الفصل الرابع
١
للنظام التمثيلي في الحكم، والغاية من حكومة قائمة على هذا النظام، مبدآن أساسيان: الأول: العمل على إسعاد الجمعية بأوسع معنى؛ والجمعية لفيف من رجال ونساء، والثاني: أن هذا النظام ما دام قائمًا على أساس الاعتراف، بالحقوق السياسية لجميع أفراد الجمعية، فإن حرمان طوائف معينة من الأمة من مباشرة هذه الحقوق معناه الصريح انتقاص النظام التمثيلي في الحكم، والابتعاد عن الغاية التي نتوخاها من حكومة قائمة على هذا النظام.
وإذن يكون حرمان نصف الأمة — أي النساء — من مباشرة الحقوق السياسية، معناه أن النظام التمثيلي في الحكم غير مستوف، وأن الغاية من قيام حكومة مرتكزة على هذا النظام غير محققة بالفعل.
لا أريد أن أناقش الذين يقولون: إن فئة أو فئات من الأمة غير جديرة بمباشرة تلك الحقوق؛ فقد يكون في كلامهم على ظاهره شيء من الحق، وإنما أقول: إننا نعيش في ظل نظام ديمقراطي أساسه الحكم التمثيلي الحر، لا أكثر من هذا ولا أقل، وإننا ما دمنا نعيش في نظام يضفي علينا هذه الحقوق التي هي لب ذلك النظام، فليس لأحد أن يقول: إن تعطيل جزء من ذلك النظام هو لخير الجمعية، إلا وتلازمه الحجة بأن ذلك النظام الذي نعيش في كنفه غير ملائم لمزاج الأمة.
هم يريدون أن يقولوا ذلك ولكنهم لا يجدون الشجاعة التي تحملهم على المصارحة به، ولو أنهم قالوا ذلك صراحةً إذن لكانوا إلى الإصلاح أقرب؛ لأنهم بذلك يواجهون الحقائق التي يعتقدون بصحتها ولا يتوارون من مجابهة الرأي العام بما يعتقدون، أما أن نقول علانيةً: إننا ديمقراطيون، ولنا دستور قائم وقانون أساسي هو روح ذلك النظام، ثم ننكر على فئة من الأمة حقها الصريح في مباشرة الحقوق التي تترتب عليه، فإن هذا لا يستقيم مع المنطق، كما أنه لا يستقيم مع الواقع.
آية ذلك أن بعض المفكرين — وهم من أولئك الذين نافحوا عن النظام الدستوري وكافحوا في سبيله — يقولون: إنهم يوافقون على أن تباشر المرأة الحقوق السياسية، ولكن من ناحية المبدأ، لا من ناحية العمل، ومعنى هذا أنهم يريدون أن يقولوا — ولكن بطريق غير مباشر: إن الاعتراف بمبدأ التمتع بالحقوق السياسية شيء، وتطبيق ذلك شيء آخر، وبعبارة أوضح: إن فئة أو فئات من الأمة يمكن الاعتراف بمبدأ أن لها حقًّا سياسيًّا، ولكن الاعتراف بذلك المبدأ لا ينبغي أن يترتب عليه أية نتيجة عملية، وما ذلك القول إلا بمثابة أن تقول لإنسان: إنك حر من حيث المبدأ، ولكن ليس لك أن تتعدى جدران هذه الحجرة، لك أن تتمتع بالمبدأ، أما أن تباشر الحقوق المترتبة عليه، فلا اختيار لك فيه؛ لأنك لا تزال قاصرًا عن استعمال ذلك الحق بما يستقيم معه أمور الدولة، ذلك في حين أن شئون الدولة إنما يخضع تدبيرها لقانون دستوري، لم يفرق مطلقًا بين ما يقال له: «مبدأ»، وبين مباشرة الحقوق المترتبة عليه.
