الفصل الثاني
المنظر الأول
(بعد مرور ساعتين.)
(يدخل ليبانوس والهم بادٍ على محياه.)
ليبانوس
:
والله، يا ليبانوس، إنه لمن الخير لك أن تُجهد نفسك
الآن في تدبير حيلة لجمع ذلك المبلغ. لقد مضى وقت طويل
بعد أن تركتَ سيدك وأسرعت بنفسك إلى الفورَم لتقضي ذلك
الوقت في التسكع والنوم حتى الآن. هيا الآن، واخلع عنك
ذلك الكسل البغيض، واطرح الإبطاء جانبًا، واستعدْ
موهبتك القديمة، موهبة الدهاء! أنقذ سيدك، واحذر أن
تفعل ما يفعله غيرك من الخدم الذين يستخدمون ذكاءهم في
خداع سيدهم. (يتوقف
لحظة) من أين أحصل عليه؟ أنصب على من؟
إلى أين أقود هذه السفينة؟ (ينظر إلى أعلى ثم تبدو عليه الغبطة)
لقد أُوحِيَ إليَّ، وحصلتُ على تنبؤاتي. تدلني الطيور
على أن أقودها حيث يحلو لي! فالغراب والطائر النقار
على يساري، والغراب الأسحم وبومة الأجران على يميني.
وهي تقول: «سرْ قدُمًا». سأتبع نصائحكِ، وحياة جوف، لا
شك في أنني سأتبعها. (ينظر
ثانية إلى فوق) ما هذا؟ إن النقار ليُعمل
منقاره في شجرة دَردار،١ إنه لا يفعل هذا عبثًا! رباه! فبحسب ما
أعرف، يدل فأل النقار هذا على أن هناك أعوادًا ذات
أشواك تنتظرني أو تنتظر ساوريا مدبر البيت. (ينظر إلى آخر الطريق)
ولكن ماذا جرى؟ ها هو ذا ليونيدا يجري إلى هنا مبهور
الأنفاس، أخشى أن يكون ذلك الطائر يتنبأ بالمتاعب لفني
الخداعي.
المنظر الثاني
(يدخل ليونيدا باديَ الثوَران الذهني، دون أن يرى ليبانوس.)
ليونيدا
:
أين أبحث عن ليبانوس الآن، أو عن سيدي الشاب، حتى
أزُفَّ إليهما البشرى التي تفرحهما أكثر مما تفرحني؟
يا لعظم المكافأة والفوز اللذَين يمنحهما مجيئي! فإذ
يحتسيان الخمر معي، ويطاردان الفتيات معي، فلا بد لي
من أن أشترك معهما في هذه المكافأة.
ليبانوس
(لنفسه)
:
لا بد أن يكون هذا الشخص قد سرق بيتًا، إذا كان
مسلكه هذا طبيعيًّا. فليساعد الرب ذلك الشيطان المسكين
الذي كان يحرس الباب في غير ما عناية!
ليونيدا
:
أرضى بأن أظل عبدًا طول حياتي، إذا سُمح لي فقط
بمقابلة ليبانوس.
ليبانوس
(لنفسه)
:
أقسم بجوف، إنك لن تملك حريتك دقيقة واحدة إذا كنت
تنتظر مني أية مساعدة.
ليونيدا
:
إنني لأرضى بأن يحدث بظهري مائتا جرح وارم من الضرب
بالسوط، إذا أمكنني أن أراه.
ليبانوس
(لنفسه)
:
إنه كريم بما يملك، يحمل جميع خزائنه فوق
ظهره.
ليونيدا
:
أقول هذا لأنه إذا أفلتت منه هذه الفرصة، فلن يلحق
بها حتى ولو ركب عربة ذات أربعة جياد بيضاء.٢ سيترك سيده محاصرًا ويزيد في جرأة أعدائه.
ولكنه إذا كان على استعداد للاشتراك معي والقبض على
هذه الفرصة التي سنحت لنا، صار شريكي في التمتع بأعظم
عيد ذهبي زاخر بالفرح لم يسبق أن حدث مثله لسيديه،
الابن وأبيه كليهما. نعم، ويجعلهما معًا مدينَين
بالشكر لكلينا طوال حياتهما أيضًا، ومكبلَين تمامًا
بخدماتنا.
