الفصل السادس عشر

التحيُّز والتمركُز المعرفيُّ في الفكر الديني الإيرانيِّ المُعَاصِر١

١

أحمد فرديد والقراءة الملتبسة لهايدغر
السؤال المعرفيُّ من أشدِّ الأسئلةِ إلحاحًا وتداوُلًا في الفكر الدينيِّ المعاصر في إيران. وهُوية المعرفة والأبعاد المحليَّة والقوميَّة والإقليميَّة المُلازمة لها، وما يكمن خلف العلم من رؤيةٍ ميتافيزيقيَّة خاصَّة، من أبرز مشاغل المفكرين الإيرانيين اليوم. إذ نجد كتاباتِهم تصفُ العلمَ بالانحياز، وكيف يتحيَّز العِلْمُ إلى الأقوياء، أو كيف ينحاز إلى اتجاه سياسيٍّ أو ديانة معينة، وأن ذلك يعني عدم إمكانِ تأسيس علم من دون أن يكون محكومًا برؤية ميتافيزيقية محدَّدة سلفًا، أي لا يمكن تأسيس علم مُحَايِد.٢ ويرون أنَّ العلوم الإنسانية لا يمكن سلخُها عن محيطها الحضاري الذي نشأت في فضائه الخاص، كما أنه ليس بوسعنا نفي تأثير العوامل الأيديولوجية والثقافية والتاريخية والجغرافية في صيرورتها وتشكُّلها، إذ تصطبغ هذه العلوم بصِبغة محلية، تكتسب هُويتها من محيطها، لذلك تغدو فيها متحيزة وليست محايدة؛ ذلك أنها تتلوَّن بلون تضاريس البيئة التي وُلدت فيها، وتلتبس بما يسودُها من رؤية للعالم، وفهم وضعي للكون والإنسان والحياة. وبحسب تعبير الدكتور عبد الوهَّاب المسيري، فإن علمانية العلوم التي ظهرت في القرن السابع عشر، عملت على فصل العلوم عن المنظومة القيمية، ونزع القداسة عن كل شيء، وسحب الأشياء من عالم الإنسان ووضعها في عالم الأشياء، ثم انتهت بسحب الإنسان من عالم الإنسان ووضعه في عالم الأشياء، وبذلك يسود منطق الأشياء.

ليس بوسعنا في هذه العجالة تقديم قراءةٍ شاملة تستوعب آراءَ المفكرين والباحثين والدارسين الإيرانيين في القرن العشرين، ومواقفهم حيال هذه الإشكاليَّة البالغة التعقيد والتنوع، غير أنَّ ذلك لا يمنعنا من الإشارة بإيجاز إلى مجموعة من المفكرين الذين كشفوا عن تحيزات المعرفة الغربية، ونادوا بضرورة صوغ علوم ومعارف تستلهم رُوح التراث والعناصر الحيَّة في الثقافة المحلية. نشير هنا إلى آراء أحمد فرديد وجلال آل أحمد وحسين نصر وعلي شريعتي بوصفهم الأشدَّ حماسًا لمنطق التحيُّز والتمركز في المعارف والعلوم الإنسانية، على اختلاف كلٍّ منهم في أسلوب بيان رأيه والتدليل عليه.

كان الدكتور أحمد فرديد (١٩١٠–١٩٩٤م) في طليعة المحذِّرين من التمركز والتحيُّز في المعرفة والعلوم الغربية. وكان فرديد شخصية خلافية ملتبسة. وبالرغم من أنه أقل المفكرين الإيرانيين شهرة، وربما لم يسمع به أحد خارج إيران، غير أن الباحث المعروف داريوش آشوري عبَّر عنه بأنه «أول فيلسوف في التاريخ الإيراني المعاصر.»٣ وقد كان لفرديد دور مميز في تعليم الفلسفة الألمانية في إيران، خاصة آراء مارتن هايدغر، وعمل على تشغيل بعض مصطلحاته ومقولاته في المجال التداولي الفارسي، وعُرف عنه تطبيقاته التأويلية الخاصة لآراء هايدغر في دراسة ونقد وتحليل العلم والحضارة الغربية، وآثارها خارج محيطها الخاص، فمثلما يعتقد هايدغر بأن «كلَّ حقبة من حقب التاريخ تختصُّ بسيادة حقيقة معيَّنة تطغى على بقية الحقائق، بينما تقذف بما سواها إلى الهامش.» يرى فرديد بأن «الغربيين أضاعُوا الله، واستبدلوا به إلهًا آخر، وهو النفس المادية، أو النفس الأمَّارة بالسوء.» ولذلك يحذِّر فرديد من مخاطر شيوع حضارة الغرب في عالمنا ويدعو إلى التحرُّر من كافة أشكال التغريب، وتجاوُز كل مظاهره، من خلال اكتشاف ذات الغرب، أي أن نكون غربيين، لا بمعنى الاغتراب عن الذات، وإنما بمعنى المعرفةِ الدقيقة بالغرب، والنفوذ إلى كُنْهِ الفلسفة والأُنطولوجيا الغربية، لأنَّ معرفة الآخر شرط لازم لمعرفة الذات.
ويقدم فرديد تأويلًا مشبعًا برؤيا عرفانية غامضة للتراث الشرقيِّ، وطالما صرَّح في محاضراتِه بأنَّ اللهَ هو الأصل والأساس بالنسبة إليه، ولكنه لا يقصد الله بمعنى واجب الوجود لدى الفلاسفة، بل هو بمعنى الإله الحي، إله الأمس واليوم والغد، إله محمد (ص)، وإله المهدي الموعود، وأن منبع فكرنا يعود إلى تجلِّي الله من دون الحجاب الظلماني والنوراني على الذات البشرية. وكان يعتقد بأن الفكر الشرقي الإيراني والهندي والمصري أقرب إلى الحقيقة من الفكر الغربي، لكن مع ذلك كان فكرًا محجوبًا. وظل فرديد يكرِّر بأنه في العصر الحديث تجاهل الإنسانُ الساحة القدسيَّة، وفقط باكتشاف هذه الساحة يجد الفكرُ الحقيقيُّ معنًى له. وأشار غير مرة إلى غروب الغرب، وأنَّ المستقبلَ لنا، لأنَّ اللهَ معنا.٤
ويحاول فرديد استعارةَ مفاهيم هايدغر ويلوِّنها بطلاء عرفانيٍّ ضبابيٍّ، فمثلًا: يذهب إلى أن التكنولوجيا بمثابة الحجاب الأكبر والأصغر لحقيقة الأمس والغد، وحين يسود الحجابُ تختفي الحقيقة الإلهيَّة.٥ وتبعًا للمتصوفة والعارفين فقد استأثرت قضيةُ الأسماء والصفات الإلهية باهتمام فرديد، وفي سياقها صاغ ما اصطلح عليه ﺑ «علم الأسماء التاريخي» الذي حاول أن يصوغ فلسفة خاصة للتاريخ في ضوئه، فهو يعتقد بأنه مثلما يكون التاريخ في حالة صيرورة وتغيُّر وتحوُّل أبدي، كذلك هي الأسماء تتغير كما يتغير التاريخ، وفي كل مرحلة يتجلَّى أحدُ الأسماء الإلهية، فالثورة مثلًا لا تتحقق إلا بتجلِّي الاسم الإلهي المعبِّر عنها، وبغيابه تغرب وتختفي. وفي عصرنا الذي طغت فيه الثقافة الغربية، فقد غربت الحقيقةُ الإلهية، واستحال الاسمُ الإلهيُّ إلى الطاغوت، وأنَّ الله اختفى وراء الإنسان، بمعنى أن الإنسان طغى واستكبر، وأخذ الطاغوتُ محلَّ الله، بينما رحل الله عن التاريخ، وهذه هي مرحلة غياب الله أو غروب الحقيقة الإلهية.٦

