الماسونية

الماسونية كلمة اشتُقَّت من اسم فرانك ماسون، وهي حركة دينية تهدف إلى خلق اتحاد ديني عالمي، بدأت في بريطانيا، وانطلقت منها إلى أنحاء العالم. وقد سأل عبد القادر المغربي أستاذه جمال الدين الأفغاني: فما هو المبدأ الماسوني؟ وما هو مختصر تاريخ الماسونيين؟

قال الأفغاني: إن الماسونية نشأت في أوروبا (هكذا كان يسميها الأفغاني)، وكان الغرض من نشوئها في الأصل إضعاف السلطة البابوية.

قال المغربي: إذن هي مسيحية محضة في نشأتها، وفي أغراضها التي ترمي إليها، فما لها ولغير المسيحيين؟

قال الأفغاني: «إن السبب الأصلي في قيام الماسونية هو ما قلناه من مقاومة سلطة البابا، لكن أربابها لما دوَّنوا تعاليمها رأَوا — تقوية لها أو لأنفسهم — أن يدخلوا فيها، ويُعدُّوا من أبنائها، وبذلك أصبحت الماسونية شيعة سياسية، أو حزبًا سياسيًّا لا شائبة للدين فيه، غير أن دعاتها يشترطون على من أراد الانتساب إليها أن يكون معتقدًا بوجود الله، وببقاء النفس، من حيث يؤدي ذلك إلى سلامة البشر من الإلحاد، وإفاضة المدنية على مجتمعه.»١
ذلك هو تفسير الأفغاني للماسونية: بواعثها، ونشأتها، وأهدافها. والثابت تاريخيًّا، أن الأفغاني انضم إلى الماسونية في ١٨٧٥م، في أثناء إقامته في مصر، لكنه — في رواية محمد عبده — لم يلبث أن اكتشف عدم فائدتها في دعم نشاطه السياسي والاجتماعي، فضلًا عن نشاطه الديني، فانسحب منها. كان أعضاء المجلس يحرصون على إبعاد الماسونية عن السياسة حتى لا تبطش بهم الحكومة، واستفز الأفغاني ذلك الاتجاه، فخطب في الأعضاء قائلًا: «كنت أنتظر أن أسمع وأن أرى في مصر كل عجيبة، ولكن ما كنت لأتخيل أن الجبن يمكن أن يدخل بين أسطوانتَي المحافل الماسونية إذا لم تتدخل الماسونية في سياسة الكون، وفيها كل بناء حر. وإذا كانت آلات البناء التي بيدها لا تُستعمَل لهدم المفاسد ولتشييد معالم حرية صحيحة وإخاء ومساواة، ولدك صروح الظلم والجور، فلا حملت يد الأحرار مطرقة حجارة، ولا قامت لبِنايتهم زاوية قائمة.٢ ثم هجر الأفغاني الماسونية جميعًا، وأدانها: أول ما شوَّقني للعمل في بناية الأحرار الماسونية عنوان كبير خطير: حرية، مساواة، إخاء، غرض منفعة الإنسان، سعي وراء دك الظلم، تشييد معالم العدل المطلق. فحصل لي من كل هذا وصف للماسونية، وهو همة للعمل، وعزة نفس وشمم، واحتقار للحياة في سبيل مقاومة الظلم. لكن — مع الأسف — أرى أن جراثيم الأثرة والأنانية وحب الرياسة، والعمل من جماعات بمقتضى أهوائهم، وخضوعًا لشرق عن بُعد سحيق يعتوره تهديد ووعيد، وغير ذلك من الأمور التي ما تأسست الماسونية الحرة إلا لملاشاتها، واعتبرت من يصدع ويعمل بها من جبابرة الملوك والحكام أنهم من الخوارج. فالماسونية — على شكلها هذا وتقاليدها — ليست فقط قديمة العهد، بل هي لم تزل في المهد، وستختنق في المهد، ولا تدرج منه.»