على خطأ فيما ذهبوا إليه، وإما أن يكون في وصفهم لعمرو تهمةٌ شنيعة؛ إذ يجعلونه مُرتكبًا
لأعظم الجحود ومُجازاة الإحسان
بأشنع الإساءة، وكلما أنعم الإنسان النظر في تاريخ هذا العصر، وجد أن قيرس لم يكن وحده
الخائن الذي أوقع بالدولة
الرومانية، وحسبنا دليلًا على ذلك ما كان من هؤلاء الحكام الثلاثة الذين سارعوا إلى افتداء
دنياهم وسلطانهم بأن نزلوا عن
دينهم، وجعلوا ولاءهم للإسلام ودولته، وانقلبوا على القبط بما صار في يدهم من السلطان
الجديد يؤذونهم في دينهم ودنياهم؛
فالحق الذي لا مراء فيه أن الروم كان فيهم الكثيرون ممن يكيدون لدولتهم، وأن الكائدين
كانوا من ناحيةٍ يُوقعون بالقبط، ومن
ناحيةٍ أخرى يُوالون العرب ويُعِينونهم.
لم يبقَ بعد ما ذكرنا إلا قليلٌ من القول في وصف الشهور الستة التي مرَّت على الإسكندرية
بين موت قيرس وبين دخول جنود
العرب فيها؛ فإننا لا نعرف شيئًا أكيدًا من حوادث هذه المدة إلا اختيار خلَف للمقوقس
بطريقًا للمذهب الملكاني، ولم يحدث
ذلك إلا بعد أن مضى نيف وثلاثة أشهر على موت المقوقس؛ ففي الرابع عشر من شهر يوليو
٩ في عيد القديس «تيودور»، ألبس الشمَّاس بطرس لباس البطرقة، وجلس على العرش الذي خلا
من آخر بطارقة الإسكندرية
تحت حكم الروم. ولعل ذلك الإبطاء كان لاستشارة القسطنطينية، أو لعله كان لتردُّد أهل
الدين في قبول تلك الولاية بعد أن
انشقَّت الولاية الدينية في مصر عن السلطنة الدينية في الإمبراطورية، وأصبح أمرها مخوفًا
مُضطربًا منذ يئس الناس من رجوع
الأمر إلى الدولة البيزنطية. أما فلنتين وجيشه الذي كان يملأ فمه بذكره، فلم يُغنِ عن
مصر شيئًا، ولم يستطع أن يخطو خطوة
في سبيلها، مع أن أهل مصر كانوا قد أخذوا يعرفون بُطلان أحلامهم التي كانوا يُمنُّون
بها أنفسهم من الاطمئنان إلى حكومة
العرب واستقرار الأمور معها، وثبوت ما يُطلب منهم فيها من ضرائب لا تزداد عليهم؛ إذ جاء
أن أهل البلاد جميعًا كانوا
يئنُّون من شقائهم في حكم العرب. وكان أجلُّ المُصاب ما أصاب مدينة الإسكندرية من ذلك؛
فقد فسد حال التجارة التي كانت
تدرُّ الخير على أهلها، وخرج منها جماعة من أغنياء أعيانها وتجَّارها عوَّلوا على الهجرة
والنزوح عنها، فصار عبء الضرائب
إلى كواهل من بقي في المدينة من الناس فأبهظها. وأخذ الناس يُحسُّون ما في دخول العدو
في بلادهم من ذل لهم وتضييع لملتهم،
ولم تُجدِهم في ذلك ألفاظٌ معسولة وأقوالٌ ناعمة كان قيرس يُزجيها إليهم.
فكان الهم والغم يُظلَّان المدينة في الأسابيع الأخيرة من مدة الهدنة، وكان كثير
من المنازل قد خلا من أهله، وهدأت ضجة
الارتحال من مراسي المدينة بعد أن تحمَّلت سفن يتلو بعضها بعضًا بالنازحين من الروم ومتاعهم
وأثاثهم، وسارت بهم إلى الشمال
إلى حيث لا عودة، ولم يبقَ إلا أسطولٌ كبير يتجمع في مرفأ الإسكندرية ليحمل من بقي من
جنود الروم. والظاهر أن الذي كان
يقوم على ترحيل جنود الروم من بلاد مصر السفلى اثنان من القادة، وهما «تيودور» الذي أصبح
حاكم مصر بعد موت قيرس،
و«قسطنطين» الذي أصبح القائد الأعلى لجيش الروم بعد «تيودور». وكانا يقومان به بالاتفاق
مع العرب.
١٠ وكان النيل عند ذلك قد أخذ يزداد، وصارت الترع صالحة لسير السفن ونقل الأشياء؛ ولهذا
السبب وقع الاختيار على
ذلك الوقت لخروج الروم، فما إن حلَّ حتى ركبت بقية جيش الروم في السفائن مع «تيودور»
و«قسطنطين» وهبطوا نحو الإسكندرية،
وعند ذلك أُطلقَ سراح من كان في يد العرب من الرهائن الذين أودعوهم حصن بابليون، أو لقد
ذهب العرب بهم حتى لحقوا بأصحابهم
في العاصمة.
١١
دار الفلك دورته وعاد عيد الصليب، وكان من عجائب المقدور أن اتفق في ذلك اليوم الرابع
عشر من سبتمبر من العام المُنصرم
مجيء المقوقس رئيس الأساقفة الخائن في رجعته إلى مصر، ثم عاد اليوم بعد عام ليشهد آخر
مشهد من زوال ظل السلطان المسيحي عن
مصر، فكانت صلاة إعلاء الصليب تتردَّد أصداؤها في الكنيسة، في حين كانت السفن تتجهز آخر
جهازها في الميناء ويؤذن لها
بالسير. فما طلع اليوم الثالث بعد هذا،
١٢ وهو اليوم السابع عشر من سبتمبر، حتى كان أسطول «تيودور» يحلُّ قلاعه ويرفع مراسيه،
ويسير إلى قبرص
١٣ بمن كان عليه من فلول جيش الروم يُرفرف عليهم الأسى. ولم تبقَ بعد ذلك إلا أيامٌ قلائل
لأهل المدينة، وما كان
أشقاهم، ليُصلحوا فيها من أمورهم؛ فإن الهدنة انقضى أمَدها في اليوم التاسع والعشرين
من شهر سبتمبر؛ إذ مضت أشهرها الأحد
عشر، وفُتحت في ذلك اليوم أبواب المدينة، فدخلها عمرو يقود من معه من شعث جنود الصحراء،
فساروا بين صفوف مما كان في
الإسكندرية العظمى من أعمدةٍ برَّاقة وقصورٍ مُنيفة، وانتهى بذلك حكم دولة الروم في مصر.