الفصل الثاني

المنظر الأول

(تدخل يونوميا وميجادوروس من بيت الأخير.)

يونوميا : أي شقيقي، أرجو أن تؤمن بأنني أقول هذا بدافع إخلاصي لك وحرصي على صالحك، كما يجب على الأخت الوفية. وبالطبع أعلم حق العلم أنكم، معشرَ الرجال، تظنوننا، نحن معشرَ النساء، عبئًا مضايقًا، نعم وثرثارات فظيعات؛ هذا هو الاسم الذي يطلَق علينا جميعًا، وللأسف إنه ينطبق علينا. وزيادة على هذا، يقول المثل السائر: «لن تلزم أية سيدة الصمت، الآن أو خلال العصور.» ولكن الأمر سيَّان. تذكَّرْ هذا الأمر يا شقيقي، إنني أقرب إليك وأنت أقرب إليَّ من أي فرد آخر في العالم أجمع. لهذا وجب على كل واحد منا أن ينصح الآخر ويشير عليه بما يحس أنه خير له، وألا يكتم عنه شيئًا، أو يخاف التصريح به؛ يجب أن يثق كل منا بالآخر تمام الثقة، أنا وأنت. هذا هو السبب الذي جعلني أنفرد بك الآن هنا حتى نستطيع التحدث معًا في هدوء في مسألة تعنيك مباشرة.
ميجادوروس (بحرارة) : دعيني أمسك يدكِ، أنت يا خير النساء جميعًا!
يونوميا (تتظاهر بأنها تنظر حواليها) : أين هي؟ من هي؟ وأين تكون على ظهر الأرض، تلك التي تقول إنها خير النساء جميعًا؟
ميجادوروس : إنها أنتِ، نفسك.
يونوميا : أتقول هذا، أنتَ؟
ميجادوروس (مداعبًا) : نعم، وإذا أنكرتِ هذا …
يونوميا : حقيقة، يجب أن تكون صادقًا، الآن. إنك تعلم أنه لا يوجد شيء مثل اختيار خير امرأة. إنها مجرد مقارنة بين القبيحة والأقل قُبحًا، يا شقيقي.
ميجادوروس : هذا هو رأيي بالضبط، لن أختلف معكِ أبدًا يا أختاه، يمكنكِ أن تعتمدي على هذا.
يونوميا : والآن، أعرني التفاتك يا عزيزي.
ميجادوروس : إنه مِلْكُكِ كله، استخدميني، مُريني أكُنْ طوعَ كل رغباتك.
يونوميا : سأشير عليك بأن تفعل شيئًا أعتقد أنه خير شيء لك في العالم كله.
ميجادوروس : مثلكِ يا أختاه.
يونوميا : آمل ذلك.
ميجادوروس : وما هذا الشيء يا عزيزتي؟
يونوميا : إنه شيء يُعِدُّ رفاهيتك الدائمة. يجب أن يكون لك أولاد — وليسمح الرب بذلك! — وأريدك أن تتزوج.
ميجادوروس : أواه، أواه، إنه القتل!
يونوميا : وكيف ذلك؟
ميجادوروس : إنك تُطيرين عقلي بمثل هذا الاقتراح يا فتاتي العزيزة، إنكِ تنطقين بالحجارة.
يونوميا : الآن، الآن، الآن، افعل ما تخبرك به شقيقتك.
ميجادوروس : سأفعل إذا راقني.
يونوميا : سيكون خيرًا لك.
ميجادوروس : نعم، أن أموت قبل أن أتزوج. (يتوقف قليلًا) حسنًا، سأتزوج أية امرأة تريدين، على هذا الشرط: أن يكون زِفافها غدًا، ويقظتها بعد غد. ألا تزالين تريدينها على هذا الشرط؟ أحضريها. أعدِّي كل ما يلزم لحفل العرس!
يونوميا : يمكنني أن أجد لك زوجة تعطيك بائنة كبرى يا عزيزي. ولكي تتأكد من ذلك، إنها ليست فتاة صغيرة السن، وإنما هي متوسطة العمر في الواقع. سأتدبر أمرها من أجلك يا شقيقي إذا رغبتَ فيها.
ميجادوروس : أيغضبكِ أن أسألكِ سؤالًا؟
يونوميا : لماذا؟ كلَّا البتة، وبكل تأكيد، سل ما تشاء.
ميجادوروس : افرضي أن رجلًا متقدمًا في السن تزوج سيدة ناضجة العمر، وتصادف أن هذه الأنثى المُسنَّة أبدت نيَّتها في إنجاب أطفال لذلك الأب العجوز، فهل يساورك أي شك في أن الاسم الذي يسمَّى به ذلك الصبي هو «بوستوموس Postumus»، أي المولود بعد وفاة والده؟١ أصغِي إليَّ يا أختاه، سأوفر عليك كل عناء ذلك الشيء. إنني بالغ الغنى، شكرًا للسماء ولآبائنا وأجدادنا، ولا أتطلع أبدًا إلى أولئك السيدات ذوات المراكز السامية والعظمة والبائنات الضخمة، مع صياحهن وعجرفتهن وإصدارهن للأوامر، وعرباتهن المطعَّمة بالعاج وأُرجوانهن وثيابهن الغالية التي تكلف الزوج حريته.
يونوميا : بحق الرحمة إلا ما أخبرتني عمن تريد أن تتزوجها، إذن!
ميجادوروس : سأتزوج. إنك تعرفين الرجل العجوز — المفلس الفقير يوكليو — الذي يسكن بجوارنا، أليس كذلك؟
يونوميا : نعم، الحقيقة أنني أعرفه. ولماذا؟ إنه يبدو لطيفًا للغاية.
ميجادوروس : إنها ابنته، هذه هي الخِطبة التي أشتاق إليها. والآن، لا تُحدِثي صخبًا يا أختاه، إنني أعرف ما تريدين أن تتفوهي به: إنها فقيرة. ولكن هذه الفتاة الفقيرة بالذات تروقني.
يونوميا : فليبارك الرب في اختيارك يا عزيزي!
ميجادوروس : أعتقد هكذا.
يونوميا (تكاد تنصرف) : حسنًا، أيوجد شيء يمكنني فعله؟
ميجادوروس : نعم، اعتني بنفسك جيدًا.
يونوميا : وأنت كذلك يا شقيقي.