٣ وقال جمال الدين: «إذا لم تدخل الماسونية في سياسة الكون — وفيها كل بناء حر — وإذا آلات البناء التي بيدها لم تُستعمَل لهدم القديم، ولتشييد معالم حرية صحيحة، وإخاء، ومساواة، وتدك صروح الظلم والعتو والجور، فلا حملت يد الأحرار مطرقة حجارة، ولا قامت لبنايتهم زاوية قائمة.» ويجدر بنا التنبه إلى أن هجوم النديم على محافل الماسونية آنذاك لم يكن بالبساطة التي تناولت بها بعض الأقلام، فيما بعد — نشاط تلك المحافل. ويكفي للتدليل على قوة حجمها أيام النديم، أن الذي أسسها هو القنصل الإنجليزي بالقاهرة (هو إيفلين بارنج، الذي حمل لقب لورد فعُرِف باللورد كرومر!)، وأن المحافل الماسونية ضمَّت إلى عضويتها كبار رجال الفكر والسياسة، وأنها — أي المحافل الماسونية — كانت تتدخل لحماية أنشطتها وأعضائها ضد إرادة الخديو نفسه!
وبعد أن نفَّض الأفغاني يديه من الماسونية، لجأ إلى تكوين جماعة مصر الفتاة التي يقول الإمام إنها أنشئت في الإسكندرية و«لم يكن فيها مصري حقيقي، بل كان أكثر أعضائها من الشبان اليهود المنتمين إلى الأجانب. وقد رفعت هذه الجمعية لائحة إلى الخديو، فيها من مطالب الحرية ما يستحق الاعتبار، وأنشأت بعد ذلك جريدة «مصر الفتاة» فكانت تنشر فصولًا حادة الانتقاد وشديدة الموعظة، على حين كان أولئك الأجانب — في ظل الاستبداد — يقرضون الفلاح المائة بمائتين في بضعة أشهر، وكانوا يتصرفون في المصريين كتصرف حكومتهم بهم. لكن ما حظ الأجانب في مصر من إطلاق الحرية للمصريين، وتخويلهم الإصلاح المرغوب؟ لو صحَّ شأن المصريين واستنارت عقولهم، وكان لهم رأي في إدارة بلادهم، هل تزيد الضرائب ويضيق على الفلاح في أدائها حتى يأخذ المائة بمائة في بضعة أشهر، وهو إنما يأخذها من الأجنبي؟ ولو وُضع نظام ثابت للحكومة المصرية يكفل للأهالي سعادتهم، هل يمكن للأجانب أن يتمتعوا بالسلطة والنفوذ اللذين يتمتعون بهما تحت السلطة الاستبدادية، وأن يكونوا حكامًا في اقتضاء ديونهم، واستخدام المصريين في مصالحهم؟» … إلخ.٤ مع ذلك، فإن جرجي زيدان يتحدث عن تلك الجمعية ذات الطابع السري بأن من أعضائها جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده وأديب إسحق وعبد الله النديم ونقولا توما من كبار المفكرين آنذاك، أصدروا — باسم الجمعية — جريدة «مصر الفتاة» لإيهام أولي الأمر — على حد تعبير جرجي زيدان — بوجود جمعية سرية يُخشى بأسها، وليست الجمعية في حقيقة الأمر إلا محرري تلك الجريدة الذين تبلورت أهدافهم في مقاومة حكم إسماعيل، لذلك كانوا يُصدِرون الجريدة باللغتين العربية والفرنسية «ليوهموا الخديو أنها لسان حال جمعية كبرى من الإفرنج والوطنيين، تسعى في خلع إسماعيل أو قتله، وكان إسماعيل يخشاها، ويبحث عن أعضائها، فلم يهتدِ إليهم.»٥

