فلما كانت الليلة ٧٥٣
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الملك بدر باسم لم يزل سائرًا هو والملكة لاب وأتباعها إلى أن وصلوا إلى باب القصر، ثم ترجَّلَ الأمراء والخدام وأكابر الدولة، وقد أمرت الحجاب أن يأمروا أرباب الدولة كلهم بالانصراف، فقبَّلوا الأرض وانصرفوا، ودخلت الملكة والخدام والجواري في القصر، فلما نظر الملك بدر باسم إلى القصر، رأى قصرًا لم يَرَ مثله قطُّ، وحيطانه مبنية بالذهب، وفي وسط القصر بِرْكة عظيمة غزيرة الماء في بستان عظيم، فنظر الملك بدر باسم إلى البستان، فرأى فيه طيورًا تناغي بسائر اللغات والأصوات المفرحة والمحزنة، وتلك الطيور من سائر الأشكال والألوان، فنظر الملك بدر باسم إلى مُلْك عظيم، فقال: سبحان الله مِن كرمه وحلمه يرزق من يعبد غيره، فجلست الملكة في شباك يشرف على البستان، وهي على سرير من العاج وفوق السرير فرش عالٍ، وجلس الملك بدر باسم إلى جانبها فقبلته وضمته إلى صدرها، ثم أمرت الجواري بإحضار مائدة، فحضرت مائدة من الذهب الأحمر مرصعة بالدر والجوهر، وفيها من سائر الأطعمة، فأكلا حتى اكتفيا وغسلا أيديهما، ثم أحضرت الجواري أواني الذهب والفضة والبلور، وأحضرت أيضًا جميع أجناس الأزهار وأطباق النقل. ثم إنها أمرت بإحضار مغنيات، فحضر عشر جوارٍ كأنهن الأقمار بأيديهن سائر آلات الملاهي. ثم إن الملكة ملأت قدحًا وشربته، وملأت آخَر وناولت الملك بدر باسم إياه فأخذه وشربه، ولم يزالا كذلك يشربان حتى اكتفيا، ثم أمرت الجواري أن يغنين، فغنين بسائر الألحان، وتخيل للملك بدر باسم أنه يرقص به القصر طربًا، فطاش عقله وانشرح صدره، ونسي الغربة وقال: إن هذه الملكة شابة مليحة ما بقيت أروح من عندها أبدًا؛ لأن ملكها أوسع من ملكي، وهي أحسن من الملكة جوهرة، ولم يزل يشرب معها إلى أن أمسى المساء، وأوقدت القناديل والشموع، وأطلقوا البخور، ولم يزالا يشربان إلى أن سكرا والمغنيات يغنين، فلما سكرت الملكة لاب قامت من موضعها، ونامت على سرير، وأمرت الجواري بالانصراف، ثم أمرت الملك بدر باسم بالنوم إلى جانبها، فنام معها في أطيب عيش إلى أن أصبح الصباح. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتَتْ عن الكلام المباح.