(تخرج يونوميا.)

ميجادوروس : والآن سأذهب لمقابلة يوكليو، إذا كان بمنزله (ينظر إلى الطريق) مُرحِّبًا به! ها هو قادم! إنه آتٍ من مكانٍ ما.

المنظر الثاني

(يدخل يوكليو.)

يوكليو (دون أن يرى ميجادوروس) : كنتُ أعرف ذلك! لقد هتف بي هاجس ما، عندما غادرت البيت، بأنني ذاهب في مأمورية غير ذات موضوع؛ وهذا هو السبب في أنني كنت أكره الذَّهاب. لم يكن هناك أي رجل من عنبرنا، كما أن المدير لم يكن هناك، وهو الذي كان عليه أن يوزع النقود. والآن، سأسرع بالذَّهاب إلى البيت، إنني هنا بجسمي، أما عقلي فهناك.
ميجادوروس (يتقدم نحوه باسطًا يده) : طاب يومك يا يوكليو، نعم وأرجو لك أطيب الأماني دائمًا!
يوكليو (يمسك يده بمنتهى الحذر) : فليباركَّ الرب يا ميجادوروس.
ميجادوروس : كيف حالك؟ أأنت على ما يرام؟ أتحس بالبهجة التي تتمناها؟
يوكليو (بصوت منخفض) : عندما يبدي أحد الأغنياء هذه الرُّوح الرقيقة نحو رجل فقير، فلا بد أن وراء ذلك شيئًا. الآن يعرف هذا الرجل أن عندي ذهبًا؛ هذا هو السبب في أنه يحييني بمثل هذه الرقة البالغة على غير عادته.
ميجادوروس : أتقول إنك بخير؟
يوكليو : يا للسماء، كلا، أحس بأن حالتي المالية سيئة للغاية.
ميجادوروس (مسرورًا) : حسنًا، حسنًا أيها الرجل، إذا كان عقلك راضيًا، فلديك شيء كثير يجعلك تتمتع بالحياة.
يوكليو (بصوت منخفض وهو مذعور) : أي ربي الرحيم! لقد أخبرته المرأة العجوز بالذهب! لقد اكتُشف، هذا واضح تمامًا! سأقطع لسانها، وسأُخرج عينيها في نفس اللحظة التي أتصل بها فيها في البيت!
ميجادوروس : ما الذي تقوله لنفسك؟
يوكليو (مرتكبًا) : مجرد … إنه من الفظاعة أن يكون الإنسان فقيرًا. ولديَّ ابنة بالغة دون أن أجد قرشًا واحدًا أقدمه لها بائنة. فلا يدي بطائلة شيئًا، ولا أنا بواجدٍ زوجًا لها.
ميجادوروس (يربت على كتفه) : هيَّا، هيَّا، ابتهج يا يوكليو! ستتزوج ابنتك، سأساعدك في هذه الناحية. تعال إليَّ، الآن، واطلب مني أي شيء تريد.
يوكليو (بصوت منخفض) : عندما يوافق على أن يعطي، فإنه يريد أن يأخذ! فمه مفتوح على آخره ليزدرد ذهبي! يمسك لقمة خبز في إحدى يديه، بينما يمسك حجرًا في يده الأخرى! لا أثق بأي شخص من هؤلاء الأغنياء، عندما يبدي الرقة والعطف نحو رجل فقير. إنهم يصافحونك من قلوبهم، بينما يعصرون منك شيئًا في الوقت ذاته. أعرف كل شيء عن هؤلاء الأخطبوطات التي تلمس شيئًا ثم تلتصق به.
ميجادوروس : يسرني أن آخذ لحظة من وقتك يا يوكليو. أريد أن أتحدث إليك بكلمة بسيطة عن أمر يخصنا كلينا.
يوكليو (بصوت منخفض) : فلينقذْنا الرب! سُرق ذهبي، وهو يريد الآن أن يساومني! أدرك كل شيء! ولكني سأدخل البيت، وألقي نظرة. (يسرع نحو البيت.)
ميجادوروس : إلى أين تذهب؟
يوكليو : أستأذن لحظة فقط … سأعود … الحقيقة … أنني يجب أن أهتم بشيء في البيت.

