مايكل أونداتجي: المريض الإنجليزي

«المريض الإنجليزي» …

اسم سيعيش طويلًا في تاريخ الإبداع الحديث، فالرواية كتبها أديب من سيريلانكا يسمَّى «مايكل أونداتجي» M. Ondajee، نال عنها جائزة بووكر عام ١٩٩٢م، والفيلم أخرجه «أنطوني مانجيلا»، وفاز بجائزة الأوسكار عام ١٩٩٧م، تدور أحداثه في مصر … وتم تصويره في تونس، والشخصية الرئيسية فيه هو «المازي» الذي صار «ألماظة»، وهو اسم حي شهير في منطقة مصر الجديدة.

***

المكان هو القاهرة في العقدين الرابع والخامس من القرن العشرين، والمازي هو واحد من أربعة أصدقاء جمعتهم صحراء القاهرة التي صارت فيما بعد أحياء راقية، أولهم الأمير كمال الدين، وأحدهم هو المازي الذي يقع في علاقة حب ممنوعة مع صديقة له.

يتساءل المازي قائلًا:

«ما هو الشيء المريع فيما فعلته؟ ألا تغفر للعاشق كل شيء؟ تغفر له أنانيته، رغبته، رياءه، طالما نكون نحن أعمدة ذلك، بوسعك أن تتعرف على امرأة مكسورة الجناح، وأن تعشق امرأة أصابها العمى، فهي حتمًا سوف تمدك بطاقةٍ ما.»

ويمكن أن نقول إن الفيلم قد قام بتكثيف الكثير من الأحداث المتزاحمة، في قصة واحدة قادمة من الماضي، ونحن نرى في الفيلم كيف كانت القاهرة أثناء تلك الحقبة مدينة رملية بها الكثير من البنايات الفخمة التي يرتادها الأجانب لكن العرب هنا غير موجودين إلا على الهامش.

فهناك مجموعة من العمال العرب الذين يذهبون لأعمالهم في الصحراء تنقلب بهم سيارتهم، ويموت الكثير من منهم في مشهد يثير الخفقان والألم، والكاتب ثم المخرج من بعده لا يضع في حسبانه أن يصوِّر المصريين أو العرب الذين يعيشون من حوله قدرَ اهتمامه بتصوير الأجانب في القاهرة.

يقول الراوية، إنه بعد هيرودوت، الذي جاء ذكره مرارًا، قلَّ اهتمام العالم الغربي بالصحراء العربية طوال مئات الأعوام، وحتى بداية القرن العشرين: «إن رحلتي عبر الصحراء الليبية من «سِرت» في المتوسط إلى «العبيد» في السودان تمت في أحد المسارات القليلة لسطح الأرض، والتي تمثِّل عددًا متنوعًا من التضاريس الجغرافية الممتعة.»

وفوق هذه الصحراء الممتدة من القاهرة، حتى ليبيا تدور أغلب أحداث الفيلم والرواية؛ فبعد سقوط الطائرة بالرواية، فإن البدو الطيبين يلتقطون المريض المحروق الجسد، ويطيبونه على طريقتهم مما يخفف هذه المأساة والآلام المبرحة التي يشعر بها؛ وذلك تمهيدًا لنقل المصاب إلى مستشفى إيطالية في أكتوبر ١٩٤٤م.

وهذه الصحراء العربية هي البطل الرئيسي للأحداث؛ فهي التي جمعت كل هؤلاء الأشخاص الذين جاءوا، حسب الرواية، لأسباب متعددة؛ فهناك مهندس المسح الصحراوي الذي يردد: «نحن مولَعون بالصحراء.»

هذه الصحراء يمكنها أن تتحول إلى الكثير من الكثبان الرملية، وتستوعب الكثير من قصص الحب والخطايا وقصص الحرب، كما أنها تتيح لساكنيها فرص التطهر والتحول إلى الأحسن.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