سارة فرانسوا: أحبك يا لبنان
هذه هي الرواية الثانية التي تُكتب باللغة الفرنسية حول سيدة من سيدات الطرب العربي.
***
الرواية الأولى صدرت عام ١٩٨٨م بعنوان «أم» للكاتبة «مرجريت جوتييه» حول قصة الحب التي ربطت بين الشاعر «أحمد رامي» وسيدة الغناء «أم كلثوم»، وقد مزجت الرواية بين المتخيَّل والواقع، وجاء في أحداثها أن قصة حب حقيقية لم يكن لها أن تنتهي بزواج قد نمت بين المطربة والشاعر ساعدت في تأجج العواطف، وفي كتابة كل هذه الأغنيات الجميلة المليئة بالصدق فكان أجمل ما غنت «أم كلثوم» لجمهورها لعشرات السنين.
أما الرواية الثانية فقد صدرت في باريس في عام ٢٠٠٢م تحمل عنوان «أحبك يا لبنان» للكاتبة «سارة فرانسوا» وكما هو معروف فإن الرواية تحمل اسم إحدى أغنيات «فيروز» الشهيرة.
«فيروز» هي المعادل الغنائي اللبناني للسيدة «أم كلثوم»، مولودة عام ١٩٣٥م، وصارت حياتها بمثابة أغنية عاطفية طويلة تعبِّر عن مشاعرها تجاه زوجها الملحِّن.
لقد ولدت قصة حب فيَّاضة بين التلميذة الصغيرة التي لم تكن تتجاوز السادسة عشر من عمرها، وبين معلمها «إلياس رحباني» الذي غيَّر من مسيرتها؛ فصنع منها نجمة في عالم الطرب لم تعرف لبنان مثيلًا لها.
وتروي الرواية قصة الحب التي نمَت بين الفنانَين الصغيرين؛ فقد تعارفا في مكتب المطرب والموسيقار «حليم الرومي»، والد «ماجدة الرومي»، وأطرف ما في هذا اللقاء، أن الاثنين لم يستلطفا بعضهما في اللقاء الأول، خاصةً «فيروز» أو «نهاد»، لكن لم يلبث البرود الذي تولَّد بينهما أن تحوَّل إلى حب جارف استمر أربع سنوات قبل أن يتزوجا عام ١٩٥٥م.
وحسب الرواية؛ فإن «منصور رحباني» لم يجد مكانًا لنفسه بين الأخوَين؛ لأنه كان يحب الموسيقى الغربية أكثر، أما «عاصي» فقد كان يحب اللحن العربي، وهو الذي ألَّف أجمل المسرحيات الغنائية التي صنعت مجد الثلاثي: «فيروز، ومنصور، وعاصي رحباني»، بالإضافة إلى أسماء عديدة.
ولأننا لسنا أمام كتاب عن حياة «فيروز»، بقدر ما هو رواية؛ فإن الكاتبة «سارة فرانسوا» راحت تشبِّه «فيروز» ﺑ «نورا» بطلة مسرحية «بيت الدمية» ﻟ «هنريك إبسن»، فقد راح «عاصي رحباني» يتصرف على أنه مندوب عن «فيروز» في كل شيء … «فيروز» سيدة منزل من الطراز الأول، أما هو فقد جعل من نفسه ناطقًا باسمها، يعقد المؤتمرات الصحفية، ويوقع عقودها، وتحوَّلت هي بالنسبة له إلى مفرخة للأبناء تعاني من متاعب مع ابن مريض، ومع آخر التقطه الموت مبكرًا.
لكن في لحظةٍ ما، اكتشفت «فيروز» أنها صارت مثل «نورا» وكان عليها أن تتحرر من قيد زوجها الذي كبَّلها بقوةٍ، وطلبت الطلاق دون عودة، ورأت في ابنها عوضًا عن حياتها التي تفسَّخت، فأرسلت لزوجها نداء حب، للأيام الخوالي من خلال أغنيتها الشهيرة «سألوني الناس» عام ١٩٧٤م من تلحين وتأليف ابنها «زياد رحباني» تقول كلماتها الكثير من المعاني التي تعبر عن موقفها.