متى تكون الضربة الأخيرة؟
أرسل «أحمد» رسالة سريعة بالشفرة إلى «مصباح»: «الإشارة خضراء …»
رد «مصباح» بالمثل: إنها الحل الوحيد …
أخذت أصوات الأقدام تقترب، فتفرق الشياطين كلٌّ في طرف، حتى تكون المسألة أكثر سهولة … ظهر أول أفراد الحراسة، وكان الليل مظلمًا تمامًا، حتى لم يكن من الممكن أن يميز أحد شيئًا، وكان هذا من حسن حظ الشياطين، غير أن ما حدث، لم يتوقعه الشياطين. فعندما ظهر الحارس الأول، غمر أحد أطراف القاعدة بضوء البطارية التي يحملها وهو ينادي: «دوم»! أين أنت؟
كان الضوء قد تركز على ظهر «بو عمير» وأضاف الحارس: يبدو أن الجو بارد، حتى إنك قد انكمشت قليلًا!
ظل «بو عمير» في مكانه لا يتحرك، في نفس اللحظة، كان قد ظهر بقية الحراس، وفي يد كل منهم بطارية يضيء بها اتجاه.
أرسل «أحمد» رسالة إلى الشياطين جميعًا: «الإبرة المخدرة. الضوء … أخضر …»
وفي لمح البصر، ضغط «أحمد» زر الضوء، فلمع اللون الأخضر، والتفت الشياطين في وقت واحد، ورفع كل منهم مسدسه، وأطلق طلقة مخدرة، ما كادت تصيب الحراس حتى توقفوا لحظة، ثم تهاوَوْا جميعًا على سطح القاعدة.
أسرع الشياطين، كل إلى أحد الحراس، وما إن حمل كل منهم الحارس المكلف به، حتى كان قائد الحراسة الليلية يأخذ طريقه إلى السطح، نظر الشياطين إلى بعضهم، وأشار «أحمد» بسرعة إلى البراميل، فاتجهوا إليها مباشرة … وفي هدوء، أنزل كل منهم حارسه داخل برميل، ثم تزاملا. سار «أحمد» و«بو عمير» معًا، وسار «مصباح» و«باسم» معًا إلى حافة القاعدة، وكأنهم يقومون بالحراسة الليلية. وعندما وصل قائد الحرس إلى السطح، كان الظلام يُخفي كل شيء.
وقف القائد عند آخر درجة ثم نادى: «جاك» … لماذا لم تنزل الحراسة السابقة؟ إن «ليما» و«دوم» و«باك» و«بول» لم ينزلوا إلى عنبر الحراسة!
لم يرد أحد من الشياطين، وطالت فترة الصمت حتى إن القائد قال: «جاك»! ألا تسمعني؟
كان الشياطين بعيدين عن مكان القائد، ولم يكن هناك حل، غير أن «باسم» قدم الحل بسرعة. فلقد تمايل قليلًا، ثم صرخ: آي. أمعائي، إن أمعائي تتمزق … ثم تهاوى على الأرض.
أسرع الشياطين إليه، في نفس اللحظة التي أسرع فيها القائد إليهم جميعًا. لقد فهم الشياطين اللعبة التي لعبها «باسم»، ولم يكد يقترب القائد، حتى كان «مصباح» قد عاجله بضربة قوية، جعلته يئن، ثم ينحني، فانهال عليه بضربة أقوى جعلته يتهاوى، لكنه لم يسقط. وفي هدوء، كان «باسم» الملقى على الأرض قد ضربه في قدمه، فسقط.
في نفس اللحظة، كان بقية الشياطين يقفون في تحفُّز، في انتظار أن يظهر شيء جديد. مرت لحظة صمت، وكان قائد الحراسة لا يزال ملقى على الأرض.
قال «أحمد»: يجب أن نتخلص منه، وهناك الحراس الأربعة، فإن مفعول المخدر لن يستمر طويلًا …
قال «باسم»: أظن أن مياه المحيط هي الحل الصحيح. إننا نتخلص من القوة الموجودة، شيئًا فشيئًا …
انحنى «مصباح» و«بو عمير»، وحملا قائد الحراسة ثم اقتربا به من حافة القاعدة، وفي هدوء ألقيا به إلى المحيط. وبسرعة اتجه الشياطين إلى البرميل، وحمل كل منهم أحد الحراس، وفي هدوء أيضًا، كان الحراس الأربعة يأخذون طريقهم إلى مياه المحيط.
