الخروج إلى الشمال
بلا سبب واضح أحسست أن روحي قد بلغت الحلقوم، ولا يتسرع القارئ ويتصور أنها حالة سببها الأحوال العامة التي تجتاح مصر هذه الأيام، فأنا أعرف أنها أحوال عارضة تمامًا، وأن سببها أيضًا مثل السبب عندي يرجع إلى حالة من الزهقان الغريب، التي قد تدفع لأي تصرف، من إطلاق الرصاص، إلى إطلاق السباب ومن الحكومة والمعارضة على حدٍّ سواء.
وليست هذه الحالة وليدة اليوم أو هذا الأسبوع، بل إنها كانت تنتابني وأنا في طريقي للاجتماع الذي عقده الرئيس حسني مبارك مع الكتاب والإعلاميين، والحق أن الرئيس حسني مبارك فاجأني، كما لا بُدَّ فاجأ الحاضرين جميعًا، فيومها صباحًا أو فجرًا، كان خبر إطلاق الرصاص على صديقنا العزيز مكرم محمد أحمد قد استفزنا جميعًا، نحن الذين لا نملك سلاحًا للدفاع أو الهجوم إلا أقلام حبر متواضعة. وكنت أتصور أن الاجتماع سيكون محوره هو هذا الحادث الفريد في تاريخ مصر، وأن الرئيس سيكون في روح معنوية مكتئبة لا بُدَّ. ولكن الرئيس بدأ كلامه معنا وهو في روح معنوية عالية لدرجة أني وجدت نفسي أول الأمر في حالة استغراب كامل، وقلت: ربما الرئيس يريد أن يزيح عن عيوننا ووعينا هذه السحابة الداكنة. ولكنه لم يكن يفعل هذا، كان فعلًا يتحدث حديث مصري ابن بلد، يرى المشاكل في حجمها الطبيعي أو حتى حجمها المصغر حتى يحس أنه أكبر منها، ويرى المستقبل أكيدًا وقادمًا، ومزدهرًا ولا ريب فيه ولا شك. والحق أن حديثه هذا عدانا فما لبثنا أن أجلنا انفعالنا بما وقع وانخرطنا في نقاش حول مشاكل مصر الكبرى معه. ولقد تخيلت وأنا أستمع وأناقش أن هذا الرجل هو بالضبط ما تحتاجه مصر ليقودها في هذه الأيام، حمدًا لله أنه ليس في عصبية هذا أو عدوانية ذاك، وأن باله طويل طويل، وأعرف أن هناك مثلًا شعبيًّا يقول: طول العمر ينيل الأماني. ويبدو أن الأمر كذلك أيضًا في مسألة طول البال، فربما طول البال هو الذي سيضع الجسر الذي تعبر عليه مصر من أزماتها، ولكني — وأنا لا أستطيع أن أمنع نفسي من هذه الصراحة — أحس أن طول بال الرئيس أطول كثيرًا مما يجب أحيانًا، على الأقل أطول من استطاعتنا نحن كشعب وككتاب على طول البال، وربما هذا هو الخلاف الوحيد بين بعضنا وبين الرئيس مبارك، خلاف «كمي» في طول البال، وأبدًا ليس خلافًا «كيفيًّا» على حل المشاكل.
أقول: وجدت نفسي في الأسبوع الماضي في تلك الحالة التي ذكرتها لكم عن «الزهق»، ﺑ «الصدفة» المحضة كنت أقرأ مقالة صديقي الكبير الأستاذ خالد محمد خالد في الوفد، فوجدته يتحدث عن نفس الحالة من الزهق، وأنها ألجأته إلى التاريخ، وبالتحديد إلى قصيدة شوقي في رثاء أدهم باشا التركي، كانت تغريبة إذن، تغريبة تاريخية ليتخلص من حالة الزهق، ولكن لأن التاريخ يزيدني زهقًا على زهق، فقد آثرت أن تكون تغريبتي جغرافية.