(يخرج إلى البيت.)

ميجادوروس : أقسم بجوف! أظن أنه سيعتقد أنني أهزأ به عندما أطلب منه أن يعطيني ابنته؛ لم يجعل الفقر أي امرئ قريب الإدراك.

(يعود يوكليو.)

يوكليو (بصوت منخفض) : شكرًا لله، لقد أُنقذتُ! إنه بأمان، وإنه لكذلك، إذا كان هناك جميعه. أواه، ولكنها كانت لحظة فظيعة! كدتُ أن أهلك قبل أن أدخل البيت. (إلى ميجادوروس) ها أنا ذا يا ميجادوروس، إذا كان هناك ما تريده مني.
ميجادوروس : شكرًا. أعتقد أنك لن تتضايق الآن من أن تجيب عن الأسئلة التي سأسألك إياها.
يوكليو (بحذر) : كلَّا، كلَّا، هذا إذا كنتَ لا تسأل الإجابة عليها.
ميجادوروس : والآن، بصراحة؛ ماذا تظن عن عَلاقاتي العائلية؟
يوكليو (بحقد) : طيبة.
ميجادوروس : وعن سمعتي من ناحية الشرف؟
يوكليو : طيبة.
ميجادوروس : وعن سلوكي العام؟
يوكليو : ليس رديئًا، ليس فيه ما يشين.
ميجادوروس : أتعرف كم عمري؟
يوكليو : متقدم، متقدم، أعلم ذلك. (بصوت منخفض) وماليًّا أيضًا.
ميجادوروس : والآن يا يوكليو، كنتُ أعتبرك دائمًا مواطنًا من النوع الأمين الوفي الموثوق به. أقسم بجوف إنني كنت أعتقد ذلك، ولا أزال أعتقده.
يوكليو (بصوت منخفض) : لقد نال شيئًا من ذهبي. (بصوت مرتفع) حسنًا، وماذا تريد؟
ميجادوروس : والآن وقد عرَف كل منا قدر صاحبه، سأطلب منك شيئًا وعسى أن يكون فيه الخير والسعادة لك ولابنتك ولي؛ أن تزوجني ابنتك، عِدْني بأن تزوجني إياها.
يوكليو (يئن في حسرة) : الآن، والآن يا ميجادوروس! هذا لا يليق بك، أن تسخر من رجل فقير مثلي، لم تمتد يده بالأذى إليك أو إلى أي فرد من ذويك. لماذا هذا، ولم يحدث أن قلتُ كلمة أو فعلتُ شيئًا أستحق عليه مثل هذه المعاملة؟
ميجادوروس : يا للإله الرحيم، أيها الرجل! لم آت إلى هنا لأسخر منك، ولستُ أتهكم عليك، لا يمكن أن أفكر في مثل هذا الشيء.
يوكليو : إذن فلماذا تطلب يد ابنتي؟
ميجادوروس : لماذا؟ حتى يجعل كل منا حياة الآخر أكثر سعادة ومتعة.
يوكليو : والآن، هذه الطريقة التي أفهمها بها يا ميجادوروس، إنك رجل غني، رجل ذو مركز سامٍ، أما أنا فرجل فقير، فقير جدًّا، فقير بدرجة مزرية. والآن، إذا كنتُ سأزوجك ابنتي، أفهم ذلك بأنك ستكون الثور، وأكون أنا الحمار. فإذا ما رُبطتُ معك، ولم أستطع أن أجُرَّ نصيبي من العبء، فإنك بصفتك الثور، لا تعود تهتم بي أكثر مما لو كنتُ لم أولد قط. ستكون أكبر من طاقتي كثيرًا، وسيسخر مني أبناء جلدتي، وإذا حدث سقوط، فلن يدعني أي الجانبين أحظى بالنهوض سالمًا؛ سيعضني الحمير، ويدوسني الثيران. إنه من الخطر على الحمير أن ترتقي إلى مستوى الثور.
ميجادوروس : أما المخلوقات البشرية الشريفة، فكلما ارتبطتَ بهم من قُرب، كان خيرًا لك. هيَّا، هيَّا، اقبلْ عرضي، استمع إلى ما أقول وأعطني وعدًا بها.
يوكليو : ولكني لا أستطيع أن أعطي أي قرش كبائنة.
ميجادوروس : لا تُعط شيئًا. كل ما أريده هو أن تدعَني أحظى بتلك الفتاة الطيبة، ولديها ما يكفي من البائنة.
يوكليو (يتكلف الضحك) : أقول ذلك لئلا تظن أنني عثرتُ على كنزٍ ما.
ميجادوروس : نعم، نعم، أفهم ذلك. أعطني الوعد.
يوكليو : وهو كذلك. (بصوت منخفض، وقد ذُعر من سماع صوت) أواه، يا إلهي! ألا أكون قد خُرِبتُ، خُرِبتُ؟
ميجادوروس : ما الأمر؟
يوكليو : هذا الصوت، ماذا هو؟ أهو صوت رنين؟

