دولة الظلم ساعة
فاطمة شابة في الثامنة عشرة من عمرها على قدر لا بأس به من الجمال تُؤدِّي الصلاة في أوقاتها وتخاف ربها في جميع تصرفاتها وسلوكها. مات أبوها وهي في السنة الثالثة الثانوية ولم يترك لأسرته المُكوَّنة من زوجته وفاطمة وثلاثة أولاد صغار في المرحلة الابتدائية من التعليم الأساسي، لم يترك لهم سوى مَعاش ضئيل لا يكاد يكفي القُوت الضروري؛ فاضْطُرَّت الزوجة، غير المتعلِّمة أنْ تعمل بِضْع ساعات كل يوم في تنظيف البيوت لقاء دُرَيهِمات قليلة تساعدها على تربية أولادها، وقضاء بعض لوازمهم البسيطة.
تقدَّمَت فاطمة لامتحان الشهادة الثانوية العامة فأكرمها الله بالنجاح، ولكن بمجموع لا يسمح لها بالالتحاق بأية كلية من كليات الجامعة، فحمدَتْ ربَّها على نعمته ورحمته، وقررت أنْ تنزل إلى ميدان العمل بالشهادة الثانوية كي تتمكن من مساعدة أمها في النهوض بنفقات الأسرة وتَنشِئة إخوتها الثلاثة.
نزلت فاطمة تَبحث عن عمل حتى حُفِيت قدماها، وبَلِي حذاؤها من كثرة المشي. لم تترك بابًا للعمل إلا طرقته، ولكن دون جدوى … فلجأَت إلى إعلانات العمل الموجودة بالصُّحف. غير أنها كلها تشترط الإلمام التامَّ باللغة الإنجليزية وإجادة النَّسْخ على الآلة الكاتبة. هذا أقل ما تطلبه الإعلانات، ولكنها لم تيأس من رحمة الله وهي المؤمنة المتديِّنة، وقالت في نفسها: فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا، صدق الله العظيم.
بعد أنْ داخت فاطمة من قراءة الإعلانات، لفَتَ نظرَها إعلان يقول صاحبه، إنه يريد «جليسة أطفال»، فعوَّلت على أنْ تطرق ذلك الباب وتُغامِر في القيام به، رغم امتعاضها من طبيعة العمل ذاته، وتأباه على نفسها. ولكن المُضطر يركب الصعب. وقالت في نفسها، مرة أخرى: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ.
كتبت فاطمة في دفتر مذكراتها عنوان صاحب ذلك الإعلان، ورقم تليفونه، ولم تَتوانَ في التوجُّه إليه … فاستقبلتها والدة الطفل «مراد» بالبشاشة والترحاب، وخصوصًا بعد أنْ علمتْ منها أنها حاصلة على الشهادة التوجيهية وأنَّ أُسرَتها بحاجة إلى مَن يساعدها. واتفقتْ معها على مُرتَّب معقول، فحمدت فاطمة ربها، غير أنَّ أم الطفل اشترطت عليها أنْ تحضر للإشراف على مراد في الساعة الثامنة صباحًا، وتستمر معه حتى السادسة مساءً. بما في ذلك أيام الجُمع والأعياد؛ أي إنها لا تأخذ أية راحة ولو لمدة يوم واحد في كل شهر … فوافقتْ فاطمة بنفس راضية وهي تشكر المولى الرازق وتتلو في سرها بعض آيات الذكر الحكيم، وعوَّلت على أنْ تتفانى في عمَلِها وإرضاء مخدومتها بكافَّة الطُّرق، واضعة نُصْب عينيها الحديث الشريف: «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملًا أنْ يُتقِنَه.»