•••

يصف محمد عبد الله عنان الماسونية — أو البناء الحر كما يسميها، وهو الاسم الحقيقي في رأيه — بأنها «من أعظم وأقدم الجمعيات السرية التي ما زالت قائمة، ولها شُعب وفروع في معظم الأمم المتمدينة، ولكن نشوءها ما زال غامضًا مجهولًا، وغاياتها الحقيقية ما زالت سرًّا حتى على أعضائها أنفسهم.»٦ لكن عبد الله عنان يجيب على تساؤله عن القوة الخفية التي تسيِّر الماسونية ولا تُرَى، بأنها القوة اليهودية.٧ المعنى نفسه يؤكده الكاتب اليهودي برنار لازار: «لقد كان حول مهد الماسونية يهود!»٨
لا أحد يدري متى، ولا أين بدأت الماسونية، حتى الدراسات المتخصصة تؤكد هذه الحقيقة، وبين أوراق المحفل المصري نشرة رقم ١ تحمل تاريخًا هو ٥٩٠٦، يتحدد لدى الماسون بأربعين قرنًا قبل الميلاد. لكن بعض المؤرخين المحدثين يذهب إلى أن بداية الماسونية لم تسبق الأديان السماوية،٩ وإن اتفقت الاجتهادات في غياب أصل الماسونية. لا أحد يدري — ولو بالتخمين! — أين وُلِدت، ومتى، والأشخاص الذين روَّجوا لها في أعوامها الأولى، والجهة التي تقف وراءها، وأهدافها المستتِرة والمعلَنة، لا أحد يدري من التاريخ القديم لتلك المنظمة شيئًا، حتى إن البعض يجد في فترة تيه اليهود في سيناء — أيام النبي موسى — بداية وجود الماسونية، وكما يقول ألبرت تشيرشوارد، فقد أذيعت آراء ونظريات كثيرة متناقضة عن أصل جمعية إخوان البناء الحر، وعن زمان نشأتها ومكانها، وعن السبب الذي قامت من أجله، وعن الأقسام والرسوم التي تنقسم إليها درجاتها المختلفة. لكن كل ما كُتِب عن ذلك — حتى الآن — ليس إلا نظريات لا تستند إلى أسس حقيقية.١٠
ثمة اجتهاد أن الماسونية ترجع إلى عهد الملك سليمان، فقد خطط مع حكماء اليهود في ٩٢٩ق.م. لغزو العالم سلميًّا لصالح اليهود.١١ ويتفق مؤرخو الماسونية على أن القدس هي المهد التاريخي والأسطوري للماسونية العالمية، وأن تأسس أول المحافل بالقدس في ١٨٧٣م خلال الحكم العثماني. ثم توالى إنشاء المحافل، حتى بلغ عددها في ١٩٧٠م، ٦٤ محفلًا، تضم ٢٥٠٠ عضو عامل من اليهود والمسيحيين والمسلمين والدروز.١٢ وثمة رواية أخرى في كتاب «المحفل الأكبر»، وهي أن مبادئ الماسونية انطلقت من مصر «وباسم مصر العزيزة ونيلها العذب وسمائها الصافية وهوائها العليل، مهد العلم والعرفان ومهبط الحكمة والإلهام، منها بزغت شمس الماسونية، وانتشرت مبادئها السامية في القرون الأولى، فكانت نجمًا ساطعًا يهدي الأمم المعاصرة لها من الظلمات إلى النور.١٣ ويُرجِع محمد صفوت السقا أميني وسعدي أبو حبيب تاريخ بداية الماسونية إلى العصور الحديثة، فقد جاءت أول إشارة إلى الماسونية في ١٣٧٦م حينما انتُخِب لعضوية البرلمان عضو من الماسون، وقد أنشئ أول محفل ماسوني علني في بريطانيا سنة ١٧١٧م باسم المحفل المتحد العظيم، وهو محفل لا يزال قائمًا حتى الآن.١٤ واللافت أن الماسونية تضم إليها أعضاء من كل الأديان والملل، لكنها تحظر أن يكون من بين أعضائها يهود، لأنها — مثل البهائية — تهدف — كما يقول منشور كليمنت الثاني عشر (١٧٣٨م) الذي حرَّم نشاطها — إلى تقويض المسيحية وكل الأديان من داخل مجتمعاتها، فلا تبقى إلا ديانة واحدة هي اليهودية.١٥
أما ومحمد علي علوبة فإنه يحدد الماسونية بأنها ثلاث مراتب: أولاها، الماسونية الكونية، وهي أرقاها، وأعضاؤها من اليهود الخُلص، يُدعَون بالحكماء، ويرأسهم الحكيم الأعظم، وهي المركز ومصدر السلطات لكل المحافل الماسونية، وإن كان مركز النشاط مجهولًا، وعدد أعضائها غير معروف. أما المرتبة الثانية فهي الماسونية الملوكية المسماة العقد الملوكي، وغالبية أعضائها من اليهود، ويُسمون الرفقاء، ولا يُسمَح لغير اليهود بالانتساب إليها، إلا لمن ثبت إخلاصه في عضوية الماسونية الرمزية. والماسونية الرمزية هي المرتبة الثالثة ويدخل فيها من يتم اجتذابه من أتباع الديانات الأخرى، وعليهم الطاعة المطلَقة دون أن يُتاح لهم التعرف إلى أنشطة الماسونية ولا أهدافها، عدا الطقوس والحركات التي تؤدَّى في داخل الحجرات المغلقة، بدعوى خدمة الإنسانية من خلال ذلك، ومن خلال ألفاظ الإخاء الإنساني والحرية وغيرها.