أسماء أخرى
بعد تحقيق المقصود باسم العرب في الزمن القديم، نستطرد إلى تحقيق أسماء الأمم والبلاد التي عاصرت العرب في تلك الحقبة كما عرفها اليونان، وانتقلت منهم إلى الأوروبيين والشرقيين بعد شيوع الثقافة اليونانية؛ فإن تحقيق هذه الأسماء لازم لمعرفة المدى الذي انتهت إليه علاقات اليونان بتلك الأمم، وتحقيق ما استفادوه منها أو استفادته منهم على اختلاف الروايات والدعاوى في الأزمنة المتأخرة.
فاليونان يتوسعون كثيرًا في تسمية البلاد والأمم وإطلاق الاسم على موضعه وعلى المواضع التي تجاوره في بعض الأحوال، وقد يتفق لهم عكس ذلك في تخصيص جزء من الأرض بالاسم الذي يعمها ويشملها مع غيرها، لرابطة المشابهة والجوار.
ومن ذلك أنهم أطلقوا اسم سورية على الإقليم المشهور بين شواطئ البحر الأبيض الشرقية وبلاد الروم وتخوم العراق، ثم توسعوا بها حتى شملت «آشورية»، وأصبح اسم السريان عندهم عَلمًا على الآراميين في الرقعة الواسعة التي يسكنونها من وادي النهرين إلى سيناء وأطراف الحجاز.
واليونان وضعوا اسم «أثيوبية» — ومعناه الوجوه المحترقة — وأرادوا به البلاد التي عرفها العرب قديمًا وحديثًا باسم الحبشة، ثم شملوا بها اليمن وسموها بأثيوبية الآسيوية، وأوشكوا بعد ذلك أن يعمموا اسم الأثيوبيين على الأفريقيين السود جميعًا، وهم الكوشيون في عُرف اليهود والناقلين عنهم من شُرَّاح الكتب الدينية.
ومصر القديمة سماها اليونان باسم مدينة كبتوس «قفط» ثم أطلقوا اسم «جبتوس» على القُطر كله، وهو الاسم المشهور الآن في اللغات الأوروبية.
والهند سُميت كلها باسم نهرها المعروف في الغرب الشمالي منها، وما زالت حتى أصبح يُقَال عن «الأندوس»: إنه نهر في الهند، وهي منسوبة إليه.