بدأت فاطمة عمَلَها حسب الشروط المتَّفَق عليها. فكان عيها أنْ ترعى الطفل وتُجالِسه، وتُشرِف على نظافته وارتداء ملابسه بنظام ليكون حسن الهندام، مقبول المنظر، وعلى تناوُله الوجبات في مواعيدها، مع مراعاة القواعد الصحية وغسل يديه قبل الأكل وبعده، وعلى مشربه، وتُداعِبه ويداعبها، وتقص عليه القَصص الديني، وتَبث في نفسه العادات والأخلاق اللتين توصِي بهما الشريعة الإسلامية، وأُعجِبَت فاطمة بمعامَلة والدة مراد لها؛ إذ كانت تُعامِلها بكل احترام وأدب، وتراعي كرامتها كفتاة مُثقَّفة اضطرَّتْها ظروف الحياة على قبول مثل هذا العمل المُضْني الذي لا راحة فيه.
اطمأنَّت فاطمة وشكرَت ربها على ما هي فيه من نعمة تُمكِّنها من مساعدة أسرتها المكوَّنة من خمسة أفراد فاجأهم الدهر بموت عائلهم في حادث سيارة. فعرفوا الجوع والحرمان وعيش الكَفاف. وتعذَّر على الأم أنْ تدير أُسرتها بذلك المعاش البسيط وما تأخذه من أجْر نظير القيام ببعض الأعمال الحقيرة في البيوت.
أحبَّتْ فاطمة مرادًا كما لو كان أخاها الصغير، وأحبَّها مراد بدوره لما لقيه منها من رعاية وعناية وعَطف وخدمة ممتازة. كما أحبَّت أم مراد فاطمة؛ إذ لاحظَت السعادة بادية على مُحيَّا ابنها وارتياحه إلى مُربِّيته هذه.
كان يتردد على منزل سيدتها، أخو تلك السيدة وهو الشاب محسن، الطالب بالجامعة، ولاحظَت فاطمة حِرْص محسن على المجيء في الأوقات التي تكون فيها رَبَّة البيت وزوجها في عملِهما خارج البيت؛ إذ كانت أم مراد تعمل في وظيفة مرموقة بشركة خاصة. وهذا هو ما حدَا بها إلى أنْ تستعين بفاطمة لتجالس ابنها مُرادًا إبَّان غيابها هي وزوجها في عمليهما.
تظاهَر محسن بأنه يحب ابن أخته مرادًا، حبًّا جمًّا، بينما هو في الواقع يهدف إلى كَسْب ود قلب فاطمة التي وجد فيها ضالَّته المنشودة ليتخذها معشوقة يتمتع بجسمها كما يحلو له. فهي صغيرة السن، حلوة الوجه، فاتنة التقاطيع، عذبة الابتسامة ليس فيها أي عيب بدني، بل «تبارك الخلَّاق فيما خلق.» وظنَّها صيدًا سهلًا تنقاد إلى نزواته وتطيع ما يطلبه منها وتلبِّي أغراضه لا سيما وأنها ساذجة عديمة الخبرة والحنكة … فألقى الطعم، وأحس أنَّ الصيد سيتناوله فيقع في القفص. ولكن هيهات … خاب ظنه، وفشل أمله. فرغم فقر هذه الفتاة وحاجتها، فهي متمسِّكة بعفافها وقواعد دينها، متخذةً مثلَها الأعلى قول باحثة البادية:
هيهات هيهات أنْ تستجيب فاطمة لنزوات محسن، ولكنه مع ذلك، بدأ يطاردها، وينتظرها كل يوم تقريبًا، عند انصرافها من بيت أخته عائدةً إلى بيتها لتنضم إلى أمها وإخوتها الثلاثة، فترعى مصالحهم وتقوم بما يلزمهم من خدمة ومن نفقات، غير أنَّ فاطمة كانت تصد ذلك السادر الماجِن، وتهدده بإبلاغ البوليس كي يتخذ ما يراه من إجراءات لحمايتها من معاكساته … وكم من مرة حاول احتضانها وتقبيلها بالقوة وهي تداعب مرادًا في حجرته الخاصة المنعزلة بعيدًا عن بقية حجرات المنزل، فصفعته وأبعدته عنها بكل ما أوتيت من قوة.