١٦ ويوضح الأخ الماسوني «رحيس» لأعضاء محفل الشرق الأعظم بفرنسا (١٩٢٨م) وسيلة عمل الماسونية بالقول: «علينا أن ندرس في هياكلنا المحفوفة بالصمت والسكينة، جميع المسائل المتعلقة بحياة المدن والأمة والإنسانية، وإن إخواننا سيزوَّدون بمعلومات وافية، ولن يغادروا هذا المحفل إلا وهم على علمٍ تامٍّ ومجهَّزون للكفاح، لكنهم سيودعون في محفلهم مسوحهم وصفاتهم، وينزلون إلى المدن كمواطنين عاديين، وإن كانوا مشبَّعين بروحنا، وسيقوم كلٌّ منهم بعمله في بيئته المهنية، وفي حزبه، ونقابته، بوحي ضميره، لكني أعود فأكرر أنهم يستوحون في ذلك تعليمات يتلقَّونها.»١٧ ويطرح محمد علي علوبة السؤال: «لِم تكون الماسونية سرية، ولم تُتخَذ رموز خاصة بين الماسون؟ ولم تكن الشارات والعلامات في محافل الماسون كلها يهودية؟ ولم جُعِلت طبقات الماسونية ثلاث، لا يرقى فيها أحد من غير اليهود إلا إلى الطبقة الثانية «الماسونية الملوكية»، بشرط أن يجتاز امتحانًا صعبًا، يُثبِت إخلاصه وصدق خدماته للماسونية؟ ولم يحرَّم على الجوييم — أي غير اليهود — تحريمًا باتًّا الدخول في الماسونية الكونية، تلك الطبقة العليا التي لا يعرف أحدٌ أعضاءها أو رئيسها أو مركزها — حتى لو كان من عامة اليهود أنفسهم — وإنما تُلقي أوامرها من علٍ، كأنها وحي لا تجوز مخالفته، وقد يقضي بالهلاك على من يخالف أمرًا أو يفشي سرًّا.»١٨ وسُلم الدرجات الماسونية ٣٣ درجة، على العضو أن يتدرج فيها منذ بداية انضمامه، ووقوفه على جانب الهيكل (المصطلح — مثل أكثر المصطلحات الماسونية — يهودي!) حتى يردد صيغة القسم: «أقسم بين يدَي الله العلي القدير، خالق الكون الأعظم، وأتعهد بإرادتي واختياري أن أصون وأكتم الأسرار والرموز الماسونية التي تُباح لي الآن، أو فيما بعد، ولا أبوح بها لأحد، إلا للأخ الصادق والمحفل العادل التام المنتظم بعد الدم والاختيار والامتحان بأنه أهل للثقة، وأتعهد بألَّا أكتب هذه الأسرار، ولا أطبعها، ولا أحفرها، ولا أنقشها، ولا أدل عليها بوجه من الوجوه.»١٩ وتقول نشرة المشرق الأعظم في فرنسا (١٨٥٦م): «نحن الماسونيون لا يمكننا أن نتوقف عن الحرب بيننا وبين الأديان، لأنه لا مناص من ظفرنا أو ظفرها، ولا بد من موتها أو موتنا، ولن نرتاح إلا بعد إقفال المعابد جميعها.» وفي نشرة المحفل الفرنسي الأكبر (١٩٢٣م): «إن غايتنا — قبل كل شيء — هي إبادة الأديان جميعًا.» إن أركان هيكل سليمان تعتمد على الماسونية، التي تعمل على مستوى العالم، تضع خطط السيطرة، وتصدر المؤامرات، وتدبر الانقلابات، وتعمل على أن يتحرك العالم وفق الاستراتيجية الصهيونية. وقد أخذت الماسونية — فيما بعد — أسماء متعددة، مثل الروتاري (١٩٠٥م)، الليونز (١٩٥١م)، البناي برث (١٨٣٤م)، شهود يهوه، البهائية، القاديانية. وجميعها تلتقي بالدرجات والرموز وتأويل الحروف والأعداد، وتدور حول إعادة بناء الهيكل.٢٠ والمصطلحات المعلَنة للماسونية معظمها يهودي، بدءًا بالهيكل الذي يذكِّرنا بهيكل سليمان، مرورًا بعشرات المصطلحات التي تواجه المرء في خطوات انضمامه إلى الماسون، وكل التعبيرات وكلمات التعارف المستعمَلة ليست مصرية أو يونانية أو فارسية أو كلدية، بل عبرية.٢١ والدرع التي تستعمَل في المحفل الأكبر، رسمها يهودي، وصوَّرها على مثل الرموز والأساطير اليهودية.٢٢ ومن تعاليم المجامع الماسونية: «إن أعظم واجب للماسوني الأوروبي، هو تمجيد الجنس اليهودي وعبادته، لأنه حافظ على المستوى الكهنوتي للحكمة.»٢٣ لذلك جاء القول بأن الماسونية — من حيث العقيدة والأهداف — إنما هي اليهودية؛ إن اليهودية والماسونية وجهان لعملة واحدة.٢٤ ومن ينضم إلى الماسونية، فإنه يقسم على إخفاء الرموز والأسرار والطلاسم، ويلتزم بأنه لو ضيَّع طلسمًا أو رمزًا، أو أفشى سرًّا، فإن عليه أن يتقبَّل عقوبات تصل إلى قطع الرأس، أو قطع الحلق ونزع اللسان من الجذور، أو الدفن في رمال شاطئ البحر، أو شق صدره، ونزع قلبه، لتأكله الطيور الجارحة، أو يُلقى فريسة لوحوش الغابة، أو يُحرَق جثمانه ليصير رمادًا يذرى، فتحركه الرياح الأربع حتى لا يبقى له أثر.٢٥