ليبانوس
(لنفسه)
:
يقول مكبلَين؛ يصير هذا أو ذاك مكبلًا! لا يعجبني
هذا. أخشى أن يكون يدبر مكيدة تتضمن كلينا.
ليونيدا
(يرتعد من الانفعال)
:
لقد انتهيتُ تمامًا، إذا لم أعثر على ليبانوس في
الحال، أينما كان.
ليبانوس
:
يسعى هذا الشاب وراء زميل ليضع النِّير على عنقه كي
يدير النَّوْرَج. لا يروقني هذا الأمر؛ فإن ارتعاد شخص
يتصبب منه العرق ليعني قرب حدوث مكروه.
ليونيدا
:
ماذا جرى لي حتى أقيد قدميَّ وأطلق لساني، وأنا في
مثل هذه الحاجة إلى السرعة؟ لماذا لا آمر لساني بالكف
عن الكلام والثرثرة طوال اليوم؟
ليبانوس
(لنفسه)
:
أيها الإله الرحيم! هذا الشيطان المسكين يخنق سيده!
فإذا ما سعى وراء بعض النذالة فإن ذلك اللسان نفسه هو
الذي يخونه ويفشي أسراره.
ليونيدا
:
سأتحرك وأسير حتى لا يكون سعيي وراء المكافأة بعد
فوات الأوان.
(ينصرف.)
ليبانوس
:
ما هذه المكافأة؟ سأذهب إليه وأعرفها منه بالدهاء،
مهما كانت. (بصوتٍ
مرتفع) أسعد الله يومك (يرفع صوته إذ لم يتنبه له
ليونيدا) بأعلى ما تسمح به رئتاي!
ليونيدا
:
أواه، هناك (يستدير
ويقف) أهذا أنت يا جالب السياط!
ليبانوس
:
كيف حالك يا حارس السجن؟
ليونيدا
:
وَيْ، يا زارع الأغلال.
ليبانوس
:
أيا محرِّك الشر!
ليونيدا
:
كم تظن وزنك، وأنت عريان؟
ليبانوس
:
رباه، لست أعلم!
ليونيدا
:
كنت أعرف أنك لا تعلم، ولكني أقسم بالله إنني أعرف؛
لأنني وزنتك. فإنك تزن، وأنت عريان ومقيد، مائة رطل
عندما تُعلَّق من عقبيك.
ليبانوس
:
وما برهانك على هذا؟
ليونيدا
:
أخبرك ببرهاني وبطريقتي. عندما تثبَّتُ مائةُ رطل في
قدميك، وتضغط الأصفاد على يديك بعد ربطهما في كتلة من
الخشب، فإنك لا تزيد أو تنقص عن ذلك الثِّقْل، تكون
نذلًا لا تصلح لشيء.
ليبانوس
:
ألا عليك اللعنة!
ليونيدا
:
هذا ما أنت عليه بالضبط، في قيود العبودية
ووصيتها.
ليبانوس
:
دعنا نقطع حرب الكلام هذه. ما مشروعك ذاك؟
ليونيدا
:
عقدتُ العزم على الثقة بك.
ليبانوس
:
يمكنك هذا بكل جرأة.
ليونيدا
:
إذا اعتزمتَ أن تساعد سيدك الشاب في موضوع غرامه،
فهناك قدر كبير من حسن الحظ غير متوقع، قد ظهر لي
مخلوطًا بالسوء، ولو أن ذلك المعذِّب العام سيحظى بعيد
منتظم على حسابنا كل يوم. اسمع يا ليبانوس، إننا بحاجة
إلى الذكاء والدهاء. لقد طرأت على بالي الآن فكرة شيء
نعمله فنُسمَّى أجدر الرجال الأحياء، أن نكون حيث
التعذيب على أشده.
ليبانوس
(في خشونة)
:
ها ها! كنتُ أفكر فيما يجعل كتفيَّ توخزانني منذ
برهة. لقد بدأتا تتنبآن بالمتاعب لنفسيهما، ولكن مهما
كان ذلك الأمر فعليَّ به.
ليونيدا
:
إنه مكافأة ضخمة ومخاطرة عظيمة.
ليبانوس
:
لست أهتم بهذا ما دامتا تختلطان معًا فوق العذاب.
إنني لأملك ظهرًا في حوزتي، ولن أحتاج إلى البحث عن
ظهر خارج جسمي.
