جنكيز إيتاماتوف: جميلة

الروائي الروسي «جنكيز إيتاماتوف» هو واحد من أهم الكتَّاب المعاصرين في النصف الثاني من القرن العشرين. وقد تُرجمَت رواياته العديدة إلى اللغة العربية. ووجد القراء العرب في هذه الأعمال أن روح أبطالها أقرب إلى طبائعهم، وعاداتهم. وليس فقط فيما يتعلق بأسماء أبطال هذه الروايات.

***

والكاتب إيتاماتوف مولود في أوزبكستان في عام ١٩٢٨م، وقد نشر روايته «جميلة» عام ١٩٥٨م، جاءت من بعدها روايات أخرى منها ورحل عام ٢٠١٢م «وداعًا يا خولساراي» عام ١٩٦٥م، و«السيد الأول» عام ١٩٦٣م، و«السفينة البيضاء» ١٩٧٠م، و«أحلام الذئبة» عام ١٩٧٥م.

أما روايته «جميلة»؛ فتدور أحداثها في قرية طلاس الواقعة في واحة روسية عند حدود نهر الكركرو، في هذا العالم يعشق السكان ركوب الخيل والتسابق فيما بينهم، وهي عادة اجتماعية اكتسبها الأهالي من المسلمين الأوائل الذين جاءوا للتجارة في المنطقة؛ فاستطاعوا أن ينشروا الإسلام بدون دعوة عمدية؛ حيث إن السكان كانوا ينبهرون بالأخلاق الحميدة لهؤلاء المسلمين والصدق والأمانة، كما سيتضح من أسماء أبطال الرواية، وشيئًا فشيئًا انتشر الإسلام في المنطقة، وترك المسلمون طبائعهم فيها.

والجدير بالذكر أن الكاتب «إيتاماتوف» لم يقصد المعاني التي نوردها بشكل مباشر؛ فرواياته مكتوبة إبان النشاط السياسي الشيوعي في المنطقة؛ حيث إن ممارسة شعائر الدين كانت ممنوعة. لكن هذا لم يدفع الأهالي إلى التخلي عن عاداتهم كمسلمين.

وبطل الرواية صبي صغير لم يتجاوز الخامسة عشر، وهو يشعر أنه رب الأسرة المسئول عن زوجة أخيه صادق بعد أن سافر الأخ إلى الحرب. وزوجة الأخ جميلة تحمل الكثير من الصفات التي يعنيه اسمها باللغة العربية؛ فهي أجمل بنات القرية على الإطلاق، جسدًا وروحًا، وتترك على أثرها على كل من يقابلها. ويجد الصبي نفسه قريبًا للغاية من زوجة أخيه جميلة، تشجعه على أن يكون فارسًا يركب الخيل ويكسب في السباق، ويشجعها هو على أن تقتني الحيوانات الأليفة وتربيتها في الحظيرة.

ويأتي الخطر ذات يوم إلى المكان عندما يصل القطار حاملًا الجندي دينار، المصاب في الحرب، وتتولى جميلة والصبي رعايته، وبعد بعض الوقت يُحس الصبي أن الفتاة قد وقعت في حب الجندي المصاب دينار؛ فيردد في داخله أنه استطاع أن يحميها من أخطار عديدة لكنه لا يستطيع أن يمنعها من خطر الحب، وكل ما عليه أن يمنع حدوث ما يحرِّمه الدين بين المحبوبين.

وينمو الحب أقوى بين جميلة ودينار، ويصلِّي الصغير إلى السماء ألا تحدث أي خطيئة، وعندما يواجه جميلة؛ فإنها لا تنكر الحب، وتتهمه أنه أيضًا يحبها، ولا يستطيع أن يمنع عنها حبه حتى وإن كان أخويًّا.

وتهرب الفتاة مع الحبيب، إنها تعرف أن الحرب سوف تطول، وأن صادق زوجها لن يعود. وهي الجميلة التي تتعرض للغواية. ويُصدَم الصبي بهذا الهروب، ويقرر أن ينتقم لشرف أخيه، ويركب جواده مثل الفرسان المسلمين الذين جاءوا إلى طلاس، ويحمل سلاحًا، ويجوب الصحراء فوق الجواد. لكنه لا يعثر على العاشقين، لقد ذابا مع الريح.

وعندما يعود إلى القرية يكتشف أن شيئًا ما قد تغيَّر في حياته؛ فالآن قد صار رجلًا، يمكنه أن يدافع عن شرفه، وشرف أخيه الغائب في الحرب.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