وهكذا ركبت العربة ومعي العائلة وانطلقت شمالًا، ولم أذهب إلى الإسكندرية هذه المرة، اندفعت غربًا إلى ما بعد الإسكندرية، كانت جغرافية مصر الشمالية تنتهي عندي حول العجمي والمكس والدخيلة، هذه المرة قلت لنفسي: سأظل أسير في هذا الطريق المزدوج الجميل إلى أبعد مدى ممكن أن أصله. وفعلًا هو طريق مزدوج وجميل؛ فإلى سنين قليلة، ربما إلى العام الماضي فقط، كان طريقًا من أسوأ الطرق في مصر ضيقًا مكدسًا بعربات النقل هائلة الضخامة والكارو والمارة والصيادين وفناطيس الغاز وكل ما يخطر على قلب بشر … هذه المرة وجدت اتجاهَين حديثَين جدًّا، ربما انْتُهِيَ منهما هذا العام فقط، وكنت أتصور أن مجلس إسكندرية المحلي هو الذي فعل هذا، لكن عرفت من الأستاذ عبد الله محمود رئيس مشروعات الشاطئ الشمالي أن وزارة الإسكان والمجتمعات الجديدة هي التي قامت بإنشاء هذا الطريق. والحق أني كنت أسمع كثيرًا عن وزارة الإسكان والمجتمعات الجديدة، ولكن ربما لأني كنت أحيا في القاهرة المخنوقة المزدحمة كنت أحس أنها وزارة تكاد تكون وهمية أو نظرية على الأقل، ولكن حبي للسفر جعلني أبدأ أرى آثار تلك الوزارة وذلك الوزير النشيط المهندس حسب الله الكفراوي من مدينة ٦ أكتوبر إلى العاشر من رمضان إلى السلام إلى الصالحية إلى المشروعات الجديدة، في تلك التي وجدت محافظًا عسكري القدرة على التخيل والتنفيذ اللواء يوسف عفيفي بمشروعاته السياحية في منطقة البحر الأحمر، ناهيك عن المشروعات في محافظتَيْ شمال وجنوب سيناء، هذه كلها جعلتني أعتقد أننا انكفأنا على مدننا القديمة ومشاكلها بطريقة جعلتنا لا نكاد نرى العمران الذي يحدث في أماكن من مصر لم نلتفت لها قبلًا وكأننا لا نعتبرها جزءًا من مصر أو أنها ملكنا.
هذا الساحل الشمالي مثلًا صحيح أن الأجانب والدبلوماسيين هم الذين اكتشفوا فكرة مصيف العجمي، حيث يستطيع الإنسان أن يتحرر تمامًا من ملابس المدن ونفاق المدن ويترك نفسه للشمس والبحر والهواء الجميل والطبيعة وسواحل هي أجمل — أجمل شواطئ العالم — وقد زرتها كلها من ميامي بيتش إلى بلاجات تايلاند، وكابري ونيس … هذا النوع من الرمال، هذا الانحدار التدريجي نحو الماء، هذا اللون الأزرق الفستقي لمياه البحر، هذا كله لا يمكن أن نجده إلا في شواطئ البحر الأبيض الجنوبية وأجملها جميعًا الشواطئ المصرية من مرسى مطروح إلى أن تبدأ ضواحي الإسكندرية … ومن المضحك هنا أن نذكر أن شاطئًا رائعًا كشاطئ مرسى مطروح لم نكتشفه إلا عن طريق السينما وعن طريق فيلم ليلى مراد الشهير شاطئ الغرام، ولولا هذا الفيلم، ولولا السينما، والآن لولا التليفزيون لما زادت معلوماتنا عن بلادنا عما كنا قد قرأناه عنها في كتب الجغرافيا.
المهم بدأت الرحلة زهقان كما قلت ويا للأثر الساحر للطبيعة في تغيير معنويات الإنسان ومزاجه، كان أحد أسباب زهقي لا بُدَّ هو ضيق الفتحة التي نرى منها حاضر مصر ومستقبلها وواقعها … ونحن نرى هذا كله من خلال وسائل إعلامنا، ولأن تلك الوسائل قد ضاقت نظرتها هي الأخرى حتى ليكاد الإنسان يحفظ ماذا ستحتويه كل صفحة من صفحات الجريدة، وماذا سيكون عليه البرنامج في كل ليلة وفي كل قناة من قنوات التليفزيون، حتى برنامج «خمسة سياحة» رغم جمال فكرته وتنفيذه وتقديمه، إلا أن هذا البرنامج لا يجعلني «أعيش» المنطقة التي يتحدث عنها، وأشمها وأفتح صدري لهوائها وتاريخها وأستنشقه، لماذا يكون «خمسة» أي خمس دقائق كل يوم لا تكفي حتى ليتعرف الإنسان على كنه المكان؟ لماذا لا يكون برنامجًا أسبوعيًّا معدًّا إعدادًا جميلًا وحافلًا بالمعلومات وبالإخراج المتقن للطبيعة وللناس وللآثار إن وجدت. هذا الساحل الشمالي، بودي لو كان معي كاميرا فيديو لأصنع للناس شريطًا كاملًا ﻟﻟ «خروج»، الخروج من الوادي الضيق والمدن المكدسة والأحياء الشعبية المعلبة بسردية البشر، هؤلاء الناس جميعًا لو رأوا بلادهم على حقيقتها أو على اتساعها، لو رأوا كم تمتد شواطئها كم ونوع الحياة الكامنة في صحرائها، لو رأوا مشروعات الوزارة في واحة سيوه مثلًا، هل عندنا فيلم تسجيلي كامل لكل واحة من واحاتنا؟ فيلم «فتي» يقوم به مخرج كبير كصلاح أبو سيف أو علي بدرخان أو علي عبد الخالق أو العظيم يوسف شاهين …؟
أجل، الخروج ليس من الأزمة ولكن من الوادي الضيق للأزمة، ذلك الذي طالما نحن محشورون فيه فإننا أبدًا لا يمكن أن نرى الحل من خلال نظرتنا التي ضاقت به وضاق بها.