ليونيدا
:
هذه هي الرُّوح الصحيحة، تمسَّكْ بهذا نكن في
أمان.
ليبانوس
:
أواه! إذا كان ظهري هو الذي سيحتمل العاقبة فإنني
مستعد لسرقة بيت المال. عندئذٍ أقول وأكرر إنني لم
أفعل ذلك، نعم، وأقسم لك بالأيمان المغلظة أنني لم
أفعل.
ليونيدا
:
مرحى! هذه جرأةٌ، أن تتحمل الصدمات العنيفة كرجل
عندما تقتضي الضرورة. فالشاب الذي يتحمل الصدمات
العنيفة كرجل هو الذي يتمتع بالزمن السعيد طوال حياته
بعد ذلك.
ليبانوس
:
لماذا لا تسرع وتفضي إليَّ بقصتك؟ إنني لأتلهف إلى
بعض الصدمات العنيفة.
ليونيدا
:
هوِّن عليَّ الأمر بكل سؤال حتى أنال بعض الراحة.
ألا تراني لا أزال ألهث بعد كل ذلك الجري الذي
جريته؟
ليبانوس
:
حسنًا، حسنًا، سأنتظر حتى تصير على استعداد، نعم،
حتى تستعد للإفضاء بهذا الموضوع.
ليونيدا
(بعد توقف)
:
أين السيدان كلاهما؟
ليبانوس
:
السيد العجوز في الفورَم، والسيد الشاب بالداخل هنا.
(يشير إلى بيت
كلياريتا.)
ليونيدا
:
هذا يكفي، إنني قانع بذلك.
ليبانوس
:
قانع؟ إذن فأنت مليونير الآن، أليس كذلك؟
ليونيدا
:
لا تحاول المزاح.
ليبانوس
:
لن أحاوله. (في
عظمة) أذناي تنتظران أنباءك.
ليونيدا
:
استمع إليَّ تعرف كل شيء كما أعرفه أنا.
ليبانوس
:
ها قد صرتُ أبكم.
ليونيدا
(بتهكم)
:
يا للسعادة! أتتذكر تلك الحمير التي باعها مدبر
بيتنا إلى التاجر الذي أتى من بيلَّا Pella؟
ليبانوس
:
أذكرها ولا أنساها. حسنًا، وماذا بعد ذلك؟
ليونيدا
:
استمع إذن! أرسل ثمنها لكي يُدفع إلى ساوريا. لقد
حضر بالثمن شاب صغير السن، منذ قليل.
ليبانوس
(بلهفة)
:
أين هو؟
ليونيدا
:
أرى أنه يجب أن يختفي في نفس الدقيقة التي تلمحه
فيها.
ليبانوس
:
نعم، هذا ما سأفعله! ولكن دعني أراه. لا بد أنها تلك
الحمير الشمطاء العرجاء ذات الحوافر البالية حتى
قواعدها.
ليونيدا
:
بالضبط، تلك الحمير التي كانت تأتي من المزرعة محملة
بأعواد الدَّردار لك.
ليبانوس
:
نعم، هي الحمير التي كانت تحملك إلى المزرعة مكبلًا
بالأغلال.
ليونيدا
:
نِعْمَ الذاكرةُ ذاكرتك! ومع ذلك، فبينما كنتُ
جالسًا على كرسيِّ الحلاق، تحدَّثَ وسألني عما إذا
كنتُ أعرف شخصًا يدعى ديماينتيوس بن ستراتو Strato. فأجبته من
فوري: نعم، أعرفه. ثم أخبرته بأنني خادمه وأخبرته
بمكان بيتنا.
ليبانوس
:
حسنًا. وماذا بعد ذلك؟
ليونيدا
:
قال إنه قد أحضر معه ثمانين جنيهًا ثمن الحمير كي
يسلمه إلى ساوريا مدبر البيت، ولكنه لا يعرف ذلك الرجل
إطلاقًا. ولا يعرف سوى ديماينتيوس نفسه، الذي يعرفه حق
المعرفة. وبعد أن ذكر لي بعض أشياء كهذه.
