تحت التهديد!

رأت «ريما» أنها فرصة؛ لكي تخرج بما تريد من معلوماتٍ من أسيرهم قبل أن تنفِّذ معه اتفاقهم … ووافقت على ذلك «إلهام» بالطبع، ورحَّبت به، وآثرت أن تبدأ هي استجوابه، قائلة: ما اسمك يا سيدي العظيم؟

ولم يُجِب الرجل، وكأنه لم يسمع السؤال … فأعادته عليه مرة أخرى … فأشاح بوجهه عنهما، وانصرف ببصره إلى الشارع عبر زجاج السيارة.

فحادثت «إلهام» «ريما» قائلة: ما رأيكِ في أن نتخلَّص منه … ونُوحي لهم أنه هو الذي فعلها … وسيكون من السهل القبض عليه بعد ذلك؟

التفت إليها الرجل منزعجًا وغير مصدق … ثم انتقل ببصره إلى «ريما» وهي ترد عليها قائلة: هي فكرة خطيرة، وخاصة أنه لم يعُد مفيدًا لنا في شيء … فهو لا يريد الإجابة على أسئلتنا.

إلهام: بل وأصبح عبئًا ثقيلًا علينا.

ريما: نعم؛ فحراسته تصيبني بالتوتر.

وكان الرجل يحرك وجهه ما بينهما في إنصاتٍ وتركيز، ويستمع إلى كل كلمة تقولانها، إلى أن سمع تكة أمان المسدس.

فانتبه واعتدل في جلسته، وهو يقول: ماذا تريدين؟ هل طلبتِ معرفة شيء ولم أقُله؟

ريما: ما اسمك؟

الرجل: «رود».

إلهام: «طريق» … اسمك «طريق»؟

ريما: هذا ليس اسمك؟

الرجل: وماذا يعنيكِ من اسمي؟

ريما: اسمع يا «رود» … سنفترض أنك «رود» حقًّا … من أين أنت … ومع مَن حضرتَ؟

إلهام: ودون كذب.

رود: أنا أعيش في «مصر» منذ سنوات.

ريما: وقبل ذلك؟

رود: كنت أعيش في «أمريكا».

ريما: وما علاقتك بمختطفي سياراتنا؟

رود: لنتحدث في الموضوع من نهايته … أنتم لستم المقصودين من هذه العملية … ولكنكم أقحمتم أنفسكم فيها!

إلهام: أي عملية؟

رود: عملية التخلُّص من …

وعندما تردَّد في استكمال الحديث، قالت له «ريما»: التخلُّص من «محمد هانئ» أليس كذلك؟

رود: نعم … ﻓ «محمد هانئ» مطلوب حيًّا.

ريما: إلى أن يوقِّع على التنازل؟

رود: وزيارتكم في المستشفى أكدت على أنكم على علاقة به.

إلهام: وخفتم أن نتسبَّب في عدم حصولكم على التنازل؟

رود: نعم.

ريما: وبعد أن تحصلوا منه على التنازل تقتلونه أليس كذلك؟

رود: نعم … نعم … لم نتفق على ذلك … وماذا سيفيدنا قتله؟ فقد نستفيد منه مرة أخرى!

إلهام: أنا لا أصدقك.

رود: لماذا … ألم يخبركم أننا حاولنا الاتفاق معه؟

ريما: بشروطكم؟

إلهام: طبعًا سيرفض.

ريما: السؤال الأهم هو مَن غيرك في هذه العملية؟

رود: الموجودون في «اللاندكروزر» الآن.

إلهام: هل أنت صادق معنا؟

رود: نعم.

ريما: سنرى!

وأخرجت جهازًا يشبه الآلة الحاسبة الصغيرة، ومرَّرتها على ذراعه، فأخذت تُحدِث صفيرًا متقطعًا، وعند نقطة معينة، ازداد الصفير حدة، وتلاحقت تردُّداته بسرعة … والرجل يتابع كل ذلك في قلق، فأخرجت جسمًا صلبًا يشبه بطارية الساعة، ووضعته في هذا المكان، ثم نزعت عن أحد وجهَيه غطاءً صلبًا رقيقًا … وثبَّتته بشريطٍ لاصق، وهي تقول: إذا حاول أحد انتزاع هذا الجسم من مكانه فسينفجر بشدة؛ فقوة انفجاره تساوي قنبلة زنتها عشرة كيلوجرامات من مادة TNT.

فقال لها في فزعٍ: وهل سأعيش بها بقية عمري؟

ضحكت «إلهام»، وقالت: لا … فحتى تنتهي من مهمتك التي سنكلِّفك بها، ستظل هذه القنبلة تعمل … وعندما تنهيها بنجاحٍ سنخلِّصك منها.

ريما: أما عن هذا الجهاز.

فنظر لها في قلقٍ، وقال: ألَا يكفي هذا؟

ريما: لا تخف، فهي أجهزة تنصُّت.

رود: وهل هناك حاجة لزرعها … ألَا يمكنني وضعها في جيب سترتي؟

إلهام: دعها تُنهي مهمتها بسرعة؛ ﻓ «اللاندكروزر» تقترب منا.

استسلم الرجل لما تفعله به «ريما»، في الوقت الذي اقتربت فيه «اللاندكروزر» منهم إلى حدٍّ كبير … فأفرغت «إلهام» مسدسها من الرصاص، وأعطته ﻟ «رود» قائلة: نحن لا زلنا في قبضتك، فكي وثاقه يا «ريما».

فقالت له «ريما»، وهي تفك ذراعَيه: تذكر أنكَ ملغَّم، وأن حياتك مرهونة بحياتنا.

إلهام: نعم؛ فعن طريق زر بساعتي أستطيع تفجيرك.

رود: لا تخشَي شيئًا.

وبجوار سيارتها، شاهدت «اللاندكروزر»، تسير محاذية لها، وانفتح الشباك الأمامي، فرأت رجلًا داكن البشرة (أسود) جالسًا خلف عجلة القيادة، ينظر لها في تحدٍّ.

ثم صرخ قائلًا: «رود» … ألم آمرك أن تتخلص منهما؟

رود: الآن يا زعيم؟

الرجل: الآن يا «رود»، واقذف بهما من السيارة، والحق بنا بعد ذلك … انتهِ الآن يا «رود».

وما كاد الرجل يكمل كلامه حتى انطلق بالسيارة مبتعدًا عنهم … فالتفتت «ريما» إلى الخلف، فلم تجد السيارة التي كانت تتبعهم، وبها «أحمد»، فأخبرتها «إلهام» بأنها اختفت منذ فترة، ولم تعُد تراها.

فقالت ﻟ «رود»: اتصل بمن تعمل معهم، وأخبرهم بأنك أنهيتَ المهمة الآن، وأنك تنتظر الأوامر، وسيخبرونك أين هم، ونذهب إليهم.

رود: قد يكون هناك من يتبعني، ويبلغهم بكل شيء، وسيعرضني ذلك للقتل.

ريما: إذا شعرتَ منهم بالخطر، قُم بملازمة «الزعيم»، ولا تتركه، وأخبره بأمر القنبلة، وبأن موتك معناه انفجارها وموته.

إلهام: وإن لم تستشعر خطرًا؛ لا تخبرهم بشيء، ولا تنسَ أننا سنسمع كل ما يدور بينك وبينهم.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٥