ويحلو لأحمد فرديد أن يعيدَ تأويل هايدغر ويحاول أن يصوغ مفاهيمَه بصيغةٍ تُحَاكِي مقولات العُرَفَاءِ والمُتَصَوِّفة، ويُسقط عليها نزعة غنوصية شرقية لا صلة لها بها. ذلك أنَّ هايدغر لم يتأثر بأفكار هؤلاء العارفين، ولم يذكر الشرقَ الإسلامي في آثاره، وهو يَعُد الأمر المقدَّس خارجًا عن الأديان التوحيدية وغيرها، وتمحوَرَ اهتمامه بميراث الحضارة الغربية الإغريقي، التي كان المقدَّس فيها تمثله آلهةٌ متعددة، وليس الله الواحد الأحد في الإسلام، كما يظن فرديد. ويعبِّر تفكير فرديد عن مزاج في الفكر الإيراني ينزع إلى خلط كل شيء بكل شيء، وتركيب عناصر تنتمي إلى بيئات وعصور وماهيات مختلفة، وعمل مخلوق هجين منها لا يشبه إلا من خلقه.

يندِّدُ فرديد بالنزعة الإنسانية الغربية، باعتبار أنَّ مصيرها هو «الإنسان المكتفي بذاته». ويدعو إلى نمط من العلوم والمعارف المعنوية، التي تسودها الباطنيةُ الإلهيَّة، أما الفلسفة اليونانية فقد اعتبر ظهورها بمثابة بزوغ قمر الواقعية وغروب شمس الحقيقة، فنجم عنها بالتالي اختفاء الشرق، وهو «لُباب الكتب السماوية» والوحي الإلهي خلف حجب الغرب.٧

لقد أمست مفاهيمُ وآراء فرديد الغامضة، والتي لم يدوِّنْها وينشرْها في حياته، أحدَ أبرز عناوين الضجة في الفكر الإيراني المعاصر، ففي الوقت الذي يتبناها المحافظون ويحرصون على نشرها وتعميمها والتثقيف عليها والدفاع عن صاحبها، يتهكَّم عليها ويسخر منها نخبة من الباحثين من زملاء فرديد وتلامذته، بعد أن اكتشفوا متأخِّرين عقمها وتعسفها في التقاط شيء من أي شيء وتلفيق شيء لا يشبهه شيء، فوصفوا دعوته إلى ما يصطلح عليه ﺑ «علم الأسماء التاريخي» بأنها لا تعدو إلا أن تكون اقتباسًا ملفَّقًا لما أورده محيي الدين بن عربي في كتابه «فصوص الحِكم»، من الظهور التاريخي الزماني لأسماء الله في عالم الشهادة، وخلط هذا الاقتباس مع شيء من مفاهيم هيغل في فلسفة التاريخ، ومفهوم الصورة والمادة الأرسطي، فقد أُغرم فرديد بخلط وتركيب مفاهيم متناشزة عدة، وصوغها بأسلوب مبهم، مدَّعِيًا أنَّها تمثل رؤية جديدة لفلسفة التاريخ.

ويحلِّل أحد الدارسين القريبين من فرديد دعوتَه للعودة إلى الثقافة الأصيلة الشرقية، وضرورة إيقاظ الرُّوح المعنوية الشرقية، بأنها تستبطن مسعًى سياسيًّا لتأمين غطاء أيديولوجي للاستبداد والأنظمة الشمولية الشرقية، ولا سيما أنَّه لم يكن معارضًا لنظام الشاه، وسرعان ما انخرط في دعم النظام الجديد بعد الثورة.٨

٢

جلال آل أحمد وكتابه «الإصابة بالغرب»

وبالرغم من كلِّ المراجعات النقدية والطعون في آراء فرديد ومواقفه، غير أنَّ بعض أفكاره والمصطلحات التي نحتها اكتسبت أهمية بعد اشتهارها في الفكر الديني المعاصر في إيران، وتشغيلها في المجال التداولي الفارسي. فمثلًا انتخب جلال آل أحمد (١٩٢٣–١٩٦٩م) مصطلح «غرب زدگي = الإصابة بالغرب» الذي صاغه فرديد، عنوانًا لكتابه الذائع الصيت، والذي أضحى من أهمِّ النُّصوص السجالية المدوَّنة بالفارسية في عَقد الستينيات من القرن الفائت.

والمعروف عن جلال آل أحمد أنه اتَّسم بمزاج حاد، قلِق، مضطرب، متطرِّف، يكتنفه تطلع وطموح متوثِّب، وحيوية، وضراوة، وحساسية مرهفة. وطبعت وعيه هواجس أضرابه في عالمنا، هذه الهواجس التي كان يفجِّرها على الدوام، انشطار وعيهم حيال رِهانات الهُوية والماضي من جهة، والعصر وتحدياته من جهة أُخرى، مضافًا إلى الاستفهامات الملتبسة للنهضة والتَّحديث، وجدل التراث والوافد، وسطوة التكنولوجيا الغربية، وتغلغلها في كافة المجالات، وإزاحتها لمكوِّنات الاجتماع التقليدي، وقيمه الموروثة، واستبدالها بالتدريج بقيم، تحكي رُوح الحضارة الغربية، وتجسِّد مفاهيم ومقولات تخترق بنية هذه المجتمعات، وتسود في حياتها على شكل ظواهر حضارية وثقافية واجتماعية واقتصادية.

لقد شعر آل أحمد بعمق تلك التحولات، ورصد آثارها في الحاضر، وحاول أن يستشرف مآلها ونتائجها، ليدرك أن مجتمعه يجتاحه إعصار، إذا لم تسخَّر كل الطاقات لمقاومته، فإنه سيعصف بمرتكزات هذا المجتمع، ويُطيح بمقوِّمات وجوده، ويمسخه فيحيله إلى كائن مشوَّه.

وأطلق جلال على عملية الاجتياح هذه «غرب زدگي»، وهو مصطلح مشبع بدلالات سلبية، بل دلالات هجائية لكل ما هو غربي، ويوازيه بالعربية «وباء الغرب»، أو «الإصابة بالغرب»، أو «التسمم بالغرب»، أو «نزعة التغريب»، وغير ذلك.