ليبانوس
:
وماذا بعد هذا؟
ليونيدا
:
حسنًا، أصغِ إليَّ تعرف. سرعان ما تظاهرتُ بأنني شخص
سامٍ رفيع الشأن وأخبرته بأنني مدبر البيت. وهاك
الطريقة التي أجابني بها، قال: «حسنًا، حسنًا، لستُ
أعرف ساوريا شخصيًّا ولا أعرف صورته. ولا حق لك في أن
تستاء من هذا. أحضِرْ سيدك ديماينتيوس الذي أعرفه، إذا
تفضلتَ، عندئذٍ أسلمك النقود دون إبطاء.» فأخبرته
بأنني سأُحضر سيدي وأكون في البيت لانتظاره. سيذهب إلى
الحمامات: ثم سيأتي إلى هنا بسرعة. فماذا تقترح الآن
عمله كخطة لحملة الهجوم؟ أخبرني.
ليبانوس
(يفكر)
:
هذه هي نفس النقطة التي فكرت فيها! نفس الشيء الذي
أنتظره لتجريد ذلك الزائر وساوريا من المبلغ. يجب رسم
خطتنا على الفور؛ إذ لو حضر ذلك الغريب بالنقود ولم
نكن قد أعددنا عدتنا للموقف، حُبست الفرصة عن كلينا في
الدقيقة التالية. اعلم أن الرجل العجوز اختلى بي خارج
البيت اليوم، وكنتُ وحدي تمامًا، وأقسم أنه سيضرب
كلينا بأعواد الدَّردار إذا لم يحصُل على ثمانين
جنيهًا من أجل ابنه أرجوريبوس، اليوم بالذات. فأصدر
إلينا أمرًا بأن ننصب على مدبر البيت بقيمة هذا
المبلغ، أو نخدع زوجته. وقال إنه سيقف إلى جانبنا مهما
حدث. فانصرِفِ الآن إلى الفورَم لمقابلة سيدي، وأخبره
بما سنفعله، وأنك ستتغير من ليونيدا إلى ساوريا عندما
يُحضر التاجر ثمن الحمير.
ليونيدا
:
سأفعل بحسب ما تقول (ينصرف).
ليبانوس
:
سأتسلى معه، أنا نفسي، في تلك الأثناء، إذا تصادف أن
جاء هو قبلك.
ليونيدا
(يتوقف)
:
استمع إليَّ.
ليبانوس
:
ماذا تريد؟
ليونيدا
:
إذا ضربتُك وكسرتُ لك فكَّكَ عندما أقلد ساوريا، فلا
تغضب.
ليبانوس
:
أقسم بالله إنه لمن الخير لك أن تحذر أن تمسني إذا
كنت تعرف ماذا سيحدث وإلا علمتَ أنك اخترت يومًا
مشئومًا تغيِّر فيه اسمك.
ليونيدا
:
هيَّا، هيَّا، وافقْ على هذا في صبر.
ليبانوس
:
نعم، أوافق، على شرط أن توافق على أن أرُدَّ لك
الكيل وافيًا.
ليونيدا
:
إنني أخبرك بما سيحدث.
ليبانوس
:
وأقسم بالله إنني أخبرك بالكيفية التي سأردُّ عليك
بها.
ليونيدا
:
لا ترفض.
ليبانوس
:
أواه، أوافق، أوافق أن أردَّ لك كل ما تربحه.
ليونيدا
(يستدير لينصرف)
:
إنني ذاهب، وافقْ على ما أخبرتك به الآن، أعلم بأنك
ستوافق. (ينظر إلى آخر
الطريق)، مرحبًا! من هذا! إنه هو، نفس
الرجل! سأعود بسرعة إلى هنا! شاغِلْه هنا ريثما أعود.
يجب أن أخبر الرجل العجوز (يقف لينظر إلى الطريق ثانية).
(في تهكم)
لماذا لا تقوم بدورك إذن، ثم تطلق قدميك للريح؟
(يخرج ليونيدا.)
المنظر الثالث
(يدخل التاجر مع خادم.)
التاجر
(ينظر إلى بيت
ديماينيتوس)
:
بحسب الإرشادات، لا بد أن
هذا هو البيت الذي يقولون إن ديماينيتوس يقيم فيه.
(إلى الخادم)
اذهب واطرق الباب، يا غلامي، وإذا كان المدبر ساوريا
في المنزل، فنادِه (يذهب
الخادم نحو البيت).