(يدخل إلى البيت بسرعة.)

ميجادوروس (دون أن يلاحظ انصرافه) : أخبرتُهم بأن يقوموا ببعض الحفر في حديقتي. (ينظر حواليه) ولكن أين الرجل؟ ذهب وتركني دون استئذان أو كلمة! يحتقرني، إذ رآني محتاجًا إلى صداقته! هذا تمامًا هو نفس ما يحدث عادة؛ دع رجلًا غنيًّا يحاول احترام رجل أفقر منه، فإن الرجل الفقير يخاف أن يقابله وجهًا لوجه؛ فإن جُبنَه يجعله يُفسد مصالح نفسه. ثم عندما يكون قد فات الأوان وضاعت الفرصة، يشتاق إلى أن تعود إليه الفرصة من جديد.

(يعود يوكليو.)

يوكليو (يخاطب ستافولا في الداخل) : أقسم بالسماء، لأقطعن لسانكِ من جذوره. أعطيتكِ أمرًا، وخوَّلتُك سلطة كاملة أن تسلميني إلى أي شخص تريدين، وعندئذٍ أسلخ جلدكِ حية (يتقدم نحو ميجادوروس).
ميجادوروس : اسمع يا يوكليو! أهكذا تظن أنني من النوع الذي تسخر منه، في مثل سني هذه، وبدون أدنى سبب؟
يوكليو : فليبارك الرب رُوحي! إنني لا أسخر منك يا ميجادوروس، لا أستطيع ذلك، حتى إذا أردتُ.
ميجادوروس (مرتابًا) : حسنًا، الآن، أتقصد أنني أتزوج ابنتك؟
يوكليو : علمًا بأنها ستذهب بالبائنة التي ذكرتُها.
ميجادوروس : إذن، فأنت موافق!
يوكليو : إنني موافق.
ميجادوروس : وليباركنا الرب!
يوكليو : نعم، نعم، وتذكَّر اتفاقنا من أجل البائنة: لن تدخل لك بقرش واحد.
ميجادوروس : أتذَكَّر هذا.
يوكليو : ولكني أعرف الطرق التي تتناولون بها الأمور، أنتم يا معشر الأغنياء، الآن توافقون ثم ترفضون. والآن ترفضون ثم توافقون، كما يحلو لكم.
ميجادوروس : لن تكون لديك فرصة العراك معي. ولكن عن الزواج: أهناك سبب يدعو لعدم إتمامه اليوم؟
يوكليو : كلَّا يا عزيزي، يا عزيزي! إنه نفس ما أتمنى، نفس ما أتمنى!
ميجادوروس : سأذهب لعمل الترتيبات اللازمة إذن (يستدير لينصرف). أهناك شيء آخر أستطيع فعله؟
يوكليو : هذا فقط. انصرف، وداعًا، ولترافقك السلامة.
ميجادوروس (ينادي عند باب منزله) : هيا بوثوديكوس، أسرع! (يدخل بوثوديكوس) هيَّا معي إلى السوق، هيَّا، وكن نشيطًا.