لاحظت والدة مراد ارتباك أخيها محسن كلما حضر لزيارتها وظهرت فاطمة أمامه؛ ذلك لأنه كان يترك أخته ويذهب إلى حجرة مُراد بحجة مداعبته إياه. في حين أنه كان ينتهز كل فرصة ليثبت لفاطمة غرامه ولواعِج قلبه نحوها، ويمنِّيها بالأماني العريضة … بيد أنَّ فاطمة كانت تعلم يقينًا أنَّ هدفه شرير دنيء … فمحسن ما زال طالبًا في الجامعة، وأنها ليست من مستواه الاجتماعي ولا العائلي أو الثقافي. كما أنها لا تحس نحوه بأية عاطفة غرامية. وتُدرك الحقيقة السافرة أنَّ كل أقوال محسن وغزله فيها، من نوع الكلام المعسول الذي لا يكلف المرء شيئًا، ولن تشعر القلوب بما يقوله اللسان الكذوب.
تكررت محاولات محسن مع فاطمة، عسى أنْ تستجيب لأغراضه، وتلبِّي كافة طلباته، ولكنه وجدها مستقيمة ليست من الفتيات اللعوب، وجادة في موقفها حياله. وأخيرًا هدَّدتْه بأنْ تشكوه إلى أخته أم مراد لتمنعه مغازلتها … مَن قال الألف ينطق بعدها بالباء … ألم تصفعه بقوة عندما حاول تقبيلها؟ إذن، فالخطوة التالية ستكون أشد وأنكى … وإذ لم يجد فائدة من كل محاولاته، أضمر في نفسه أمرًا، وصمم على تنفيذه مَهما يكلفه.
ذات يوم، انتهز محسن فرصة انشغال فاطمة في إعداد الطعام لمراد، ودس في حقيبة يدها ساعة أخته المرصعة بالجواهر واليواقيت … ثم ذهب إلى أخته يسألها عن الساعة، فاكتشفت أخته اختفاء ساعتها بعد أنْ خلعتها من يدها منذ فترة قصيرة فحسب … أين اختفت هذه الساعة الثمينة، ولم يدخل بيتنا شخص غريب؟ لا بد أنْ تكون الساعة موجودة في مكان ما بالمنزل … أخذتها يد فَرْد منا.
أوحى محسن إلى أخته، أم مراد، بأنْ تفتش حقيبة يد فاطمة. فتردَّدَت هذه السيدة أولًا، ثم أقدمت على تفتيش الحقيبة، فإذا بالساعة داخلها. فنادت فاطمة واتهمتها بسرقة الساعة؛ إذ وجدتها في حقيبة يدها.
كانت هذه لحظة قاسية، أصابت فاطمة في مقتل … وأوحى محسن إلى أخته أنْ تبلغ البوليس كي يأتي ويقبض على هذه اللصة الخائنة … فبكت فاطمة بكاءً مرًّا، وأقسمَت بأغلظ الأيمان على أنها بريئة مما نُسِب إليها، ولا تعرف كيف وُضِعت هذه الساعة في حقيبتها … ولكن لا حياة لمن تنادي. أصرت والدة مراد على اتهامها فاطمة بسرقة ساعتها، وهدَّدَتها بإبلاغ البوليس ليقبض عليها ويودعها السجن.
وأخيرًا تحرَّكَت كوامن العطف في قلب والدة مراد؛ إذ كانت سيدة عريقة الأصل، شريفة المَحتِد، تخشى الله في كل أعمالها وتصرفاتها. وتعلم أنَّ فاطمة تعمل لتعول أسرتها، فاكتفَت بطردها من خدمتها كي لا تحطم مستقبلها لو أنها سلَّمَتها إلى البوليس بتهمة سرقة ساعتها الذهبية.