لقد رحت أحلم والعربة تنساب فوق الطريق الطويل، لا أحلم فقط بمستقبل القرى السياحية من مارابيللا إلى مارينا، لماذا هذه الأسماء الإيطالية؟ إلى مدينة وزارة الخارجية إلى المشاريع الخاصة — بالمناسبة هناك مدينة سياحية للصحفيين موجودة في مكان ما على الشاطئ الشمالي وحصَّلوا من كل منا ألف جنيه وزيادة كوبون، ولا يوجد لها من أثر لا في الحقيقة ولا في الخريطة — أقول: رحت أحلم بشيء كالذي صنعته اليونان بشواطئها الصخرية الناتئة؛ فلقد عقدت اليونان صفقات رابحة مع شركات عالمية لإنشاء سلسلة من أجمل الفنادق والمنتجعات على جُزرها المتعددة، وإيراد اليونان من هذه المشروعات هائل الضخامة؛ فقد كنت في جزيرة صغيرة من جزر اليونان اسمها «كورفو» وعددت ٨٥ رحلة طيران في الليلة الواحدة منها وإليها، وشواطئ هذه الجزيرة «مصنوعة»، أي إن الرمال منقولة لها من قاع البحر؛ فما بالك برمالنا وشمسنا ومياهنا الفستقية الطبيعية؟!
إني أرجو أن يكون مشروعًا أساسيًّا من مشروعات مصر للمستقبل العاجل والقريب، أن ترصد ما لا يقل عن المليار جنيه لمشروعات الساحل الشمالي لتزويده بشبكة أدق من الطرق والكهرباء والمياه والمطارات، وإني متأكد من أن هذا المليار الواحد يستطيع على مدى السنوات العشر القادمة أن يسدد عشرين مليارًا من ديون مصر الخارجية وأن يحيي «بلدًا» كاملًا من جغرافية مصر المهملة اسمه الساحل الشمالي … شكرًا لهذا الوزير الذي أنشأ ميناء دمياط وأحيا الساحل الشمالي وعمل المثير في صمت ودون إعلانات مدفوعة الأجر أو غير مدفوعة، ولا أشكره فقط على هذه الأعمال الكبيرة، ولكني أريد أن أشكره لسبب شخصي ذاتي محض؛ فقد خرجت من القاهرة متجهًا شمالًا وروحي قد بلغت الحلقوم وعدت إليها وقد رُدت إليَّ الروح رغم أني لم أمكث في الرحلة كلها أكثر من أربع وعشرين ساعة.
برقية طويلة لمدحت عاصم
أستاذي وصديقي ومعلمي في الوطنية والفنية والتقدمية مدحت عاصم … نعم كما قلت لقد كان شرفًا أن ألقاك طالب طب يخجل من خياله، وأنت الموسيقار المشهور ملء السمع والبصر، وأخذت أستمع لك في منزلك في العباسية وأنت تعزف سوناتا ضوء القمر لبيتهوفن ثم قطعة موسيقية لك، وكنت أول مرة أستمع فيها إلى موسيقار كبير مصري يعزف على البيانو، من يومها وتلك العلاقة الفنية الوثيقة التي بُنيت على أسس وطنية وثورية وألفة شخصية تُثري حياتي وتجعلني كلما رأيتك أرى أن مصر لا تزال بخير.
قرأت كل ما كتبته ردًّا على «نقدي» للتليفزيون، واعتبارك أن ما قلته كان تحاملًا مني على برامجه وعلى الجهود الكبيرة التي يبذلها الكثير من أبنائه مع رئيسته ومسئولي قنواته.
وأذكر لك أيها الصديق العزيز أني أستطيع أن أزعم — في هذه النقطة بالذات — أني أكثر منك اتصالًا بالعمل اليومي في التليفزيون، وما يتطلبه من جهود خارقة ويقظة وانتباه لنملة الخطأ إذا حدثت.
ولكنك ظلمتني وأعتقد أنك ظلمت التليفزيون أيضًا؛ فأنا لم أكتب ﻟ «أنقد» برامج التليفزيون، صحيح أني قلت إن معظمها «هلس» وكنت أعني بالهلس هنا اللعب على تسلية الجمهور ونفاق طلباته من مسرحيات معادة وكوميديات لا تُضحك إلا الأبله أو المتخلف عقليًّا، وآخرها مسرحيات عبقري العباقرة محمد نجم، ذلك الذي ظللت — والله — أتفرج لمدة نصف ساعة عليه وهو يحاول استدرار الضحك من جمهور غلبان مسكين فُرض عليه فرضًا، وأنا مذهول كيف يمكن أن يسمح التليفزيون بعرض هذا التخلف على الناس؟! وأيضًا أنا هنا لا أنقد، فهكذا هي الحركة المسرحية للقطاع الخاص، وهذا هو المسرح في نظر البعض.