•••

يؤرخ جُرجي زيدان للماسونية في مصر، بأنها تعود إلى عهد بناة الأهرام والمعابد الضخمة، ثم عادت في العصر الحديث مع الحملة الفرنسية سنة ١٧٩٨م. فقد أسس نابليون وكليبر وبعض القادة الفرنسيين محفلًا ماسونيًّا في القاهرة. أما الإمام محمد عبده فيذهب إلى أن الماسونية دخلت مصر في أواخر العهد الإسماعيلي، وكان القنصل الإنجليزي هو مؤسِّس أول مجمع ماسوني في مصر.٢٦ ثم أقيمت بضعة محافل ماسونية، وحرص إسماعيل على تشجيعها، تصورًا منه بأنها ربما تفيده في أزماته المتوقعة. وانضم الأفغاني إلى أحد تلك المحافل» «ولكنه لم يجد لها قيمة فخرج منها.»٢٧ ويؤكد عبد القادر المغربي أن الأفغاني «انتظم في سلك الماسونية لينفسح له المجال أمام الأعمال السياسية.»٢٨ لم ينشئ الأفغاني الماسونية — كما أشارت بعض الأقلام — لكنه انضم إلى أحد محافلها القائمة بالفعل — المحفل الاسكتلندي — لكنه — كما تبيَّن للأفغاني — كان يرفض السياسة، فأنشأ الأفغاني في ١٨٧٨م محفلًا تابعًا للشرق الفرنسي، سمَّاه جمعية الماسون العربية، وشجع الكثيرين على الانضمام إليه، حتى بلغ عددهم نحو ثلاثمائة، قسَّمهم إلى شُعب هي: شعبة المالية، شعبة الحقانية، شعبة الجهادية، شعبة الأشغال العامة. وكما يقول جورجي زيدان، فقد كان المحفل «يشتغل بعلم الحكومة، لا يخشى اضطهادًا، ولا يبالي بما يقوله القائلون. والتحق به قسم عظيم من رجال البلاد من وطنيين وأجانب، وفي جملتهم البرنس حليم باشا ابن ساكن الجنان محمد علي والأمير عبد القادر الجزائري المشهور.»٢٩ ومن خلال ذلك المحفل، ومن خلال الصحف التي كان يتولى تحريرها تلاميذه، ومن خلال دروسه وندواته وتلاميذه «وضع يده على زمام الأمور في مصر.»٣٠ والواقع أنه يصعب إدانة الأفغاني على انضمامه للماسونية إطلاقًا، ذلك لأنه ما لبث أن تخلى عنها، وأدانها، وهاجم قوانينها وتعاليمها. فهو — كما أشرنا — قد انتقل من محفل ماسوني إلى محفل ماسوني آخر، لأن أعضاء المحفل الأول كانوا يحرصون على إبعاد الماسونية عن السياسة، حتى لا تبطش بهم الحكومة، ووجد الأفغاني في ذلك التخوف ما دفعه إلى ترك المحفل.

•••

كان أول المحافل المعلَنة ما أنشأه بعض أبناء الجالية الإيطالية في الإسكندرية سنة ١٨٣٠م، ثم أنشئ محفل آخر بالقاهرة في ١٨٣٨م، ثم أنشئ محفل ثالث بالإسكندرية في ١٨٤٥م تحت رعاية محفل الشرق الأعظم الفرنسي. وكان لذلك المحفل دوره المؤكد في نشر الماسونية بمصر؛ فقد ضم إليه — من غير الأوروبيين — الأمير حليم بن محمد علي، والمطالِب بعرش مصر من الخديو إسماعيل، والأمير عبد القادر الجزائري، وغيرهما. ثم توالى إنشاء المحافل التابعة للمجلس العالمي الإيطالي، والمجلس العالمي الفرنسي، والشرق الأعظم الفرنسي، والمجلس الأعظم الإنجليزي.٣١ ولعل أخطر ما أقدمت الماسونية عليه، حين حاولت سلطات الاحتلال دفع الضباط المصريين إلى تلقي العلم على يد ماسونيين من الإنجليز. يقول عباس حلمي في مذكراته: «كان جنودنا يتلقَّون العلم على يد ماسونيين من الإنجليز. وكان ضباطنا بعد التخرج في المدرسة يُدعَون إلى الالتحاق بالماسونية الإنجليزية.٣٢ وكان رئيس المخابرات البريطانية في مصر رئيسًا للمحفل الماسوني الإنجليزي في وقت واحد، ولم يكن الضباط غير المنتمين إلى ذلك المحفل يُقبَلون على الإطلاق في قيادة القوات.»٣٣