(يخرجان.)

يوكليو (يتابعهما بنظره) : لقد ذهب! يا للآلهة الخالدة، أليست النقود ذات أهمية؟! هذا هو ما يسعى إليه، هذا هو السبب في إصراره على أن يكون زوج ابنتي. (يذهب إلى الباب وينادي) أين أنتِ أيتها الثَّرثارة، التي أخبرَتْ جميع الجيران بأنني سأعطي ابنتي بائنة! هيَّا، هيَّا يا ستافولا! إنني أناديكِ أنتِ، ألا تسمعين!

المنظر الثالث

(تدخل ستافولا) هيَّا أسرعي بالأطباق إلى الداخل واغسليها جيدًا.

لقد عقدتُ خطوبة ابنتي. ستتزوج ميجادوروس هنا، اليوم.

ستافولا : فليباركني الرب! (بسرعة) ولتباركني الرحمة! لن يحدث هذا. إنه أمر مفاجئ غاية المفاجأة.
يوكليو : صه! هيَّا اغربي من هنا. أعدي كل شيء حتى أعود من السوق، واقفلي الباب، تذكَّري هذا؛ سأكون هنا حالًا.

(يخرج يوكليو.)

ستافولا : ماذا أصنع الآن؟ لقد ضعنا جميعًا، أنا وسيدتي الصغيرة، ستعلن فضيحتها اليوم وتذهب إلى الفراش. لن تخفي ذلك الأمر، لن نكتم هذا الشيء بعد الآن ونحتفظ به في طي الخفاء. ولكن يجب أن أذهب وأفعل ما أمرني به سيدي قبل أن يعود. أواه، يا عزيزي! أخشى أن أحتسي جرعة من المتاعب والضائقات مختلطتين.

(تدخل ستافولا البيت.)

المنظر الرابع

(بعد مرور ساعة.)