تملي علينا هذه الآراء عقلية مضطربة، وما السبب في ذلك الاضطراب إلا أننا نخشى أن نطبق المبادئ أو أننا نحاول أن نتنكب طريق تطبيق المبادئ؛ انقيادًا وراء أوهام، أو طلبًا لغايات غير مستبانة تمامًا، ولقد كاد يجرنا هذا الاضطراب إلى ما يشبه عدم الاستقرار، وأي قلق يصيب النفس والفكر أنكى من حالة تريد فيها ولا تريد، تريد أن تكون حرًّا، وتخشى أن تقتلك الحرية!!!
أما سبيل الرشد فهو أن نؤمن بالحرية ونطبق مبادئها بجرأة وحماس، سبيل الرشد أن نقدس المبادئ التي يقوم عليها نظام الحكم الحر ونصونها ونرعاها، ونضفيها جملة على كل فرد من أفراد الأمة، ونترك للزمن أن يكيفها، فإن جسم المجتمع فيه المرونة وفيه هذه القابلية، قابلية تعديل البيئة بما يلائم مصالحه، وفيه القدرة على أن يضمن الخير الأعظم للعدد الأعظم من الأفراد، ومهما لاح في الخطوات التي يسلكها المجتمع إلى هذه الغاية من تناف مع السلوك المستقيم، فالنتيجة أن يحصل الناس في النهاية على أصلح صورة من النظام تلائم مؤهلاتهم ومستواهم باعتبارهم جمعية بشرية.
من حيث ذلك نقول: إن حرمان المرأة من مباشرة حقها السياسية، بصورة أو بأخرى، انتقاص لمبدأ التمثيل الديمقراطي، واعتداء على حق فريق من الأمة، هو في الواقع نصف الأمة جميعًا؛ وهو حق اعترف به الدستور من حيث المبدأ بنصوص صريحة لا تقبل الجدل، وإنما اعتدى على ذلك الحق قانون الانتخاب، وهو قانون تنظيمي لا قانون أساسي، فكأننا بذلك قد قبلنا أو تغافلنا عن أن القانون التنظيمي قد اعتدى على ما أقر القانون الأساسي، وهذا وضع لا ينبغي أن تصبر عليه أمة حرة تعيش في ظل نظام ديمقراطي.
٢
إن الشعور السائد اليوم، شعور أن المرأة ينبغي أن تباشر الحق السياسي، والصيحة التي يرن صداها في آذاننا منادية بذلك، إنما هي نتيجة لمقدمات كثيرة، أخصها ما قطعنا من أشواط في التطور الاقتصادي، وما ننتظر أن يكتنفنا في المستقبل القريب من مشاكل ذلك التطور، أضف إلى ذلك تنبه الوعي القومي، واعتناق الفكرة الديمقراطية، وذيوع النزعة الحرة في السياسة والأدب.
من الانقلابات الصامتة التي كان لها من الأثر أضعاف ما لكثير من الانقلابات الصاخبة، ذاك الذي أصاب الحياة الأوروبية في أثناء القرن التاسع عشر، فإن اختراع الآلة البخارية والنول الآلي، وما يترتب على ذلك من القضاء على كثير من الصناعات المنزلية، وانتقال العمل من البيت إلى المصنع، وتأثر الحياة القروية والأسرية بالخروج من حدود القرية والبيت إلى رحاب المدن ومؤسسات الإنتاج الكبرى، كان من الانقلابات التي تمت بغير ثورات جامحة أو تدميرات حاطمة، ولكن كان فيه بالرغم من ذلك من الآثار الانقلابية ما تقف دونه الثورات الكبرى في تاريخ الإنسانية، تقصر عن آثاره الحروب الدينية، والثورة الفرنسية، واستقلال أمريكا في حرب التحرير.
