جينوسايد: الأرض والعِرق والتاريخ
«لا أحدَ يعترف بالحقوق التاريخية يا أرتين، القوةُ والغلبة هما ما تحدِّدان الحقوقَ في كلِّ الأزمنة، دَعني أخبِرك حقيقةً توصَّلتُ إليها من قراءة التاريخ: إذا أردتَ أن تَعرف أصحابَ الأرض الحقيقيين في أيةِ مَملكةٍ كانت، فابحث عن الأقلية فيها، وهذه بلادُ الرافدَين أقربُ مثالٍ لنا، كانت من أعرق الحضارات التاريخية على وجه الأرض، والآن تجدُ مثلًا الآشوريين والسومريين أقليةً فيها!»
تُعَد عملياتُ الإبادة الجماعية التي شَهِدها النصفُ الأول من القرن العشرين من أكثرِ مَشاهدِ هذا القرن مأساوية، ونقطةً سوداءَ في تاريخ الإنسانية ما زال تأثيرُها قائمًا حتى الآن. وكما سعى المؤرخون إلى توثيقِ تلك المجازرِ لحماية الحقيقة التاريخية، فقد سعى الأدباء إلى تصويرها في أعمالهم الأدبية للمُساهَمة في الحفاظ على الحق الإنساني لمَن وقَعت في حقِّهم، والكتابُ الذي بين أيدينا هو أحدُ هذه الأعمال الأدبية التي صوَّرت بشكلٍ درامي بعضَ التجاربِ الإنسانية المريرة التي دفَع أصحابُها ثمنَ انتمائهم لعِرق يراه البعض غيرَ مرغوبٍ فيه، ويجب القضاءُ عليه لأسبابٍ سياسية في المقام الأول، وقد قدَّم المؤلِّف ذلك من خلالِ ثلاث روايات مُتداخِلة؛ تتناول إحداها مجازرَ الجيش العثماني ضدَّ الأرمن، والأخرى عن الهولوكوست اليهودي في ألمانيا النازية، والثالثة عن مذبحة دير ياسين.