ويبدو أن الدكتور أحمد فرديد هو أول من نحت مصطلح الإصابة بالغرب «غرب زدگي» بالفارسية، وكأنَّ الغرب وباء مرضي يصيب الآخر. وقد استعار جلال آل أحمد هذا المفهوم الفلسفي من فرديد، لكنه صاغه صوغًا أيديولوجيًّا، وعبَّأه بأفكاره، التي استقى شيئًا منها في المرحلة الماركسيَّة من حياته، وهي أفكار تمنح آلات الإنتاج والماكينة دورًا مركزيًّا في حركة التاريخ، وبناء المجتمعات وَفقًا لمنطقها ومعاييرها الخاصة.

وكان حظر الشاه رضا خان للحجاب، وإكراه رجال الدين على خلع العمامة، واختصار مكاسب الغرب في أزياء النساء، أو قبعة الرجال، اختزن في وجدان آل أحمد وغيره من مواطنيه عداءً كامنًا للغرب، ما لبث أن انفجر في نزعات نفي وإقصاء حادة، تلفظ كل ما هو غربي.

وعرض آل أحمد آراءَهُ هذه في دراسة كتبها كتقرير إلى مجلس أهداف الثقافة الإيرانية في وزارة التربية، سنة ١٩٦٢م، تحت عنوان «غرب زدگي» «وباء الغرب» أو «الإصابة بالغرب». وكان المجلس الذي يضمُّ في عضويته عشَرة أشخاص، من ضمنهم أحمد فرديد، قد تداول إمكانية نشر دراسة آل أحمد، غير أنه خلَص إلى تعذر النشر، بسبب نقده الصريح للنظام، وفضح دوره في تلويث الفضاء الثقافي للمجتمع بوباء الغرب.

من هنا أثار كتاب «الإصابة بالغرب» عند صدوره ضجة واسعة بين النخبة في إيران، وما لبث هذا الكتاب أن أضحى بعد سنوات من أشد النصوص أثرًا في تجييش مشاعر الجماهير، وتحريض المجتمع ضد سياسات الشاه المتحالفة مع الغرب.

يكتب الناقد رضا براهني في بيان أثر هذا الكتاب: ««الإصابة بالغرب» لآل أحمد كان له، من حيث تحديد واجبات البلدان المستعمرة حيال الاستعمار، نفس الدور والأهمية التي كانت للبيان الشيوعي لماركس وإنجلز، في تحديد مهمة البروليتاريا إزاء الرأسمالية والبرجوازية، وكتاب «معذبو الأرض» لفرانتز فانون، في تعيين ما يجب على الشعوب الأفريقية فعله حيال الاستعمار الأجنبي، إن «الإصابة بالغرب» أول رسالة شرقية ترسم موقف ووضع الشرق مقابل الغرب المستعمر، وربما كانت الرسالةَ الإيرانية الأولى التي اكتسبت قيمةً اجتماعيَّة على مستوًى عالمي.»٩ إن هذا التقييم ينطوي على مبالغة في بيان أهمية كتاب آل أحمد، لكن، وبغض النظر عن القيمة العلميَّة للكتاب الذي لا يفشل في الصمود أمام النقد العلمي، فإن هذا الكتاب عمل سِجاليٌّ، مشبوب بالإثارة والتحريض، والنقد الأيديولوجي الشديد للغرب. إنه خطاب تعبويٌّ، وهو أقرب إلى الشعر المنثور منه إلى البحث والدراسة الجادَّة. وفي ذلك يظهر أثرُه في تحريض الجماهير، وترسيخ عدائها لكل ما هو غربي. وهو عداء أسهم بتثوير الشعب الإيراني، إلا أن أثره اضمحلَّ بعد الثورة، وبعد أن قام بعض الكتاب بنقده وفضح لغته غير العلمية، خاصَّة وأنَّ طيفًا واسعًا من النخبة الإيرانية راحت تبحث عن صورة بديلة للغرب، صورة تستبعد الرؤية الخطأ لآل أحمد وغيره، والتي تحسب تمام مكاسب الحضارة الغربية ومعارفها ليست سوى ماكينة، ثم تهاجم بعنف تلك الماكينة، وتكيل لها ألوان التهم، من دون أن تميِّز بين الأبعاد المتنوعة للغرب الحديث، وكأن الغرب هو ماكينة وحسب، بينما تتجاهل ما أنجزه الغرب من علوم طبيعية، وعلوم بحتة، وعلوم إنسانية، وآداب، وفنون، وتمدُّن، ونظم متقدِّمة لإدارة الحياة. لا يصح اختزال أية حضارة في بعد واحد. أما الخلط العشوائي بين العلم والتكنولوجيا الغربية من جهة، والوجه الاستعماري للغرب، فهو بحاجة إلى مراجعة، وتحليل نقدي، يحررنا من الرؤية الإطلاقية الشمولية غير الموضوعية.

إن خطاب آل أحمد حيال «المَكْنَنَة»، وأثرها التغريبي في الشرق، ودورها في استئصال صورة الحياة التقليدية، وتدنيسها طُهرانية عالمنا، ظلَّ هذا الخطابُ محكومًا بعقدة «المكننة» في غير واحد من كتاباته الأُخرى، ولا سيما كتابه الأثير الذي نقد فيه النخبة، ووسم مواقفهم بالخيانة، بحسب ما يشي عنوانه «المستنيرون: خدمات وخيانات». بل تغلغلت هذه العقدة حتى في كتابه «قشة في الميقات» أيضًا؛ ذلك أنَّ كل شيء يشير إلى الغرب، وسلعه، وعوالمه، صار يستفزُّه، بحيث تبدو المصابيحُ، وأضواؤها الساطعة في المشاهد والمناسك المُشرفة، شيئًا مثيرًا لمشاعره، لأنَّ تلك المصابيح، المصنوعة والمصمَّمة على طراز غربي، تدنِّس الفضاءَ النقي الطاهر، بحسب تفسيره.

أما سيد حسين نصر (١٩٣٣–…) فهو أحد أبرز المفكرين الإيرانيين، الذين اهتموا بالكشف عن التمركز والتحيُّز في العلوم والمعارف الغربية الحديثة، ودعا للعودة إلى الرؤية العرفانية في قراءة العالَم وتفسير الطبيعة. يكتب نصر: «إذا نظرنا إلى الطبيعة كما ننظر إلى نص مكتوب فسنلاحظ أنها نسيج من الرموز التي ينبغي أن تُقرأ بحسب ما تشي به من معانٍ». وهو يصرِّح بأنه استطاع الخلاص من سطوة الفكر الغربي على وعيه، بعد أن تعرَّف على ميراث الهند والشرق الأقصى، مضافًا إلى اطلاعه على نقد المفكرين الغربيين للحداثة. كل ذلك عمل، كما يعتقد، على تحرير رُوحه وذهنه من رواسب الفكر الغربي الحديث. وتبعًا لشيخ الإشراق السُّهْرَوَردي يذهب حسين نصر إلى أن الشرق هو رمز النور والعقل والمعنوية، أما الغرب فإنه مثال الظلام والانحطاط والمادية. وبغية أن يعود الإنسان إلى منشئِه الإلهي لا بد أن يتحرَّر من كافَّة عَلاقاته المادية ومطامحه الجسدية.