إني إنما كنت في الواقع أتحدث عن التليفزيون ﮐ «جهاز» أصبح دوره في كل أنحاء العالم هو الارتفاع بمستوى تفكير وذوق وأحلام الإنسان العادي؛ فزمان كانت الثقافة لا توجد إلا في الكتب وكانت هي التي ترفع الذوق والمعرفة والذكاء، ثم انتقل هذا الدور إلى الصحف ثم الإذاعة، وأخيرًا هذا الوحش الإعلامي الثقافي العلمي الترفيهي التليفزيون.
وإذا كان التليفزيون كوسيلة تعليم وإعلام مهمًّا جدًّا في بلاد العالم الأول فهو قد أصبح بالنسبة للعالم الثالث الذي نحن منه مسألة حياة أو موت، بمعنى أدق مسألة حياة روح هذه الشعوب أو قتلها واستعمارها ثقافيًّا وفكريًّا وحضاريًّا.
ولهذا كنت حريصًا في كلمتي عن التليفزيون على القول إني لا أنقد برامج هذه الأيام ولا دور التليفزيون هذه الأيام، وإنما أنا أذكر دوره منذ إنشائه وقيامه وإلى الآن، وهو دور كان ولا يزال إلى حد كبير يمثل دور «البلياتشو» الذي يزغزغ الناس ويرفه عنهم ويضحكهم، وكنت أريده إلى جانب هذا أن يقوم بدور المعلم، المعلم لا بالتلقين وإنما بالإمتاع ودور المثقف ليس فقط ببرامج الأستاذ فاروق شوشة المتخصصة الشيقة، وإنما ببرامج كلها ثقافة ولكنها لا تخيف الناس بقولها إنها برامج ثقافية، وإذا أردت أن تعرف ما أعني بالضبط فإني أرجو من التليفزيون — إن استطاع — أن يسجل يومًا بأكمله من إرسال التليفزيون البريطاني، أو حتى الهندي، وأن يذيعه علينا مترجمًا لنرى الفارق.
نعم، إن التليفزيون هو أخطر وسيلة اكتشفتها البشرية إلى الآن في صناعة وصياغة الرأي العام وحتى المواطن الخاص، والتعامل مع هذا الجهاز يجب أن يتم من منطلق الإدراك التام لخطورته الشديدة، فنحن مثلًا لو كنا قد عملنا تحقيقًا تليفزيونيًّا صريحًا عن حالات الغش الجماعي ومع الأساتذة الذين طُعنوا بالمطاوي، ومع الطلبة، لاجتثثنا هذا المرض بأكمله دون أن نذكر نصيحة واحدة؛ إذ هكذا يُستعمل التليفزيون في المجتمعات الأكثر ذكاءً في استعمال التليفزيون والمُدركة لخطورته وأهميته، والتي تستخدمه كوسيلة عظمى للترقي والتمدن والتحضر؛ ولهذا كنت أنقده منذ إنشائه.
ولأني وجدته لم يصنع شيئًا طوال أكثر من خمسة وعشرين عامًا إلا أنه رفه عنا قليلًا، وفي المقابل فرض علينا فكرًا متخلفًا وخرافات وديماجوجية، أرأيت إلى هذا العالم الذي قال منذ أسبوع مضى: إذا رأيت حلمًا سيئًا فابصق ثلاث مرات إلى اليسار حين تصحو من النوم، وإذا رأيت حلمًا حسنًا فابصق ثلاث مرات إلى اليمين لدى صحوك من النوم؟! أي ثقافة تلك بربك؟ أي مفهومات للحياة يرسيها هذا الجهاز؟ أي كارثة يتعلمها الطفل والمراهق والشاب الذي يأخذ ما يشاهده في التليفزيون على أنه قول لا يُناقش ولا يمكن أن يُشك في صحته؟
ولهذا أيضًا فنحن أمام هذا الجهاز بعد ربع قرن من إنشائه في حاجة إلى وقفة لا بُدَّ تنتهي بعد نقاشنا حولها إلى وضع سياسة إعلامية تليفزيونية ثابتة، يكون الهدف منها أن نرتفع بمستوى الشعب ثقافيًّا وصحيًّا وعلميًّا وتعليميًّا خلال السنوات الخمس القادمة بمقدار لا يقل عن ٥٠ في المائة زيادة على مستوانا الآن.
أيها الصديق العزيز ألا زلت تختلف معي وتقول إن قلمي قد «شط»؟