فلما كانت الليلة ٨٢٧
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أنهم لم يزالوا سائرين طول الليل إلى الصباح، والخيل تسير بهم كالبرق الخاطف، فلما طلع النهار مدَّ كلُّ واحدٍ يدَه في خرجه وأخرَجَ منه شيئًا وأكله، وأخرَجَ ماءً وشربه، ثم جدُّوا في السير، ولم يزالوا سائرين والعفريت أمامهم وقد عرَّج بهم عن الطريق إلى طريق أخرى غير مسلوكة على شاطئ البحر، وما زالوا يقطعون الأوديةَ والقفار مدةَ شهر كامل، وفي اليوم الحادي والثلاثين طلعت عليهم غبرة سدَّتِ الأقطارَ وأظلَمَ منها النهار، فلما نظرها حسن لحقه الاصفرار، وقد سمعوا ضجات مزعجة، فالتفتَتِ العجوز إلى حسن وقالت له: يا ولدي، هذه عساكر جزائر واق قد لحقونا، وفي هذه الساعة يأخذوننا قبضًا باليد. فقال لها حسن: ما أصنع يا أمي؟ فقالت له: اضرب الأرض بالقضيب. ففعل فطلع إليه السبعة ملوك وسلَّموا عليه وقبَّلوا الأرض بين يدَيْه وقالوا له: لا تخَفْ ولا تحزن. ففرح حسن بكلامهم وقال: أحسنتم يا سادة الجن والعفاريت، هذا وقتكم. فقالوا له: اطلع أنت وزوجتك وولداك ومَن معك فوق الجبل وخلونا نحن وإياهم؛ لأننا نعرف أنكم على الحق وهم على الباطل، وينصرنا الله عليهم. فنزل حسن هو وزوجته وولداه والعجوز عن ظهور الخيل، وصرفوا الخيل وطلعوا على طرف الجبل. وأدرك شهرزاد الصباح، فسكتَتْ عن الكلام المباح.