وبغية الفرار من «المنفى الغربي» استند حسين نصر إلى التصوُّف والعرفان كمرجعية أساسيَّة لتفكيره ورؤيته الميتافيزيقيَّة، فإنه يرى أنَّ العرفان ومكتسباته وآثاره هو الأسمى من بين كل المكتسبات البشرية، إذ يقول: «لم يكن أسمى أشكال المعرفة في العالم الإسلامي يتجسَّد في علم خاص يتوقَّف عند مستوى العلم البشري، بل كان يتجسد في الحكمة التي هي العرفان في التحليل النهائي.» ومن أجل ذلك تنازل عن العقلانية لمصلحة الإشراق، وعن الديكارتية لمصلحة المكاشفة، وعن الحداثة لمصلحة الميتافيزيقا الكلاسيكية. وأدانَ — بطريقة أفلاطونية محدثة — التراثَ الفكريَّ لعصر النهضة والتنوير. واعتبر تفشِّي النزعة الإنسانية منذ عصر النهضة ومزاعمها الشمولية بدايةَ الاغتراب الفلسفي في الحضارات الغربية والشرقية. وكان هذا حصيلة فصل النهضة الفلسفية عن الأخلاق والعلوم والدين، فأوَّلًا بادر ميكيافيلي (١٤٦٩–١٥٢٧م) إلى تفريغ السياسة من صماماتها الأخلاقية، ثم جاء غاليليو (١٥٦٤–١٦٤٢م) ليفصل بين العلم والدين، وبالتالي ظهر ديكارت (١٥٩٦–١٦٥٠م) ونيوتن (١٦٤٢–١٧٢٨م) ليفصلا الفلسفة عن العلم وعن الدين في وقت واحد. وينتقد نصرٌ الحضارة الغربية الحديثة التي ترجِّح الذهن والجسم على الرُّوح، وتستبعد النظرة العرفانية والرمزية للعالم، وتنبذ الجوهر الإلهي، وتنحاز للعلوم والمعارف غير الدينية باعتبارها تمثِّل سبيل السعادة الاجتماعية في العالم. ويرى نصر أن العصر الحديث بما يتماشى به من «تمرُّد الإنسان على الله»، و«انفصال العقل عن نور العقل الهادي»، و«تراجع الفضيلة» قاد إلى مستنقع الاضطراب والانحطاط والخطيئة.١٠
وكثيرًا ما يستعمل نصر مصطلحات «العلم المقدس» و«الأمر القدسي»، حتى وردت مصطلحات «المعرفة والأمر القدسي، وضرورة العلم المقدَّس» عناوين لبعض كتاباته. وهو يقصد بالأمر القدسي واقعة إلهية تظهر تجلياتُها في شئون هذا العالم. ويؤكد بأنَّ مدلول القدسي لديه هو معناه الميتافيزيقي، الذي يُرَادُ به تارةً ذاتُ الباري التي لا يطرأ عليها تغيُّر، وهي الواقعة الإلهية الصرفة، ويراد منه تارةً أُخرى التجلِّياتُ القدسية المعبِّرة عن تلك الواقعة الصرفة، والمتجلِّية في آنٍ واحد في بعض الأشياء الدنيوية، التي تمثِّل ظواهر مشهودة لتلك الحقيقة الواقعية. وطالما حذَّر من شيوع الطابع العرفي اللاتقديسي في دنيانا، وشدَّد على ضرورة المزاوجة بين المعرفة والأمر القدسي، والاهتمام بالعلم المقدس.١١

لكنَّ دعوةَ حسين نصر إلى ما يُسَمَّى بالعلم المقدس يكتنفُها الغموضُ، وهي مشبعة بهجاءِ ونفيِ كلِّ ما هو غربي. كما يتمدد مفهومُ المقدس لديه فيستوعب التراثَ، والتمثُّلات المتنوعة للاجتماع الإسلاميِّ، وهو مفهوم يستقي مرجعياتِه من آثارِ المتصوِّفة والعارفين، وشيء من نقد تيارات ما بعد الحداثة للعقل والعقلانية في الغرب.

إن تنديد نصر بالحداثة يُبتنى على مرتكزات ذهنيَّة لا تاريخية، إذ إنه تأثَّر تأثُّرًا صارمًا بكتابات الميتافيزيقي الفرنسي رينيه غنون، فقد استعار منه أفكاره حول «أزمة الحداثة»، و«عبثية التطور وسوء مغبته». وإن ما يطرحه نصر من ملاحظات نقدية حول الحداثة تماثل نقود غنون، باعتبارها لا تعير أدنى اهتمام للمكاسب المتنوعة التي تحققت من حركة التنوير والحداثة.

لقد أخضع نصر المفاهيم المفتاحية للتنوير والحداثة، كالتقدم والعقل والعلم والتكنولوجيا والحرية الفردية، للنقد والإدانة من منظار ماضوي متعالٍ، ﻓ «إلهيات الأزمة» عنده تحاكي مقولات غنون، من حيث استهانتها بتعقيدات الحداثة وملابساتها وتجلِّياتها المختلفة.١٢

وما زالتْ أفكارُ حسين نصر تستهوي قطاعًا عريضًا من الإسلاميين في إيران، وبعد أن غابت آثارُه عن الحياة الثقافية في العَقد الأول بعد قيام الجمهورية الإسلامية، عاودت الحضور بالتدريج وبكثافة في الفترة اللاحقة، وتكررت طباعتُها مراتٍ عدةً أيامَ الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد.