ولم يقتصر أثر ذلك الانقلاب على الناحية الاقتصادية من الحياة، بل تعدى تلك الدائرة إلى الأخلاق، وإلى الفكر، وإلى العلاقات الأسرية والزوجية فأقامها على أسس جديدة أدنى إلى الاستقلال والكفاح؛ فقد أصبح على المرأة أن تعمل لتعوض على بيتها وأسرتها ما فقدت بموت الصناعات المنزلية التي كانت تؤدي قسطًا كبيرًا من نفقات الأسرة وتربية الأولاد، وكذلك تأثرت الزراعة وقل إنتاجها؛ لأن اليد التي كانت تعمل فيها انتقلت أكثر قوتها إلى المعامل والمصانع، واستغرق ذلك كل وقت الفراغ الذي كان ينفقه أعضاء الأسرة في الإنتاج الصناعي المنزلي، ولقد نزل بالزراعة من جراء ذلك ضرر بالغ، قبل أن تحل الآلة في المزرعة لتعوض ما فقدت المزرعة من جهد العضلات البشرية، وكان من الضروري أن تنشأ حالات متهاوشة متشابكة تقتضي وضع تشريعات تنظم عمل العامل والعاملة في المصنع، وتحدد علاقاتهما مع صاحب العمل، وأخذ البحر الراكد يضطرب وتلتطم أمواجه حتى طغى مده في أوائل القرن العشرين.
ولا شك في أننا مقبلون على حال تشبه هذه الحال، على أننا إذا كنا لا نشعر بآثار الانقلاب الذي نحن مقبلون عليه؛ فذلك لأننا لم نرتمِ بعد في غمراته، فما زلنا على أبواب الحياة الإنتاجية، التي ثبت وجودها الفعل بانتشار المعامل والمصانع في المدن وفي الريف، ولا شك في أن العمل على تصنيع هذه البلاد والجري وراء تحقيق هذه الغاية من غير أن نستعد لملاقاة المشكلات التي تترتب عليه سيعرض حياتنا الاجتماعية إلى أخطار شديدة عاتية، نستطيع أن نكسر من حدتها، ونستقوي على آثارها الخبيثة، ونجني ثمراتها الطيبة بتنظيم خطى ذلك الانقلاب الصناعي الذي نحن مقبلون عليه، وبسن الشرائع التي تجعله ملائمًا لحالاتنا الاجتماعية والاقتصادية، ولا يتأتى لنا ذلك إلا بأن ننظر في الأشياء نظرة واسعة شاملة فنحتاط لكل احتمال، وندرس كل حالة درسًا مستقيمًا مع ما يقتضي الصالح العام لا الصالح الخاص، وإذن وجب أن يسمع صوت الأمة جميعًا في سن هذه القوانين، ينبغي أن يسمع أول ما يسمع صوت العامل والعاملة، وصوت الزارع والزارعة؛ لأن بين العامل والعاملة تنافرًا، وبين الزارع والزارعة احتكاكًا في تحديد الأجور ونوع العمل، وبخاصة في رغبة الرجل في أن تظل المرأة في حاجة إليه، وسعيه لأن يُفقدها استقلالها الاقتصادي؛ لتظل دائمًا تلك العجينة اللينة التي تستغل بأهون ما يتطلب استغلالها من جهد.
ستنشأ في بلادنا المصانع الضخمة والفخمة، وتنتشر في طول والبلاد وعرضها، وسوف يكون لانتشارها مشكلة تقوم بين الصناع والزراع، فإن اليد التي تدخل في المصنع أو المعمل، لا شك في أنها سوف تؤخذ من الحقل ومن المزرعة، وسوف لا يقتصر ذلك على الرجال دون النساء؛ فإن المرأة سوف تزاحم الرجل بالمنكب والذراع، وسوف يقوم بينهما تنافس ومضاربة على تحديد الأجور وقيمة العمل، ولا مرية في أن من صالح صاحب العمل أن يحاول استغلال أكبر جهد بأقل أجر؛ نشدانًا لما يدر عليه هذا الوضع من الربح الأكبر بالإنفاق الأصغر، ولقد كان لقيام مثل هذه الحالات نتائج بالغة منتهى السوء في البلاد التي شهدت قبلنا مثل هذا الانقلاب، ولو لم يتداركها المصلحون ورجال الدولة بالتنظيم، وسن القوانين التي تحدد علاقات العامل والعاملة وصاحب العمل، لما بقي في أوربا الآن من حضارتها التي تتيه بها على العالم، قائم ولا صعيد.
