الانفجار الأخير!

ليس للأشرار كلمة، هكذا قال رقم «صفر»؛ ولهذا حسَب الشياطين، حساب كل شيء … ورغم ذلك فهم غير واثقين من نجاح خطتهم، رغم كل الخطط الجدية التي وضعوها.

والورقة الرابحة في خطة «إلهام» هو «رود»؛ ذلك أنه مصدر تهديد لحياة من معه بما يحمله من قنابل وأجهزة تنصُّت.

غير أنها لا تستطيع استخدامها حتى الآن … كي لا تعطي فرصة لزعيمهم للتخلُّص منه … وعندما اتصل «عثمان» المرة الثانية، طلب منه «أحمد» معرفة طلبات هذا الرجل المراوغ دفعة واحدة … وأن يبلغهم أنهم إذا أصابهم اليأس منهم، فسوف يدمِّرون سياراتهم وهم بها … ويكسبون، على الأقل، هذا الاختراع لصالح أهله وبلده.

وعندما علم «الزعيم» بذلك، ساوره القلق من أن يحدث ذلك حقًّا، أو يظهر صاحب المصلحة، الذي لا يهمُّه حياة المخترِع أو موته.

فقال له: أرجو إبلاغهم أني أريد تأمين سفري … عبر سيناء إلى حدودها في «رفح»، وبعد عبوري الحدود، سوف أسلِّمهم الدواء.

فقال له «عثمان»: لا … بعد عبور الحدود … لا.

الزعيم: إذن عند عبوري، على أن تظل أنت معي حتى أعبرها.

عثمان: لا تهمني موافقتك … المهم أن يوافقوا هم.

ورغم الغيظ الذي تملَّك «عثمان» من استهانة الرجل به … إلا أنه لم يُظهره … بل أبدى له الارتياح … وقام بالاتصال ﺑ «أحمد»، وعرض عليه مطالب الرجل.

فقام بإبلاغ رقم «صفر» الذي وضع شرطًا لقبول هذه الصفقة، وهو أن يتم تجريب الدواء على المخترع قبل أن يدعوه يعبر الحدود.

وبتحفظٍ شديد، وافق «الزعيم» على هذا الشرط.

وبدأت رحلة المجموعة كلها، في أرض «سيناء».

وشهدت الرمال الصفراء قافلة سيارات ما تتصدَّرها «اللاندكروزر»، وبها «أحمد» والعميد «طارق»، ومن خلفها سيارة رجال العصابة … وفي ذيل القافلة تسير، عن بُعد، «الدولفين الفضي»، وبها «إلهام» و«ريما»، والجميع واجمون … ما بين قلقين على حياة المخترِع، ومنتظرين لما ستسفر عنه هذه المغامرة غير المعلومة العواقب.

وبعدما قطعوا أكثر من نصف المسافة … اتصل «عثمان» طالبًا من «أحمد» أن يحادِث زعيم العصابة، فاندهش لهذا الطلب … فكل شيء تم الاتفاق عليه، ولم يتبقَّ شيء غير التنفيذ الذي يقومون به الآن.

وانتبه على صوت «عثمان» يناديه قائلًا: «أحمد» … ألم تسمعني؟ هل هناك مانع؟

أحمد: لا مانع لديَّ بالطبع دعه يحادثني.

الزعيم: أنا سعيد جدًّا لأني أحادث شابًّا ماهرًا … بل محترفًا.

أحمد: أشكرك … ولكن هذا الإعجاب تستحقه أنت … لهذا الموقف الذي وضعتنا فيه؛ فنحن نحميك حتى تهرب منا.

الزعيم: لي عندك رغبة، وأرجو أن تحققها؟

أحمد: قل … على أن تكون في حدود استطاعتي.

الزعيم: ستكون كذلك؟

أحمد: أتمنى ذلك … وما هي؟

الزعيم: لن نعيد لكم «عثمان».

فقاطعه «أحمد» في حزم قائلًا: ماذا تقول … أهذا كان اتفاقنا … ألم نتفق معك على …

الزعيم: سيد «أحمد» أنا على وعدي معكم.