(يدخل بوثوديكوس ومعه الطاهيان أنثراكس وكونجريو، والفتاتان الموسيقيتان، فروجيا Phrygia وإليوسيوم Elysium والخدم يحملون الأطعمة من السوق، ومعهم خروفان.)
بوثوديكوس (معلنًا بصوت واضح) : بعد أن اشترى سيدي الأطعمة من السوق، واستأجر الطهاة وهاتين الفتاتين الموسيقيتين، أمرني بأن آخذ كل شيء أحضَرَه وأقسمه إلى جزأين.
أنثراكس : بحق جوبيتر، إنك لن تقسمني جزأين، دعني أخبرك هذا بصراحة! إذا أردتَ أن تأخذني كاملًا إلى أي مكانٍ خَدَمتُك.
كونجريو (إلى أنثراكس) : أيها الغلام الجميل، نعم، يا محبوب كل فرد اللطيف! إذا أراد شخص أن يقسم رجلًا حقيقيًّا إلى جزأين، كأن يجعلك جزأين، فلا يجب أن تُقَطع تبعًا لذلك.
بوثوديكوس : هيَّا، هيَّا، يا أنثراكس، أقصد تقسيم ما تصنعه. أصغِ إليَّ، إن سيدي سيتزوج اليوم.
أنثراكس : ومن تكون تلك السيدة التي سيتزوجها؟
بوثوديكوس : ابنة يوكليو العجوز الذي يسكن في البيت المجاور لنا. نعم، يا سيدي. والأكثر من ذلك، أنه سيأخذ نصف هذه الأشياء، وطاهيًا، وفتاة موسيقية أيضًا. هكذا قال سيدي.
أنثراكس : أتقصد أن تقول إن النصف يذهب إليه، والنصف الآخر لكم؟
بوثوديكوس : هذا هو عين ما أعنيه.
أنثراكس : وهل يستطيع ذلك الغلام العجوز أن يدفع ثمن ما يلزم لزِفاف ابنته، هو نفسه؟
بوثوديكوس (باحتقار) : تبًّا له!
أنثراكس : ما الخطب؟
بوثوديكوس : الخطب؟ لن تستطيع أن تعصر هذا الرجل العجوز وتُخرج منه شيئًا أكثر مما تُخرج من قطعة من الحجر الخَفَاف.
أنثراكس (غير مصدِّق) : أحقيقة هو كما تقول؟
بوثوديكوس : هذه حقيقة. احكم بنفسك. إنه يبدأ بأن يصرخ إلى السماء والأرض كي تشهد بأنه مفلس، وأنه مَسُوق إلى الخراب الدائم، بمجرد أن تحاول هبَّة من الدخان صاعدة من ناره الحقيرة أن تخرج من بيته. وعندما يذهب إلى الفراش يربط كيسًا فوق فكيه.
أنثراكس : ولماذا؟
بوثوديكوس : حتى لا يفقد أي نَفَس وهو نائم.
أنثراكس : أي نعم! ويضع سدادة في قصبته الهوائية السفلى، أليس كذلك، حتى لا يفقد ريحًا وهو نائم؟
بوثوديكوس (مُظهرًا البراعة) : يجب أن تصدِّقني، كما يجب عليَّ أن أصدِّقك.
أنثراكس (بسرعة) : كلا، كلا، إنني أصدقك بالطبع!
بوثوديكوس : وأصغِ إلى هذا، من فضلك! صدِّقني، إنه بعد أن يستحم، يؤلمه غاية الألم أن يتصرف في الماء أو يرميه.
أنثراكس : أتظن أنه يمكن جثُّ ذلك التيس العجوز على أن يقدم لنا مائتي جنيه هدية لكي يجعلنا ننصرف ونتركه؟
بوثوديكوس : يا لله! لن يقرضك جوعه، كلا يا سيدي، حتى ولو رجوته في ذلك. فمنذ بضعة أيام قص الحلاق أظافره، فما كان منه إلا أن جمع قصاصاتها وأخذها معه إلى بيته.
أنثراكس : يا للرحمة، إنه لرجل في غاية البخل والشح، تبعًا لما تقول.
بوثوديكوس : وإذ وثقتَ الآن، فهل تصدق أن رجلًا يمكن أن يكون بذلك التقتير ويعيش عيشة البؤس هكذا؟ وذات مرة خطفَتْ حِدَأةٌ قطعة طعام من طعامه، فذهب إلى الحاكم وهو يصيح ويصرخ طوال الطريق، حتى بلغ الحاكم، فأقام الدنيا وأقعدها وطلب القبض على الحِدَأة ومحاكمتها. بوسعي أن أخبرك بمئات من القصص عنه لو كان لديَّ متسع من الوقت (إلى كلا الطاهيين): من منكما أسرع من صاحبه؟ أخبراني بهذا.
أنثراكس : أنا أسرع، وأمهر كثيرًا أيضًا.
بوثوديكوس : أقصد في فن الطهو وليس في السرقة.
أنثراكس : حسنًا، وأنا أقصد في الطهو.
بوثوديكوس (إلى كونجريو) : وماذا عنك؟
كونجريو (بنظرة ذات معنًى، إلى أنثراكس) : إنني كما أبدو.
أنثراكس : إنه لا شيء أكثر من طهاة يوم السوق، إنه يعمل يومًا واحدًا في الأسبوع.
كونجريو : إنك تحط من قدري، أيها الرجل ذو الحروف الخمسة! يا «حرامي»!
أنثراكس : إنك أنت نفسك ذو الحروف الخمسة! نعم، وخمس مرات سُجنت!

المنظر الخامس

بوثوديكوس (إلى أنثراكس) : هيَّا، هيَّا، صهٍ عن الكلام. تعال، أنت والخروف السمين هذا (يشير إليه)، خذه واذهب به إلى بيتنا.
أنثراكس (يزوم إلى كونجريو علامة على الانتصار) : نعم، نعم يا سيدي.

(يخرج أنثراكس يقود الخروف إلى بيت ميجادوروس.)

