أندريه شديد: واليوم السادس
الكاتبة المصرية المعروفة «أندريه شديد» مولودة في مصر عام ١٩٢٨م في أسرة من أصل لبناني، وقد عاشت في مصر سنوات عديدة قبل أن ترحل إلى باريس عقب أن تزوجت من العالم الكيميائي الشهير «لوي شديد» وعاشت حتى عام ٢٠١١م.
***
و«أندريه شديد» شاعرة وروائية وكاتبة مقال، وهي كاتبة مقروءة بقوة في اللغة الفرنسية. وفي أغلب أعمالها؛ فإنها تهتم بالحديث عن التاريخ المصري القديم، وباعتبارها كاتبة مسيحية، فقد كانت شخصيات عديدة من بين أبطال وبطلات رواياتها من المسيحيين، ومنهم الأسرة الصعيدية في رواية «نوم الخلاص».
لكن هناك رواية بالغة الأهمية للكاتبة توغَّلت فيها داخل أجواء الأسر المسلمة، ووصفت وقائع حياة هذه الأسرة إبان أزمة كبرى مرت بها مصر عام ١٩٤٧م، ألا وهي وباء الكوليرا الذي هاجم عددًا من القرى والمدن المصرية، ولم يفرَّق الوباء بين الجسد المسلم والقبطي؛ لكننا عشنا مواجهة خاصة بين فلاحة مصرية مسلمة، وبين مرض الكوليرا الذي قررت أن تتحداه عندما هاجم جسد حفيدها «حسن».
بطلة الرواية اسمها «صِدِّيقة». إنها أرملة ماتت ابنتها وتركت لها الحفيد الصغير كي تربيه، وعندما يأتي المرأة خبر من قرية مصرية أن الوباء قتل بعضًا من أفراد أسرتها؛ فإن «صِدِّيقة» تذهب للمشاركة في الجنازة، وتصف الكاتبة شعائر دفن الموتى عند المسلمين، أنهم يضعون الجثمان في المقبرة، ويتلو الشيخ آيات من القرآن الكريم، ويقوم نفس الشيخ بمناداة روح الميت أن تتماسك عندما يدخل عليها ملاك الحساب، وهو في هذه المرة سيكون مغسولًا من الذنوب طالما أنه مات ضحية الكوليرا.
وعندما تعود المرأة إلى القاهرة تكتشف أن حفيدها صار في حال سيئ للغاية؛ فقد أصابت الكوليرا مُدرِّسه، وجاءت السلطات لأخذه معهم. وهذا الأستاذ هو القدوة الحسنة للتلميذ الصغير، فهو الذي يُعلِّمه حفظ آيات من القرآن الكريم، كما كان مدرِّسًا مثقفًا حنونًا، يتصرف مع «حسن» كأنه الأب البديل.
وتحاول «صِدِّيقة» أن تكون الجدة، والأم، والمدرِّس، الذي أنهكته الكوليرا، والأب الغائب، وتُصدَّم حين تعلم أن حفيدها أصابته الكوليرا؛ لكنها لا تستسلم للمرض اللعين، ولأنها امرأة مؤمنة بالقدر؛ فإنها تحمد الله على ما أصابها، لكنها في نفس الوقت تأخذ الحفيد، وتركب به مركبًا ينطلق فوق صفحة النهر من أجل أن تصل بالحفيد قبل انتهاء ستة أيام؛ لأن الطفل المريض لو وصل إلى شاطئ البحر حيث الجو النقي من الوباء، قبل اليوم السادس، فسوف تُكتب له النجاة.
وبفضل إيمانها بالله، ولأنها لم تكفَّ عن الابتهال إلى الله؛ فإن «صِدِّيقة» تصل إلى شاطئ البحر في الموعد المحدد، وينجو «حسن» من الموت المنتظَر.