•••

ظهر كتاب «بروتوكولات حكماء صهيون» — للمرة الأولى — في روسيا عام ١٩٠٤م، وهو يتضمن مخطط التآمر الصهيوني الماسوني للسيطرة على العالم، وبعد أن تُرجم الكتاب إلى الإنجليزية والألمانية. اعتُبِر اليهود الماسون عملاء سريين، أسهموا في إشعال نيران الحرب العالمية الأولى، وهزيمة ألمانيا؛ لذلك كان اضطهاد النازي — أعوام الحرب العالمية الثانية — للشيوعيين والماسون واليهود.٣٤
وعلى الرغم من تأكيد الماسونية على عدم تدخلها في السياسة، فإن مشاركة الماسونية للصهيونية أسفرت عن ملامحها في ١٩٢٢م، عندما توقع وايزمان رئيس المنظمة الصهيونية العالمية، أن يهاجم الفلسطينيون احتفالات اليهود بمولد النبي موسى، فطلب من مندوب المنظمة بالقاهرة (كان لها مندوب وصحف وأعوان!) أن يقنع بعض «أهل الثقة المصريين» بتوجيه بيان إلى الفلسطينيين، يحثُّهم على التزام الهدوء في أثناء احتفالات اليهود، ودفع المندوب ألف جنيه إلى رئاسة المحفل الماسوني الأكبر الوطني المصري — بوساطة شيخ العروبة! أحمد زكي باشا، فأصدر بيانًا في الثاني من أبريل عام ١٩٢٢م، إلى عموم محافل فلسطين وأهلها، يدعوه فيه إلى السلام والوئام مع اليهود «يا أهل فلسطين … تذكروا أن اليهود قد ركبوا متن الغربة، فأفلحوا ونجحوا، ثم هم اليوم يطمعون للرجوع إليكم لفائدة وعظمة الوطن المشترك، بما أحرزوه من مال، وما اكتسبوه من خبرة وعرفان.»٣٥ واستفز البيان مصريًّا ماسونيًّا هو سيد علي الحريري صاحب جريدة «النظام»، فكتب يوضح أنه كان يظن أن الجمعية الماسونية جمعية خيرية تساعد الضعفاء، ويضيف: «لم نكن نعرف إنها جمعية سياسية تدعو إلى الاستسلام لمغتصبي حقوق الشعوب، وإلى الاستسلام للصهاينة وتركها تعمل ما تشاء.» وكان ذلك البيان بداية تنبُّه عدد من المثقفين المصريين إلى نيَّات الصهيونية ومخططاتها، وتراجع واضعو بيان المحفل الماسوني، واعتبروا بيانهم «سوء تفاهم يُوجِب الأسف»، لكن التشكك كان قد فرض نفسه على الكثير من المصريين الذين كانوا قد انضموا إلى الماسونية، فوجَّهوا إليها حملات انتقاد، تعيب عليها السرية في أنشطتها، بينما شعارها المعلَن هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بما لا يخرج عما يدعو إليه — علانية — القرآن والإنجيل. وكانت البطريركية المرقسية تطعن — علانية — في الماسونية، وتشكك في نيَّاتها، وحتى عام ١٩٣١م، كان في أنحاء مصر ٣٥١ محفلًا ماسونيًّا، ثم تقلص دور الماسونية في الحياة المصرية، رغم انضمام أسماء كبيرة إليها، حتى أعلن جمال عبد الناصر حلَّها في ١٩٦٤م. والحق أن مجرد استقراء المنضمين إلى الماسونية، يشكك في أنهم كانوا — أو غالبيتهم في الأقل — يعلمون بالدور المشبوه الذي تؤديه مصالح الحركة الصهيونية؛ بحيث إنهم شاركوا فيه. ثمة ولي الدين يكن، حسين رشدي، محمد فريد، الملك فؤاد (لُقِّب بحامي حمى الماسونية الأعظم، المحفل الأكبر الوطني المصري للبنائين الأحرار القدماء المقبولين (تقرير الأعمال لعام ١٩٣١م)) إسماعيل صبري، أحمد زكي، خليل مطران، حفني ناصف، إسماعيل صبري، أحمد فتحي زغلول، سعد زغلول (وكان نائب أستاذ أعظم شرفيًّا حتى عام ١٩٢٢م!)، عدلي يكن، عبد الخالق ثروت، أحمد زكي أبو شادي، علي شعراوي، محمد حافظ رمضان، محمد مظهر سعيد، حسين شفيق المصري، فؤاد أباظة، الشيخ حسن مأمون، اللواء علي شوقي، يوسف وهبي، حسين رياض، أحمد ماهر، الشيخ محمد أبو زهرة، أحمد سيف اليزل، فؤاد سراج الدين الذي تبوَّأ منصب الأستاذ الأعظم منذ ١٩٥٠م إلى ما بعد قيام الثورة بعامين. إنها زعامات مصرية وعربية يستحيل الشك في وطنيَّتها، ولا عبرة — على حد تعبير فتحي رضوان — بانضمام هذه الشخصيات التاريخية إلى الماسونية «فقد يكونون من كبار المخدوعين في التاريخ.»٣٦ وقد ظل الأمير محمد علي، ولي عهد الملك فاروق — لفترة طويلة — يمارس نشاطًا ماسونيًّا.٣٧

