الفلسفة والموقف الطبيعي

انتهى بنا بحثنا السابق إلى النتيجة الهامة التالية، وهي أن الموقفَين: الطبيعي والعلمي كانا غير واضحَي التميز في الفكر القديم، شأنه في ذلك شأن كل محاولة مبتدئة، ثم تفرَّعا بالتدريج بحيث اتضحت خصائص كل منهما ووظائفه وأغراضه الخاصة التي يخدمها، كما انتهى بنا هذا البحث إلى نتيجة أخرى لا تقل عن هذه أهمية، وهي أن هذا التمييز غير واضح في أذهان الكثيرين، بدليل أن الموقف الطبيعي كثيرًا ما يُلام؛ لأنه يعجز عن تقديم تفسير للظواهر له دقة التفسير العلمي وإحكامه، مثلما يُلام الموقف العلمي أحيانًا؛ لأن الصورة التي يقدمها عن العالم تفتقر إلى عينية الصورة الحسية المعتادة وثرائها.

فأين تقع الفلسفة بين هذين الموقفين؟ أعني هل ينتمي البحث الفلسفي إلى مجال الموقف الطبيعي أم إلى مجال الموقف العلمي؟ مثل هذا السؤال يثير في واقع الأمر مشكلة طبيعة التفكير الفلسفي بأسرها، وهي مشكلة تتعدد الآراء فيها بقدر ما تتعدد المذاهب الفلسفية ذاتها.

ولكي نستطيع أن نحدد المجال الذي ينبغي أن نحصر فيه بحثنا لهذه المسألة، علينا أن نعرض السؤال بطريقة أدق: فما هي بالضبط طبيعة العمل الذي يقوم به الفيلسوف حين يفكر؟ أهو بحث علمي؟ إن الأفكار الفلسفية كثيرًا ما أثرت في العلم وتأثرت به، ولكني لا أظن أن الكثيرين يعجزون عن تمييز طبيعة مهمة العالم من مهمة الفيلسوف، فهل يمثل تفكير الفيلسوف إذن تعبيرًا عن الموقف الطبيعي؟ الرد المألوف على هذا السؤال هو أن الفلسفة مبحث قائم بذاته، لا تستطيع أن تقول عنه: إنه بحث علمي بالمعنى الدقيق للكلمة، أو مجرد تعبير عن الموقف الطبيعي المعتاد، الذي يكاد الفلاسفة يخرجون عنه في معظم الأحوال.

ومع ذلك، فإن عرض السؤال ما زال في حاجة إلى مزيد من الإيضاح، فقد تحدثنا من قبل عن الموقف الطبيعي من حيث هو موقف الإنسان في حياته العملية المعتادة، حين ينظر إلى العالم على أن فيه «أشياء»، وحين يعد هذه الأشياء ذات وجود مستقل خارج عنه، وذكرنا أن الموقف العلمي يبحث عن أوجه كامنة من وراء الوجه الذي يراه إدراكنا المعتاد؛ وذلك لأغراض مختلفة تمامًا عن أغراض هذا الإدراك، أعني لأغراض الفهم والتفسير، لا السلوك العملي والحيوي وحده، والآن فما الذي يتيح للعلم اتخاذ مثل هذا الموقف المستقل عن الموقف الطبيعي؟ أعني كيف يتسنَّى له أن يكوِّن عن عالمنا هذا صورة مختلفة عن تلك التي نكونها في حياتنا اليومية؟ لا شك أن الذي أتاح له ذلك هو المنهج من جهة، والمعدات من جهة أخرى، فبفضل المنهج المنظم الدقيق وبفضل الآلات العلمية — بأوسع معاني هذه الكلمة — أمكن كشف هذه الصور المتعاقبة للعالم، التي يزيدها العلم دقةً على الدوام كلما تقدمت مناهجه ومعداته.