بوثوديكوس : أما أنت يا كونجريو، فخذ هذا الخروف الباقي (يشير إليه) واذهب إلى ذلك البيت (يشير إلى بيت يوكليو). وأما أنتم (يشير إلى بعض الخدم) فاتبعوه. وليأتِ بقيتكم إلى منزلنا.
كونجريو : فليُشنق! ليست هذه قسمة عادلة، لقد أخذوا الخروف السمين.
بوثوديكوس : حسنًا، سأعطيك الفتاة الموسيقية البدينة. (يستدير إلى الفتاتين) أقصدكِ بهذا يا فروجيا، اذهبي معه. أما أنت يا إليوسيوم، فتعالَي إلى بيتنا (تخرج إليوسيوم والآخرون إلى بيت ميجادوروس).
كونجريو : يا لك من داهية مكار يا بوثوديكوس! تقذف بي إلى هذا الشرير العجوز؟ فإذا طلبتُ شيئًا، بُحَّ صوتي قبل أن أحصل على شيء.
بوثوديكوس : ماذا بك أيها الغبي ناكر الجميل! ما إن نسدي إليك معروفًا حتى تطرحه بعيدًا!
كونجريو : وكيف كان ذلك؟
بوثوديكوس : كيف كان ذلك؟ فأولًا: لن يكون هناك صخب في ذلك البيت يعوقك عن العمل، وإذا أردتَ شيئًا ما عليك إلا أن تأخذه من البيت، بدلًا من أن تضيع الوقت في طلبه. أما في عمارتنا، فعلى الرغم من أن لدينا طائفة كبيرة من الخدم تُحدِث صخبًا وضجيجًا، ولدينا كَميات كبيرة من الأثاث والجواهر والملابس والأواني الفِضية، فإذا ضاع منها شيء — وبطبيعة الحال من اليسير عليك أن تكف يديك عنها ما دامت هي بعيدة عن متناولهما — فإنهم يقولون:
«أخذها الطهاة! أمسِكوا بخناقهم! قيِّدوهم! اضربوهم بالسياط! اقذفوا بهم إلى الهوة السحيقة!» أما هناك (يشير إلى بيت يوكليو) فلن يحدث لك شيء مثل هذا؛ إذ لا يوجد شيء، على الإطلاق، يمكنك أن تسرقه. (يذهب إلى منزل يوكليو) هيَّا، تعال.
كونجريو (مكتئبًا) : إنني آتٍ (يتبعه هو وبقية الجمع).

المنظر السادس

بوثوديكوس (طرق على الباب) : هيَّا! أيا ستافولا! تعالَي إلى هنا وافتحي الباب.
ستافولا (من الداخل) : من الطارق؟
بوثوديكوس : بوثوديكوس.
ستافولا (تطل برأسها إلى الخارج) : ماذا تريد؟
بوثوديكوس : خذي هؤلاء الطهاة وهذه الفتاة الموسيقية وهذه الأطعمة من أجل حفل الزِّفاف. أمرنا ميجادوروس بأن نأخذ كل ذلك إلى بيت يوكليو.
ستافولا (تفحص الأطعمة بخيبة أمل) : حفل مَن ذلك الذي سيحتفلون به يا بوثوديكوس؟ أهو احتفال كيريس؟
بوثوديكوس : ولماذا يكون حفل كيريس؟
ستافولا : لأنني لاحظت عدم وجود مشروبات رُوحية.٢
بوثوديكوس : ستكون هناك خمر عندما يرجع السيد العجوز من السوق.
ستافولا : ليس لدينا أي حطب أو خشب للوقود، في البيت.
كونجريو : أليس بسقفه قضبان خشبية؟
ستافولا : يا للرحمة، بلى، به قضبان.
كونجريو : إذن، ففي البيت خشب للحريق، لا يُقلقنَّكِ هذا الأمر بعدُ، فلن تخرجي لإحضار أي خشب.
ستافولا : تبَّا لك! أيها الحقير العديم القيمة! فحتى إذا كنتَ من أتباع فولكانوس Vulcanus، فهل تريدنا أن نحرق بيتنا من أجل عشائك، أو من أجل أجرك؟ (تهجم عليه.)
كونجريو (يتراجع إلى الخلف) : كلَّا، كلَّا!
بوثوديكوس : أدخليهم.
ستافولا (بسرعة) : ادخلوا من هذا الطريق.

(يدخل كونجريو ومن معه إلى بيت يوكليو.)