ليبانوس
(يتقدم إلى الأمام)
:
من ذا الذي يطرق باب بيتنا هكذا؟ أقول من بالباب إذا
لم تكن أصم!
التاجر
:
لم يمس أحد الباب بعد. أأنت متمالكٌ حواسَّك؟
ليبانوس
:
حسنًا، ظننتك لمسته، إذ رأيتك تتجه إلى هذه الناحية.
لا أريدك أن تطرق الباب. هذا خادم زميل لي، والحقيقة
أنني أحب زملائي الخدم.
التاجر
:
يا لله! لا خطر من طرق الباب حتى ينخلع من
مُفصَّلاته إذا كنتم تردون على كل الطارقين بهذا
الأسلوب.
ليبانوس
:
هذه هي الطريقة التي دُرِّبَ عليها هذا الباب؛ ما إن
يلمح واحدًا من الأشقياء من بُعد، وهو قادم نحوه، حتى
يصيح بأعلى صوته لينادي البواب على الفور. ولكن، ماذا
تريد؟ أي هدف لك من المجيء إلى هنا؟
التاجر
:
أردتُ مقابلة ديماينيتوس.
ليبانوس
:
لو كان في البيت لأخبرتك.
التاجر
:
وماذا عن مدبر بيته؟
ليبانوس
:
ليس في البيت أيضًا.
التاجر
:
أين هو؟
ليبانوس
:
قال إنه ذاهب إلى دكان الحلاق.
التاجر
:
قابلته هناك. ألم يرجع بعد؟
ليبانوس
:
كلا! ماذا تريد منه؟
التاجر
:
سيتسلم مني ثمانين جنيهًا، لو كان هنا.
ليبانوس
:
ولماذا؟
التاجر
:
باع بعض الحمير في السوق لتاجر من بيلَّا.
ليبانوس
:
أعلمُ ذلك. وقد أحضرتَ الثمن الآن، أليس كذلك؟ سيكون
هنا حالًا، أظن ذلك.
التاجر
:
على أية صورةٍ ساوريا هذا؟ (لنفسه) الآن سأعرف ما إذا كان ذلك
الرجل هو من أقصده.
ليبانوس
(يفكر)
:
إنه ذو فكين بارزتين، وشعر أحمر، وبطن منبعج، وعينين
وحشيتين، متوسط الطول، ومقطَّب الجبين دائمًا.
التاجر
(لنفسه)
:
لا يستطيع أي مصور أن يعطي صورة أكثر شبهًا حيويًّا
من ذلك الشخص.
ليبانوس
(ينظر إلى آخر الطريق)
:
نعم، وماذا غير هذا، ها هو ذا قادم بنفسه، أقسم
بالله يختال في مِشيته ويهز رأسه! كل من يعترض طريقه
وهو غاضب ينال الضرب بالسوط.
التاجر
:
يا للإله الرحيم! لسنا نكترث له إذا كان يختال في
مِشيته، والشرر يتطاير من عينيه، مثل أخيل Achilles، فإذا وضع
صاحبك الغاضب هذا يده عليَّ فإن صاحبك الغاضب هو الذي
سينال الضرب بالسوط.
المنظر الرابع
(يدخل ليونيدا، في غضب ظاهر.)
ليونيدا
:
ما معنى هذا؟ ألا يهتم أحد بما أقول؟ أمرتُ ليبانوس
بأن يأتي إليَّ عند الحلاق، فلم يأت إطلاقًا. أقسم
بالله إنه لم يفكر قط في صالح جلده ورجليه، هذا
أكيد!
التاجر
(لنفسه)
:
يا له من شاب طاغية متعجرف!
ليبانوس
(يتصنع الذعر)
:
إنني ذاهب إلى هناك!
ليونيدا
(إلى ليبانوس في تهكم)
:
أهلًا بليبانوس المعتَق، هل حدث هذا اليوم؟ هل أعتقك
سيدك الآن؟ (يتقدم
نحوه.)
ليبانوس
(يتراجع)
:
أرجوك، أرجوك يا سيدي!
ليونيدا
:
وحقِّ السماء، لأعطينَّك سببًا قويًّا كيلا تعترض
طريقي. لماذا لم تأتِ إلى دكان الحلاق كما
أمرتُك؟
ليبانوس
(يشير إلى التاجر)
:
أخَّرني هذا السيد.