ولكن هل توافر لدى الفيلسوف مثل هذا المنهج وهذه المعدات؟ أما المعدات فهي بطبيعة الحال منعدمة تمامًا، وأما المنهج فهو ما اعتدنا أن نسميه في الفلسفة «دقة التفكير»، وهو لا يعدو — في رأيي — أن يكون قدرة الفيلسوف على اتباع قواعد الاستدلال دون خطأ، وهذا التعريف للمنهج — فضلًا عن ذلك — نظري بحت، ويمكن أن يؤدي إلى نتيجة عكسية؛ إذ إن الإلمام الدقيق بقواعد الاستدلال يُكْسِب المرء قدرة خفية على الخروج على هذه القواعد بطريقة بارعة لا يسهل كشفها، ومن هنا كانت تلك الأخطاء الاستدلالية التي لم يَسْلَمْ منها فيلسوف، والتي لا نستطيع أن نقول: إنها كلها تُرْتَكَب عن عمد، ولكنها تدل — على أية حال — على أن منهج الفلسفة مخالف للمنهج العلمي؛ لأن الأخير — رغم قابليته للتطور والتجديد المستمر — ينمو بطريقة تراكمية إلى حد ما، بينما لا تزال أكثر الموضوعات الفلسفية الأولية موضوعًا للجدل حتى اليوم.

وإذن فليست لدى الفيلسوف «وسائل» كتلك التي تمكن بها العلم من الخروج عن الموقف المعتاد، وهنا تبدأ تلك الصفات المميزة للفلسفة في الظهور، فالفلسفة تبدأ بالفعل من موقفنا الطبيعي، و«الموضوعات» التي يبحثها الفيلسوف — ولا سيما في ميدان نظرية المعرفة — هي بعينها موضوعات الموقف الطبيعي، وقد يُقال: إن العالم أيضًا يبدأ من موضوعات الموقف الطبيعي، ولكن الواقع أن هذه ما هي إلا نقطة البداية الأولى، التي سرعان ما يتجاوزها العالم بقدر ما يمكِّنه منهجه ومعداته من تحويل الكيفيات في موضوعات الموقف الطبيعي إلى كميات، أما الفيلسوف فإنه يظل حتى النهاية في حدود هذه الموضوعات، ومع ذلك فإنه يريد منا في معظم الأحيان أن نصور هذه الموضوعات بصورة مخالفة لصورتها في موقفنا الطبيعي، وذلك بقوة قواعد الاستدلال وحدها.

والآن، فلنضرب بعض الأمثلة الكفيلة بتوضيح العبارات المجردة السابقة، فحين يشرح باركلي فكرة «وجود الشيء هو كونه مُدركًا»، يلجأ دائمًا إلى أمثلة كهذه: «إنني حين أقول عن المنضدة التي أكتب عليها: إنها توجد، أعني أنني أراها وأحسها، وإذا غادرت غرفتي فسأقول: إنها موجودة، بمعنى أنني لو وُجِدت في غرفتي فسأدركها، أو أن روحًا أخرى معينة تدركها بالفعل.»١
وحين يناقش هيوم اعتقادنا بوجود فئة معينة من الانطباعات وجودًا مستمرًّا، يضرب أمثلة كهذه: «تلك الجبال والبيوت والأشجار — التي تقع عليها الآن أنظاري — قد بدت لي دائمًا في نفس النظام، وعندما لا أعود أراها بإغماض عيني أو إدارة رأسي، فسرعان ما أجدها تعود إليَّ دون أدنى تغيير …»٢

وحين يتحدث عن فكرة الوجود الخارجي للأشياء، يشرح رأيه من خلال هذا المثل: «إن نفس هذه المنضدة التي نراها بيضاء، ونشعر بصلابتها عند اللمس، يُعتقد أنها توجد مستقلة عن إدراكنا، وأنها شيء خارج عن ذهننا الذي يدركها، وحضورنا لا يضفي وجودًا عليها، كما أن غيابنا لا يزيلها، وهي تحتفظ بوجودها مطردًا كاملًا، مستقلًّا عن حالة الكائنات العاقلة التي تدركها أو تتأملها.

