مزيد من الانفجارات!

على الرصيف المجاوِر للنيل، أوقفت «إلهام» سيارتها وأطفأت محركها، واستعدَّت لسماع ما يحكيه «أحمد» الذي أكمل حديثه قائلًا: لقد بدأت القصة عندما ذهب هذا المخترِع إلى مكتب براءات الاختراع لتسجيل اختراعه، وجلس في مكتب التسجيل وسط مجموعة من الناس، عرف فيما بعد، أنهم وكلاء براءات اختراع.

عثمان: أي الذين يقومون بالتسجيل نيابة عن أصحاب الأفكار.

أحمد: نعم … وعندما جاء دوره، أخذت الموظفة المختصة منه الأوراق … وغابت عنه لدقائق في مكتب الفحص الفني، ثم القانوني … وعادت بعدها تطلب منه استكمال بعض الإجراءات.

ريما: هل هذا ما قاله؟

أحمد: نعم، بالإضافة إلى تحريات رجال المباحث.

إلهام: ثم ماذا؟

أحمد: وأثناء نزوله السلالم … احتكَّ به أحد هؤلاء الوكلاء متعمدًا … وعرض عليه تقديم خدماته فشكره رافضًا، فقال له إن كان الموضوع بسيطًا، ويحتاج لاستشارة فقط … فلن يكلِّفه ذلك شيئًا.

عثمان: هو حتى الآن يحاول أن يكسبه كعميلٍ لمكتبه.

أحمد: نعم … وعلى أحد المقاهي جلس كلاهما، وعرف الأخير فكرة الاختراع، ورأى أنها صفقة كبيرة … فحاول التفاوض معه، غير أنه رفض … وتركه وانصرف … وشعر به يتتبَّعه.

ريما: وماذا كان يقصد؟

أحمد: من الواضح أنه كان يقصد سرقة الأوراق، لا لمعرفة ما بها، ولكن لتعطيله عن التسجيل في اليوم التالي … ويكون هو قد قام بتسجيله باسم أحد عملائه.

إلهام: ولم يتمكَّن؟

أحمد: بلى … وذهب صباح اليوم التالي مبكرًا إلى الأكاديمية … فوجد «محمد هانئ» وقد أنهى إجراءات التسجيل.

عثمان: فجُنَّ جنونه، وحاول قتله.

ريما: إذن ما دخل عصابات المافيا بكل ذلك؟

أحمد: انتظروا يا جماعة، الموضوع حتى الآن لم ينتهِ.

إلهام: أكمِل يا لورد.

أحمد: علِم بعد ذلك بفترة … أن إحدى الشركات الأمريكية، بصدد تصنيع أجهزة منزلية تستفيد من هذا الاختراع.

ريما: وما مصدر معلوماته؟

أحمد: شبكة الإنترنت!

عثمان: وهذا يعني أنهم سبقوه بالتسجيل في «الولايات المتحدة الأمريكية»؟

إلهام: لا … فهو يحتفظ بالأسبقية من تاريخ تسجيله بمصر.

أحمد: نعم، طبقًا لاتفاقية دولية … ولكن لكي يقاضي هذه الشركة … يجب أن يقوم بالتسجيل هناك.

عثمان: وله نفس الأسبقية السابقة كما قلنا؟

أحمد: نعم!

ريما: وهل قام بالتسجيل؟

أحمد: نعم … وهذا هو سبب بحثهم عنه، ومحاولة قتله.

ريما: إذن الخيط مع وكيل البراءات المصري؟

أحمد: المعلومات تقول إنه وُجِد مقتولًا في «نيوجرسي» برصاصتَين في رأسه وصدره.

عثمان: ذهب للاتفاق معهم، فسرقوا منه الأوراق وقتلوه.

أحمد: استنتاج عظيم … ولديكم الآن الكثير من المعلومات، ويمكنكم إعداد تقريرٍ عاجلٍ ورفعه إلى رقم «صفر»!