ليونيدا
(دون أن ينظر إلى التاجر)
:
عليك اللعنة! بوسعك أن تقول إن جوف الكلِّيَّ القدرة
قد أخرك. نعم، وإنه سيأتي إلى هنا ليترافع عنك. ولكنك
لن تفلت من الضرب بالسوط. أتجرؤ على الازدراء بسلطتي،
يا قائم الضرب بالسوط؟
ليبانوس
(يجري خلف التاجر)
:
أيها الغريب الشفيق، إنني لرجل ميت لا محالة!
التاجر
:
أستحلفك بجوف يا ساوريا! لا تضربه، إكرامًا
لخاطري!
ليونيدا
(وهو غير مكترث له)
:
أواه، لو كان بوسعي الحصول على مِنْخَس ثيرانٍ
الآن!
التاجر
:
هيا، هيا، هدئ من روعك.
ليونيدا
:
حتى أثقب ضلوعك هذه التي لم تعد تحس بالضرب! (إلى التاجر) ابتعد عن
طريقي ودعني أقتل ذلك الوغد الذي يغيظني دائمًا، ولا
ينفِّذ أي عمل قط، بأمر واحد. يضطرني هذا المجرم إلى
إصدار الأمر والصياح مئات المرات من أجل نفس الشيء.
بحق الإله الرحيم، لقد ساقني إلى الدرجة التي لا أطيق
بعدها احتمال ذلك الأمر، فلا بد من الصراخ عليه
والانفجار فيه! ألم آمرك بإزالة هذا البراز من أمام
الباب أيها الوغد؟ ألم آمرك بتنظيف الأعمدة من نسيج
العنكبوت؟ ألم آمرك بمسح مقابض الأبواب هذه حتى تتألق
لامعة؟ لا فائدة من كل ذلك. سيظنني أي فرد، أعرجَ لا
أستطيع الطواف خلفك بهِراوة. لقد انتهزت فرصة انشغالي
هذه الأيام الثلاثة في السوق بحثًا عن شخص يمدنا بقرض،
وأخذت تنعس طول الوقت في البيت، وجعلتَ سيدك يعيش في
زريبة خنازير وليس في بيت. خذ هذا الآن! (يلطمه.)
ليبانوس
:
أيها الغريب الشفيق! أجِرْني، إكرامًا لوجه
السماء!
التاجر
:
هيا يا ساوريا، اتركه إكرامًا لخاطري.
ليونيدا
(إلى ليبانوس)
:
أجبني يا هذا! هل جاء أحد ودفع أجر شحن ذلك
الزيت؟
ليبانوس
:
نعم يا سيدي.
ليونيدا
:
دفعه لمن؟
ليبانوس
:
إلى ستيخوس Stichus
نفسه يا سيدي، وكيلك.
ليونيدا
:
صه! إنك تريد تهدئة سَورة غضبي! حتى أتأكد من أن لي
وكيلًا بالمنزل، وليس عبدًا. ومع ذلك فالعبد أكثر
صلاحية من الوكيل. وماذا عن النبيذ الذي بعتُه إلى
إكسايرامبوس Exaerambus الخمَّار أمس، ألم يسدد
ثمنه إلى ستيخوس بعد؟
ليبانوس
:
أعتقد أنه سدده يا سيدي، لأنني رأيت إكسايرامبوس
يأتي إلى هنا ومعه أمين الصندوق نفسه.
ليونيدا
:
هذا هو الأسلوب الذي أريده، فقد وثقتُ به في المرة
السابقة، فلم أحصل منه على الثمن إلا بعد سنة، وها هو
الآن يسدد ما عليه من كمبيالات، وزيادة على ذلك فقد
أحضر أمين صندوقه معه إلى البيت، وكتب إذن الصرف
بنفسه. وهل أحضر درومو Dromo أجوره إلى البيت؟
ليبانوس
:
أظنه أحضر نصفها فقط.
ليونيدا
:
والباقي؟
ليبانوس
:
قال إنه سيعطيك إياه بمجرد أن يتسلمه هو نفسه،
وادَّعى بأنه محجوز حتى يُتمَّ عملًا كُلِّف
به.
ليونيدا
:
وماذا عن الأقداح التي أقرضتُها إلى فيلوداموس Philodemus؟ هل
أعادها؟
ليبانوس
:
كلا، لم يُعدْها بعد.