غير أن هذا الرأي العام والأولي الذي يقول به جميع الناس، سرعان ما يهدمه أبسط قدر من التفلسف … فليس ثمة شك، في رأي كل ذي عقل فاحص، أن تلك الموجودات التي نقصدها — حين نقول: هذا البيت أو هذه الشجرة — ليست إلا إدراكات في الذهن ونسخًا أو تمثلات عابرة لموجودات أخرى تظل مطردة مستقلة.»٣

فموضوع تفكير الفيلسوف في هذا الميدان هو إذن موضوعات إدراكنا المعتاد، وهو يظل يلتزم هذه الموضوعات إلى النهاية، وكل ما يفعله هو أن يقدم إلينا تحليلًا يستخدم فيه براعته المنطقية، ويُخضع فيه للبرهان أو للتفنيد ذلك الموقف الطبيعي الذي يرى الذهن المعتاد أنه ليس موضوعًا للتفكير النظري على الإطلاق، وليس في وسع الفيلسوف — حين يبحث مشكلة المعرفة — أن يتحدث عن موضوعات غير «المنضدة» أو «البيوت» أو «الأشجار»؛ إذ إنه لا يملك «الوسيلة» التي تمكنه من تجاوز هذه الموضوعات أو النظر إليها من أوجه أخرى، حقًّا إنه يتحدث من آن لآخر عن «المنضدة من حيث هي مجموعة من الذرات والموجودات»، ولكن هذه في واقع الأمر تعبيرات مستعارة من الميدان العلمي، وليس للفيلسوف نفسه الكلمة الحاسمة فيها.

وإذن فالفيلسوف — عندما يلتزم ميدانه — يتخذ نقطة بدايته من الموقف الطبيعي حتمًا، ويعالج نفس الموضوعات التي نعالجها في موقفنا الطبيعي، وهذا هو ما كان يعنيه «كانْت» حين جعل فلسفته النظرية تركِّز حول بحث «المبادئ التي تجعل التجربة ممكنة»، فالأمر الذي لا شك فيه أن كلمة «التجربة» — كما استخدمها «كانْت» — تعني تجربة المعرفة المألوفة لدى الإنسان، أي إنه بينما يسلم الإنسان في موقفه الطبيعي بأنه يعرف أشياء توجد في مكان وزمان، وبينما ينسب إليها عددًا وسببًا، فإن فلسفة «كانْت» تنقِّب عن الشروط الكامنة من وراء عناصر هذه التجربة الطبيعية، وتبحث في «شروط إمكانها».

وصحيح أن «كانْت» بذل في بعض الأحيان جهدًا لإثبات كون هذه الشروط هي ذاتها شروط إمكان العلوم الرئيسية، كمحاولته أن يثبت أن فكرتَي الزمان والمكان هما أساس إمكان العلم الرياضي، وأن تصورات الذهن هي أساس إمكان العلم الطبيعي، غير أن هذا في رأينا تطبيق تالٍ، تعلله تلك النزعة القوية إلى التوحيد المذهبي عند «كانت»، وهي النزعة التي جعلته يحاول تفسير كل أطراف المعرفة المباشرة من خلال مبادئ موحدة، أما المعنى الأصلي لفكرة «التجربة» فلا يمكن — في رأينا — إلا أن يكون تجربة المعرفة المألوفة التي نتركها في حياتنا اليومية دون تحليل، والتي يكرس «كانت» أبحاثه النظرية للبحث عن شروط إمكانها.

