رحلة في فكر زكي نجيب محمود
«في استطاعتي أن أقول، في اطمئنانٍ وثقة: إن «زكي نجيب محمود» ليس أستاذًا عاديًّا يلقِّنك معلوماتٍ أو مجموعةً من المعارف وينتهي دوره، وإنما هو معلِّم من الطراز الأول؛ إنه المعلِّم الذي يهزُّ تلاميذه هزةً عنيفة يستحيل بعدَها أن يعودوا كما كانوا؛ من هنا كان الطالب الذي تتلمذ عليه ولم يتأثَّر بما يقول، ولم ينفعل، سلبًا أو إيجابًا، بكلماته، كالصخر الأجرد الذي يسيل عليه الماء، فينحسر عنه لأنه مغلَق أصمُّ ولا رجاءَ فيه!»
دراسةٌ متكامِلة صِيغت بين شَغاف القلب، أعدَّها «إمام عبد الفتاح» عن أستاذه «زكي نجيب محمود»، تناوَل فيها شخصيتَه التي لمسها بنفسه لقُربه منه أكثر من ثلاثين عامًا، كما تناوَل تطوُّرَ رحلته الفكرية التي مرَّت بثلاث مراحل؛ الأولى التديُّن الخالص أو البسيط الذي بدأ في كُتَّاب القرية، ومال به في شبابه نحوَ التصوُّف؛ ثم مرحلة العقل الخالص التي تميَّزت بالنظرة العلمية إلى الظواهر، ونقد الحياة الاجتماعية؛ ثم المرحلة الثالثة التي أطلق عليها التديُّن المستنير بنور العقل، والتي ظهرت بواكيرها في كتاب «الشرق الفنَّان» عام ١٩٦٠م، ثم اكتمل نضجُها أثناء وجوده في جامعة الكويت، واستمرت حتى وفاته عام ١٩٩٣م. كما قدَّم «إمام» دراسة مستفيضة للفلسفة الثنائية عند فيلسوفنا؛ فتحدَّث عن معنى الفلسفة الثنائية، سواء أكانت إبستمولوجية أو ثنائية أنطولوجية أو ثنائية ثقافية، وعن إسهامات الفيلسوف ومكانته في مسار النهضة العربية.