إشكاليات القراءة وآليات التأويل
«هذه الدراسات يجمعها همٌّ فكري واحد، هو همُّ إشكاليات القراءة بشكل عام، وقراءة التراث بشكل خاص. ولأن التراث متعدِّد متنوِّع، من حيث المجالات والاتجاهات، فقد تَعدَّدت المجالات التي تتناولها هذه الدراسات بين اللغة والنقد والبلاغة والعلوم الدينية. ولمَّا كان التعدُّد والتنوُّع لا ينفي الوحدة في إطارها النظري العام، فقد كانت هذه الدراسات بمثابة تجارب جزئية متنوِّعة تهدف إلى اكتشاف الروابط الخفيَّة بين مجالات الفكر التراثي وصولًا إلى وحدته.»
إن أيَّ قراءة لا تبدأ من فراغ، بل من طرح أسئلةٍ تبحث لها عن إجابات؛ وطبيعة الأسئلة هي التي تُحدِّد للقراءة آلياتها. وتتحدد إشكالية القراءة وفقًا لبُعدين؛ أحدهما اكتشاف الدلالات في سياقها التاريخي الثقافي الفكري، والآخر الوصول إلى المَغزى المعاصر للنص التراثي في أي مجال معرفي، كما تتحدد إشكاليات التأويل وفقًا لطبيعة الأسئلة التي تصوغها القراءة انطلاقًا من الموقف الحاضر وجوديًّا ومعرفيًّا. ومن ثمَّ فإن هذا الكتاب يُلقي الضوء على إشكاليات القراءة بشكل عام وقراءة التراث بشكل خاص، وذلك عبر مَحاور ثلاثة؛ الأول نظري يقوم على تحليل نظرية تأويل النصوص «الهرمنيوطيقا»، والكشف عن الجذور المعرفية والأساسية لآليات الفهم والتأويل في التراث العربي. والثاني تجريبي يتناول مفهوم المجاز في علم الكلام، ومفهوم النَّظم عند «عبد القاهر الجرجاني»، والكشف عن آليات التأويل في كتاب «سيبويه». والثالث يتضمن قراءة «أدونيس» للتراث في كتابه «الثابت والمتحول»، وقراءة «إلياس خوري» لأزمة النقد والإبداع العربيَّين في كتابه «الذاكرة المفقودة».