وينتهي «جينز Jeans» في كتابه «الفيزياء والفلسفة» إلى نتيجة مماثلة، ولكنه يتخذها أساسًا لاستخلاص رأي يختلف تمامًا عما نقول به هنا، فهو يربط بين قضايا الفلاسفة وبين العالم المألوف الذي يطلق عليه اسم «العالم الملائم لحجم الإنسان The man-sized world»، ويقول: «إن جميع النتائج التي توصَّل إليها الفلاسفة حتى وقتنا الحالي كانت نتائج استنبطتها أذهان تنتمي كلها إلى نمط واحد هو النمط البشري، وتتأمل مدركات تنتمي إلى عالم واحد.»٤ هذا العالم الواحد هو العالم الملائم لحجم الإنسان، ومن خلال هذا العالم يتحدث جميع الفلاسفة، ومنه استمد فيلسوف مثل «كانت» مقولاته التي اعتقد أنها تنتمي إلى تركيب الذهن البشري ذاته.

ولا شك أن هذا الرأي يتفق تمامًا مع ما قلناه عن ارتباط الفلسفة بالموقف الطبيعي، ولكن الفارق بين الرأي المعروض في هذا البحث وبين رأي «جينز» يرجع إلى اعتقاد هذا الأخير بأن الحالة العلمية السائدة في عصور هؤلاء الفلاسفة هي التي جعلت معارفهم ترتبط بالعالم الملائم لحجم الإنسان، ففي رأي «جينز» أن مقولات «كانت» تنتمي إلى عصر كان العالم الملائم لحجم الإنسان فيه هو العالم الوحيد الذي يعترف به العلم، في حين أن أي فيلسوف في عصرنا هذا ينبغي عليه أن يستبعد فكرة الجوهر وفكرة العلية؛ لأنهما لا تصحان على عالم الفيزياء الذرية.

وهنا يظهر الفارق بوضوح: فنحن نرى أن مثل هذه المقولات والمبادئ الفلسفية تتحدث عن العالم الملائم لحجم الإنسان لا لأنه هو العالم الذي كان العلم يعرفه في عصر هؤلاء الفلاسفة، بل لأنه هو العالم الذي يحيا فيه الإنسان حياته اليومية، وهذا العالم — بمعناه الأخير — غير متغير، ولا يمكن أن تؤثر فيه أية كشوف علمية، وارتباط الفلاسفة بهذا العالم ارتباط لا مفر منه؛ إذ ليس لديهم من الوسائل ما يمكنهم من تجاوزه، ومن هنا كان الفارق بيننا وبين «جينز» ينحصر في أنه: إذا كان هذا الأخير قد رأى وجوب استبعاد فكرة الجوهر نهائيًّا في مجال الفكر، على أساس أنها لا تنطبق على عالم الفيزياء الذرية، فإنا نرى أن هذه الفكرة صحيحة في المجال الذي قصد بها الانطباق عليه، وهو مجال الحياة اليومية،٥ وستظل صحيحة في هذا المجال مهما تغير موقف العلم منها، ومهما كشف عن عوالم لا تصح عليها.

•••

وإذن فللفلسفة تلك الصفة الفريدة، وهي أنها تبدأ من موضوعات الموقف الطبيعي ذاتها، ولا تملك الوسيلة التي تتيح لها تأمل هذه الموضوعات من منظور مخالف لهذا الرأي، وهي في ذلك تختلف عن العلم، الذي يستطيع بفضل منهجه ومعداته أن يتخذ لنفسه موضوعات خاصة به، لا تشترك مع موضوعات الموقف الطبيعي إلا في البدايات الأولى للعلم فحسب.

ولكن من الملاحظ — من جهة أخرى — أن البحث الفلسفي يؤدي في معظم الأحيان إلى نتائج مضادة للموقف الطبيعي، بل يستهدف القضاء على هذا الموقف منذ البداية، أما العلم فإنه حين يبدو مخالفًا للموقف الطبيعي، يتخذ في واقع الأمر ميدانًا مستقلًّا، تاركًا الموقف الطبيعي وشأنه.

