أنتوني بيرجس (١٩٨٤–١٩٨٥م)

الكاتب البريطاني «أنتوني بيرجس» عاش بين عامي ١٩١٧ و١٩٩٤م، وهو روائي وناقد وكاتب مقال، ويعتبر أشهر كتَّاب عصره الذين كتبوا روايات التنبؤ السياسي، لما يمكن أن يحدث في المستقبل، ومن بين رواياته «البرتقالة الآلية»، و«أخبار نهاية العالم»، ورواية باسم «١٩٨٤– ١٩٨٥» نشرها عام ١٩٧٩م، تمت ترجمتها في التسعينيات في مصر باسم «المسلمون قادمون».

***

ومن عنوان الرواية نكتشف أن «بيرجس» قد حاول أن يتنبأ بالصورة التي ستكون عليها بلاده بريطانيا في منتصف الثمانينيات من القرن العشرين أسوةً بما فعل مواطنه الروائي الشهير «جورج أورويل» في الرواية الشهيرة «١٩٨٤».

تخيَّل «أورويل» أن النظام الشمولي سوف يحكم العالم، وخاصةً بريطانيا، فتُرى كيف كان تخيُّل «أنتوني بيرجيس»؟

كانت للكاتب وجهة نظره في المستقبل، فهو يرى أن مدينة لندن قد ازدحمت بالمسلمين من بلاد النفط بشكل خاص، وأنهم قاموا بشراء الكثير من الشقق، والمؤسسات البريطانية لعِدة أسباب. أولها النفط الذي درَّ على بعض الدول العربية الكثير من الثروات. أما السبب الثاني فهو أن الأثرياء العرب يهربون من الأنظمة السياسية في بلادهم باحثين عن حريات أفضل.

وفي الرواية يصبح المسلمون بأموالهم وأعداهم قوة اقتصادية ضاربة في مدينة لندن، مما يدفع بحدوث المزيد من التغيرات السياسية. فالملك «تشارلز الثالث» يتولى عرش البلاد من أجل استعادة الديمقراطية؛ لكن البرلمان غاضب على ما حدث في لندن. ويودُّ أعضاء البرلمان وضع حدود لنفوذ العرب الاقتصادي في لندن.

والكاتب يقصد بالمسلمين هنا عرب الخليج، بزيهم الشعبي المألوف، وثرواتهم. إذ ليس كل المسلمين في كل الدنيا من أثرياء.

وتنقسم لندن إلى قسمَين أساسيَّين؛ فهناك العرب يقفون إلى جوار الملك الذي يبارك وجودهم في لندن، ويحضر المناسبات الدينية المختلفة، ويصور «بيرجيس» شهر رمضان المعظَّم وقد تغيَّرت الحياة تمامًا في لندن. فالصلوات تعمُّ المدينة، ومكبرات الصوت ترفع الأذان. والمدينة تكاد تخلو من المحرَّمات التي يحرِّمها الدين، ومنها لحوم الخنازير والكحوليات.

من الواضح أن الكاتب لم يكتب كل رواياته من أجل تنبيه شعبه إلى أن التساهل في بيع لندن إلى الغرباء سيجعلها مدينة مسلمة، بل يرى أن الصراع السياسي بين السلطات والنقابات سوف يعجِّل بنهاية إنجلترا التي يعرفها الجميع.

الجدير بالذكر أن هذه الرواية تنتمي إلى نوع من الأدب يُعرَف بالخيال السياسي، وهو يهتم بتصوير المستقبل من خلال التغيرات السياسية الحادة التي قد تحدث من حولنا.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