لوي جارديل: قلعة ساجان
الكاتب الفرنسي «لوي جارديل» مولود في مدينة الجزائر عام ١٩٣٩م، وهو ينتمي إلى ثقافة الأقدام السوداء أي هو من الفرنسيين الذين تربَّوا في الجزائر، وعقب الاستقلال اكتشفوا أن لهم وطن آخر عليهم الرحيل إليه.
***
بدأ حياته الأدبية برواية «الصيف الصاخب» عام ١٩٧٣م، ثم «سكين الحرارة» عام ١٩٧٦م، و«قلعة ساجان» عام ١٩٨٠م، و«الدور الجميل» عام ١٩٨٦م.
وقد ذاعت شهرة الكاتب عقب تحويل روايته «قلعة ساجان» عام ١٩٨٤م إلى فيلم، وهي رواية تدور في الصحراء حول المواجهة الحضارية بين الفرنسيين والجزائريين. ﻓ «شارل ساجان» هو «دون كيشوت» الصحراء، تحولَّت طواحين الهواء بالنسبة له، إلى سرابات الرمل التي لا تقترب أبدًا، يحلم بامتلاك تلك المساحات الواسعة الممتدة أمامه من الرمال التي لا يسكنها أحد فلا يمكن للبصر أن يبلغ مداها.
والرواية بمثابة مواجهة بين حضارتين متناقضتين، فساجان يحلم أن يمتلك الصحراء لكن السلطان «محمود» يقف له بالمِرصاد، إنه رجل فقدَ سلطانه، مثلما حدث لأجداده منذ أن جاء المحتل الفرنسي، وهو لا يسعى للحصول على أرضه بقدر ما يمنع «ساجان» من امتلاك الرمال، ويردد: «هذه الأرض مِلك لله عز وجل، ولن تفيدك في شيء. إنها أكبر منك، ومن حدود مداركك.»
وبالفعل، فإن كلمات السلطان «محمود» الروحانية ترن في أذن «ساجان»، ويقرر أن يرسل إلى أخيه المقيم في باريس، كي يحضر إلى الصحراء، لاقتسام الصحراء فيما بينهما؛ لكن السلطان المؤمن بالله يضحك، ويردد أن الصحراء مِلك لله، وهبها للمؤمنين من أجل التعبد تحتها، وللتأمل في سمائها الصافية، واكتساب المزيد من المشاعر الروحانية.
لكن «شارل ساجان» يحلم أن يبني قلعة في وسط الصحراء، وأن يضع عند أسوار القلعة الحرس من أجل حمايتها، ومن جديد فإن السلطان «محمود» يبتسم وتعبِّر هذه الابتسامة عن دهشة حقيقية من حضارة الامتلاك التي تمثلها فرنسا، ويقول ﻟ «ساجان»: لا أستطيع أن أمنعك إن أردت أن تأخذها فهي ليست ملكًا لي.
ويبدأ «ساجان» في بناء القلعة التي ينشدها، ويحاول أن يجعلها بالغة القوة، وبعد أن ينتهي من البناء يدعو السلطان «محمود» الذي يقول له: ألا ترى أنها واسعة للغاية.
ويرد «ساجان» قائلًا: سوف أملأ القلعة بالبشر. ويكتشف «ساجان» أن القلعة أشبه ببيت أشباح؛ فلا أحد يود الحضور إلى هنا للعيش فيها، ويتخذ القائد العسكري هذا زوجة فرنسية تأتي للعيش معه، لكنها لا تحتمل هذا الصمت الرهيب، وعندما يأتي السلطان «محمود» يردد:
صدقوني الصحراء تتكلم؛ لكن ليست اللغة التي ترددونها، إنها لغة لا يفهمها سوى من اعتادوا على عبادة الله تحت سمائه.
ويشعر «ساجان» بالهزيمة، ويقرر أن يرحل عن الصحراء وأن يترك قلعته، هذه القلعة التي غطَّتها الرمال بمرور الزمن وتحولَّت إلى كثبان من الرمال، لعلها تحمل معها القلعة إلى حيث تطير.