ولو عدنا إلى الوراء فسنرى حضورًا واسعًا لأفكار جلال آل أحمد في عَقد الستينيات، إذ تغلَّب خطابُه حيال داء التغريب، وتحليل أزمة المستنيرين الإيرانيين، على مشاغل الساحة الثقافية. بينما سادت في حقبة السبعينيات آراءُ ومقولاتُ علي شريعتي (١٩٣٣–١٩٧٧م)، التي تمحورت حول «العودة إلى الذات» وإيقاظ الهُوية الإسلامية الإيرانية. ويفصح شريعتي عن السياق الذي تحتله مقولاتُه بالنسبة إلى أفكار جلال آل أحمد، بقوله: «كان آل أحمد مستنيرًا، لكنه لم يكن قد تعرَّف على ذاته بعد، لم يكن يدري كيف ينبغي العملُ، ولم يبدأ العودة إلى الذات إلا في السنوات الأخيرة من عمره.» وبذلك غدا «التغريب» و«العودة إلى الذات» الخطابَيْنِ الغالبين على المسرح الثقافي في إيران في عَقْدَي الستينيات والسبعينيات.١٣
وعندما نعود إلى آثار شريعتي نجده يستعير جملةَ مفاهيم، وأفكارًا حديثة، من مفكرين فرنسيين وألمان، لقد استعار شريعتي بعضَ آراء المثالية التاريخية لهيغل، كما أخذ من ماركس «البناء التحتي والفوقي، والصراع الطبقي، والأيديولوجيا، والاغتراب». واقتبس فكرة «سجن الذات» من هايدغر، وعمَّمها إلى ما سماه «السجون الأربعة» بعد أن ضم إليها: سجون «الطبيعة، والمجتمع، والتاريخ». كذلك استفاد من ظاهريات هوسرل١٤ واهتمَّ بسارتر، وأفاد من وجوديته في تحليل بعض الظواهر. كما حاول أن يتوكَّأ على فكرة الاعتراض التي قرَّرها ألبير كامو، بقوله: «أنا أعترض، إذن أنا موجود». يكتب شريعتي «إنني اتخذت من كلمة ألبير كامو هذه درسًا لحياتي، على أساس نفس الرسالة، والمسئولية الصغيرة التي أحسَّ بها، بالنسبة لوعيي وإحساسي وعقيدتي.»١٥
ولعل رُوح الاقتحام التي اتَّسمت بها شخصية شريعتي، هي ما حفَّزه للسير في ذلك الدرب، والمغامرة بالمُضِيِّ فيه حتى النهاية، بالرغم من الهجاء البالغِ القسوة الذي تعرَّض له، وشتى ألوان التهم، وفتاوى ضلاله. إنه كان مدركًا بما يحفُّ بمغامراته من مخاطر، وما يكتنفها من مزالق، باعتباره يدشِّن نمطًا جديدًا في دراسة الدين والاجتماع الإسلاميِّ، مستندًا إلى مفاهيم ومناهج مختلفة. فقد تحدَّث عن ذلك بصراحة: «أهم درس أستطيع أن أعطيه لطلابي كمعلم، هو أنَّ عليهم — لأجل معرفة عميقة بالدين — انتهاجَ سبيل العلماء غير المتدينين، بل المناهضين للدين، أو حتى من كان ينشد محاربة الدين. أنا أسلك هذا السبيل، وأتحدث بنفس اللغة المندِّدة بالدين، والمتنكرة لدعائمه الغيبية، تحت عناوين: علم الاجتماع، والاقتصاد، وفلسفة التاريخ، وعلم الإنسان. إني أتحدث بهذا المنهج الذي أعتبره أفضل المناهج لمعالجة المسائل العلمية والإنسانية. إنه المنهج ذاته الذي نهجته أوروبا منذ القرن الثامن عشر، لدراسة مشكلاتها الإنسانية بجميع أبعادها، ومناوأة الدين في المجتمع. سوف أعالج قضايا الدين حتى من منظور طبقي اقتصادي، لكن بموضوعية، ومن دون تعصُّب وتحيُّز ما استطعتُ.»١٦

وتظلُّ محاولة شريعتي، مع جرأتها وريادتها، عرضةً لعدد من الملاحظات النقدية والاستفهامات؛ ذلك أن فهم شريعتي للفكر الغربي لم يكن فهمًا معمَّقًا دقيقًا، بل كان غالبًا فهمًا سطحيًّا، لذلك كان يوظِّف مقولات المفكرين الغربيين كشعارات، ويغرَق في حشد الأسماء والمصطلحات في خطاباته، من دون بيان وعرض وتحليل للمفاهيم المحورية للمفكرين الغربيين. كذلك كان يفتقر للخبرة الواسعة المعمَّقة في التراث، والتعرف على مسالكه المتنوعة وحقوله العديدة.

المراجع

الكتب

  • (١)

    إبراهيم، عبد الله: «المركزية الإسلامية، صورة الآخر في المخيال الإسلامي خلال القرون الوسطى»، بيروت، المركز الثقافي العربي، ط١، ٢٠٠١م.

  • (٢)

    ابن الجوزي: المنتظم في تاريخ الملوك والأمم، بيروت، دار صادر.

  • (٣)

    ابن عربي: الفتوحات المكية، تحقيق: عثمان يحيى، القاهرة، الهيئة المصرية للكتاب.

  • (٤)

    ابن عربي، محيي الدين: فصوص الحِكم، تعليق: أبو العلا عفيفي، طهران، الزهراء، ١٩٨٧م.

  • (٥)

    ابن كثير، أبو الفداء إسماعيل بن عمر: البداية والنهاية، بيروت، دار الفكر، ١٤٠٧ﻫ/١٩٨٦م.

  • (٦)

    ابن منظور: لسان العرب، بيروت، دار صادر، ط٤، ٢٠٠٥م.

  • (٧)

    أبو عاذرة، عطية سلمان: «مشكلتا الوجود والمعرفة في الفكر الإسلامي الحديث عند كلٍّ من الإمام محمد عبده ومحمد إقبال: دراسة مقارنة»، بيروت، دار الحداثة، ١٩٨٥م.

  • (٨)

    أحمد أمين: ضحى الإسلام، القاهرة، مكتبة النهضة المصرية.

  • (٩)

    آدمس، تشارلز: الإسلام والتجديد في مصر، ترجمة: عباس محمود، القاهرة، لجنة ترجمة دائرة المعارف الإسلامية.

  • (١٠)

    أدونيس: «الثابت والمتحوِّل، بحث في الإبداع والاتباع عند العرب»، بيروت، دار الساقي، ط٨، ٢٠٠٢م.

  • (١١)

    أركون، محمد: معارك من أجل الأنسنة في السياقات الإسلامية، ترجمة: هاشم صالح، بيروت، دار الساقي، ٢٠٠١م.

  • (١٢)

    أركون، محمد: «من فيصل التفرقة إلى فصل المقال: أين هو الفكر الإسلامي المعاصر؟»، ترجمة وتعليق: هاشم صالح، بيروت، دار الساقي، ط٢، ١٩٩٥م.

  • (١٣)

    أركون، محمد: «نزعة الأنسنة في الفكر العربي: جيل مسكويه والتوحيدي»، ترجمة: هاشم صالح، بيروت، دار الساقي، ١٩٩٧م.

  • (١٤)

    آشوري، داريوش: «اسطورة ي فلسفة در ميان ما: بازديدي از أحمد فرديد ونظرية غرب زدگي»، طهران، ١٣٨٣ش.

  • (١٥)

    الأصفهاني، أبو نعيم: حلية الأولياء، القاهرة، ١٣٥١ﻫ.

  • (١٦)

    الأصفهاني، محمد حسين: نهاية الدراية، قُم، مؤسسة آل البيت.

  • (١٧)

    آغا بزرك الطهراني: الذريعة إلى تصانيف الشيعة، بيروت، دار الأضواء.