قال «مصباح»: لقد تركنا الموضوع الأهم! ثم أسرع إلى مكانه، وبدأ يتلقى رسائل جهاز التَّنَصُّت.
في نفس الوقت كان «أحمد» يتسمَّع إلى عنبر البحارة، وما يقال فيه. بينما وقف «بو عمير» و«باسم» يحرسان الموقف كله. ولم تمر لحظات حتى أرسل «مصباح» رسالة إلى «أحمد»: «إن «زوس» و«بال» سوف يأخذان طريقهما إلى السطح …»
كانت هذه فرصة طيبة، يمكن أن يستغلها الشياطين. في نفس الوقت كان «أحمد» يرسل رسالة إلى «مصباح» فقد كان كل منهما في طرف: «إن هناك مجموعة حراسة خاصة، سوف تصحب «زوس» و«بال».»
بدأ الشياطين يستعدون. وكان من الواضح أن المرحلة المقبلة هي أصعب المراحل. ومرت الدقائق بطيئة تمامًا. كانت الرياح تهب في هدوء، ولم يكن هناك صوت يمكن أن يُسمَع.
فجأة، بدأت أصوات أقدام تقترب، فتَسَمَّع الشياطين لصوت الأقدام وهي تقترب … ثم أشار «أحمد» إشارة سريعة إلى «مصباح» و«باسم» فاقتربا من السلم الموصِّل إلى السطح. وسأل: كم عددهم؟
قال «مصباح»: اثنان …
ظل صوت الأقدام يقترب، ثم بدأت تصعد السلم. تَحفَّز «مصباح» و«باسم» لظهور أي شخص. توقف صوت الأقدام، فأرسل «أحمد» رسالة سريعة إلى «مصباح»: «بدأ البحث عن الحراس …»
فجأة، بدأت أصوات كثيرة تُسمع داخل القاعدة، وبدأت أقدام كثيرة تجري هنا وهناك، ثم دوَّت في الليل صَفَّارةٌ متقطعة، وعرف الشياطين أنها صَفَّارةُ جمع البحارة، ولم يكن أمام الشياطين وقت للانتظار. أرسل «أحمد» رسالة شفرية بواسطة الدقات إلى الشياطين جميعًا: القفز إلى الماء …
وفي أقل من لحظة، كان الشياطين ينزلقون على جوانب القاعدة إلى مياه المحيط. وعندما أصبحوا أسفلها، سحبوا السلالم، ثم اختفَوْا في الماء. كانوا لا يزالون بملابس الغوص، بعد أن خلعوا ملابس الحرس. وبسرعة، أخذوا طريقهم إلى أسفل القاعدة، واختفَوْا.
أخرج «أحمد» جهاز تنَصُّت مغناطيسي، ثم ألصقه بأسفل القاعدة … وضبط زرًّا فيه. تحرك الجهاز آخذًا طريقه إلى جانب القاعدة، ملتصقًا به، وظل يصعد تبعًا للمسافة التي ضبطها «أحمد» حتى توقف قريبًا من السطح. كانت هناك حركة غير عادية فوق القاعدة … أما أسفلها فكان «أحمد» يتابع كل ما يدور عن طريق جهاز التنصُّت.
كان الكلام الذي سمِعه «أحمد»: «أين الحراس؟» ورد واحد: سوف أتمم على قوة الحراسة الموجودة حالًا …
عرف «أحمد» أن القوة تصطف، عندما سمع دقات الأحذية. ثم بدأ الحراس في نداءات العد، حتى إذا انتهوا، قال واحد منهم: أين الكابتن؟
رد آخر: لقد خرج منذ قليل للمرور على الحراسة.
قال الصوت الأول: إن الحراس ينقصون ثمانية! أين كشف الأسماء؟
مرت لحظات صمت، ثم بدأ صوت يقرأ الأسماء حتى نادى اسم «ليما»، فلم يرد أحد … وكذلك عند أسماء «دوم» و«باك» و«بول». وقال واحد: لقد كانت هذه نوبة أول الليل!
وتتالت الأسماء، وعندما جاء اسم «جاك» لم يرد أحد ثم تتالت الأسماء، ولم يرد أحد عندما نودي على «نورث» و«داج» و«رست»، وقال صوت: إن هذه هي النوبة الثانية!
وقال قائد الحرس: لقد اختفوا جميعًا! «جليم»! تولَّ التمام؛ حتى أنزل عند الكابتن «بال»!
ورد «جليم»: تمام أيها الكابتن «ديد»!
