العناية المركزة

رغم أن مِس «جانيت» من محترِفات التنس عالميًّا.

ورغم أن «إلهام» تعلَّمت التنس على يدَيها.

ورغم أن تمرينها اليومي لا يقِل عن أربع ساعات.

و«إلهام» لا تمارس اللعبة إلا في أوقات فراغها … وهي قليلة.

إلا أنها تغلبت عليها في المباراة الودِّية التي لعبتها معها في نادي «الجزيرة الرياضي»، والتي حضرتها «ريما» وبعض الصديقات.

ولحسن حظها لم تشعر بوخز ساعة يدها إلا في نهاية المباراة … وبعد أن أعلن الحَكَم فوزها، وقد كان «عثمان».

ووسط ضحكات مِس «جانيت» السعيدة بالمستوى الذي وصلت إليه تلميذتها النجيبة، وهرج «ريما» ومن معها من الأصدقاء والصديقات، تلقَّت «إلهام» رسالة المقر … ثم حيَّت الموجودين، وانصرفت سريعًا، ولحقت بها «ريما» ومن بعدها «عثمان».

ومن جراج النادي، انطلقت «الدولفين الفضي»، سيارة «إلهام» المفضَّلة، إلى شارع النيل، وخلف عجلة قيادتها كان يجلس «عثمان»، وبجواره «إلهام» وفي الكنبة الخلفية كانت «ريما» تحاول الاتصال ﺑ «أحمد»، كما طلبت منها «إلهام» … لكنها لم تفلح فعلَّق «عثمان» قائلًا: قد تكون بطارية تليفونه فارغة.

إلهام: وهل بطارية ساعته فارغة هي الأخرى؟!

ريما: وأنا لا أظن أن «أحمد» يترك تليفونه غير جاهز للعمل … ولو لساعة.

عثمان: هل الأمر هام إلى هذه الدرجة؟!

إلهام: لا أعرف … ولكن الأوامر التي تلقيتها من المقر تقول اتصلي ﺑ «أحمد».

ريما: وهل قالوا للضرورة؟

إلهام: نعم يا «ريما» … نعم … قالوا للضرورة.

ريما: إذن سأحاول مرة أخرى.

إلهام: لا داعي، سأتصل به أنا.

وبعد لحظات … انطلق «عثمان» في الضحك، وهو يرى في المرآة التي أمامه «ريما» وقد جحظت عيناها حين نجحت «إلهام» في الوصول ﻟ «أحمد» من أول مرة … طلبته فيها.

وسمع «أحمد» صوت ضحكات «عثمان» فعلَّق قائلًا: «عثمان» هذا الذي يضحك … أليس كذلك؟

إلهام: بلى … إنه هو!

أحمد: هل حدث شيء؟

إلهام: لقد طلبوا مني في المقر أن أطلبك.

أحمد: ولم يخبرني أحد بذلك؟!

إلهام: هل هناك مهمة جديدة؟

أحمد: حتى الآن لا أعرف.

إلهام: هذا يعني أن لديك معلوماتٍ جديدة.

أحمد: لقد انتهيتُ من غدائي مع العميد «طارق» منذ دقائق.

إلهام: وهل تحادثتم؟

أحمد: كثيرًا.

إلهام: هل لديك خطط في المساء؟

أحمد: حتى الآن لا، ويمكننا أن نلتقي.

إلهام: إذن نحن في الطريق إليكَ.

أحمد: وأنا في انتظاركم … ولكن هناك مهمة صغيرة أرجو أن تقوموا بها، وأنتم في الطريق إلى هنا!

إلهام: ما هي؟

أحمد: يرقد في إحدى غرف العناية المركزة، رجل يُدعى «محمد هانئ».

إلهام: هل سنقوم بزيارته؟

أحمد: نعم … فقد تعرَّض لمحاولة قتل كادت تُودي بحياته.

إلهام: إذن الغرض من الزيارة ليس الاطمئنان عليه فقط.

أحمد: لا … بل …

وهنا قاطعته «إلهام» قائلة له: «عثمان» يريد أن يحادثك.

أحمد: أهلًا «عثمان».

عثمان: قُل ما عندك يا «أحمد».

أحمد: هل سمعت ما قلت؟

عثمان: نعم.

أحمد: هذا الرجل مستهدَف … أي أن هناك مَن سيحاول قتله مرة أخرى.

عثمان: والمطلوب؟

أحمد: مراجعة إجراءات الحراسة والمراقبة، هذا من ناحية.

عثمان: ومن الناحية الأخرى؟

أحمد: تعريف طاقم الحراسة بمجموعات الممرضات والأطباء المسموح لهم بدخول غرفته، ويتم ذلك في غير وجود مدير المستشفى.

عثمان: ولا يُسمَح لغيرهم بالدخول … أليس كذلك؟

أحمد: بلى.

عثمان: «إلهام» تقترح أن يقيم أحد رجال الأمن السِّريين معه كمرافق.

أحمد: سأتصل بالعميد «طارق» وأطلب منه ذلك.

عثمان: وهل هذه هي العملية الجديدة؟

أحمد: قد تكون ذلك على ضوء ما سيصلنا من معلومات.

عثمان: تقصد أن نستجوب الرجل؟

أحمد: لا … فقد تم استجوابه على مراحل، بقدر ما تسمح حالته. أنا في انتظاركم.

المسافة بين نادي «الجزيرة» وكازينو «النيل» حيث يجلس «أحمد» قصيرة للغاية … ولكنها لم تعُد كذلك بعد ما طلبه منهم «أحمد».

فقد كان عليهم تعديل مسارهم إلى اتجاه كوبري «الجامعة».

وبجوار مستشفى «قصر العيني»، ترك «عثمان» السيارة، وبها «إلهام» و«ريما»، وعدا إلى الدور الرابع؛ حيث تابع كل الإجراءات مع الجنود المكلَّفين بالحراسة.

وبعد إبراز بطاقته الأمنية، تمكَّن من دخول الغرفة … وزرع بعض أجهزة التنصُّت وكاميرا فيديو دقيقة في إحدى فتحات التكييف المثبَّتة بالسقف.

ثم غادرها على عجلٍ ليلحق بميعاد «أحمد».

وكانت «إلهام» قد انتقلت لتجلس خلف عجلة قيادة السيارة … وما إن رأت «عثمان»، حتى أدارت محركها … ثم انطلقت بمجرد أن ركبها، وقبل أن يغلق الباب.

وعند أول منحنًى … انحرفت بشدة يسارًا ثم يمينًا لتخترق شارع «النيل» في اتجاه «الكازينو»، ومن شارع جانبي … ومن خلف إحدى السيارات … خرجت سيارة مسرعة كالصاروخ، وكادت تصطدم ﺑ «الدولفين الفضي»، ورغم مهارة «إلهام»، فإنها كادت تصطدم أكثر من مرة … بعددٍ من السيارات، التي كانت تسير في الاتجاه المقابل … وهي تحاول أن تتفادى هذه السيارة.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٥