  • (١٨)

    إقبال، محمد: تجديد التفكير الديني في الإسلام، ترجمة: عباس محمود، القاهرة، مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر، ١٩٦٨م.

  • (١٩)

    آل أحمد، جلال: الابتلاء بالغرب، ترجمة: إبراهيم الدسوقي شتا، القاهرة، المركز القومي للترجمة.

  • (٢٠)

    آل أحمد، جلال: نزعة التغريب، ترجمة: حيدر نجف، مراجعة وتقديم: عبد الجبار الرفاعي، بيروت، دار الهادي.

  • (٢١)

    ألتوسِّير، لوي: «مونتسكيو: السياسة والتاريخ»، ترجمة: نادر ذكري، بيروت، دار الفارابي، دار التنوير، ٢٠٠٦م.

  • (٢٢)

    إلياد، مرسيا: «المقدس والدنيوي: رمزية الطقس والأسطورة»، ترجمة: نهاد خياطة، دمشق، دار العربي، ١٩٨٧م.

  • (٢٣)

    إمام، إمام عبد الفتاح: «الطاغية: دراسة فلسفية لصور من الاستبداد السياسي»، الكويت، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، ١٩٩٤م.

  • (٢٤)

    أندريه، تور: التصوف الإسلامي، ترجمة: عدنان عباس علي، ألمانيا، كولونيا، منشورات الجمل، ٢٠٠٣م.

  • (٢٥)

    الأنصاري، محمد جابر: الفكر العربي وصراع الأضداد، بيروت، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، ١٩٩٩م.

  • (٢٦)

    بروجردى، مهرزاد: المستنيرون الإيرانيون والغرب، ترجمة: حيدر نجف، مراجعة: عبد الجبار الرفاعي، بيروت، مركز دراسات فلسفة الدين ودار الهادي، ٢٠٠٧م.

  • (٢٧)

    بروجردى، مهرزاد: روشنفكران ايرانى وغرب، ترجمة: جمشيد شيرازي، طهران، فرزان، ١٩٩٨م.

  • (٢٨)

    بهنام، جمشيد: إيرانيان وانديشه تجدد، طهران، فرزان، ١٣٧٥ش/١٩٩٦م.

  • (٢٩)

    البهي، محمد: الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي، القاهرة، مكتبة وهبة، ١٩٥٧م.

  • (٣٠)

    بو ثوري، نور الدين: «مقاصد الشريعة: التشريع الإسلامي المعاصر بين طموح المجتهد وقصور الاجتهاد»، بيروت، دار الطليعة، ٢٠٠٠م.

  • (٣١)

    بو هلال، محمد: إسلام المتكلمين، بيروت، دار الطليعة، ٢٠٠٦م.

  • (٣٢)

    بيتر، ل. برجر: «القرص المقدس: عناصر نظرية سوسيولوجية في الدين»، تعريب: مجموعة من الأساتذة، قدمه وأشرف عليه: عبد المجيد الشرفي، تونس، مركز النشر الجامعي، ٢٠٠٣م.

  • (٣٣)

    بيير بورديو: «بعبارة أخرى: محاولات باتجاه سوسيولوجيا انعكاسية»، ترجمة: أحمد حسان، القاهرة، ميريت للنشر، ٢٠٠٢م.

  • (٣٤)

    الجابري، محمد عابد: العقل الأخلاقي العربي، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، ط١، ٢٠٠١م.

  • (٣٥)

    الجابري، محمد عابد: وجهة نظر نحو إعادة بناء الفكر العربي المعاصر، الدار البيضاء، المركز الثقافي العربي، ١٩٩٢م.

  • (٣٦)

    جعفريان، رسول: جريان ها وسازمان هاي مذهبي-سياسي ايران «از روي كار امدن محمد رضا شاه تا بيروزي انقلاب إسلامي»، قُم، ط٦، ١٣٨٥ش.

  • (٣٧)

    جيب، ﻫ. أ. ر: الاتجاهات الحديثة في الإسلام، ترجمة: هاشم الحسيني، بيروت، دار مكتبة الحياة، ١٩٦٦م.

  • (٣٨)

    حائري، عبد الهادي: تشيع ومشروطيت در ايران ونقش ايرانيان مقيم عراق، طهران، امير كبير، ١٣٦٤ش/١٩٨٥م.

  • (٣٩)

    الحداد، محمد: حفريات تأويلية في الخطاب الإصلاحي العربي، بيروت، دار الطليعة.

  • (٤٠)

    الحصري، ساطع: البلاد العربية والدولة العثمانية، بيروت، دار العلم للملايين، ١٩٦٠م.

  • (٤١)

    حمزة، محمد: إسلام المجدِّدين، بيروت، دار الطليعة، ٢٠٠٧م.

  • (٤٢)

    حنفي، حسن: التراث والتجديد، بيروت، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، ط٥، ٢٠٠٢م.

  • (٤٣)

    حنفي، حسن: «الوحي والواقع: تحليل المضمون»، دمشق، مركز الناقد الثقافي، ٢٠١٠م.

  • (٤٤)

    حنفي، حسن: جذور التسلُّط وآفاق الحرية، القاهرة، مكتبة الشروق الدولية، ٢٠٠٥م.

  • (٤٥)

    حنفي، حسن: من العقيدة إلى الثورة، القاهرة، مدبولي.

  • (٤٦)

    حوراني، ألبرت: «الفكر العربي في عصر النهضة، ١٧٩٨–١٩٣٩م»، ترجمة: كريم عزقول، بيروت، نوفل، ١٩٩٧م.

  • (٤٧)

    الخالصي، محمد: الإسلام سبيل السعادة والسلام، بغداد، ط١، ١٩٥٣م.

  • (٤٨)

    الخراساني، محمد كاظم، كفاية الأصول، قُم، مؤسسة النشر الإسلامي، ١٤١٥ﻫ.

  • (٤٩)

    الخطيب الإسكافي، رسالة في العدالة، نشر هذه الرسالة: محمد خان، ليدن، ١٩٦٤م، ٣٨ص.

  • (٥٠)

    الخفاف، حامد: النصوص الصادرة عن سماحة السيد السيستاني في المسألة العراقية، بيروت، دار المؤرخ العربي، ٢٠٠٧م.

  • (٥١)

    الخيون، رشيد: المشروطة والمستبدة، بيروت، معهد الدراسات الاستراتيجية، ٢٠٠٦م.

  • (٥٢)

    الرفاعي، عبد الجبار: الدين والظمأ الأُنطولوجي، بيروت، دار التنوير، بغداد، مركز دراسات فلسفة الدين، ط٢، ٢٠٠٦م.

  • (٥٣)

    الرفاعي، عبد الجبار: محاضرات في أصول الفقه، ج١، بغداد، مركز دراسات فلسفة الدين، ط٤، ٢٠٠٧م.