إلهام: وأنت؟

أحمد: سأستقل سيارتي، وأعود إلى الفندق.

وكانت سيارته تقف على الرصيف المقابل … فغادر «الدولفين» بعد أن حيَّا زملاءه وعبر الشارع، وقبل أن يُخرِج مفتاح السيارة من جيب سترته، تذكر أنها لم تكن تدور.

فأشار ﻟ «عثمان»، وقبل أن يفتح غطاء المحرك مرة أخرى … كان «عثمان» بجواره يسأله قائلًا: ماذا حدث؟

أحمد: السيارة لا تدور.

عثمان: اسمح لي أن أجرِّب.

وأخذ منه مفتاح السيارة، وحاول إدارتها فلم تدُر، وعرف من عدَّاد البنزين أن الخزان فارغ، فسأله قائلًا: هل السيارة مجهَّزة للعمل بالغاز؟

أحمد: نعم … لماذا؟

عثمان: لأنك تركتَ خزَّان البنزين فارغًا.

أحمد: وما حاجتي للبنزين، وخزان الغاز ممتلئ؟

عثمان: لا … بل فارغ … والعداد معطَّل، وأعطاك إشارة كاذبة.

ابتسم «أحمد» راضيًا لاطمئنانه على السيارة، وقال له: أحضروا لي بنزينًا يحركني إلى أقرب محطة تموين سيارات.

عثمان: لدينا احتياطي في السيارة، سأحضره لك.

واستدار ليعبر الشارع جريًا … فتحركت سيارة من بين عدة سيارات تقف على جانب الطريق … لمحتها «ريما»، فظلَّت تراقبها بيقظة، وقبل أن يعبر «عثمان» الشارع مرة أخرى، همست له بما رأت، فلم يلتفت لها … وفي منتصف الطريق … رأته يقذف بصفيحة البنزين التي يحملها لأعلى. وسمعت صوت طلقة أعقبها انفجار مروع.

واندهش الجميع وهم يرَون البنزين المشتعل يفرش أرض الشارع … وشظايا الصفيحة المنفجرة تسقط كالشهب على الطريق، وفوق كل ذلك، عبرت سيارة مسرعة يخرج منها وابلٌ من الرصاص … تركتهم جميعًا ما بين منبطح على الطريق أو جالس القرفصاء في دوَّاسات السيارة.

ومن «اللاندكروزر»، خرج «أحمد» مستغرقًا في الضحك وهو يقول: كل ذلك من أجل حفنة بنزين.

عثمان: ألن نطاردها؟

وقبل أن يكتظ الشارع بسيارات الشرطة والأمن المركزي، كانت «الدولفين الفضي» قد غادرته، وفي إحدى سيارات الشرطة عاد «عثمان» ومعه البنزين؛ حيث كان ينتظره «أحمد».

ولأول مرة منذ ظهر ذلك اليوم تتحرك «اللاندكروزر»، محفوفة بدعوات «أحمد» ألَّا يصيبها مكروه.

فقال له «عثمان»: لماذا تقول ذلك … هل ستدخل بها معركة؟

أحمد: نعم.

عثمان: مع من؟

أحمد: مع الذين أهدروا البنزين، وأمطرونا بالرصاص.

عثمان: وهل تعرف أين هم؟

أحمد: نعم؛ فقد ألقيت بمسمار تتبُّع في طريق عجلات سياراتهم.

عثمان: وما هو «مسمار التتبُّع»؟

أحمد: إنه مولِّد إشارات إلكتروني دقيق، موضوع في جسمٍ معدني ذي حافة مدببة، ليخترق الإطارات الكاوتشوك للعجلات.

عثمان: وهل لديك هنا مستقبِل للإشارات؟

أحمد: نعم.

عثمان: ولكن السيارة الآن ابتعدت كثيرًا.

أحمد: لا يهم … فهذا الجهاز يعمل على شبكات التليفون المحمول!

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٥