صحيح أن بعض العلماء قد حاولوا أن ينتقدوا هذا الموقف بناءً على نتائج أبحاثهم، غير أن هذا الانتقاد في الواقع تطبيق «فلسفي» للنتائج العلمية وليس جزءًا من صميم البحث العلمي، أما في الفلسفة فإن هذا الانتقاد يكاد — بالنسبة إلى معظم المذاهب — يكون نقطة البداية التي لا بد منها للتفلسف، وهكذا يقول العالم: إن هذه المنضدة تكوِّن مجموعة من الذرات والموجات إذا استخدمنا في بحثها المنهج العلمي والمعدات العلمية، وهذا يعني الاعتراف ضمنًا بأنك تستطيع أن تعاملها على أنها منضدة بالمعنى المألوف طالما أنك في موقف لا تحتاج فيه إلى استخدام هذه المعدات وهذا النهج، أما الفيلسوف فيقول: إن هذه المنضدة نفسها — كما تدركها أنت — ليست شيئًا ماديًّا خارجيًّا، وإنما هي ذاتية، وإدراكك لها على أنها شيء خارجي هو إدراك باطل، وهكذا يكون ميدان المعركة في الفلسفة هو موضوعات الموقف الطبيعي ذاتها، ولا يتسنى للفلسفة — طالما أنها تلتزم حدودها — أن تحارب في أي ميدان غير هذا.

والمشكلة التي نود أن نبحثها في الفصول التالية هي: هل الفلسفة على حق حين تعترض على الموقف الطبيعي بقوة المنطق وحدها؟ أعني: هل تستطيع أن تخالف هذا الموقف أو تخرج عنه دون أن يكون لديها ما لدى العلم من وسائل، وأن تدعونا — عن طريق الاستدلالات وحدها — إلى أن ننظر إلى العالم على أنه «ليس» مكونًا من أشياء خارجة عنا؟ أليس هناك احتمال قوي في أن تكون استدلالات الفلاسفة هنا باطلة، أو عاجزة عن الوصول إلى هذه النتيجة؟ بل أليس هناك احتمال قوي في ألا تكون المشكلة ذاتها قابلة للحل عن طريق الاستدلال أو المنطق عامةً؟

١  Berkeley: A Treatise Concening the Principles of Human Knowledge. part 1, §. 3.
٢  Treatise, BK, I, IV, P. 194 (Oxford Edition).
٣  Enquiry, §. 118. (p. 151, 152 in Oxford Edition).
٤  Physics and Philosophy. Ann arbor, 1958.
ص٧٠ ويلاحظ أن تعبير جينز عن أذهان الفلاسفة بأنها منتمية إلى «النمط البشري» هو تحصيل حاصل، وينطبق أيضًا على كل العلماء والمفكرين في جميع العصور.
٥  ليس عندي من شك في أن القارئ — ولا سيما إذا كان من الفلاسفة المحترفين — قد أحس بنوع من الازدراء حين قرأ كلمة «الحياة اليومية» هذه، بعدما ارتبطت ذلك الارتباط القوي في أذهان الفلاسفة بمعاني التفاهة والعقم والزوال، ولَكَمْ أود أن تكون الاستجابة الذهنية التي تثيرها كلمة «الحياة اليومية» هي نوع من زيادة الاهتمام بها أو الانتباه إليها، طالما أنها تشير إلى أكثر تجاربنا شيوعًا والتصاقًا بنا، ولَكَمْ أود أن يحل معنى «الأهمية» والشيوع محل معنى «العقم» والعرضية الذي ربطه الفلاسفة طويلًا بالحياة اليومية، ولعل هذا البحث — إذا نُظِرَ إليه من الزاوية النفسية — لا يعدو أن يكون مساهمة في تغيير الارتباطات التي تثيرها كلمة «الحياة اليومية» على النحو الذي أشرت إليه ها هنا.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