•••

لاندز يتحدث عن اليهود «الذين كانوا — ذات يوم — شعبًا من المزارعين والرعاة، يشغلون جزءًا صغيرًا من الشرق الأدنى، ثم شتَّتهم الحروب والاضطهاد في جميع أنحاء البحر المتوسط وغرب آسيا، ثم رحلوا بعد ذلك إلى أبعد أماكن الدنيا. وحيث أقاموا كانوا يستفيدون من الرابطة التي بينهم التي تغذيها البغضاء والشك من جانب غير اليهود المحيطين بهم، وفي داخل جماعتهم كانوا مضطرين أن يساند بعضهم البعض في حالة الشدة، ويعملون مع بعضهم في وقت الرخاء، وكانوا يسافرون من بلد إلى آخر، واليهودي الذي ينزل على غيره من اليهود لم يكن يُعتبَر غريبًا أبدًا. لقد كان اتصالهم بإخوتهم في الدين يعني ارتباطًا ثمينًا، ولا أحد غيرهم يستطيع أن يحدد بسهولة البلاد التي في حاجة إلى سلع، أو الفرص القائمة للربح، وأكثر من ذلك فلم يكن عند أحدهم، مثل هذه الشبكة الكاملة والنشيطة من المخابرات في أنحاء العالم لشئون السياسة، أو شئون التجارة.»٣٨ وكانت مدارس اليهود في مصر تحرص على تدريس التلمود لطلبة الفصول المتقدمة، ويصف إلياس الأيوبي التلمود بأنه «كتاب اليهود الشارح للتشريع شرحًا يُعتبَر تشريعًا جديدًا، وهو أعز عليهم من التوراة عينها.»٣٩

•••

وإذا لم تكن الصهيونية قد حققت نجاحًا مؤكدًا في عهد السلطان عبد الحميد، فإنها قد استطاعت أن تحقق ذلك النجاح المؤكد من خلال جماعة الاتحاد والترقي بواسطة ضم أعداد كبيرة من اليهود إليها على وجه سري، وبواسطة الائتلاف في الماسونية بين قيادات الحركة الصهيونية وزعماء جمعية الاتحاد والترقي.٤٠ وقد بعث السفير البريطاني في إسطنبول رسالة إلى وزارة خارجيته، وصف فيها جماعة الاتحاد والترقي بأنها «تبدو في تشكيلها الداخلي تحالفًا يهوديًّا-تركيًّا مزدوجًا.»٤١
كانت منظمة الاتحاد والترقي تعقد اجتماعاتها الأولى في سالونيك، في بيوت بعض اليهود المنتمين للجنسية الإيطالية والجمعيات الماسونية الإيطالية، حتى تحميهم جنسيتهم من الخضوع لأوامر التفتيش أو القبض أو المحاكمة. واستعانت الجماعة — في إعداد مخططاتها، وفي تنفيذها — بأساليب الجمعيات الماسونية.٤٢ وكان من بين شُعَب جماعة الاتحاد والترقي أحد فروع منظمة «النيهيلست» الدولية التي وَضعت في مقدمة اهتماماتها اضطهاد روسيا لليهود.٤٣

•••

واللافت أن الدعوات العبرية الهدامة ضد المسيحية والإسلام، تعود إلى فترات تاريخية باكرة:

  • وعلى سبيل المثال، فإن دعوة عبد الله ميمون التي أسفرت عن انفجار أعظم حركات هدامة عرفها الإسلام، كانت — كما يؤكد ابن الأثير — بتحريضٍ وتعضيد من الدعاة اليهود.٤٤
  • يرى ديشان Dechamps أن الدعوة إلى السحر والخفاء التي شكَّلت تيارًا كاسحًا في المجتمعات الأوروبية منذ مطالع القرن السادس عشر، كانت ترجع إلى تعاليم الكابالا السرية، وهي التعاليم العبرية في أمور الخفاء ومدارك الغيب. يقول فولتير: «كان اليهود هم الذين يُلتجأ إليهم عادة في تأييد الشئون السحرية، وهذا الوهم القديم يرجع إلى أسرار الكابالا التي يزعم اليهود أنهم وحدهم يملكون أسرارها.»٤٥ وكان اليهود يبذلون جهودًا سرية نشِطة منذ ظهور المسيحية والإسلام لهدمهما، انتقامًا لليهودية.٤٦
  • وفي ١٧٥٤م أنشأ مارتين دي باسكالي جمعية «صفوة الأحبار» التي عُرفت — فيما بعد — بجمعية المارتينيين، وهو يهودي إسباني وإن اتخذ النصرانية شعارًا لطائفته،٤٧ وهو الأسلوب نفسه الذي اتَّبعه يهود الدونمة.
  • أما جمعية الصليب الوردي، أو صليب الندى التي ظهرت في القرن السابع عشر، فلم تكن سوى «شعبة من شُعب الثورة على النصرانية، وثمرة لحركة الهدم الشاملة التي كانت تقصد إلى سحق جميع المبادئ الدينية والأخلاقية في العصور الوسطى.»٤٨ كانت — كما يقول أحد الكُتاب — «عصابة من اليهود والكاباليين العبريين، يرى مذهبهم أن كل الأشياء تختفي في ظل جلال الحقيقة، أو في ظل الخفاء المقدس.» وقال كاتب آخر عن الجماعة «إن الشيطان كان إمامها، ومبادئها إنكار الله، والطعن في مبدأ التثليث وتحقير العذراء وجميع القديسين.»٤٩
  • وأسَّس الكونت سان جرمين — وهو يهودي برتغالي — جمعية القديس ياكن التي كانت ذروة أنشطة الجمعيات السرية في القرن الثامن عشر.

