اللجنة
«سأذكر لكم أيها السادة، ردًّا على سؤالكم، كلمةً واحدةً وإن كانت مُنصِفة، هي كوكا-كولا. لن نجد، أيها السادة، بين كل ما ذكرتُ شيئًا تَتجسَّد فيه حضارةُ هذا القرن ومُنجَزاته، بل آفاقه، مثلَ هذه الزجاجة الصغيرة الرشيقة …»
ما اللجنة؟ هل هي سُلطةٌ سياسية، أم اقتصادية، أم اجتماعية؟ هل هي سُلطةٌ محلية، أم عالمية؟ ولماذا يُصِر البطل على الالتحاق بها؟ وكيف يَقبَل أن يُهان بطريقةٍ تَحُط من إنسانيته؟ بل كيف يُمكِن لإنسان على هذه الدرجة من الثقافة والمعرفة أن يَقبَل هذا الانحطاط والتدنِّي؟ أسئلة كثيرة كهذه وغيرها يُثيرها في نفسك هذا العملُ الفريد للروائي المتميِّز «صنع الله إبراهيم»، الذي تَجاوَز في هذا العمل صفةَ المحلية، ليُقدِّم روايةً عالميةً بامتياز. فبنزعة «كفكاوية» سيطرَت على الكاتب في نهاية السبعينيات — حيث الانفتاح الاقتصادي، والإمبريالية الرأسمالية العالمية، والشركات المُتعدِّدة الجنسيات، وتقويض القومية العربية — بدأ في رسم لوحة عالمية مُحمَّلة بالكثير من الرمزيات المُتعدِّدة الدلالات، وبالكثير من التأويلات والقراءات، تدفعك لقراءتها عدة مرات؛ فمن الصعب أن تستوعب هذه الأفكار المكثَّفة في جرعة واحدة.