ف. س. نايبول

«نايبول» … إنه الكاتب الذي حصل على جائزة نوبل في الأدب.

***

اسمه الحقيقي «فيديا سوراج برساد نايبول»، وُلد عام ١٩٣٢م، في جزيرة ترينداد التابعة لبحر الكاريبي، وهو ابن لأحد البراهمة النازحين من شمال الهند. وقد عاش في بلاده حتى عام ١٩٥٠م، هاجر إلى المملكة المتحدة ليستكمل دراسته الجامعية.

نشر العديد من الروايات، وكُتب الرحلات منها: «عامل التدليك المُتصوف» عام ١٩٥٧م، و«شارع ميجل» عام ١٩٥٩م، و«منزل السيد بيسواس» عام ١٩٦١م، و«المحاربون» عام ١٩٧٥م، و«في منعطف النهر» عام ١٩٧٧م، وهي الرواية الوحيدة المنشورة له باللغة العربية في سلسلة روايات الهلال عام ١٩٩٢، وله أيضًا رواية منشورة في التسعينيات بعنوان «الهند، ألف ثائر وثائر».

في الفترة بين أغسطس عام ١٩٧٩م إلى فبراير ١٩٨٠م، قام «نايبول» بجولة في بعض البلاد الإسلامية، هذه الرحلة التي استغرقت ستة أشهر كان هدفها الأول هو التعريف بالمسلمين الذين لا يتكلمون اللغة العربية في آسيا، وذلك عقب الثورة الإسلامية في إيران.

وقد عاد «نايبول» من هذه الرحلة ليقدم كتابًا حول انطباعاته، والجدير بالذكر أن الكاتب ظلَّ يجتر الذكريات في كتبه التالية. ومن أشهرها «ما بعد الإيمان» يقول الكاتب أن آيات الله قد استقبله في إيران كشخص غريب ليس منه أي خطر، أما الباكستانيون فقد استقبلوه كباكستاني.

وهذا ليس كتابًا تحليليًّا عن الإسلام، ولكنه رحلة في بلاد إسلامية، يقوم بها رحَّالة يحكي مشاهداته عن الأماكن التي زارها والأشخاص الذين قابلهم، وهو لا يرحل إلى هذه البلاد في رحلة سياسية عادية، بل هي رحلة دينية يتخذ له في كل بلد من هذه البلاد دليلًا يصوِّر له الأشياء بمنظوره.

والروايات التي كتبها ليست بها حدة الانتقاد؛ لكنها محاولة لوصف البسطاء في هذا العالم. ففي رواية «في منعطف النهر» يرى «نايبول» أن إفريقيا قارة تعجُّ بالقلاقل السياسية، والاجتماعية، ﻓ «سالم» الراوية، يعيش في جنوب أفريقيا من أصل هندي، ويقيم في نفس المنطقة أناس من جنسيات مختلفة من مسلمين وهندوس وبرتغاليين.

وهناك يقابل أحد عبيده القدامَى الذي جاء يطلب الإيواء وأن يعود إلى حمايته، ولأن «سالم» ليس بالرجل الثري؛ لذا فإنه يقوم بتسليم عبده السابق إلى صديق له يُدعَى «فرديناند».

يرى «نايبول» أن الناس في هذه البلاد لا يتغيرون بسهولة، ولا يعرفون الثورة أو التمرد، و«سالم» هذا ليس من أصل أفريقي، ولا علاقة له بالقارة السوداء. إنه مسلم يعشق الحضارة الغربية، وهو مزيج من عدة حضارات … يقول الراوية في الفصل التاسع من الرواية: «بدأت أدرك في نفس الوقت أن إحساسي بالهمِّ سببه أنني رجل مُنسَاق مع التيار، وبلا جذور. إنه إحساس زائف، ولم يكن حلمي بالنسبة لي بالوطن والأمان ليس أكثر من حلم للعزلة يتَّسم بالخطأ في التاريخ والغباء والضعف الزائد. إنني أنتمي إلى نفسي فحسب، ولن أسلِّم رجولتي لأحد.»

وبالنسبة لواحد مثلي؛ فإن هناك حضارة واحدة ومكانًا واحدًا مثل لندن أو مكانًا يشبهها، أي أن أي مكان آخر كان خداعًا للعقل. الوطن من أجل ماذا؟ هل هو من أجل أن أنحني أمام رجالنا العظماء أم للاختباء؟ وبالنسبة لأناس في مثل وضعنا، أناس اقتيدوا للعبودية؛ فإن هذه أكبر خدعة على الإطلاق، نحن لا نملك شيئًا، بل نعزِّي أنفسنا بمجرد الفكرة الخاصة بالرجال العظماء لقبيلتنا أمثال غاندي ونهرو، ولكننا نخفي أنفسنا. أي نقول: «خُذ رجولتي واستثمرها لي، أو خذ رجولتي وأصبح رجلًا عظيمًا من أجلي … لا … إنني أريد أن أكون رجلًا بنفسي.»

هل هناك كلمات تلخص حياة كاتب وفكره وهمِّه العام أكثر مما جاء في هذه الفقرة؟

وقد اعترف الكاتب في الرواية بفضل العرب على تطوير شكل الحياة في وسط وشرق أفريقيا، إلا أنه يقول إن المسلمين لن يُظلموا هناك طويلًا لأنهم تركوا مكاسبهم للاستعمار الغربي.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