المنظر السابع

بوثوديكوس (وهم ينصرفون) : حافظي على الأشياء. (يسيرون نحو بيت ميجادوروس) سأذهب لأرى ماذا يفعل الطهاة هناك. يا إلهي، إن مراقبة هؤلاء الرجال لمن اختصاص الشيطان نفسه. الطريقة الوحيدة هي أن تجعلهم يطبخون الطعام في جُب ثم يرفعونه في سلال بعد إعداده. وحتى بهذه الطريقة، فإذا كانوا في الجُب يلتهمون ما يطبخون، فإنها تصير حالة جوع في السماء وأطعمة في الجحيم. ولكنني هنا أثرثر كما لو لم يكن عندي شيء أفعله، والبيت يعج بأولئك الخطافين.

(يخرج بوثوديكوس.)

المنظر الثامن

(يدخل يوكليو من السوق يحمل لِفافة صغيرة وبعضًا قليلًا من الأزهار الذابلة.)

يوكليو : اجتاحتني رغبة في البذخ اليوم، فأفعل كل جميل من أجل زِفاف ابنتي. نعم، هكذا كانت حالي. فانطلقتُ إلى السوق … أسأل عن السمك … مرتفع الثمن! والضأن غالٍ … واللحم البقري غالٍ … ولحم العجول، والتونة، ولحم الخنزير … كل شيء باهظ الثمن، كل شيء! نعم، وأكثر غلُوًّا إذ لم يكن معي أية نقود! جعلني هذا الغلو الفاحش أثور في نفسي، ولمَّا وجدت أنني لا أستطيع شراء شيء، تركت السوق وانصرفت. هكذا تغلبتُ عليهم جميعًا، أولئك العصابة القذرة. ثم أخذتُ أقلِّب كل شيء بيني وبين نفسي وأنا سائر في الطريق، فقلت لنفسي «وليمة حفل اليوم تورث الصوم في كل يوم، إلا إذا اقتصدت». وبعد النظر إلى المسألة من هذا الجانب وذاك فيما يختص بمعدتي وقلبي، أيَّدَ عقلي فكرة تخفيض نفقات زِفاف الابنة قدر المستطاع. وأخيرًا، اشتريت قليلًا من البَخور وبعض أكاليل الزهور كي أضعها على الوطيس تكريمًا لإله الأسرة ليبارك زواج ابنتي. (ينظر نحو البيت) أواه! لماذا فُتح بابي؟ والضجيج يملأ البيت! رحماك بنا، يا إلهي! ألا يمكن أن يكون هؤلاء لصوصًا، أيمكن ذلك؟
كونجريو (إلى الخدم، داخل البيت) : تَبصَّروا لعلكم تستطيعون الحصول على قِدر أكبر من هذه، من أحد الجيران، هذه القدر صغيرة لا تسع الكَمية كلها.
يوكليو : أواه، يا إلهي! لقد حلَّ بي الخراب! إنهم يأخذون ذهبي! إنهم يسعون وراء قدري! إيهِ، يا أبولُّو Apollo، ساعدني، أنقذني! أطلق سهامك عليهم؛ لصوص الكنز هؤلاء، إذا كنتَ قد ساعدتَ، من قبل، رجلًا في مثل هذا المأزق! ولكن يجب أن أقتحم البيت قبل أن يخربوني تمامًا.

(يخرج يوكليو.)

المنظر التاسع

(يدخل أنثراكس آتيًا من بيت ميجادوروس.)

أنثراكس (إلى الخدم الموجودين في البيت) : هيَّا يا درومو Dromo، انزع قشور السمك، أما أنتَ يا ماخايريو Machaerio فانزع عظام ثعابين السمك بأسرع ما يمكنك. أنا ذاهب إلى البيت الآخر لأقترض مقلاة من كونجريو. أما أنت، أيها الواقف هناك! فإذا كنتَ تعرف الصالح لك، فلا تُسَلِّمني هذا الديك إلا بعد أن تنزع ريشه وتجعله أنظف من راقصة الباليه. (صوت شجار في بيت يوكليو) مرْحبًا بهذا، برغم كل شيء! ما هذا الضجيج الصادر من البيت المجاور؟ صهٍ! لا بد أن الطهاة يقومون بعملهم، على ما أظن! سأسرع بالعودة وإلا صار لدينا شجار في بيتنا نحن أيضًا.

(يخرج.)

١  أو «آخر العنقود».
٢  كان شرب الخمر محرمًا في الأعياد المسماة «أعياد كيريس» Cereris Nup ae.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