بيركواي المرح
آن الأوان لأن أحكي لجدي وجدتي عن السيد بيركواي.
كان السيد بيركواي غريب الأطوار للغاية. لم أستطع فهمه. كنت أرى أنه ربما به شيء من الخبل. كان أحد أولئك المعلمين المفعمين بالنشاط الذين يكنون حبًّا مستميتًا لمادتهم، وكان يقفز في حجرة الدرس بأسلوب درامي، يلوح بذراعيه ويقبض على صدره ويخبط التلاميذ على ظهورهم.
كان من عادته أن يصيح: «رائع!» و«مذهل!» و«بديع!» كان طويلًا نحيل الجسد، منحه شعره الأسود الكث مظهرًا جامحًا، لكن كانت له عينان واسعتان بنيتان داكنتان كعيون البقر، وكانتا تتألقان وهو يجول في جميع أرجاء المكان، وتشعر حين يسلطهما عليك أن لا غرض له في الحياة سوى أن يقف مصغيًا إليك وحدك دون سواك.
في منتصف الحصة الأولى، طلب السيد بيركواي من الجميع تسليم دفاتر يومياتهم الصيفية. ذرعَ الممراتِ جيئةً وذَهابًا يجمع دفاتر اليوميات وكأنها عطايا سماوية. كان يقول لكل من يعطيه دفتره: «رائع!»
اعتراني القلق. إذ لم يكن معي دفتر يوميات.
على تخت ماري لو فيني كانت تستقر ستة دفاتر. ستة. قال السيد بيركواي: «عجبًا. رحماك يا إلهي. هل أنتِ … أيعقل أن تكوني شكسبير الجديد؟» عَدَّ الدفاتر. «ستة! رائع! بديع!»
على الجانب الآخر من الغرفة، تهامست كريستي وميجان، وهما فتاتان كوَّنتا جماعة خاصة بهما تدعى جي بي بي (لا فكرة لدي عما يعنيه ذلك)، ورمقتا ماري لو بنظرات خبيثة. لم ترفع ماري لو يدها عن الدفاتر حين مد السيد بيركواي يده إليها ليأخذها. قالت بصوت خافت: «لا أريدك أن تقرأها.»
هتف السيد بيركواي: «ماذا؟ لا أقرؤها؟» خيم الصمت على حجرة الفصل. وفي لمح البصر، أطبق السيد بيركواي على دفاتر ماري لو. وقال: «لا تكوني حمقاء. رائع! شكرًا لكِ!»
وبدت فتاة أخرى، هي بيث آن، وكأنها قد تبكي. وبعثت فيبي إليَّ برسائل بحاجبيها مفادها أنها متضايقة أيضًا. أحسب أنهم كانوا جميعًا يأمُلون ألا يقرأ السيد بيركواي تلك الدفاتر حقًّا.
دار السيد بيركواي في حجرة الفصل كلها يختطف دفاتر اليوميات. كان دفتر يوميات أليكس تشيفي مكسوًّا بملصقات تخصُّ كرة السلة. بينما كان غِلافا دفترَي كريستي وميجان مليئَين بصور عارضي أزياء. أما غِلاف دفتر بن فكان مرسومًا عليه صورة لصبي له رأس طبيعي، لكن ذراعيه وساقيه أقلام رصاص، تقطر من أطراف أصابعه وقدميه كلمات.
حين وصل السيد بيركواي إلى تخت فيبي، التقط دفترها غير المزين واسترق النظر بين صفحاته. كانت فيبي تحاول أن تغوص لأسفل في مقعدها. قالت: «لم أدوِّن الكثير. في الواقع، أكاد لا أذكر ما دونت عنه أساسًا.»
حين وصل إليَّ السيد بيركواي، كان قلبي يدق بقوة بالغة حتى إنه خُيِّل لي أنه قد يثب خارجًا من صدري. قال: «أيتها الطفلة المحرومة. حُرِمتِ فرصة تدوين دفتر مذكرات.»
«أنا مستجدة …»
«مستجدة؟ ليس في الكون أفضل من مستجد!»
«لذا لم أكن أعرف بأمر دفاتر اليوميات …»
قال السيد بيركواي: «لا داعي للقلق! سأفكر في حلٍّ ما.»
لم أعرف يقينًا ما يعنيه. ظننت أنه ربما سيكلفني بقدر كبير من الواجب المنزلي الإضافي أو ما شابه. باقي اليوم، كنت أرى مجموعات صغيرة من الناس يسأل بعضهم بعضًا: «هل كتبت عني؟» أسعدني جدًّا أنني لم أكتب شيئًا.
لبعض الوقت، لم يردنا خبر عن دفاتر اليوميات. ولم نتصور أبدًا كم المشكلات التي ستسببه.