أحمد: هذا ليس وعدًا … هذه صفقة … وعليكَ فيها مثل ما علينا.

الزعيم: معك حق، ولكن ما أطلبه هو أن يظل معنا «عثمان» حتى نبعد عن مرمى نيرانكم.

أحمد: وكيف سيعود هو؟

الزعيم: سنأخذ منك سيارتك … ويقودها أحد رجالنا … إلى أن نشعر بالأمان ثم يعود بها «عثمان».

أحمد: سأرد عليك.

وتشاور مع العميد «طارق»، ومع «إلهام» و«ريما»، ثم قام بالاتصال ﺑ «عثمان»، وسأله عن رأيه في هذا العرض … فوافق على أن يكون ذلك هو آخر الشروط.

وعندما اقتربوا من الحدود، تقدَّمتهم «اللاندكروزر» إلى أن وصلت إلى نقطة الحدود … فنزل العميد «طارق» من السيارة … وأخرج لهم بطاقته الأمنية، وشرح لهم ملابسات الأمر … فسمحوا لسيارة رجال العصابة بالمرور.

وبعد أن عبروا … توقفت السيارة … قام «عثمان» بالاتصال ﺑ «أحمد»، وطلب منه التحدث مع «الزعيم» … الذي أملاه مكوناتٍ ونِسَبًا كيميائية، قادرة على شفاء المخترِع.

وتمنَّى «أحمد» ألَّا يكون في الأمر خدعة … وقام بالاتصال بالمستشفى، وأبلغهم بما عرفه … وطلب منهم الاتصال به، وإبلاغه النتيجة.

ومرَّت الدقائق بطيئة … مشحونة بالتوتر والتوقعات … وزادت على الستين دقيقة … وبلغ القلق ﺑ «أحمد» حدًّا دفعه للاتصال مرة أخرى … غير أنه قبل أن يفتح التليفون، سمع الموسيقى تنساب منه تبلغه أن له مكالمة.

وكانت هي المكالمة التي ينتظرها … وكان هو كبير الأطباء الذي أبلغه باختفاء الأعراض القاتلة للمرض … ونزول درجة الحرارة إلى الحدود المعتدلة.

وانتابت «أحمد» سعادة شديدة نقلها على الفور للعميد «طارق»، وإلى زملائه.

ثم غادر سيارته هو والعميد … فنزل أحد أفراد العصابة من سيارتهم … وتقدَّم على حذرٍ من «اللاندكروزر» إلى أن بلغها، فقفز بداخلها … وانطلق بها في غير رحمة لا بها ولا بقلب «أحمد».

وابتعدت السيارتان شيئًا فشيئًا في المنطقة الفاصلة بين حدودنا وحدود دولة مجاورة … إلى أن اختفت عن العيون.

وجلس الجميع ينتظرون «عثمان» في قلقٍ … أخذ يزداد مع مرور الوقت.

مما جعلهم يتساءلون عما يجعلهم ينفِّذون اتفاقهم ويُطلِقون صراح «عثمان».

أحمد: وماذا سيفعلون به؟

إلهام: نكاية فينا.

وعن بُعد ظهرت «اللاندكروزر»، تتقدَّم ببطء، أو هكذا خُيِّل لهم.

فقالت «ريما» ﻟ «إلهام»: هل أنت جاهزة؟

إلهام: نعم.

ريما: ولكن لا توجد هنا محطة تقوية.

إلهام: لا يهم … فلديَّ اتصال دولي.

ريما: على القمر الصناعي مباشرة؟

إلهام: نعم.

ريما: على بركة الله.

إلهام: خمسة … أربعة … ثلاثة … اثنان … واحد … صفر.

ثم طلبت على التليفون المحمول رقمًا … ودوى في المنطقة انفجار مروع.

ثم نزلت من السيارة … والتفتت إلى «أحمد»، ورفعت له إبهامها.

فقام بالاتصال برقم «صفر» … وأبلغه نجاح العملية.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٥