الطاهر بن جولون: طفل الرمل – ليلة القدر

«الطاهر بن جلون» هو أول كاتب عربي يفوز بأكبر جائزة أدبية في أوروبا عن روايته «ليلة القدر» عام ١٩٨٧م، وهو روائي وشاعر وكاتب مقال. مولود في طنجة بالمملكة المغربية عام ١٩٤٤م.

***

وقد كرَّس بن جلون كافة كتاباته للدفاع عن القضايا العربية خاصةً قضية فلسطين، من خلال إبداعاته أو كتاباته المنتظمة في جريدة لوموند الفرنسية حيث يعمل في القسم الأدبي منذ استقراره هناك عام ١٩٧٠م.

من بين روايات الكاتب هناك «ماتت أشجار اللوز متأثرة بجراحها» و«ندوب الشمس» و«يوم من الصمت في طنجة» و«الحب الأول هو دائمًا الحب الأخير»، و«فندق الفقراء».

أما الرواية التي حصل الكاتب عنها على جائزة جونكور بعنوان «ليلة القدر» فهي في الحقيقة روايتان متكاملتان، نشرهما على فترتَين متقاربتَين، عامي ١٩٨٥، و١٩٨٧م، الأولى تحمل اسم «طفل الرمل» وهي تدور حول رجل مسلم يعيش في قبيلة صغيرة، وهو مثل بقية أبناء القرية، وأيضًا مثل الرجل الشرقي بشكل عام، والمسلم بشكل خاص يميل إلى إنجاب الذكور؛ فالذكر هو حماية لأسرته. وهو امتداد للأب، لكن هذا الرجل المؤمن بقضاء الله يعاني من أنه لم ينجب سوى البنات، ففي كل مرة تأتيه القابلة بالخبر السيئ: «بنت».

وهو يشكر الله على ما رزقه من بنات؛ لكن أهل القبيلة يسمونه بأبي البنات، وهو يشعر بالعار الدائم لبنائه السبع، إلى أن تحمل الزوجة للمرة الثامنة، ويقرر الرجل أن يكون الوليد القادم ولدًا مهما كان، وعندما تلد الزوجة بنتًا كالعادة، يتحدث إلى القابلة، ويطلب منها أن تخبر الناس أن الوليد «ذكر».

وتتم تربية الأنثى على أنها ولد اسمه أحمد، وتصرفاتها وكافة ما يتعلق بها، إنها ابن الرمل الذي لا يعرف متى يكون ذكرًا، ومتى يصير أنثى.

أما رواية «ليلة القدر» التي تُعتبر الجزء المكمِّل للرواية السابقة؛ فإنها تبدأ ليلة القدر المباركة؛ ففي هذه الليلة يودع الأب الحياة ويستدعي ابنه ويطلب منه رعاية الأسرة بكل ما لديها من شهامة ورجولة.

لكن الشاب يتساءل: هل أنا رجل أم أنثى؛ فالتظاهر الخارجي بالرجولة لا يخفي الأنثى الراقدة في داخلها. وتشعر الفتاة بالحَيرة، إنها حبيسة اسمها وجسدها، لقد مات الأب وتزوَّجت أخوَاتها البنات، أما هي فوسط الريح.

والتردد «أنظر إلى نفسي كفتاة أخفاها أبي في ثياب ولد، لإحساسه بالخزي من هويتي كأنثى، إنها إرادة الله، ولن أعترض على هذه الإرادة أبدًا.»

وبالفعل تقرر الفتاة أن ترحل عن القبيلة، أن تخلع ملابس الولد الخشنة التي طالما ضايقت جسدها، وتنطلق في الصحراء باحثة عن تجربة مختلفة، تجربة أن تكون على طبيعتها، أن تكون فتاة. كما شاءت السماء. وهي تردد:

«كنت أعرف أنني سوف أترك خلفي الحكايات المليئة بالغرابة.»

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