ليونيدا
:
يا لله! كلا؟ (في
مرارة) تُقرض الأشياء متى طاب لك، تقرضها
لصديق.
التاجر
(لنفسه بعض الشيء بعد أن
تعب)
:
يا له من شيطان!
سيضطرني هذا الرجل إلى الانصراف قبل أن ينتهي من حديثه المختلط هذا بمدة طويلة.
سيضطرني هذا الرجل إلى الانصراف قبل أن ينتهي من حديثه المختلط هذا بمدة طويلة.
ليبانوس
(إلى ليونيدا في صوت منخفض)
:
هيا، أسرع! كفى هذا الآن! أتسمع ما يقول؟
ليونيدا
(إلى ليبانوس في صوت منخفض)
:
نعم، أسمعه، سأصمت.
التاجر
(لنفسه)
:
لقد سكت أخيرًا، أعتقد هذا. من الخير أن أذهب إليه
الآن قبل أن يبدأ في الثرثرة من جديد (إلى ليونيدا في صوت
مرتفع) متى تستطيع أن تعيرني
التفاتك؟
ليونيدا
(ينظر إليه ويتصنع الدهشة)
:
يا لله! رائع! منذ متى وأنت هنا؟ حسنًا، حسنًا، لم
ألاحظك من قبل! أرجو ألا تشعر باستياء. كنت في شدة
الغضب حتى أثر الغضب على بصري.
التاجر
:
لا غرابة في هذا. ولكني رغبتُ في أن أرى ما إذا كان
ديماينيتوس في بيته.
ليونيدا
:
يقول هذا (يشير إلى
ليبانوس) إنه ليس في البيت. أما عن تلك
النقود فعُدَّها لي إذا أردت، وعندئذٍ اعتبر حسابك
معنا مسدَّدًا.
التاجر
:
أُفضل أن أدفعها في حضور سيدك ديماينيتوس.
ليبانوس
(محتجًّا)
:
إنه يعرف السيد، والسيد يعرفه.
التاجر
(في إصرار)
:
سأدفع له المبلغ في حضور سيده.
ليبانوس
:
أعطه إياه الآن، تحت مسئوليتي، أنا مسئول في ذلك.
ماذا يظن الرجل العجوز إذا عرَف أن مدبر بيته ساوريا
لم يوثق به؟ لا بد أنه يستشيط غضبًا، إنه، هو نفسه،
يثق به في كل أموره.
ليونيدا
(في عظمة بالغة)
:
ليس هذا أمرًا ذا بال. يمكنه أن يحتفظ به متى أراد.
دعه يقف به هناك.
ليبانوس
(إلى التاجر في صوت منخفض)
:
قلتُ لك أعطه إياه يا عزيزي. هذه إهانة! أخشى أن يظن
أنني حثثتُك على عدم الثقة به. أعطه إياه، إكرامًا
لوجه الرحمة، ولا تخف شيئًا. يا للإله الرحيم، سيكون
كل شيء حسنًا!
التاجر
:
أومن بأنه سيكون كذلك، ما دمت أحتفظ بالمبلغ معي.
إنني غريب هنا ولا أعرف ساوريا.
ليبانوس
(يشير إلى ليونيدا)
:
حسنًا، تعرَّفْ به إذن.
التاجر
:
لست أدري ما إذا كان هذا هو ساوريا أو غيره، بحق
الإله. فإذا كان هو، فلا بد أنه هو طبعًا. والذي أعرفه
أكيدًا هو أنني عندما أكون غير متأكد، لا أعطي هذه
(يخرج حافظته)
إلى أي فرد على وجه الأرض.
ليونيدا
:
ويل لذلك الشخص! (إلى
ليبانوس) ما من كلمة رجاء يا هذا! إنه
أبدى استعدادًا لدفع الثمانين جنيهًا. (إلى التاجر) لا أحد
سيأخذها! عُدْ إلى البيت! انصرف من هنا! لا
تضايقني!
التاجر
(في سخرية)
:
مجرد ألعوبة! الفكرة أنه عبد متغطرس!
ليونيدا
(إلى ليبانوس)
:
بحق السماء، ستدفع غاليًا من أجل هذا إن لم
تشتمه!