كان لذلك الانقلاب آثار على الحياة وعلى الفكر، ولكن لا شك في أن أثره كان في المرأة أضعاف أثره في الرجل؛ كان أثره في عاداتها ومصالحها ولبانات حياتها بالغًا كبيرًا، لقد أثر في طريقة حياتها وفي أخلاقها وفي نظرتها إلى الحياة، لقد ارتجت من آثارها حياة الأسرة وتزلزلت قواعدها القديمة، فلاح في عصر من العصور أن الأسرة قد انفكت عراها وحان حينها.
ولا ننسى إلى جانب هذا أن طبقة الزراع والأجراء هم صلب المجتمع وفقاره، فإذا لم تجد هذه الطبقة ما يكفي حاجتها من العمل والرزق، كان ذلك أعطب ما يصيب آلة الحياة الاجتماعية من اختلال، ولا شك في أن المصنع وصاحب العمل من أشد العوامل أثرًا في زعزعة حياة العامل والأجير، إذا لم تنظم العلاقات بتشريعات ترعى أول ما ترعى الاحتفاظ بحالة من التوازن الاجتماعي.
ولقد ظلت مصر طوال الأعصر معتمدة على الزراعة وحدها؛ فكانت مهددة دائمًا بأن تذل إذا أصاب الزراعة آفة أو تشريق، وتنتعش وتقوى وتشمخ إذا نضرت الزراعة، وأتت ثمراتها الكبرى، معنى ذلك أننا لم نعتمد في حياتنا على صناعة أو صناعات تعوض علينا عند الحاجة وفي سني القلة الزراعة، ما يجعل حياتنا محتفظة بشيء من التوازن الاجتماعي، فمن قلة إلى كثرة، ومن كثرة إلى قلة، ومن فقر مدقع إلى غنى فاحش، ومن غنى فاحش إلى خصاصة قاتلة، فإذا أقبلنا اليوم على انقلاب صناعي نقيمه إلى جانب الزراعة، فإنما نقبل على عمل تدفعنا إليه حاجات الحياة والعيش، ولكن لا بد من تنظيم ذلك الانقلاب بحيث لا يطغى على المصدر الأول للثروة القومية.
أما إذا ظننا بأن ذلك الانقلاب سيقوم على سواعد الرجال وحدهم فقد ضللنا الطريق، ستدخل المرأة في هذا الانقلاب من نفس الباب الذي سيدخل منه الرجل؛ إن طوعًا أو كرهًا، وستقوم بذلك المشكلات الاجتماعية وتسن القوانين التي تنظم العلاقات بين الأفراد وبين شطري الأمة، فهل يحدث ذلك بمحض إرادة الرجل ولا يسمع فيه للمرأة صوت أو يصغى لشكاة؟!
٣
من الأخطاء الشنيعة التي تدل بوادر الأحوال على أننا مقدمون عليها أننا نعمل الآن على تصنيع هذه البلاد من غير أن ننظم ذلك العمل تنظيمًا يحفظ على الزراعة وهي المصدر الأول للثروة القومية، مركزها الطبيعي في حياتنا، نعمل على إقامة المصانع التي تستغل بعض الإنتاج الزراعي كالقطن مثلًا، ولا نشجع الصناعات الزراعية الصرفة التي يمكن للزارع أن يستغل ثمراتها في جوانب مزرعته، نشجع صناعات الغزل والنسج والحديد والصناعات الثقيلة، ولا نفكر في ترويج الصناعات الزراعية الصغيرة كتجفيف اللحوم وحفظ الخضر وتربية الدواجن أو إنتاج عسل النحل، ومصر باعتراف الجميع يمكن أن تصبح محطة عالمية لهذه الصناعة، أما إذا أردنا أن ننظم تصنيع هذه البلاد فيجب أن نعنى إلى جانب الصناعات الثقيلة، بالصناعات الزراعية التي يمكن للزارع أن يمارسها في حدود مزرعته، حتى يستطيع أن يعتمد إلى جانب الزراعة على صناعة أو صناعات تعوض عليه شيئًا من خسائره في أعوام القلة أو الكساد، والدليل على ذلك أننا أنشأنا بنك التسليف الزراعي والتعاوني، ووضعنا نظام السلف الصناعية، ولكننا لم نفكر في إنشاء بنك للتسليف على الصناعات الزراعية، ولم نخطُ في هذه السبيل خطوة كبيرة أو صغيرة، فكأننا بذلك نضحّي بناحية الزراعة لناحية الصناعة.