بدأت أقدام الكابتن «ديد» تبتعد، حتى أصبحت خافتة تمامًا. كان «أحمد» ينقل للشياطين كل ما يحدث أولًا بأول، فقال: يجب أن نعرف ماذا يتم في غرفة القيادة، حيث يوجد «زوس» والكابتن «بال».
قال «بو عمير»: سوف أنتقل إلى المؤخرة، فهي دائمًا تقع هناك …
وسبح «بو عمير» إلى مؤخرة القاعدة، ثم ألصق سماعة مكبرة أسفلها، وبدأ يستمع إلى الحديث الذي يدور هناك …
ديد: لقد اختفى تسعة رجال! قائد حراسة الليل، والنوبة الأولى، والثانية …
ومرت فترة صمت، ثم قال صوت: لا بد أن هناك شيئًا خطيرًا أيها الكابتن «بال»! وعرف «بو عمير» أن الذي يتحدث هو «زوس».
ورد الكابتن «بال»: سوف أرى ذلك بنفسي يا سيدي.
بدأت أصوات الأقدام تتحرك، ونزع «بو عمير» السماعة، ثم سبح إلى الشياطين، ونقل إليهم ما سمعه. كان «أحمد» قد بدأ يلتقط أصوات أقدام الكابتن «بال» والكابتن «ديد». صعدت الأقدام إلى السطح، ثم جاء صوت كابتن «بال»: «ديد»! «زيث»! …
«جليم»! … «فورست»!
صمت صوت «بال» وبدأت هذه الأقدام تتجمع، ثم تأخذ طريقها في اتجاه جهاز التنصُّت المغناطيسي. أصبح الصوت واضحًا تمامًا. وقال «بال»: إن اختفاء تسعة من رجالنا يعني أن هناك عملية ما، حول القاعدة. وهذا يعني أنه لا بد من التصرف بسرعة. عليكم تجهيز فرقة غوص كاملة، لتمسح المنطقة حول القاعدة، وسوف أرسل زوارق الطوربيد فورًا، لتقوم بدورها …
صمت «بال» قليلًا، ثم أكمل: «جليم»! أَرْسِل فرقة الغوص الخاصة، لتمسح المنطقة أسفل القاعدة، أرجو أن يتم ذلك في أقل من ربع ساعة …
استمع الشياطين إلى هذه التعليمات، وبدءوا يتصرفون فورًا. أخذوا طريقهم إلى حيث يقف زورقهم. كانوا يعرفون أن مهمتهم قد اقتربت من النهاية، وأن عليهم أن يدخلوا المواجهة الأخيرة.
كانوا يسبحون في هدوء. ولم يكن هناك ما ينبئ عن أي تحرك قريب منهم، قبل نصف ساعة على الأقل، كان الوقت يمر ببطء، فما زال أمامهم ربع كيلومتر حتى يصلوا إلى الزورق. بدءوا يتخاطبون عن طريق الأجهزة الإلكترونية التي يحملونها.
قال «باسم»: ينبغي أن نبتعد عن المنطقة تمامًا الآن …
مصباح: أعتقد أن العكس هو الصحيح. إن علينا أن نضرب ضربتنا قبل الصباح …
بو عمير: ماذا لو أرسلنا رسالة إلى رقم «صفر»؟
كان «أحمد» يستمع إلى آرائهم، دون أن ينطق بكلمة. لقد كان يفكر في «خالد»، أين هو الآن؟ ولماذا لم يتصل بهم حتى هذه اللحظة؟
سأل «بو عمير»: إننا لم نسمع رأي «أحمد»؟
قال «أحمد»: عندما نصل إلى الزورق، علينا أن نكون أكثر سرعة قبل أن يصلوا إلينا. فلا بد أن تكون ضربتنا في القاعدة ذاتها …
صمت الشياطين، وبدءوا يزيدون سرعتهم، ولم يمضِ وقت طويل، حتى ظهر الزورق، وعندما اقتربوا منه، وبدءوا يدخلون، كانت هناك رسالة. لقد كان جهاز الاستقبال يضيء إضاءات متقطعة، فعرفوا أنها رسالة هامة وسريعة.
أسرع «أحمد» إلى الجهاز وبدأ يتلقى الرسالة، ومع أول كلمة، ظهرت ابتسامة على وجهه، لاحظها الشياطين.
وقال «بو عمير»: من أين؟
ولم يرد «أحمد» بسرعة، لقد انتظر؛ حتى يستمع إلى الرسالة كاملة.