ليبانوس
(بصوتٍ عالٍ، إلى التاجر)
:
أنت أيها القذر، أنت يا من لا تصلح لشيء! (في لهجة أكثر
انخفاضًا) ألا تراه قد غضب؟
ليونيدا
(إلى ليبانوس)
:
استمر، عليك به!
ليبانوس
(بصوت مرتفع)
:
يا عار الرجال! (في صوت
أكثر انخفاضًا) أعطه النقود من أجل
السماء، لئلا يشتمك.
التاجر
:
يا لله! إنكما تسعيان وراء حظ عاثر.
ليونيدا
(إلى ليبانوس)
:
بحق الإله، لتتكسرنَّ رجلاك إلى شظايا إن لم تصفع
هذا الوغد العديم الحياء.
ليبانوس
(إلى التاجر في صوت منخفض)
:
يا لله، إنني أستعد لذلك الأمر! (بصوتٍ عالٍ) تعال،
أيها النذل العديم الحياء، أيها الصعلوك، ألا تساعدني،
أنا التعيس؟
ليونيدا
(إلى ليبانوس)
:
ألا تكف عن رجاء هذا المجرم؟
التاجر
(وقد غضب)
:
كيف هذا؟ أتجرؤ على شتيمة رجل حر، أنت أيها
العبد؟
ليونيدا
:
ستُضرَب بالسوط!
التاجر
:
أُضرَب بالسوط؟ بحق الإله، هذا هو ما سيحدث لك بمجرد
أن تلمح عيناي ديماينيتوس اليوم!
ليونيدا
:
ماذا يا قائم الضرب بالسوط؟ أنت يا من تستحق الشنق!
أتظننا نرتجف من سيدنا؟ انصرف من توِّك إلى السيد الذي
ستستدعينا إليه، السيد الذي رغبتَ في مقابلته طيلة تلك
المدة الماضية (ينصرف شطرَ
السوق).
التاجر
:
أخيرًا، ولكنك لن تحصل مني على درهم واحد إلا إذا
أمرني ديماينيتوس بأن أعطيك إياه.
ليونيدا
:
حسنًا، حسنًا! هيا معي إذن! أتريد أن تهين رجلًا آخر
ولا تنال جزاء تلك الإهانة؟ إنني رجل مثلك
تمامًا!
التاجر
:
لا شك في هذا. بالضبط، أنت هكذا.
ليونيدا
:
تعال إلى هذه الجهة إذن (يقف). إذا قلتُ هكذا بنية سليمة، فدعني
أخبرك بهذا الآن: «ما من أحد قط قد اتهمني بحق، وما من
رجل آخر في أثينا كلها يعتبره الناس محل ثقة أكثر مني،
أيضًا.»
التاجر
:
أوافق على ذلك. ولكن، برغم هذا، لن تحثني اليوم على
أن أعهد إليك بهذه النقود، أنت الغريب. (في لهجة اعتذار، بعض
الشيء) «ليس الرجل أمام الغريب رجلًا،
وإنما هو ذئب.»
ليونيدا
(متشجعًا)
:
هذا أمر ينم عن أدبك! كنت أعرف أنك سرعان ما ستعتذر
لشخص طيب ظلمتَه، فبرغم رثاثة منظري، فأنا رجل أمين،
وأما عن موضوع النقود، فهذا لا يهم.
التاجر
(مرتابًا)
:
أعتقد ذلك.
ليونيدا
:
فحتى بيريفانيس Periphanes، التاجر برودس، قد عدَّ
لي مائتي جنيه عندما كان السيد غائبًا، وكنا وحدنا.
وثق بي، ولم يُخدع في عمله ذاك.
التاجر
:
أعتقد هذا.
ليونيدا
:
نعم، وحتى أنت نفسك، لو استعلمت عني من الآخرين،
لدفعتَ لي المبلغ الذي معك في ثقة. نعم، أعرف هذا،
وحقِّ الإله!
التاجر
(ببرود)
:
آسف إذا أنكرتُ هذا (يشير
إلى ليونيدا، ليقوده إلى
ديماينيتوس).
(يخرج الثلاثة إلى الفورَم، وليونيدا في أشد حالات الغيظ.)
١
تُستخدم أعواد الدَّردار في العقاب البدني،
وهي شبيهة بالزان.
٢
كانوا يعتبرون الخيول البيضاء أسرع
الخيول.