  • (٥٤)

    الرفاعي، عبد الجبار: مقدمة في السؤال اللاهوتي الجديد، بيروت، دار الهادي، بغداد، مركز دراسات فلسفة الدين، ط٢، ٢٠٠٨م.

  • (٥٥)

    زركري نجاد، غلام حسين: رسائل مشروطيت، طهران، كوير، ١٣٧٤ش/١٩٩٥م.

  • (٥٦)

    زيدان، جرجي: مشاهير الشرق، القاهرة.

  • (٥٧)

    سروش، عبد الكريم: القبض والبسط في الشريعة، ترجمة: دلال عباس، بيروت، دار الجديد، ٢٠٠٢م.

  • (٥٨)

    سروش، عبد الكريم: مدارا ومديريت، طهران، صراط.

  • (٥٩)

    السيد، رضوان: الجماعة والمجتمع والدولة: سلطة الأيديولوجيا في المجال العربي الإسلامي، بيروت، دار الكتاب العربي، ١٩٩٧م.

  • (٦٠)

    السيف، توفيق: نظرية السلطة في الفقه الشيعي، بيروت، المركز الثقافي العربي، ٢٠٠٢م.

  • (٦١)

    شايغان، داريوش: «النفس المبتورة: هاجس الغرب في مجتمعاتنا»، بيروت، دار الساقي، ١٩٩١م.

  • (٦٢)

    شايغان، داريوش: «ما الثورة الدينية: الحضارات التقليدية في مواجهة الحداثة»، ترجمة وتقديم: محمد الرحموني، مراجعة: مروان الدايه، بيروت، المؤسسة العربية للتحديث الفكري ودار الساقي، ط١، ٢٠٠٤م.

  • (٦٣)

    شبستري، محمد مجتهد: ايمان وآزادي، طهران، طرح نو، ط٤، ١٣٨٢ش.

  • (٦٤)

    شبستري، محمد مجتهد: هرمونتك، كتاب وسنت، طهران، طرح نو.

  • (٦٥)

    الشرفي، عبد المجيد، الإسلام بين الرسالة والتاريخ، بيروت، دار الطليعة، ٢٠٠١م.

  • (٦٦)

    شريعتي، علي: مجموعه آثار، طهران.

  • (٦٧)

    الشريف المرتضى: الذخيرة في علم الكلام، تحقيق: أحمد الحسيني، قُم، مؤسسة النشر الإسلامي.

  • (٦٨)

    الشريف المرتضى، علي بن الحسين: الشافي في الإمامة، تحقيق: عبد الزهراء الحسيني الخطيب، طهران، ١٤١٠ﻫ.

  • (٦٩)

    شمس الدين، محمد مهدي: الاجتماع السياسي الإسلامي، بيروت: ١٩٩٩م.

  • (٧٠)

    شمس الدين، محمد مهدي: الأمة والدولة والحركة الإسلامية، بيروت، ١٩٩٤م.

  • (٧١)

    شمس الدين، محمد مهدي: نظام الحكم والإدارة في الإسلام، بيروت، ط٢.

  • (٧٢)

    شيمل، آنا ماري: «الشمس المنتصرة: دراسة آثار الشاعر الإسلامي الكبير جلال الدين الرومي»، ترجمة: عيسى علي العاكوب، طهران: وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي، ١٤٢١ﻫ.

  • (٧٣)

    صالح، هاشم: مدخل إلى التنوير الأوروبي، بيروت، دار الطليعة، ٢٠٠٥م.

  • (٧٤)

    الصدر، محمد باقر: الإسلام يقود الحياة، مركز الأبحاث والدراسات التخصصية للشهيد الصدر، قم، ط١، ١٤٢١ﻫ.

  • (٧٥)

    الصدر، محمد باقر: بحوث في علم الأصول، تقريرات: محمود الهاشمي، قم.

  • (٧٦)

    الطباطبائي، محمد حسين: الميزان في تفسير القرآن، بيروت، مؤسسة الأعلمي.

  • (٧٧)

    الطوسي، محمد بن الحسن: العُدة في أصول الفقه، قم، مؤسسة البعثة، ١٤١٧ﻫ.

  • (٧٨)

    عبد الرازق، مصطفى: الدين والوحي والإسلام، القاهرة، ١٩٤٥م.

  • (٧٩)

    عزام، عبد الوهاب: «محمد إقبال: سيرته وفلسفته وشعره من منظومة اسرار خودي»، مطبوعات الباكستان، ١٩٥٤م.

  • (٨٠)

    غولدتسيهر، إغناتس: العقيدة والشريعة في الإسلام، ترجمة: محمد يوسف موسى وصاحباه، القاهرة: دار الكتاب المصري، ١٩٤٦م.

  • (٨١)

    غولدتسيهر، إغناتس: مذاهب التفسير الإسلامي، ترجمة: عبد الحليم النجار، بيروت، دار اقرأ، ١٩٩٢م.

  • (٨٢)

    الفاضل التوني: الوافية، تحقيق: محمد حسين الرضوي، قُم، مجمع الفكر الإسلامي، ١٤١٢ﻫ.

  • (٨٣)

    فخري، ماجد «نصوص اختارها وقدَّم لها»: الفكر الأخلاقي العربي، بيروت، العلمية للنشر والتوزيع، ١٩٧٨م.

  • (٨٤)

    فخري، ماجد: تاريخ الفلسفة الإسلامية، ترجمة: كمال اليازجي، بيروت، الجامعة الأمريكية.

  • (٨٥)

    فضل الرحمن: «الإسلام وضرورة التحديث: نحو إحداث تغيير في التقاليد الثقافية»، ترجمة: إبراهيم العريس، بيروت، دار الساقي، ١٩٩٣م.

  • (٨٦)

    قراملكي، أحد فرامرز: مناهج البحث في الدراسات الدينية، ترجمة: سرمد الطائي، بيروت، معهد المعارف الحكمية، ٢٠٠٤م.

  • (٨٧)

    القشيري، أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن: الرسالة القشيرية، تحقيق: عبد الحليم محمود، ومحمود بن الشريف، القاهرة: دار الشعب.

  • (٨٨)

    كانط، إيمانويل: ‏في التربية والإجابة عن سؤال ما التنوير، بغداد،‏ دار الرافدين، ٢٠٢٢م.

  • (٨٩)

    كديور، محسن: سياست نامه خراساني، طهران، انتشارات كوير، ط١، ١٣٨٥ش.

  • (٩٠)

    الكواكبي، عبد الرحمن: طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد، بغداد، دار المدى، ٢٠٠٤م.

  • (٩١)

    لوسركل، جان جاك: عنف اللغة، بيروت، المنظمة العربية للترجمة، ٢٠٠٥م.

  • (٩٢)

    المحقِّق الحلي: معارج الأصول، تحقيق: محمد حسين الرضوي، قم، مؤسسة آل البيت، ١٤٠٣ﻫ.

  • (٩٣)

    المحقق الكركي، الشيخ علي بن الحسين: رسالة صلاة الجمعة، في: رسائل المحقق الكركي. تحقيق: محمد الحسون، قم، مكتبة السيد المرعشي، ١٤٠٩ﻫ.