هوامش

(١) عبد القادر المغربي، جمال الدين الأفغاني — اقرأ — الطبعة الثانية، ٦٧–٧٥.
(٢) صلاح عيسى، الثورة العرابية، ٢٦١.
(٣) أقلام ثائرة، ٣٨-٣٩.
(٤) مذكرات الإمام محمد عبده، تحقيق طاهر الطناحي، طبعة هيئة قصور الثقافة، ٥٤-٥٥.
(٥) جرجي زيدان، تاريخ آداب اللغة العربية، دار الهلال.
(٦) محمد عبد الله عنان، تاريخ الجمعيات السرية والحركات الهدامة، مطابع الهلال بمصر، ١٩٢٦م، ٨٧.
(٧) المرجع السابق، ١٠٤.
(٨) تاريخ الجمعيات السرية والحركات الهدامة، ١٠٤.
(٩) الدوحة، مايو ١٩٨٤م.
(١٠) تاريخ الجمعيات السرية والحركات الهدامة، ٨٧.
(١١) كامل سعفان، الساعة الخامسة والعشرون، دار الأمين، ٤٥.
(١٢) الأهالي، ١ / ٢ / ١٩٩٣م.
(١٣) المحفل الأكبر، ١١٨.
(١٤) الدوحة، مايو ١٩٨٤م.
(١٥) موسوعة فلاسفة ومتصوفة اليهودية، ١٨.
(١٦) محمد علي علوبة، فلسطين والضمير الإنساني، ١٩٦٤م، ٧٨.
(١٧) المرجع السابق، ١٧٣.
(١٨) المرجع السابق، ١٧٣.
(١٩) الدوحة، مايو ١٩٨٤م.
(٢٠) كامل سعفان، الساعة الخامسة والعشرون، دار الأمين، ٤٦.
(٢١) تاريخ الجمعيات السرية والحركات الهدامة، ٩٠.
(٢٢) المرجع السابق، ٩٤.
(٢٣) صابر عبد الرحمن طعيمة، الصهيونية في التاريخ.
(٢٤) الفجر الجديد (ليبية)، العدد ٤٩٥.
(٢٥) الساعة الخامسة والعشرون، ٥٣.
(٢٦) أدب وتاريخ واجتماع، ٤٣٤.
(٢٧) التاريخ السري للاحتلال الإنجليزي لمصر، ٦٤٢.
(٢٨) عبد القادر المغربي، جمال الدين الأفغاني، ٣٤.
(٢٩) جرجي زيدان، تاريخ الماسونية العام منذ نشأتها إلى اليوم، مطبعة المحروسة، ١٨٩٩م، ٢١٠.
(٣٠) فجر الحياة النيابية في مصر، ٩٢.
(٣١) الأهالي، ١٥ / ٢ / ١٩٩٣م.
(٣٢) الاتجاهات السياسية والفكرية والاجتماعية، ١٧.
(٣٣) المصري، ٥/٥ / ١٩٥١م.
(٣٤) الأهالي، ١٥ / ١٢ / ١٩٩٢م.
(٣٥) المجلة، العدد ٢٦٠.
(٣٦) الدوحة، مايو ١٩٨٤م.
(٣٧) الأهرام، ٦ / ٢ / ١٩٧٠م.
(٣٨) دافيد س. لاندز، بنوك وباشوات، ت. عبد العظيم أنيس، دار المعارف، ٢٨-٢٩.
(٣٩) تاريخ مصر في عهد إسماعيل، نقلًا عن مصر الإسلامية والحبشة المسيحية، ١: ٢١٥.
(٤٠) تاريخ الأستاذ الإمام، ٢٦٠-٢٦١.
(٤١) موسوعة القضية الفلسطينية، هيئة الاستعلامات، ١: ١٤٤.
(٤٢) الذئب الأغبر، ٩.
(٤٣) المرجع السابق، ٣٠.
(٤٤) تاريخ الجمعيات السرية والحركات الهدامة، ٧١.
(٤٥) محمد عبد الله عنان، تاريخ الجمعيات السرية والحركات الهدامة، مطبعة الهلال بمصر، ١٩٢٦م، ٧٢.
(٤٦) المرجع السابق، ٧١.
(٤٧) المرجع السابق، ١١٣.
(٤٨) المرجع السابق، ٧٦.
(٤٩) المرجع السابق، ٧٦.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٥