أما ما سوف يترتب على هذه السياسة من الأثر الاجتماعي فهو أن المرأة ستخرج من ميدان المزرعة إلى ميدان المصنع.
والمرأة في المزرعة هي الفقار المقوم لحياة الزراعة، أقول ذلك عن خبرة وشهادة صحيحة، فإذا كان الفلاح مصدر الإنتاج الزراعي، فإن الفلاحة هي مصدر الإنتاج الصناعي؛ هي التي تربي الدواجن، وهي التي تقوم بصناعة الألبان والدهون على قدر ما تؤهل بها معلوماتها الضئيلة في هذا الشأن؛ فالفلاح هو المنتج، والفلاحة هي الممونة.
إذا خرجت هذه اليد من ميدان العمل الفلاحي واستغلها المصنع الكبير وأغراها بالأجر الطيب الذي يصلها بانتظام يجعلها تشعر بشيء من الطمأنينة في الحياة، وخلت المزارع من تلك الأيدي الماهرة، فإننا ولا شك نعرف النتيجة.
٤
إن الصناعات الزراعية، وهي صناعات صغيرة، مما ينبغي أن نوجه إليه أكبر همنا في نهضة صناعية نحاول أن ننهضها، فإن هذه الصناعات إذا توافرت لها الآلات الحديثة، لا تحتاج إلى جهد عضلي تعجز المرأة عنه، وهي فضلًا عن ذلك إذا تناثرت في المزارع حفظت على الزراعة منزلتها، ورفعت من شأنها، وقوت من إنتاجها، وضاعفت من أرباحها، وهي إلى جانب هذا كله تقلل من طغيان المصانع الكبرى على اليد العاملة في الزراعة.
إن من العبث أن نقول: إن المصانع الكبيرة سوف لا تطغى على المرأة فتخرجها من الحقل إلى المدينة، فإن تجارب الذين سبقونا إلى ذلك قد دلت على أن ذلك غير صحيح، بل لقد عانت بعض البلاد الأوروبية الأمرَّين؛ إذ نشأت من جراء ذلك مشاكل لا تزال تعاني تلك البلاد نتائجها حتى الآن.
والسياسة الرشيدة التي توحي إلينا بها الظروف التي نحن مقبلون عليها، تحتم علينا أن لا نضحِّي بالزراعة في سبيل الصناعات الثقيلة، ولا أن نضحِّي بالصناعات احتفاظًا بحياتنا الزراعية التي ألفناها القرون الطوال، وإذن ينبغي أن نكافئ بين الناحيتين، يجب أن نقيم الزراعة على نظام آلي، وأن ننشئ الصناعات الزراعية، ونرعاها، ونشجعها، ونرصد لها الأموال التي تحتاج إليها؛ حتى تستقر، وتصبح مصدرًا من مصادر الثروة لهذه البلاد.
أما إذا لم نفعل فإن النتائج ستكون وخيمة ولا شك، ستخرج اليد التي نحتاج إليها في الحقول إلى مصانع الحديد والنسج والغزل وغيرها، وتنحط الزراعة وتقل منها اليد العاملة، وستخرج المرأة من بيتها الريفي إلى المدينة؛ لتعمل في المصنع، بدلًا من العمل في الحقل.
في جميع ما يترتب على هذا الانقلاب من النتائج والأحوال ينبغي أن يسمع صوت المرأة كما يسمع صوت الرجل، فإنها من حيث إنها عنصر إنتاجي، لا تقل عن الرجل شأنًا ولا تنزل مكانةً، وإن لها في الإنتاج لميادين لا يستطيع الرجل أن يقتحمها بحال من الأحوال.