عادت فاطمة إلى بيتها، في ذلك اليوم، مبكرًا عن كل يوم سابق … كان ذلك يومًا أسود بالنسبة لها. عادت مكتئبة حزينة، فدخلت حجرتها واستسلمت للبكاء الشديد من قسوة الظلم الصارخ الذي وقع عليها، ولكن أوحى إليها إيمانها بالله وبِعَدْله، بأنْ تقوم فتتوضأ وتصلي ركعتين لله وتطلب منه أنْ يُظهِر الحقيقة، ويعلن براءتها من السرقة، براءة الذئب من دم ابن يعقوب … وهكذا فعلت وهي تثق بالعدل الإلهي.
في اليوم التالي، انتظر مراد حضور فاطمة كعادتها، ولكنها لم تحضر … فذهب إلى أمه وسأل عن سبب عدم مجيء فاطمة التي يحبها من كل قلبه. فقالت الأم: فاطمة لصة، يا مراد؛ لذا طردناها من خدمتنا وسنجيء لك بمُربِّية أفضل منها؛ لأن فاطمة سرقَتْ ساعتي وخبَّأتْها في حقيبة يدها.
فقال الطفل: كلا، يا أماه: فاطمة لم تسرق الساعة، فالذي وضعها في حقيبة يدها هو خالي محسن. رأيتُه بنفسي وبعيني هاتين، يفتح الحقيبة، ويضع فيها الساعة.
فقالت الأم: ولماذا وضع أخي محسن الساعة في حقيبة يد فاطمة؟ وأين كانت هي عندما فتح حقيبتها ووضع فيها الساعة؟
فقال مراد: أراد خالي أنْ ينتقم من فاطمة؛ لأنه حاول أنْ يُقبِّلها بالقوة، فلكَمَته في صدره وأبعدَتْه عنها أمامي … وقد وضع الساعة في الحقيبة أمامي أيضًا عندما كانت فاطمة تُعِد لي طعام الغداء … هذا هو عين ما حدث، يا أمي، وفاطمة بريئة.
راجعت والدة مراد نفسها، وعرفت أنَّ ابنها يقول الحقيقة. وسألت نفسها: لماذا كثر مجيء محسن لزيارتنا، كل يوم تقريبًا، منذ أنْ جاءت عندنا فاطمة. وكان قبل ذلك لا يزورنا إلا لِمَامًا؟ ولماذا يتعمد المجيء، وأنا وزوجي خارج البيت في العمل؟ ما يقوله مراد صحيح وأنا لم أفطن إلى هذه الحقيقة، فانْسَقتُ وراء كلامه واتهامه تلك البُنية البريئة فقالت: هل تحب فاطمة، يا مراد؟
– نعم، يا أمي، وهي تحبني أيضًا.
– أتريد أنْ أحضر لك فاطمة؟
– نعم، وبسرعة، يا أماه.
– إذن، فستأتي إليك فاطمة غدًا، إنْ شاء الله.
ذهبت أم مراد إلى بيت فاطمة، فاعتذرَتْ لها وطلبَت منها أنْ تسامحها على اتهامها إيَّاها ظلمًا وعدوانًا، وأخبرَتْها بأن الله — جَلَّت قُدْرته — قد أظهر الحقيقة على لسان مراد. وقالت: ومكافأة لكِ على براءتك وشَرَفك وعِفَّتك وتكفيرًا عن ظلمي إيَّاك، تقَبَّلي مني هذا المبلغ، وأرجو أنْ تسامحيني من أعماق قلبك.
قالت هذا وأعطَتْها ألف جنيه عن طيب خاطر. فعرَفت فاطمة أنَّ هذا تدبير من السميع العليم كي تصلح حال أسرتها وبيتها. فشكرَتْ أم مراد، وانتظمَتْ في ذهابها إلى مراد كالمعتاد، كل يوم.
