تنظيمات نسائية
صدر مرسوم ملكي في ١٩٢٣م برفع سن الزوجة إلى ست عشرة سنة، وسن الزواج إلى ثماني عشرة سنة وقت العقد، وعلى الرغم من الأغنية التي عارضت القانون: أبوها راضي وأنا راضي … ما لك أنت بقى وما لنا يا قاضي، فقد اعتُبر القانون مكسبًا للمرأة المصرية.
وفي ١٩٤٢م أعلنت فاطمة نعمت راشد قيام الحزب النسائي — وهو أول هيئة نسائية تظهر إلى جانب الاتحاد النسائي — ومن أهدافه:
-
مساواة المرأة بالرجل والنهوض بها، برفع مستواها الأدبي والفكري والاجتماعي.
-
السعي بكل الوسائل المشروعة لتنال المرأة المصرية حقوقها القومية والسياسية والاجتماعية كاملة، فيكون لها حق الانتخاب والتمثيل النيابي، والتمتع بحقوقها كمواطنة مصرية.
-
قبول المرأة في كل وظائف الدولة، متى كان لديها المؤهلات اللازمة لشغل هذه الوظائف.
-
إعطاء العاملات حق التمتُّع بكل قوانين العمال، ومساواتهن بهم في جميع الحقوق، ووجوب إشراكهن في النقابات، ومنحهن إجازات كاملة للوضع بأجرٍ كامل، وإنشاء دور لحضانة الأطفال حتى عودة الأمهات من العمل.
-
منع تعدد الزوجات، ومنع إطلاق حرية الطلاق، بالعمل على تقييدهما إلا للضرورة الطارئة.
-
تحسين النفقات الشرعية، ووجوب سرعة البت فيها.
-
رفع سن الحضانة عن السن المقررة إلى تلك الفترة: ١٤–١٦.
وقد واجه الحزب النسائي — غداة إعلان تكوينه — حملة عنيفة من الاتحاد النسائي، فقد اتهمه بإيقاع الفُرقة والانقسام في صفوف الحركة النسائية، لكن فاطمة نعمت راشد ردَّت الحملة بدفاع طويل، قررت فيه أن الاتحاد النسائي فتر نشاطه، ولم يعُد يمثِّل من الحركة إلا الأنشطة الاجتماعية، وأنها لم تنقسم على الاتحاد لأنها لم تكن عضوًا فيه، وإنما كانت تتعاون معه في أنشطة الحركة النسائية بكتابة المقالات في الصحف.
وفي ديسمبر ١٩٤٤م انعقد المؤتمر النسائي بالقاهرة، وكان المؤتمر موضع اهتمام كثير من رجال الصحافة والأدب والاجتماع، لكن المؤلم أن أكثر النقد والتعليق كان موسومًا بطابع الفكاهة، أو التندُّر، ثمة من يرى أن تُمنَح النساء حق عضوية مجلس الشيوخ، ومن يروي قصصًا هزلية عن نساء روسيا «الشيوعيات»، ومن ينادي بضرورة حذف واو الجماعة، إذا أجيب المؤتمر إلى طلبه الخاص بحذف نون النسوة … إلخ.
•••
إذا كانت المجهودات النسائية الفردية قد استطاعت أن تلم شتاتها منذ مطالع القرن العشرين، في تنظيماتٍ جماعية، فإنها قد ظلَّت تعاني فقدان الإيجابية، لاعتبارات عدة:
-
كانت المرأة تطالب بحقوقها، وقوفًا تحت ظل الرجل، فلم يكن ثمة مجال للرفض، أو الفرض، أو التمرد، كان الأمر أقرب إلى تقديم إلى «الالتماسات» التي يقبلها الرجل، أو يرفضها.
لخصت الراوية في «مذكرات طبيبة» تلك المعركة، معركة الرجل والمرأة، مساواة المرأة بالرجل، بأنها معركة مزيفة.
-
غلبة النظرة الدينية إلى المرأة، وأنها ناقصة عقل ودين، أضعفت من فرصة المرأة لتحقيق ذاتها، ومغادرة أسوار التخلف.
-
وقد غابت المرأة عن التنظيمات السياسية والنقابية ذات التأثير، وكانت أسباب منع اشتراك المرأة في عضوية النقابات غاية في السخف، مثل القول بأن التقاليد تأبى ذلك، لما يترتب على العمل النقابي من اجتماعاتٍ في أوقاتٍ متأخرة من الليل لا تتناسب وطبيعة المرأة.١٤
-
إن كل القرارات التي كانت تتخذها تلك التنظيمات كانت تتم في غيبة المرأة، رغم أنها أصبحت تمثِّل — بالتدريج — وجودًا حقيقيًّا ومؤثرًا في القاعدة العمالية، ومن ثَم فإن المرأة كانت تفتقد الصوت الذي يتنبَّه لحقوقها كَربَّة أسرة عاملة، تعاني الظروف الاقتصادية نفسها التي يعانيها رب الأسرة العامل.
شاركت المرأة في المظاهرات الشعبية عام ١٩٤٦م، كما ساهمت في اللجنة التنفيذية للطلبة والعمال التي قادت حركة الجماهير آنذاك.
وحددت إنجي أفلاطون عدة مبادئ رئيسية، يقوم على أساسها تحرير المرأة المصرية، وتحقيق المساواة بين الجنسين، وهي:
- أولًا: تحريم تعدد الزوجات تحريمًا تامًّا.
- ثانيًا: تقييد حق الرجل المطلَق في الطلاق، والمساواة بين الزوجين في حق الطلاق، على ألَّا يُستخدَم هذا الحق إلا على يد القاضي.
- ثالثًا: تحريم الزنا تحريمًا تامًّا على الزوجين، والمساواة في العقوبات بينهما.
- رابعًا: تحريم ضرب الزوجة، وإلغاء نظام الطاعة.
- خامسًا: نشر التعليم بين النساء، وتشجيع التعليم العام، والتوسع في إنشاء المدارس الثانوية للبنات، ورفع التعليم الأوَّلي إلى مستوى التعليم الابتدائي.
- سادسًا: ضمان حق المرأة في العمل، وفي الجمع بين العمل والزواج، وتحريم طرد النساء العاملات عند زواجهن.
- سابعًا: إنشاء دور حضانة للأطفال، ورعايتهم في أثناء عمل الأمهات.
- ثامنًا: المساواة بين الجنسين في الوظائف والعمل والأجور والضمانات الاجتماعية.
- تاسعًا: تقرير حق المشتغلات الحوامل في إجازة الوضع المدفوعة الأجر.
- عاشرًا: الاعتراف للمرأة بالحقوق السياسية كاملة بدون قيدٍ ولا شرطٍ.٢٠