  • (٩٤)

    المحقق الكركي: جامع المقاصد، تحقيق: مؤسسة آل البيت، ١٤١١ﻫ.

  • (٩٥)

    مطهري، مرتضى: الاجتهاد في الإسلام، ترجمة: جعفر صادق الخليلي، طهران، مؤسسة البعثة.

  • (٩٦)

    مغنية، محمد جواد: الخميني والدولة الإسلامية، بيروت، دار العلم للملايين، ١٩٧٩م.

  • (٩٧)

    الملاط، شبلي: «تجديد الفقه الإسلامي: محمد باقر الصدر بين النجف وشيعة العالم»، بيروت، دار النهار للنشر، ١٩٩٨م.

  • (٩٨)

    ملك زاده: انقلاب مشروطيت، طهران.

  • (٩٩)

    المودودي، أبو الأعلى: نحن والحضارة الغربية، بيروت، دار الفكر.

  • (١٠٠)

    موران، إدغار: «تربية المستقبل، المعارف السبع الضرورية لتربية المستقبل»، ترجمة: عزيز لزرق ومنير الحجوجي، الدار البيضاء، دار توبقال للنشر، ط١، ٢٠٠٢م.

  • (١٠١)

    النراقي، أحمد: عوائد الأيام، قُم، مكتبة بصيرتي.

  • (١٠٢)

    نصر، حسين: علم وتمدن در إسلام، طهران.

  • (١٠٣)

    همايون، ناصر تكميل (اعداد): مشروطه خواهي ايرانيان، طهران، مركز بازشناسي إسلام وإيران، ١٣٨٣ش/٢٠٠٤م.

  • (١٠٤)

    الوردي، علي: لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث، بغداد، مطبعة الرشاد.

الدوريات والصحف

  • (١)

    أكبري، معصومة علي، فرديد، فلسفة آغوشت به سياست، نشرية آفتاب، ع٢٨.

  • (٢)

    الجمالي، فاضل: «جامعة النجف الدينية»، ترجمة: جودت القزويني، مجلة الموسم، ع١٨ (١٩٩٤م).

  • (٣)

    حائري يزدي، مهدي: الإسلام وميثاق حقوق الإنسان، حولية «مكتب تشيع»، ١٩٦٢م.

  • (٤)

    حائري يزدي، مهدي: تشيع ومشروطيت، طهران، امير كبير، ١٣٦٣ش.

  • (٥)

    حنفي، حسن: لاهوت التحرير بين علم العقائد والتحرير الاجتماعي، مَجلة الجمعية الفلسفية المصرية، ع١٥، «٢٠٠٦م».

  • (٦)

    رجب، محمد: سخنرانى دكتر داورى درباره دكتر فرديد، مَجلة سوره (بهار ١٣٧٧ش).

  • (٧)

    سروش، عبد الكريم: العلوم الحديثة في العالم الإسلامي وإشكاليات التنمية العلمية، مجلة قضايا إسلامية معاصرة: ع٢٣، (ربيع ٢٠٠٣م).

  • (٨)

    شايغان، داريوش: «دين ودين پژوهي در روزگار ما در گفت وگو با دكتور داريوش شايغان»، هفت آسمان، ع٥، ربيع «٢٠٠٠م».

  • (٩)

    شايغان، داريوش: «هنوز اسطوره اي فكر ميكنيم»، حوار مع صحيفة «شرق»، الصادرة في طهران في ٥ / ٥ / ٢٠١٢م.

  • (١٠)

    شايغان، داريوش: التعايش بين الأديان والثقافات، مَجلة قضايا إسلامية معاصرة، ع٢٢، (شتاء ٢٠٠٢م).

  • (١١)

    شمس الدين، محمد مهدي: مَجلة المنهاج (بيروت) س٥: ع١٨ (صيف ٢٠٠١م).

  • (١٢)

    صادق، مهدي: تفكير مارتن هايدغر وأستاذ أحمد فرديد، نشريه نامه فلسفه، ع١١.

  • (١٣)
    صحيفة إيلاف الإلكترونية، ١٦ فبراير ٢٠١٨م. عن: https://ameinfo.com/technology/it/21_million_middle_east_jobless_soon.
  • (١٤)

    فتواي تحريم تنباكو وبيآمدهاي آن، مَجلة حوزه: ع٥٠ (خرداد ١٣٧١ش).

  • (١٥)

    نصر، حسين: المعرفة والأمر القدسي وضرورة العلم المقدس، مَجلة قضايا إسلامية معاصرة، ع٢٣، (ربيع ٢٠٠٣م).

١  مؤتمر «إشكالية التحيز»، القاهرة: ١٠–١٣ فبراير ٢٠٠٧م، تحت رعاية «برنامج حوار الحضارات في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية – جامعة القاهرة، والمعهد العالمي للفكر الإسلامي».
٢  عبد الكريم سروش: العلوم الحديثة في العالم الإسلامي وإشكاليات التنمية العلمية، مَجلة قضايا إسلامية معاصرة، ع٢٣، ربيع ٢٠٠٣م، ص٦١.
٣  د. مهرزاد بروجردى: روشنفكران ايرانى وغرب، ترجمة: جمشيد شيرازي، طهران، فرزان، ١٩٩٨م، ص١٠٤.
٤  المصدر السابق، ص١٠٨.
٥  د. محمد رجب: سخنرانى دكتر داورى درباره دكتر فرديد، مَجلة سوره (بهار ١٣٧٧)، ص٥١–٥٤.
٦  مهدي صادق: تفكير مارتن هايدغر وأستاذ أحمد فرديد، نشريه نامه فلسفه، ع١١.
٧  معصومة علي أكبري: «فرديد، فلسفة آغوشت به سياست»، نشرية آفتاب، ع٢٨.
٨  د. مهرزاد بروجردى: مصدر سابق، ص١٠٧.
٩  داريوش آشوري: «اسطورة ي فلسفة در ميان ما: بازديدي از أحمد فرديد ونظرية غرب زدگي»، طهران، ١٣٨٣ش، ص٨–٢١.
١٠  د. سيد حسين نصر: علم وتمدن در إسلام، ص٢٢.
١١  د. مهرزاد بروجردى: مصدر سابق، ص١٢٢.
١٢  د. سيد حسين نصر: مصدر سابق، ص٣٢٤.
١٣  د. مهرزاد بروجردى: مصدر سابق، ص١٢٥.
١٤  د. سيد حسين نصر: المعرفة والأمر القدسي وضرورة العلم المقدس، مَجلة قضايا إسلامية معاصرة، ع٢٣، ربيع ٢٠٠٣م، ص١١٥–١٢١.
١٥  د. مهرزاد بروجردى: مصدر سابق، ص١٢٧–١٢٩.
١٦  د. مهرزاد بروجردى: مصدر سابق، ص١١٥.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٥