خوان جويتسولو: خوان بلا أرض
لم ينسَ الكاتب الإسباني «خوان جويتسولو» أنه ينحدر من أسرة عربية مسلمة أجبرتها محاكم التفتيش على اعتناق المسيحية كما قال في كتابه «حفل صيد».
***
لذا فإن الكاتب قرر أن يشدَّ رحاله وقلمه إلى العالم العربي، بأن يعيش فيه على فترات متقطعة طويلة وأن يكتب عن البلاد العربية، وعن العرب المسلمين.
من بين المؤلفات الشهيرة للكاتب المولود في يناير عام ١٩٣١م، هناك «ألعاب يدوية» و«صراع في الفردوس» و«أعياد» و«يوميات جزيرة» و«من أجل الحياة هنا» و«مقبرة» و«حفل صيد».
حصل خوان على العديد من الجوائز الأربعة عن رواياته، ولعل أشهرها جائزة فيمينا عن روايته «خوان بلا أرض» التي يتحدث فيها عن هجرته للحياة في المغرب، ويقول الكاتب أنه لم يشعر أنه بعيد بالمرة عن وطنه: «الآلام الأشد وجعًا، وارتجافات الجسم الأبوي، والظلم والشيخوخة، يمكن أن تصيبك فتحس أنك في دوامة، وعليك أن ترضى بوحدتك في كبرياء.»
وقد رأى الكاتب أن الآخرين يأتون إلى المغرب كسائحين، أما هو فقد صار ابنًا للأرض، وأحسَّ بأن كل هذه المدن المغربية الواسعة الجميلة لم تكن سوى إطار ضيق من الصعب الخروج منه.
يقول عن تجربته في مدينة مراكش: «إلى هنا جاء أدباء كثيرون، اختاروا المدينة كمنفًى واختاروا أن يموتوا هناك، وأن تُدفن أجسامهم، ومنهم «جان جينيه».»
وعن الصحراء العربية الممتدَّة أمام المدن يقول: «تدعوك الصحراء إليها، واسعة، تنطلق بلا حدود، كأنها رغبتك التي تغوص في جغرافيتها الكثيفة وتتحسس صدرها برأسك النحاسية.»
وعن ثقافته الإسلامية يقول: «جذبتنا أمومة لأسلافنا ووجدنا فيها الملجأ الآمن.»، وقد تحدث إلى جريدة الحياة اللندنية قائلًا: «أعتقد أن رحلاتنا داخل العالم العربي، والثقافة الإسلامية تنمُّ عن حاجة تكاملية، وهي شبيهة بحاجة غالبية الكتَّاب والمثقفين العرب الذين جاءوا للاستقرار في الغرب.»
ويكمل قائلًا: «أعتقد بوجود فارق أساسي بين الكاتب الإسباني والكاتب الفرنسي فيما يخص الإسلامي؛ لدى الإسباني شعور مزدوج تجاه الإسلام الذي يمثِّل له في نفس الوقت إطارًا حميمًا. لقد بذلت جهدي كرجل ينحدر من أجداد مسلمين، ووضعت نفسي طوعًا في دائرة التناقض الخصب التي يعيشها بداهة الكتَّاب القادمين من العالم العربي؛ بين الأتراك، والباكستانيين وُلدوا وترعرعوا في فرنسا أو إنجلترا أو ألمانيا.»
وكما عاش «خوان جويتسولو» في المغرب لسنوات طويلة، أقام أيضًا في القاهرة على فترات متقطعة طويلة، وقد اعترف أن «شجرة الأدب الإسباني لها جذور كثيرة من بينها جذور عربية بالنسبة لي، وفي مرحلة ما من مسيرتي الأدبية، وجدت نفسي بحاجة للاقتراب من الينابيع العربية، وذلك بهدف اكتساب مقدرة معرفية في آلية العبقرية العربية.»