فلما كانت الليلة ٨١٣
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن العجوز لما قالت للسيدة منار السنا: أيُّ شيء هذا الكلام يا سيدتي؟ أتخافين عليهما من أختك؟ سلامة عقلك، وإنْ خالفتِ الملكةَ في هذا الأمر لا يمكنكِ المخالفة، فإنها تعتب عليك، ولكن يا سيدتي ولداك صغيران، وأنتِ معذورة في الخوف عليهما، والمحب مُولَع بسوء الظن، ولكن يا بنتي أنت تعلمين شفقتي ومحبتي لك ولولديكِ، وقد ربيتكن قبلهما، وأنا أتسلَّمهما وآخذهما وأفرش لهما خدي، وأفتح قلبي وأجعلهما في داخله، ولا أحتاج إلى الوصية عليهما في هذا الأمر، فطيبي نفسًا وقرِّي عينًا، وأرسِليهما لها، وأكثر ما أسبقك به يوم واحد أو يومان. ولم تزل تلحُّ عليها حتى لانَ جانبها وخافت من غيظ أختها، ولم تَدْرِ ما هو مخبَّأ لها في الغيب، فسمحَتْ بإرسالهما مع العجوز، ثم إنها دعَتْ بهما وحمَّتْهما وهيَّأَتْهما وغيَّرَتْ لهما وألبستهما الدرعين وسلَّمتهما للعجوز، فأخذتهما وسارت بهما مثل الطير على غير الطريق التي تسير فيها أمهما، مثل ما أوصتها الملكة نور الهدى، ولم تَزَلْ تجِدُّ في السير وهي خائفة عليهما إلى أن وصلت بهما إلى مدينة الملكة نور الهدى، فعدَّتْ بهما البحر ودخلت المدينة وتوجَّهَتْ بهما إلى الملكة نور الهدى خالتهما، فلما رأتهما فرحَتْ بهما وعانَقَتْهما وضمتهما إلى صدرها، وأجلست واحدًا على فخذها الأيمن والثاني على فخذها الأيسر، ثم التفتَتْ إلى العجوز وقالت لها: أحضِرِي الآن حسنًا، فأنا قد أعطيتُه أماني وأجَرَتْه من حسامي، وقد تحصَّنَ بداري ونزل في جِوَاري، بعد أن قاسى الأهوال والشدائد، وتعدَّى أسبابَ الموت التي همُّها متزايد، مع أنه إلى الآن لم يسلم من شرب كأسه وقطع أنفاسه. وأدرك شهرزاد الصباح، فسكتَتْ عن الكلام المباح.