أولد فيثفول
كان اليوم التالي هو أحد أفضل الأيام غالبًا وكذلك أسوأها قطعًا في حياة جدي وجدتي. أيقظتني الهمسات مبكرًا. كان اليوم السادس، وكان اليوم التالي هو عيد ميلاد أمي. كان علينا أن نغادر ولاية وايومينج ثم نجتاز ولاية مونتانا. كان جدي مستيقظًا بالفعل، لكن جدتي كانت مستلقية على السرير تحدق بالسقف.
سألتها: «هل نمت؟»
قالت: «كلا، لم يراودني النوم. يمكن أن أنام لاحقًا.» نهضَت من السرير. «هيا نذهب لرؤية فوارة أولد فيثفول. لقد انتظرت طَوال حياتي لرؤيتها.»
قال جدي: «لقد عقدتِ العزم على ذلك، أليس كذلك يا عزيزتي العنيدة؟»
قالت جدتي: «أجل بالطبع.»
أوقفنا السيارة وترجلنا صاعدين تلًّا مرتفعًا. خشيت أن يخيب ظن جدتي، إذ في البداية لم تبدُ فوارة أولد فيثفول بالشيء المبهر. كان سياج من الحبال يحيط برابية على جانب التل. وكانت الأرض ترابيةً خشنة، وفي منتصف سياج الحبال، على مسافة عشرين قدمًا منه، كانت توجد حفرة.
قالت جدتي: «تبًّا، ألا نستطيع الاقتراب أكثر من ذلك؟»
سرت أنا وجدي إلى لافتة عن أولد فيثفول لنقرأها. اندفع مارًّا من جانبنا أحد حراس المتنزه وهو يصيح: «سيدتي! سيدتي!»
قال جدي: «تبًّا.»
كانت جدتي تزحف من أسفل الحبل. أوقفها الحارس. قال: «سيدتي، لقد وضع ذلك الحبل لسبب وجيه.»
نفضت جدتي التراب عن ثوبها. «كل ما أردته هو أن أراها بوضوح أكبر.»
قال الحارس: «لا تقلقي سترينها بوضوح. من فضلك لا تتخطي الحبل.»
كان مكتوبًا على اللافتة أن فوارة أولد فيثفول ستفور بعد خمس عشرة دقيقة. تجمَّع المزيد من الناس حول الحبل. كانوا من شتى الأعمار: أطفالًا رضعًا يبكون، وجدات جالسات على كراسي قابلة للطي، ومراهقين يضعون سماعات رأس، وأزواجًا يتبادلون القبلات. وكان منهم من يتحدث لغات غير الإنجليزية؛ فإلى جوارنا كان ثمة فوج سياحي من الإيطاليين؛ وعلى الجانب المقابل كان يوجد فوج ألماني.
نقرت جدتي أصابع يديها وظل حماسها يتزايد. ظلت تردد: «هل حان الوقت؟ هل اقترب الوقت؟»
خيم الصمت على الحشد قبل موعد فوران أولد فيثفول ببضع دقائق. حدق الجميع في الحفرة. وأصغى الجميع.
قالت جدتي: «هل حان الوقت؟»
سمعنا ضجة خافتة واندفعت دفقة ماء صغيرة من الحفرة، قال الرجل الواقف بجواري: «أهذا كل شيء …» صدرت ضجة مرة أخرى، وكانت أعلى هذه المرة، كصوت انسحاق وخشخشة يشبه صوت السير على حصًى. اندفعت دفقتان متقطعتان. قال الرجل: «أوه …»
ثم صارت كمِرجلٍ يغلي أو إبريق شاي كان يُصفِّر وقد وصل ماؤه إلى حد الغليان. كانت فوارة أولد فيثفول تئز وتنفث البخار. ثم انطلقت منها فجأة دفقة، بلغ ارتفاعها نحو ثلاث أقدام.
قال الرجل: «أوه … أهذا كل …»
تصاعد المزيد من البخار من الفوارة وظلت تغلي وتئز، ثم نفث دفقة هائلة من الماء ظلت ترتفع وترتفع، حتى صارت مثل نهر حقيقي يتدفق لأعلى في الهواء. قالت جدتي: «تبدو كشلال مقلوب.» وأثناء ذلك كانت تئز بقوة، وأكاد أجزم أن الأرض كانت تقعقع وتهتز من تحتنا. اندفع الرذاذ الدافئ نحونا فبدأ الناس يتراجعون.
تراجع الجميع باستثناء جدتي. ظلت واقفةً مكانها تبتسم، وتميل رأسها مستقبلة الرذاذ، وتحدق في تلك النافورة العملاقة. تقول: «أوه! أوه، مرحى، مرحى!» كانت تصيح بذلك في الهواء وسط الضجيج.
أما جدي فلم يكن ينظر لفوارة أولد فيثفول. كان ينظر إلى جدتي. لفها بذراعيه وعانقها. قال: «تعجبكِ تلك الفوارة العتيقة، أليس كذلك؟»
قالت جدتي: «أوه! أجل.»
كان الرجل الواقف بجانبي يحملق في الفوارة فاغرًا فاه. قال: «يا إلهي. يا إلهي، هذا مذهل.»
تدريجيًّا، بدأت فوارة أولد فيثفول تهدأ. راقبناها تتراجع وتنسحب إلى حفرتها. ظللنا واقفين مكاننا حتى بعد أن رحل الجميع. أخيرًا، تنهدت جدتي وقالت: «حسنًا، لنذهب.»
لما ركبنا السيارة واستعددنا للرحيل، بدأت جدتي تبكي. قال جدي: «يا إلهي. ما الخطب؟»
قالت جدتي بصوتٍ باكٍ: «لا شيء. أنا فقط سعيدة للغاية لأن الفرصة سنحت لي لأن أرى أولد فيثفول.»
قال جدي: «يا عزيزتي العجوز.» ثم مضينا في طريقنا. قال جدي: «سوف نجتاز ولاية مونتانا كالبرق. سنصل إلى حدود ولاية أيداهو الليلة. فلتراقباني. سوف أقود بأقصى سرعة.» ضغط على بدال السرعة واندفع خارجًا من موقف السيارات. «أيداهو، ها نحن قادمون.»