الإسلام بين العلم والمدنية
واكب الحداثة الغربية منذ بداية القرن السادس عشر وحتى منتصف القرن العشرين، ظواهر سلبية شتى كامنة في بنيتها، وتمثلت هذه الظواهر في عمليات تهجير واستعباد الأفارقة، وإبادة الهنود الحمر، والدمار البيئي المصاحب للتطور التكنولوجي … وغيرها، وقد أفرزت الحداثة الغربية بنية معرفية موازية لتلك البنية المادية قائمة على خطاب الهيمنة، تمثلت في إدعاء عالمية النموذج الغربي وعلمية نظرياته ومناهجه، وبالتالي إقصاء التراث الحضاري للأمم غير الغربية، باعتباره تراثًا معادٍ للتقدم والعلم، وهو ما دفع بمفكري هذه الأمم ممن يمتلكون وعيًّا نقديًّا حرًّا في تلك الفترة إلى الدفاع عن تراثهم، وإثبات صلاحيته للنهوض والتقدم، وكان من بين هؤلاء الإمام محمد عبده الذي يرى في الإسلام دينًا وحضارةً، فوضح في هذا الكتاب موقف الإسلام من العلم والمدنية، كما دافع عنه ضد الذين حملوا عليه من المغرضين ورجال الاستعمار، حيث عمل الإمام على إبراز المعاني الإنسانية والعمرانية والاجتماعية وبيّن عدم التعارض بينها وبين الإسلام، وقد ناقش ذلك في إطار عدة قضايا منها: اشتغال المسلمين بالعلوم الأدبية والعقلية، والعلاقة بين الإسلام ومدنية أوروبا.