جون كينتل: الدكتور إبراهيم
الكاتب البريطاني «جون كينتل»، هو واحد من الأدباء الذين رحلوا إلى الشرق، وقامت شهرتهم في الغرب على أنهم كتبوا عن هذا الشرق بشكل جمع بين الإيجابي والسلبي.
***
وحتى لا نكون مثل النعامة ننظر فقط إلى من يكتبون دفاعًا عنَّا دون النظر إلى من يروا فقط الصورة الكلية، سواء صحيحة أم لا، فإنه من المهم التعرف على «جون كينتل» وروايته الشهيرة «الدكتور إبراهيم»، فهي رواية مشهورة كتبها المؤلف في الثلاثينيات وقد تُرجمَت لدى العديد من الناشرين في أنحاء متفرقة من العالم، كما أنها تحَّولت إلى فيلم ألماني باسم «الطبيب» عام ١٩٥٧م.
الرواية تدور في مصر، على ضِفاف النيل، وبطل الرواية هو الطبيب المصري «إبراهيم»، الذي تربى في أعالي الصعيد في قرية إدفو، والرواية تدور على لسانه فيتكلم عن قريته بأنها تنام في أحضان الماضي القديم حين صنع الفراعنة حضارتهم هنا، وبنَوا المعابد ونحتوا التماثيل، و«إبراهيم» الطفل يحلم دومًا بالسفر إلى القاهرة، ويرحل إلى هناك عن طريق مركب نهري، وكأنما وسيلة النقل الوحيدة من المدن والقرى هي تلك المركب، وفي الطريق يقابل نماذج إنسانية متعددة، وهو لا يملك أن يردَّ الظلم عنها. مثل الفتاة التي يأخذها رجال الشرطة دون أن يعرف إلى أين يأخذونها، وفي القاهرة يلتحق «إبراهيم» بكلية الطب، ويذهب إلى مستشفى القصر العيني للتدريب؛ فإذا بالمكان مزدحم بالفقراء، والمرضى في عنابر ضيقة، والباشتمرجي هو صاحب السلطة الأولى على هؤلاء المرضى، يفرض عليهم الإتاوات من أجل تدبير الأَسرَّة لهم، وبسبب تصرفاته فإنه يحاول أن يعالج بعض المرضى، ويكون سببًا في بتر ساق طفل صغير.
ويحاول «إبراهيم» الطالب أن يقف ضد جبروت الباشتمرجي، وعندما يعجز عن كشف سلبياته أمام المسئولين، فإنه يقوم بضربه.
وعندما يتخرج «إبراهيم» طبيبًا يقابل حبيبته القديمة من نفس قريته إدفو، وقد صارت راقصة، يقرر «إبراهيم» أن يعمل في الريف حاملًا كافة المُثل التي تعلَّمها من أجل مكافحة الأوبئة، وأمراض الريف، ويواجه الرشاوي والمحسوبية.
وينجح الطبيب المسلم «إبراهيم» في إجراء عملية صعبة لزَوجة أحد اللوردات البريطانيين؛ فتذيع شهرته وتُتاح له فرصة السفر إلى لندن، لكنه يردد عندما يُعرَض عليه البقاء في عاصمة الضباب: «أنا لا أبحث عن الثروة ولا عن الاسم … لقد تركت المستشفى الحكومي وجئت إلى قريتي من أجل أن أخدم أهلها … إنهم في حاجة حقيقية إلى خدماتي.»
ومن المعروف أن الوصف الذي قدَّمه الكاتب البريطاني «جون كينتل» لمصر يكاد يكون صورة مطابقة تمامًا لتجربة الكاتب الكبير «توفيق الحكيم» في روايته «يوميات نائب في الأرياف».