أما محسن، فلَمَّا ذهب إلى بيت أخته ليعرف ما تم، بصقَت أخته في وجهه وقالت: اخرُج من هنا أيها السافل النجس، ولا تفكر في أنْ تدخل بيتنا مرة أخرى. لست أخي ولا أعرفك … تَتهِم فتاة شريفة وتدبر لها مكيدة؛ لأنها منعَتْك أغراضك الدنيئة، يا فاجر … ثم تفعل هذا أمام طفل صغير كي يشب على الأفعال الحرام، والطفل يُقلِّد الكبار في كل شيء … أتريد أنْ تفسد أخلاقه منذ صغره؟ ومن شبَّ على شيء شاب عليه … اخرُج من هنا ولا تحضر إلى بيتنا بعد الآن.
وهكذا خرج محسن ذليلًا مطرودًا شَرَ طِرْدَة.
تقيم في البيت المجاوِر لبيت محسن إحدى زميلاته بالجامعة، وكم من مرة ابتسمَت له لتجعله صديقها وهو يُعرض عنها. غير أنها لم تيأس من حبه، فابتسمَت له كعادتها، ولَشَد ما كانت دهشتها عندما ابتسم لها ومَد إليها يده فسلَّم عليها.
نشأت الصداقة بين سعاد ومحسن، وتطوَّرت إلى حب. فكانا يلتقيان يوميًّا في إحدى الحدائق، يتطارحان عبارات الغرام ويُوسع كل منهما الآخر عناقًا وتقبيلًا … وهكذا، أخذَت سُعاد تتأخر عن العودة إلى بيتها إلى وقت متأخر من الليل، وإذا سألتها أمها عن ذلك التأخير، قالت إنها تستذكر الدروس مع إحدى زميلاتها. فتظاهرَت الأم بتصديق ابنتها، وقد «لعب الفأر في عبِّها.» وراودتها الشكوك والرِّيَب، فأسرَّت بذلك إلى ابنها الأكبر، وصارحته بما يجول في خاطرها.
عهد الابن إلى أحد أصدقائه المُخلِصين، الذي لا تعرفه سعاد، بأن يراقِبها من بعيد منذ خروجها من الجامعة إلى أنْ تعود إلى بيتها ليلًا.
قام ذلك الصديق الوفي بما كُلِّف به خير قيام، وعاد إلى خالد شقيق سعاد يخبره بأنه رآها تخرج مع شاب خليع من زملائها بالجامعة، فيذهبان إلى حديقة عامة، حددها له. ويجلسان متجاوِرَين يتحدثان إلى أنْ يخيم الظلام على الكون، فيتعانقان ويقبِّل كل منهما الآخر، ثم يعودان أدراجهما، وذلك الشاب يسكن في البيت الملاصِق لبيت خالد، فعرفه خالد على الفور، وأخبر أمه بنتيجة المراقَبة.
تشاوَر خالد مع أمه، فقرَّرَا استئجار اثنين من الفتوات ليضرِبا ذلك الجار.
جلست سعاد مع محسن كعادتهما في تلك الحديقة، وما إنْ بدآ يتعانقان حتى انهالت العِصِي على محسن، فَفرَّت سعاد إلى بيتها حيث استقبلها أخوها الأكبر وأمها بالضرب المبرح الذي أرقدها في الفراش عدة أيام، ومنعاها الخروج من البيت، والذهاب إلى الجامعة.
أما محسن فقد أوقعه حظُّه العاثر في أيدي هذين الشقِيَّين، فأشبعاه ضربًا بالعِصِي، وسلَبَاه ملابسه بما فيها من نقود ولم يتركاه إلا بالقميص الداخلي والسروال، عاري الرأس، حافي القدمين. ومن شدة الضرب، كُسِرت ضلوعه وعظام كتفيه … ولاذَ الشقيان بالفرار دون أنْ يضبطهما أحد.
أما محسن فعثر عليه حراس الحديقة بعد وقت طويل، فطلبَا له سيارة الإسعاف التي نقلته إلى المستشفى وهو على تلك الحال، وخرج من المستشفى قعيدًا، لا يستطيع الحركة، جزاءً وفاقًا لسوء فِعاله، وإن ربك لبالمرصاد … مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ.